الخليج الجديد:
2025-07-05@13:50:42 GMT

كي لا نعتاد المشهد

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

كي لا نعتاد المشهد

كي لا نعتاد المشهد

ليست فلسطين حالة عادية خاضعة لمنطق الملل من الاعتياد، بل وطن محتل، وشعب فلسطين حي رغم ما يفرض عليه من موات متعمّد.

علينا أن نستمرّ مؤمنين بانتصار شعب فلسطين حتى يتحرّر، وإن تكرّرت المشاهد كلها واختلطت الصرخات وتشابه لون الدم في يومياتنا وتفاصيل حياتنا.

عدّاد الموت يتصاعد والأرقام ترتفع، والدمار أصبح كاملاً وشاملاً في كل أنحاء القطاع.

وما كنّا في البداية نشهق رعبا عند سماعه أصبح هو ما نسمعه كل دقيقة تقريبا.

في كل مرّة... يقصف الصهاينة الفلسطينيين والفلسطينيون يقاومون حتى الموت بكل عناوينه الواسعة. لا ينتظرون إجابة لأنهم يعلمون أنها إجابة واحدة لا تتغيّر منذ ثمانية عقود.

* * *

مشهد غزة أصعب من أن نعتاد عليه، حتى وإن مرّت شهور أربعة على بدء العدوان الصهيوني.

نعم... الخبر واحد وإن تعدّدت العناوين، والصور متشابهة وإن اختلفت الوجوه، والصرخات هي نفسها وإن صدرت في كل مرّة من شخصٍ جديد، والدماء في كل غزّة باللون نفسه، لكن عدّاد الموت يتصاعد والأرقام ترتفع، والدمار أصبح كاملاً وشاملاً في كل أنحاء القطاع. وما كنّا في البداية نشهق رعبا عند سماعه أصبح هو ما نسمعه كل دقيقة تقريبا.

لا شيء يتغيّر منذ زمن طويل. الجريمة واحدة والمجرم لا واحد، وإن طلّ علينا بأوجه كثيرة خارج فلسطين تضاهي وجهه القبيح في الداخل. والضحية دائما هي شعب فلسطين. وهذا هو ما يجعل كثيرين عرضةً لاعتياد المشهد والأرقام والأخبار والصور والصرخات والنداءات، ويجعلهم أيضا عرضة للتناسي والتجاهل وحتى الملل.

هي طبيعة البشر في البحث عن جديد حتى في سبيل التعاطف معه، وهي طريقتنا نحن البشر في التعاطي مع الأخبار والصور والمشاهد والمقاطع الحزينة والسعيدة، والمرعبة والمفرحة.

نبحث عمّا يكسر المألوف، والاحتلال الصهيوني لفلسطين وما نجم وينجم عنه من تقتيلٍ وتشريدٍ وتهجيرٍ وقصفٍ وتجويعٍ مألوف جدا. صحيحٌ أن هناك أحداثا مفاجئة أحيانا في سياق الاحتلال التاريخي المألوف لفلسطين تنجم عنها دهشة صادمة، لكنها سرعان ما تتلاشى تدريجيا حتى تموت!

فما الجديد هذه المرّة؟ مثل كل مرّة... يقصف الصهاينة الفلسطينيين والفلسطينيون يقاومون حتى الموت بكل عناوينه الواسعة. لا ينتظرون إجابة لأنهم يعلمون أنها إجابة واحدة لا تتغيّر منذ ما يقرب من ثمانية عقود.

يستدرج السؤال المتكرّر إجابة واحدة تبريرا للتناسي وخفوت الصوت. لكن الاحتلال قديم جدا، وما يفعله متكرّر ليس منذ 7 أكتوبر، بل منذ وطئت قدم المحتلّ أرض فلسطين.

لا جديد فعلا، ولكن هذا ليس مبرّرا للاعتياد، والاعتياد ليس مبرّرا للتناسي، والتناسي ليس مبرّرا للتجاهل، والتجاهل ليس مبرّرا للسكوت وصولا إلى تبرئة المجرم بفعل بقاء الوضع على ما هو عليه، وبحجّة أن كل ما فعلناه (وكأننا فعلنا شيئا حقيقيا!) لم يوقف الرصاص ولا شلالات الدم ولا قوافل الموت على أرض فلسطين.

يعرف الفلسطينيون قبل غيرهم هذا الواقع الأليم، يعيشونه يوميا، ويكابدون تبعاته لحظة بعد لحظة، ويجاهدون أنفسهم قبل العدو، في سبيل مكافحته، ومع هذا لا ييأسون، لأنهم مؤمنون بأنهم أصحاب حق، وأنهم قادرون، في النهاية، على استرداد الحق، وربما لهذا بقيت قضية فلسطين مشتعلة في نفوسهم ونفوس أبنائهم وأحفادهم وأبناء الأحفاء، وستبقى دائما حتى التحرير بإذن الله.

وفي كل واحدةٍ من حلقات النضال الفلسطيني المستمرّ، نتعلم درسا جديدا يخصّنا نحن الذين نتضامن مع القضية قدر المستطاع، وهو أننا نحتاج أن نكون مع الفلسطينيين أكثر من حاجته هو إلينا.

