الخليج الجديد:
2024-06-16@14:24:33 GMT

انهيار الحضارة الغربية في غزة

تاريخ النشر: 9th, February 2024 GMT

انهيار الحضارة الغربية في غزة

انهيار الحضارة الغربية في غزة

هذا الانهيار الكبير للحضارة الغربية، يعطي بشرى جديدة للإنسانية جمعاء!

ترتكب إسرائيل اليوم أكبر إبادة جماعية في التاريخ في غزة، بدعم مادي ومعنوي من أمريكا ودول الغرب.

أظهرت لنا غزة أن الحضارة الغربية التي تحولت إلى حضارة سلاح وبارود، قد انهارت تماما من جميع الجوانب.

«إن غزة لا تتسبب في إيقاظ العالم الإسلامي فحسب، بل البشرية جمعاء»، وهذا بالضبط ما نشهده في العالم الآن.

من الذي سينشئ حضارة جديدة قادرة على إقامة العدل والسلام ضمن النظام العالمي الذي سيعاد تشكيله في العالم؟

هل يمكن لعالم إسلامي يدرك أهمية دينه وموارده الطبيعية وقوته البشرية أن يكون أملا ونورا ومرشدا للعالم أجمع رغم كل الأزمات التي يعاني منها؟

«ألا ترون! الغرب الآن يعني الفجور بالنسبة إلى شعوب العالم. نحن لا نعِدْ بمستقبل للإنسانية! أنهوا الحرب اللاإنسانية في غزة على الفور! لقد طفح الكيل!».

عقدت 18 دولة غربية شراكة كاملة مع إسرائيل لتجويع الفلسطينيين في غزة، عبر تعليق مساعداتها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

«نحن الأمريكيون القتلة الأكثر قسوة وتأثيرا على هذا الكوكب، ولهذا السبب وحده نفرض حكمنا على مساكين العالم. هذا الأمر لا يتعلق بالديمقراطية، أو الحرية أو التحرير».

«لم يعد للإنسانية مستقبل سلمي في ظل المنطق الغربي المتوحش، فـ«أنتم بحاجة إلى مقاتلات F-35 لاستهداف مبنى سكني أو مدرسة أو مستشفى في منطقة صغيرة، أليس كذلك يا سادة؟».

* * *

ترتكب إسرائيل اليوم أكبر إبادة جماعية في التاريخ في غزة، بدعم مادي ومعنوي من أمريكا والدول الأوروبية. وقررت 18 دولة غربية عقد شراكة كاملة مع إسرائيل من أجل ترك الفلسطينيين يتضورون جوعا في غزة، عبر تعليق مساعداتها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

الغرب الذي ينادي بالديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي، يغض الطرف ويدعم قتل الأطفال والنساء والأطباء والصحافيين وقصف المستشفيات والمدارس ودور العبادة، أمام مرأى ومسمع من العالم كله.

وجميع المؤسسات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، التي من المفترض أن تكون ضامنة السلام في العالم، أصبحت غير فعالة تماما، وهي مع شعوب العالم تقف متفرجة على المذبحة اللاإنسانية.

في خضم ذلك، تواصل جميع شعوب العالم المظاهرات في الشوارع منذ أشهر، وسط مشاعر من الخجل أمام هذه المأساة الإنسانية والمشاهد المروعة في غزة.

وقد كتب الصحافي البريطاني جوليان بورجر، أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تخليا عن جهود التدخل لوقف الفظائع الجماعية التي تحدث في جميع أنحاء العالم، وأن مثل هذه الأحداث بصدد التحول إلى ما هو أشبه بالأعراف على مستوى عالمي.

بدوره أكد جوناثان كوك الكاتب في صحيفة «الغارديان» البريطانية، أن المشكلة لا تكمن في «التقاعس العالمي» وإنما في الدعم المكثف الذي تقدمه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للفظائع الجماعية.

من جهته، وجه الكاتب البريطاني البارز ماكس بورتر، انتقادات لاذعة للدول الغربية، التي تلتزم الصمت تجاه قضية غزة. وقال بورتر، إنه لم يعد هناك مستقبل سلمي للإنسانية في ظل هذا المنطق الغربي المتوحش، مضيفا «أنتم بحاجة إلى مقاتلات F-35 لاستهداف مبنى سكني أو مدرسة أو مستشفى في منطقة صغيرة، أليس كذلك يا سادة؟».

