القدس المحتلة-سانا

عشرات الغارات بالطيران الحربي والمسير شنها الاحتلال الإسرائيلي على مدينة رفح جنوب قطاع غزة فجر اليوم أسفرت عن استشهاد 100 فلسطيني، وإصابة المئات في إمعان واضح بمواصلة حرب الإبادة الجماعية، رغم التحذيرات الدولية من تداعيات تصعيد العدوان واجتياح المدينة التي تشكل الملاذ الأخير لـ 1.4 مليون فلسطيني أجبرهم الاحتلال على النزوح من منازلهم في شتى أنحاء القطاع، ليتكدسوا في شوارع المدينة بلا مأوى مفتقرين إلى أبسط مقومات الحياة.

قصف عنيف تواصل لساعات استخدمه الاحتلال للتغطية على توغل قواته أقصى شمال غرب المدينة، مدمراً أكثر من 14 منزلاً على رؤوس ساكنيها، بينما لم تتمكن طواقم الإسعاف والإنقاذ من الوصول إلى المناطق المستهدفة إلا بعد ساعات بسبب القصف العنيف، وأكد المسعفون أن معظم الضحايا أطفال، وأن عمليات الإنقاذ تتم ببطء شديد بسبب غياب التجهيزات والدمار الكبير الذي لحق بالمناطق المنكوبة.

صهيب الهمص مدير أحد مستشفيات رفح أكد أن الاحتلال استخدم في غاراته على المدينة صواريخ حارقة ومحرمة دولياً، وأن معظم الإصابات بتر للأطراف وتهتك في الدماغ وحروق شديدة، منتقداً ازدواجية المعايير الدولية التي تمكن الاحتلال من مواصلة مجازره.

وزارة الصحة الفلسطينية أوضحت أن الواقع الطبي والإنساني في رفح كارثي للغاية، وأن أعداد ضحايا قصف الاحتلال على المدينة أكبر من طاقة المستشفيات، لافتة إلى أن الأطباء يفترشون الأرض لعلاج الجرحى بسبب ضعف البنية التحتية الصحية.

الهلال الأحمر الفلسطيني حذر من أن اجتياح الاحتلال للمدينة يعني حكماً بالإعدام على أهالي القطاع الذين لجأ معظمهم إليها، مبيناً أن رفح تعاني من فقدان الخدمات الصحية ومن انتشار عدد كبير من الأوبئة بين صفوف النازحين.

الرئاسة الفلسطينية طالبت المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بالتحرك العاجل لمنع الاحتلال من اجتياح رفح، لأن حدوث ذلك يعني سقوط آلاف الضحايا وإجباره على وقف حرب الإبادة الجماعية، موضحة أن حديث رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عما يسمى “ممراً آمناً” محض ترهات وخداع للعالم، لأنه لم يعد هناك مكان آمن في القطاع، ولا يمكن عودة الأهالي إلى منازلهم في ظل القصف المتواصل على وسط وشمال القطاع، ومشددة على أن تهجير الأهالي قسرياً خارج القطاع أمر مرفوض.

وزارة الخارجية الفلسطينية أكدت أن المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في رفح تؤكد صحة التحذيرات والتخوفات الدولية من النتائج الكارثية لتوسيع حرب الاحتلال وتعميقها في المدينة المكتظة بالنازحين، مشيرة إلى أن مجازر الاحتلال المتواصلة في القطاع تهدف إلى إجبار أهله على الهجرة قسرياً.

المقاومة الفلسطينية أوضحت أن عدوان جيش العدو الإرهابي على رفح إنما هو جريمة مركبة، وإمعان في حرب الإبادة الجماعية، وتوسيع لمساحة المجازر التي يرتكبها ضد الفلسطينيين، نظراً لتكدس أكثر من 1.4 مليون فلسطيني في المدينة جراء العدوان النازي المتواصل على القطاع، حيث تحولت شوارعها إلى مخيمات للنازحين يعيشون في ظروف غاية في الصعوبة والقسوة نتيجة افتقارهم لأدنى مقومات الحياة.