ولا ينبغي أن يكون اعتيادنا على المشهد الفلسطيني سببا في نفورنا من متابعة تفاصيل ما يحدُث والاغتسال الافتراضي بالدم البريء. لذلك علينا ألا نخضع لفكرة الاعتياد، وأن نقاومها، وأن نعتبر كل موت جديد موتاً ضخماً وجريمة لا تغتفر ولا يمكن القبول بها لمجرّد أنها جريمة معتادة، وأنه مجرد رقم في عداد الأرقام اليومي للشهداء.

ليست فلسطين حالة عادية لتكون خاضعة لمنطق الملل من الاعتياد، بل وطن محتل، بكل ما فيها، وشعب فلسطين حي، رغم كل ما يفرض عليه من موات متعمّد، وعلينا أن نستمرّ مؤمنين بذلك حتى يتحرّر، وإن تكرّرت المشاهد كلها واختلطت الصرخات وتشابه لون الدم في يومياتنا وتفاصيل حياتنا.

*سعدية مفرح كاتبة صحفية وشاعرة كويتية

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الصهيونية 7 أكتوبر المشهد الفلسطيني الاحتلال الصهيوني قضية فلسطين شعب فلسطين العدوان الصهيوني

إقرأ أيضاً:

أصالة تُحلّق إلى جرش... وتبوح بـ "ضريبة البُعد" في ألبوم يتصدّر المشهد!


 

 

تستعد النجمة الكبيرة أصالة نصري لكتابة فصل جديد من علاقتها العميقة بالجمهور الأردني، حيث تُحيي حفل ختام مهرجان جرش لهذا العام، وذلك على المسرح الجنوبي في الثاني من أغسطس المقبل، ضمن ليلة يُنتظر أن تكون مزيجًا من الشجن، القوة، والبهجة، تمامًا كما عوّدت جمهورها في كل محطة.

وفي موازاة التحضيرات للحفل المنتظر، كانت أصالة قد طرحت مؤخرًا ألبومها الجديد "ضريبة البُعد" عبر جميع المنصات الرقمية، والذي لاقى صدىً واسعًا فور إطلاقه، خصوصًا الأغنية التي تحمل اسم الألبوم. هذه الأغنية المليئة بالإحساس، هي من كلمات أحمد عيسى، ألحان مدين، توزيع أمين نبيل، وميكس وماستر ماهر صلاح. وقدّمت أصالة فيها صوتًا مغمورًا بالشوق والفقد، بمزيج من الصدق والعُمق، أثبت مرة أخرى أنها تعرف كيف تلامس القلوب دون تكلّف.

الألبوم الجديد يُعدّ محطة غنية على المستوى الفني، إذ تعاونت فيه مع نخبة من الشعراء والملحنين، منهم منة عدلي القيعي، أحمد المالكي، محمود عليم، محمد عبد المجي، ومن الملحنين تامر عاشور، مصطفى العسال، جابر جمال، أحمد حسن راؤول، ناصر الجيل، ومحمد الشرنوبي، ما يجعله توليفة موسيقية متنوعة المذاق والمشاعر.

ولم تكتفِ أصالة بذلك، ففي بداية يونيو، أطلقت أغنية منفردة بعنوان "كلام فارغ" من نفس الألبوم، وهي من كلمات منة القيعي، ألحان تامر عاشور، توزيع فهد، والكليب من إخراج علي حمدان. الأغنية حظيت بتفاعل جماهيري لافت، خاصة أنها تحمل رسالة حاسمة في مواجهة الثرثرة والانطباعات الزائفة.

ويُنتظر أن تشعل أصالة مسرح جرش بمجموعة من أغانيها الجديدة والقديمة، في حفل يُراهن عليه الكثيرون كأحد أقوى محطات المهرجان هذا الموسم، في أمسية قد تتحوّل إلى حدث لا يُنسى في مسيرتها الفنية المتجددة دائمًا.

مقالات مشابهة

  • أصالة تُحلّق إلى جرش... وتبوح بـ "ضريبة البُعد" في ألبوم يتصدّر المشهد!
  • عباس شراقي: إثيوبيا خالفت إعلان المبادئ.. وسد النهضة أصبح مشروعا غير شرعي
  • رائد العيد : الـلايك أصبح الأفيون الرقمي للإنسان المعاصر
  • مركز أبحاث إسرائيلي: اليمن أصبح ساحة استنزاف رئيسية وقد يجر إسرائيل إلى فخ خطير
  • «أصبح حتميًا».. تفاصيل رحيل وسام أبو علي عن الأهلي
  • لماذا أصبح تحقيق أهداف إسرائيل التكتيكية أصعب في غزة؟
  • انطلاق ربع نهائي مونديال الأندية... عين على حظوظ الهلال السعودي لبلوغ المربع الذهبي
  • المشهد الفني العراقي.. ازدهار أمام تحديات تمويلية ومناهج لم تتحسن منذ 50 سنة
  • توزيع أوراق إجابة الكيمياء والجغرافيا بلجان الثانوية العامة لكتابة البيانات قبل بدء الامتحان
  • هل أصبح الخطاب الغربي مقبولًا في ظل المعايير المزدوجة؟