دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تغزل العناكب شباكها الحريرية لصيد الذباب والفرائس الصغيرة الأخرى، ولكنها أيضًا تصطاد بذلك ثروةً من الحمض النووي من البيئة المحيطة بها، وهو مورد خفي أفاد علماء أستراليون بأنّه يمكن استخدامه لتتبع الحيوانات المهددة بالانقراض ومراقبة الأنظمة البيئية.

وكشفت شباك العنكبوت التي جُمِعت من موقعين حول مدينة بيرث غرب أستراليا (في حديقة حيوانات بيرث ومحمية "كاراكاميا") عن التوقيع الجيني لـ 93 حيوانًا، بما في ذلك حيوانات الكنغر، والكوالا، والفيلة الأسيرة، والحمير الوحشية، وفقًا لدراسة نُشِرت في مجلة "iScience" بتاريخ 30 يناير/كانون الثاني.

طالب الدكتوراه جوشوا نيوتن أثناء جمع شبكة عنكبوت. Credit: Morten Allentoft

قد تكون شباك العنكبوت وسيلة مفيدة لمراقبة الحيوانات الموجودة حولنا، بحسب ما ذكره المؤلف المشارك في الدراسة، جوشوا نيوتن، وهو طالب دكتوراه في كلية العلوم الجزيئية والحيوية بجامعة "كيرتن" بالقرب من بيرث.

وقال نيوتن في بيان صحفي: "هذه الشباك، التي غالبًا ما يتم تجاهلها في دراسات التنوع البيولوجي، أثبتت أنّها خزانات للمعلومات الجينية"، مضيفًا: "مع ضرورة وجود كميات ضئيلة فقط من الحمض النووي للتعرف إلى الحيوانات، فإنّ هذه الطريقة الرخيصة وغير الاجتياحية يمكن أن تغير قواعد اللعبة بشأن كيفية استكشاف وحماية التنوع البيولوجي البري لدينا".

وتترك جميع الكائنات الحية وراءها أجزاء من الحمض النووي على شكل خلايا جلدية، أو شعر، أو سوائل جسدية، وتُعرف هذه المادة الوراثية بالحمض النووي البيئي أو "eDNA".

وتمكن العلماء من رصد الحمض النووي الحيواني في الهواء.

واستخرجت دراستان نُشرتا في عام 2022، الحمض النووي لحيوانات متعددة من عينات الهواء التي جُمِعت من حديقة حيوانات "كوبنهاغن" في الدنمارك وحديقة حيوانات "هامرتون" في المملكة المتحدة، لإثبات المفهوم.

وتأخذ الدراسة الأسترالية الفكرة خطوة إضافية إلى الأمام، إذ تلغي الحاجة إلى أي معدات، مثل المراوح، أو مرشحات الهواء، لجمع العينة.

خلال الحمض النووي المحمول جوًا، والذي جُمِع بواسطة شباك العنكبوت، تمكن الباحثون من رصد مختلف الحيوانات. Credit: Joshua Newton

وأجمع مؤلفو الدراسة على أنّ الشباك "منتشرة في كل مكان وفي العديد من البيئات الطبيعية والبشرية المنشأ، وتتواجد في مجموعة من الموائل الدقيقة في جميع أنحاء العالم، واختيرت بشكلٍ طبيعي لتكون بمثابة مصائد لزجة".

وعلاوةً على ذلك، من السهل جدًا جمع شباك العنكبوت، وفقًا لما ذكره نيوتن.

وبالفعل، أحدثت التقنيات التي تنطوي على الحمض النووي البيئي (eDNA) تأثيرًا كبيرًا في مختلف مجالات البحث العلمي. 

ويَستخدم علماء الآثار الحمض النووي البيئي الموجود في تربة الكهوف لفهم الشعوب البشرية القديمة، بينما كشف الحمض النووي البيئي المُستَخرج من قلب الأرض القطبية الشمالية عن مناطق تجوّل فيلة الماموث وحيوانات العصر الجليدي الأخرى في الماضي.