وأشارت المقاومة إلى أن الاحتلال يضرب عرض الحائط بقرارات محكمة العدل الدولية التي صدرت قبل أسبوعين، وأقرت تدابير عاجلة تتضمن وقف أي خطوات يمكن اعتبارها أعمال إبادة، محملة الإدارة الأمريكية كامل المسؤولية عن هذه المجزرة، لما توفره من دعم مفتوح بالمال والسلاح وغطاء سياسي لمواصلة حرب الإبادة، داعية المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى التحرك العاجل والجاد لوقف العدوان الصهيوني.

تصريحات مسؤولي الاحتلال قبل أيام حول اجتياح رفح قوبلت برفض عربي ودولي واسع، حيث أكدت الجامعة العربية أن محاولات فرض واقع النزوح على مئات آلاف الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى المدينة مكشوفة ومرفوضة، وعلى العالم أن ينتبه لخطورة هذه المخططات التي تريد إفراغ القطاع من أهله وتنفيذ تطهير عرقي متكامل الأركان، ما يجعل التحرك الدولي في هذه المرحلة ضرورة للحيلولة دون وقوع كارثة تزيد من تصعيد الأوضاع.

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا حذر من أن أي تحرك من جانب “إسرائيل” لتوسيع حربها الشاملة لتشمل مدينة رفح المكتظة بمئات آلاف الفلسطينيين قد يؤدي إلى جرائم حرب، ويجب منع ذلك بكل السبل، بينما قال المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني: إن أي عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة على رفح ستجلب المزيد من الدمار والمآسي، مشيراً إلى أن هناك شعوراً بالقلق والذعر المتزايد في رفح، إذ ليس لدى الناس أي فكرة على الإطلاق عن المكان الذي سيذهبون إليه بعد رفح.

المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” كاثرين راسل جددت دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار في القطاع لأسباب إنسانية من أجل توفير أفضل حماية للأطفال الذين أصبحت حياتهم ومستقبلهم على المحك، محذرة من أن خطط “إسرائيل” لاجتياح رفح التي تئن بالفعل، في ظل العدد الهائل من الأشخاص الذين نزحوا إليها من أجزاء أخرى من القطاع ستمثل تحولاً مدمراً آخر في الحرب التي أودت بحياة أكثر من 28 ألفاً معظمهم نساء وأطفال.

مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قال في منشور على منصة إكس: إن التقارير حول هجوم عسكري إسرائيلي على رفح مثيرة للقلق وستكون له عواقب كارثية، من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي وإلى تفاقم العدد الذي لا يطاق من الضحايا المدنيين، مشيراً إلى أنه في الوقت الحالي يواجه 1.4 مليون فلسطيني المجاعة في المدينة وليس لديهم مكان آمن يلجؤون إليه.

نحو 2500 مجزرة مكتشفة ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة منذ بدء عدوانه عليه في السابع من تشرين الأول الماضي، بضوء أخضر وشراكة كاملة من الإدارة الأمريكية والغرب الذي يمده بالسلاح والمال، ويوفر له الغطاء لضمان إفلاته المستمر من المساءلة والعقاب، ومن الالتزام بالقوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على حماية المدنيين ووجوب محاسبة مجرمي الحرب والتي حفظتها الشعوب عن ظهر قلب، لكنها تبقى مجرد كلام يردده المسؤولون الغربيون، حيث يشجبون ويستنكرون ويقلقون ويأسفون دون أن يقوموا بأي خطوة لتنفيذ هذه القوانين والقرارات لحماية الشعب الفلسطيني من آلة القتل الإسرائيلية المستمرة منذ 76 عاماً.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: حرب الإبادة اجتیاح رفح إلى أن

إقرأ أيضاً:

"كينيث روث" يطالب الجنائية الدولية بالتحقيق في مجزرة النصيرات

صفا

قال المدير التنفيذي السابق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" كينيث روث، إن الخسارة الفادحة في الأرواح الفلسطينية التي رافقت عملية إنقاذ جيش الاحتلال الإسرائيلي لأربعة من أسراه، في 8 حزيران/ يونيو، تستدعي التحقيق.