ولفت بورتر بسخرية إلى المنطق المادي الوحشي للغرب، منتقدا خلق الدول الغربية للمآسي، ومن ثم استغلالها لتلك المآسي بمنطق الربح والانتهازية. وقال ماكس بورتر: «ألا ترون! الغرب الآن يعني الفجور بالنسبة إلى شعوب العالم. نحن لا نعِدْ بمستقبل للإنسانية! أنهوا الحرب اللاإنسانية في غزة على الفور! لقد طفح الكيل!».

الصحافي الأمريكي البارز كريس هيدجز، قال أيضا خلال خطاب انتقد فيه الولايات المتحدة: «نحن الأمريكيون القتلة الأكثر قسوة وتأثيرا على هذا الكوكب، ولهذا السبب وحده نفرض حكمنا على مساكين العالم. هذا الأمر لا يتعلق بالديمقراطية، أو الحرية أو التحرير».

وتابع كريس هيدجيز قائلا: «إن إسرائيل والولايات المتحدة تبعثان برسالة مخيفة إلى بقية العالم. نصوص القانون الدولي والقانون الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف، هي مجرد قطع من الورق لا معنى لها. وهي لم تطبق في العراق، وليست صالحة في غزة أيضا».

وذكر هيدجيز أن الرسالة التي وجهتها الولايات المتحدة وإسرائيل للعالم بهجمات غزة كانت كما يلي:

«سندمر أحياءكم ومدنكم بالقنابل والصواريخ. سوف نذبح نساءكم وأطفالكم وشيوخكم ومرضاكم دون خجل. سنفرض الحصار لخلق الجوع وضمان انتشار الأمراض المعدية. يا أبناء «الأعراق الثانوية» في العالم؛ أنتم لا أهمية لكم. بالنسبة لنا، أنتم حشرات يجب القضاء عليها. نحن نمتلك كل شيء. إذا حاولتم أن تأخذوا منا أيا مما نملك، فسوف نقتلكم. ولا ندفع ثمن ذلك أبدا».

كل ذلك أصبح يدل على أن الحضارة الغربية لم يبق لديها ما تقدمه للإنسانية سوى المرض والدمار والمذابح. لقد أهمل الغرب كل ما هو معنوي لسنوات طويلة وقدم الأشياء المادية للبشرية، وهذه الأشياء المادية أصبحت الآن تفوح منها رائحة الموت، وباتت رائحة البارود والقنابل الكيماوية والأسلحة النووية والأمراض البيولوجية أحدث المنتجات التي قدمها الغرب الحديث لشعوب العالم.

ورغم التقدم الكبير الذي أحرزته العلوم الطبيعية في الماضي، إلا أن حضارة الطاقة والآلات لم تعد تعِدْ بأي شيء للناس الذين يسعون وراء رفاهيتهم ورغباتهم. هذه الحضارة المتوحشة لا تجعل لله مكانا في عالمها الفكري، ولا تقدم للإنسانية إلا الخوف والقلق والظلام.

الحضارة الغربية التي أهملت في القرون الماضية الجانب المعنوي واتجهت فقط إلى الجانب المادي للإنسان، كانت في الماضي تبشر بالأمل والمرح والمستقبل المشرق. وفي القرن الحادي والعشرين، تخلت الحضارة الغربية عن هذه الأمور أيضا.

لم يعد لدى الغرب شخصيات من العمالقة العظماء، مثل أوغست كونت، وسان سيمون، وماكس فيبر، ونيتشه، وسبنسر، وهيغل، وماركس، وكانط، وفرويد، ويونغ. كل هؤلاء معلقون اليوم على رفوف التاريخ الغربي المغبرة.

وبالطبع لن يولي مجرم كالزعيم الصهيوني بنيامين نتنياهو، أي اهتمام بالقانون، أو السياسة، أو الفلسفة، أو علم الاجتماع، أو الديمقراطية، أو حقوق الإنسان في عالم يحكم فيه ريشي سوناك بريطانيا، وجو بايدن الولايات المتحدة، وإيمانويل ماكرون فرنسا، وفرانك – فالتر شتاينماير ألمانيا.

لكن هذا الانهيار الكبير للحضارة الغربية، يعطي بشرى جديدة للإنسانية جمعاء. وكما يقال: «إن غزة لا تتسبب في إيقاظ العالم الإسلامي فحسب، بل البشرية جمعاء»، وهذا بالضبط ما نشهده في العالم الآن.