وأكّدت الأستاذة في قسم علم الأحياء في جامعة "يورك" بكندا، إليزابيث كلير، والتي قادت واحدة من دراسات عام 2022 حول استخراج الحمض النووي البيئي أنّها أعجبت بفكرة استخدام شباك العنكبوت.

وشرحت كلير، التي لم تشارك في البحث الحالي، عبر البريد الإلكتروني أنّه "أمر غير اجتياحي بشكلٍ رائع (إلا إذا كنت العنكبوت نفسه). أنا لست متفاجئة على الإطلاق من أن الأمر يعمل".

الكائنات الكبيرة والصغيرة قام الباحثون بجمع شباك أنواع مختلفة من العناكب، بما في ذلك عنكبوت Austracantha minax الظاهر في الصورة. Credit: Joshua Newton

وفي حديقة حيوانات بيرث، تراوحت أحجام الكائنات التي رُصِدت عبر هذه التقنية من قرد القشة القزم إلى الفيل الآسيوي. 

وفي الموقعين، أي حديقة الحيوانات ومحمية "كاراكاميا"، تمكن الفريق من رصد حيوانات تتمتع بسلوكيات وأساليب حياة متنوعة، بما في ذلك الأبوسوم الشجري كث الذيل، والحيوانات التي تعيش على اليابسة مثل الزرافات، والأنواع الليلية، والحيوانات ذات الفراء، والريش، والقشور، وأخرى تتمتع بجلدٍ عار.

ورصد الفريق ضعف عدد الكائنات في حديقة الحيوانات (61) مقارنةً بالغابات (32). 

وقال المؤلفون إنّ هذا الاختلاف قد يكون ناجمًا عن زيادة فرص كشف الكائنات لزيادة مستوى كثافتها في حديقة الحيوانات.

وأشارت الدراسة إلى أنّ الأنواع المختلفة من شباك العنكبوت التي جُمِعت قد تؤثر أيضًا على أنواع وكمية الحمض النووي الذي جُمع.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: أبحاث البيئة الحمض النووي الحياة البرية دراسات حدیقة حیوانات فی حدیقة

إقرأ أيضاً:

فضيحة طبية في أوروبا: 197 طفلاً ولدوا من حيوانات منوية تحمل طفرة جينية تزيد خطر الإصابة بالسرطان

كشفت تحقيقات أجرتها شبكة European Broadcasting Union's Investigative Journalism Network، بمشاركة 14 قناة تلفزيونية من عدة دول (من بينها BBC)، عن بيع حيوانات منوية تحمل طفرة جينية تزيد بشكل كبير من احتمالية الإصابة بالسرطان في الدنمارك من قبل بنك حيوانات منوية معروف. وقد أسفر ذلك عن ولادة حوالي 200 طفل في جميع أنحاء القارة، بعضهم أصيب بالمرض وتوفي في سن مبكرة.

وأظهرت النتائج أن عدد الأطفال الذين تم تسجيلهم كمصابين بالطفرة من هذا المتبرع المجهول – الذي لم يكن على علم بالخلل الجيني – قد بلغ 197 طفلاً خلال فترة 17 عاماً ظلت فيها العينات مجمدة. وقد تم التعرف على المتبرع كطالب سابق بدأ في عام 2005 يحصل على أجر من Denmark's European Sperm Bank وفقاً للتشريعات السارية في الدنمارك.

ونقلت BBC عن خبراء قولهم إن الطفرة الجينية، عند انتقالها، تجعل من النادر أن يظل الطفل سليماً من الأمراض السرطانية طوال حياته. وأضافت أن البنك الدنماركي لم يبيع الحيوانات المنوية الملوثة لأي عيادة في المملكة المتحدة، حيث لا توجد علاقات تجارية هناك؛ إلا أن خريطة نشرت مع التقرير أظهرت أن إيطاليا لم تتأثر، بينما تأثرت ألمانيا، أيرلندا، آيسلندا، بلجيكا، بولندا، إسبانيا، عدة دول البلقان وجورجيا.