وأوضح روث، عبر مقال له، نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يجب أن يُعفى من واجب الالتزام بالقانون الإنساني الدولي في عملية الإنقاذ؛ مؤكدا أنه "وفق وزارة الصحة في غزة، التي ثبت أن أرقامها موثوقة بشكل عام، فإن 274 فلسطينيا على الأقل قُتلوا في العملية وأصيب أكثر من 600 آخرين".

وأفادت وزارة الصحة في غزة، حسب روث، أن الشهداء بينهم 64 طفلا و57 امرأة، أي 44 في المئة من العدد الإجمالي. مردفا بأنه نظرا لأن العديد من الرجال الذين استشهدوا أثناء العملية كانوا في سوق قريبة، فيجب أن نفترض أن نسبة كبيرة منهم كانوا من المدنيين. وهذه حصيلة مروعة".

وأشار روث، إلى أن "القانون الإنساني الدولي يتطلب أن يمتنع الجيش عن شن هجوم إذا كانت الخسائر المتوقعة في صفوف المدنيين مفرطة مقارنة بالفائدة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة". 

وأوضح أن العمليات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي تمكّنت من تحرير أربعة أسرى أحياء. وعلى النقيض من ذلك، تم إطلاق سراح أكثر من 100 أسير نتيجة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرمه الاحتلال مع حماس في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. 

وتابع بالقول: "قليلون هم الذين يشككون في أن التوصل إلى اتفاق آخر سيكون ضروريا لإعادة معظم الأسرى المتبقين أحياء. وكانت المفاوضات بطيئة إلى حد مؤلم، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يبدو وكأنه يعطي الأولوية لهدفه بعيد المنال المتمثل في تدمير حماس على حساب تحرير الأسرى".

إلى ذلك، أكّد روث، أن "القانون الإنساني الدولي يُلزم الجيوش باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنيب المدنيين الخطر"، مشدّدا على أن "واجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة ينطبق على الجيش الإسرائيلي".

وتساءل، خلال التقرير نفسه: "ما هي عشرات الأهداف القريبة التي هاجمتها القوات الجوية الإسرائيلية؟ هل كانت قادرة على ضرب مقاتلي حماس بدقة في ظل الفوضى التي سادت تلك اللحظة؟ أم أنها ببساطة أسقطت قنابل في المنطقة المجاورة، على أمل تمهيد الطريق أمام رجال الإنقاذ للفرار على الرغم من امتلاء المنطقة بالمدنيين؟ لا نعرف، ولكن من الواضح أن هناك حاجة إلى إجراء تحقيق مستقل، وتعتبر الهجمات العشوائية جريمة حرب".

وخلص الكاتب إلى أنه: "لهذا السبب هناك حاجة إلى إجراء تحقيق من المحكمة الجنائية الدولية. فقد سعى كريم خان، المدعي العام الرئيسي، بالفعل إلى الحصول على أوامر اعتقال فيما يتعلق باستراتيجية التجويع المزعومة التي يتبعها نتنياهو ووزيره يوآف غالانت في غزة، وألمح إلى أنه قد يحقق في استخدام إسرائيل لقنابل تزن 2000 رطل لتدمير الأحياء المدنية.. وينبغي إضافة إنقاذ الأسرى إلى قائمة الحوادث التي تستحق التدقيق".

مقالات مشابهة

  • جنين تشاطر غزة في آلامها.. لا مظاهر لعيد الأضحى
  • جنين تشاطر غزة في آلامها.. لا مظاهر للعيد
  • في ظل الحرب والحصار.. شبح المجاعة يحوم على رؤوس الغزيين
  • تحذيرات أممية من معاناة 50 ألف طفل بغزة من سوء التغذية الحاد
  • صحيفة أميركية: إغلاق معبر رفح حكم بالإعدام
  • "كينيث روث" يطالب الجنائية الدولية بالتحقيق في مجزرة النصيرات
  • دبلوماسيو الاحتلال متهمون بالفشل.. ونتنياهو متورط بتعيينات لأغراض حزبية
  • الغرض مطرد … العداء تجاه بعثة يونيتامس وطرد رئيسها فولكر بيرتس
  • الاحتلال يواصل اجتياح رفح.. وإطلاق رشقات صاروخية من شمال غزة
  • ماذا يعني إعلان مخيم جنين منطقة عسكرية مغلقة؟