خلاصة الكلام؛ أظهرت لنا غزة أن الحضارة الغربية التي تحولت إلى حضارة سلاح وبارود، انهارت تماما من جميع الجوانب. حسنا! من الذي سينشئ حضارة جديدة قادرة على إقامة العدل والسلام ضمن النظام العالمي الذي سيعاد تشكيله في العالم؟ وهل يمكن لعالم إسلامي يدرك أهمية دينه وموارده الطبيعية وقوته البشرية أن يكون أملا ونورا ومرشدا للعالم أجمع رغم كل الأزمات التي يعاني منها؟

*توران قشلاقجي كاتب تركي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا بريطانيا غزة الغرب انهيار إنسانية الحضارة الغربية عالم إسلامي النظام العالمي الولایات المتحدة الحضارة الغربیة الأمم المتحدة شعوب العالم فی العالم فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا تأخّر حسم الجنجويد في الجزيرة؟!

حتى لا يتكرر سيناريو (ود النورة) الدامي..
لماذا تأخّر حسم الجنجويد في الجزيرة؟!
الأربعاء المنصرم شهد أسوأ أيام الحرب في السودان، اجتاحت المليشيا المجرمة قرية (ود النورة) بولاية الجزيرة وقتلت ما لا يقل عن (200) شهيد، وأوقعت إصابات متفاوتة معظمها خطيرة بنحو 300 مواطن من الأبرياء العُزّل الذين حصدتهم آلة الغبن الجنجويدية اللعينة بلا رحمة.
تحوّلت البلدة إلى صيوان عزاء كبير، إذ لم يسلم بيت فيها من المأساة، وقد وصلت الدماء الى كل مكان في القرية الوادعة التي كان ياتيها عيشها رغدا في كل حين، لا أنسى تذكيركم أن من بين الضحايا في المجزرة التي أقامت العالم ولم تقعده (35) طفلاً قتلتهم وحشية الدعم السريع ووادت براءتهم بين الركام والدماء.
في قرية (ود النورة) المنكوبة الصابرة مازالت مواكب الشهداء تترى والمصابون يفقدون حياتهم في كل يوم ويلتحقون بالرفيق الأعلى.
من هذه القرية الصابرة المحتسبة لجور الجنجويد وبطشهم، تابع العالم كثيراً من القصص والروايات المأساوية التي لم يدر في خلد أحد أنها يمكن أن تحدث على أي إنسان في هذه الأرض مهما بلغ حجم الظلم ورخصت حرمة الدماء، تابعنا كم أسرة فقدت أكثر من شهيد، وسمعنا روايات تدمي القلب لأبشع أنواع الظلم والقسوة التي مارسها الجنجويد القتلة على أهلنا البسطاء، الذين لا يملكون سوى قُوت يومهم والإيمان المطلق بالله الوهاب والأرض التى لا تخون، ثلاثة وأربعة إخوة تصعد أرواحهم من البيت الواحد.. رأينا الأب الذي دفن ثلاثة من أبنائه في تربة واحدة، والعائلات التي كاد أن ينقطع نسلها بعد أن شيعت الإخوان وأبناء العم والأخوال والخالات في المجزرة، ويعلم عزيزي القارئ أن أهالي (ود النورة) اضطروا لتحويل ميدان الكرة الذي كان يضج بالنشاط والحياة إلى مقبرة حتى تتسع الأرض لدفن الضحايا بعد أن ضاقت بهم مقابر القرية.
انتبه العالم في لحظة صدمة إنسانية عنيفة إلى حجم الماساة التي حاقت بأهل (ود النورة)، وأصدر عبر منظماته المدنية ومؤسساته الدولية، وقواه الحيّة، العديد من بيانات الشجب والإدانة والاستنكار، ووصل الأمر حتى مجلس الأمن، دون أن تنتج هذه الجعجعة طحيناً بالطبع.
صبيحة الحادثة وصل الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش، رئيس المجلس السيادي إلى القرية، وقدم واجب العزاء، وتعهّـد برد قاسّ على هذه المجزرة التي نفّذها الجنجويد بـ(دم بارد).