وقد اعترف بنك الحيوانات المنوية الدنماركي بالواقعة، مؤكداً حسن نيته ونوايا المتبرع “الجاهل” وقت التبرع. كما أعرب عن “تعاطفه العميق” مع الأسر المتضررة وأقر بأن الحيوانات المنوية قد استخدمت في بعض البلدان لإنجاب عدد مفرط من الأطفال.

تم اكتشاف الطفرة متأخراً بعد ظهور تحذيرات بعد وقوع الحادثة، حيث كان المتبرع يبدو سليماً في جميع الفحوصات الروتينية. والجين المتضرر هو TP53، الذي يلعب دوراً حاسماً في منع تكوين الخلايا السرطانية. وقد تبين أن 20 % من الحيوانات المنوية تحمل هذه الطفرة، بينما كان الحمض النووي للمتبرع نفسه محصناً ضدها.

الأطفال الذين ورثوا الطفرة يعانون من متلازمة لي‑فروميني (Li‑Fraumeni syndrome)، التي ترفع احتمالية الإصابة بأي شكل من أشكال السرطان بنسبة تصل إلى 90 % خلال الطفولة أو سرطان الثدي في مرحلة البلوغ للإناث.

أثارت القضية قلقاً لدى أطباء الجمعية الأوروبية للهندسة الوراثية (European Society of Human Genetics)، الذين قاموا بفحص 67 طفلاً بعد انتشار البيانات الأولية، ووجدوا آثار الطفرة في 23 منهم.

وقالت الدكتورة إدويج كاسبر، أخصائية الأورام الجينية بمستشفى روان في فرنسا، أنها اطلعت على ملفات طبية لـ “العديد من الأطفال الذين أصيبوا بنوعين مختلفين من الأورام، وبعضهم توفي في سن مبكرة”. وأضافت أن “ليس لدي أي عداء تجاه المتبرع غير الواعي”، لكنها شددت على أن “استخدام مواد غير نظيفة وغير آمنة وخطيرة غير مقبول”.

وذكرت أم فرنسية، تمت الإشارة إليها باسم مستعار “سيلين”، أنها استخدمت عينة الحيوانات المنوية المعرضة للخطر قبل 14 عاماً في عيادة بلجيكية، وقالت: “لا يمكن قبول حقن شيء غير نظيف وغير آمن وخطير”.

مقالات مشابهة

  • فضيحة طبية في أوروبا: 197 طفلاً ولدوا من حيوانات منوية تحمل طفرة جينية تزيد خطر الإصابة بالسرطان
  • الكشف عن شبكات تتاجر بأعضاء حيوانات عبر منصات التواصل
  • برواتب تصل لـ40 ألف.. وظائف جديدة للشباب في مشروع الضبعة النووي
  • فضيحة طبية في أوروبا .. استخدام حيوانات منوية لمتبرع يحمل طفرة سرطانية لإنجاب نحو 200 طفل
  • بوتين: روسيا مستعدة للمساهمة في برنامج إندونيسيا النووي
  • دراسة في أكسفورد تحذر: آلاف الحيوانات مهددة بالانقراض نتيجة الحرارة وتوسع الأنشطة البشرية
  • الحيوانات بدون أقفاص.. موعد افتتاح حديقة الحيوان وكم سيكون سعر التذكرة؟
  • دعمًا للجهود الرامية لحماية الكائنات المهددة بالانقراض.. محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تُطلق برنامج التتبع المباشر لحركة السلاحف عبر الأقمار الصناعية
  • تحقيق أميركي في وفيات يحتمل ارتباطها بلقاحات كورونا
  • أهمية الحفاظ على الآثار التي يعود بعضها إلى العصر الإسلامي