ما يُؤسف له أن صوت الاحتجاج على هذه الحادثة قد خفت بالداخل، وأن حالة تطبيع مع الموت والمآسي بدأت تنتاب حراكنا وتفاعلنا مع الأحداث، فنسينا الكارثة وانصرفنا الى الجدل واللهث وراء تطورات أخرى أقل فداحةً ووقعاً بالتأكيد من هول المجزرة، يحدث ذلك بينما ينفعل العالم الآن بمأساتنا إنابةً عن السودانيين الذين باتوا شعباَ بلا ذاكرة..
للأسف لم نفعل حتى الآن ما يكفي لتعزيز مواقفنا الرافضة للمجزرة والمنددة بالجنجويد وأذيالهم وعملائهم بالداخل والخارج، ولو وقعت هذه المجزرة في أي مكان لطارت (عمم) ورؤوس، وحظرت أحزاب وتم تقديم الخونة للمحاكمة ولا انصرفت كاميرا إعلامنا الرسمي تحديداً، لتوثيق ما حدث من الميدان وبكل اللغات حتى يعلم المجتمع الدولي حجم الجرائم التي يندي لها الجبين خجلاً ويتأكد من موت ضمير العالم الذى مازال يحمي المليشيا المجرمة رغم فظائعها في الخرطوم ودارفور والجزيرة والنيل الأبيض وكل مكان دخله جنودها الأنجاس المجرمين.
السؤال الأبرز الذي يموج به الشارع الآن يستفسر عن سر تأخر الجيش في الرد على ما حدث بـ(ود النورة) رغم توعد القائد العام الفريق أول عبد الفتاح برد قاس تأخر لليوم السادس، الأمر الذي أغرى بتمدد المليشيا في مناطق أخرى مثل ود الجترة وغيرها وممارسة نهب الممتلكات والتنكيل بالمواطنين، لقد أمنوا العقاب يا سعادة الجنرال وإساءوا الأدب، وما زالوا يتمادون، وإن لم يحصلوا على جرعة التأديب اللازمة عسكرياً، فإننا على موعد بمشاهدة سيناريو (ود النورة) الدامي في مناطق أخرى في الجزيرة ذاتها وبدارفور والخرطوم، والنيل الأبيض وأجزاء أخرى من السودان .
لماذا تأخر الرد وحسم المليشيا في الجزيرة انتصاراً لحزن أهل (ود النورة) وجميع أهل السودان؟!!، هو سؤال شارع تفتك به الحيرة والجيش على ذات وتيرة الاستعداد والانفعال العادي الذي سبق مجزرة (ود النورة).
هذا الاستفسار نطرحه ونلح في استجلاء أسبابه لأنه (سؤال الوقت) الذي ستشفي الإجابة عليه صدور قوم مؤمنين بقدرة الجيش على الفعل، لا نطرحه من باب التشكيك في القوات المسلحة ومقدرتها على الحسم مثلما يردد بعض العملاء والخونة، والمتواطئين مع جرائم الدعم السريع.
ندفع بهذا السؤال لأنّ الإجابة عليه مطلب الشارع السوداني العريض الذي ينتظر قهر وتأديب الجنجويد في الجزيرة مثلما يترقب زوالهم وكنسهم من أي مكان في السودان وإنهاء كابوسهم الذي يجثم على صدور المواطنين، نطرح السؤال ثقةً في الجيش لا تخويناً ولا طعناً في قدراته ولا قياداته، فالإبطاء في حسم الجنجويد سيجعلنا أمام كابوس قادم وسيناريو مشابه لما حدث في (ود النورة) بمناطق أخرى، احسموا المليشيا وأدِّبوا عناصرها المجرمين قبل أن يأخذنا الندم على التفريط في قرى ومدن اخرى مرشحة لذات المصير.!

محمد عبد القادر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟
  • عزوف كبير عن شراء الأضاحي في الضفة الغربية
  • بايدن يقود حملة لتعزيز جهود الغرب الحربية فى أوكرانيا ضد بوتين وترامب
  • بيسكوف: الغرب سيدرس مبادرة بوتين بشأن أوكرانيا على الأرجح
  • لماذا تأخّر حسم الجنجويد في الجزيرة؟!
  • بوتين: سرقة الغرب للأصول الروسية لن تمر بدون عقاب
  • بوتين: الولايات المتحدة قوضت أسس الاستقرار العالمي ولا تفهم مدى خطورة تصرفاتها
  • نيبينزيا: سكرتارية الأمم المتحدة تنتهك مبدأ الحياد بشأن أوكرانيا
  • مقتنيات فريدة تجسد عظمة شعائر الحج يعرضها متحف الشارقة الحضارة الإسلامية
  • ميدفيديف: الغرب مزدهرًا بسبب سحب الموارد من الجنوب العالمي