الأمهات ينقلن الميكروبات إلى أطفالهن بغض النظر عن طريقة الولادة
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
الأمهات ينقلن الميكروبات إلى أطفالهن بغض النظر عن طريقة الولادة
يُطلق على مجموع الميكروبات المتعايشة مع الإنسان وتعيش داخل الجسم أو على الجلد لقب “الميكروبيوم”، ويُعَدُّ الميكروبيوم البشري مهمًّا للعديد من وظائف الأعضاء والأجهزة الحيوية في جسم الإنسان؛ إذ يؤدي دورًا أساسيًّا في الاستفادة من المغذيات التي نتناولها، ومقاومة تكوين المستعمرات الميكروبية، وتثقيف الجهاز المناعي وتطويره.
ويحدث أول لقاء بين الأطفال حديثي الولادة والميكروبات في أثناء الولادة وبعدها مباشرة، ولكن كيف يحدث ذلك؟ حاول فريق من الباحثين الإجابة عن هذا السؤال من خلال استكشاف طرق انتقال الميكروبات من الأم إلى الرضيع، وتقييم تطور تلك الميكروبات في وقت مبكر من الحياة، وتحديدًا معرفة ما إذا كان الأطفال المولودون بعملية قيصرية يفتقرون إلى بعض الميكروبات الأساسية التي قد تنتقل خلال الولادة الطبيعية عن طريق المهبل.
وأفادت دراسة نشرتها دورية “سيل هوست آند ميكروب” أن “الأطفال يتلقون الميكروبات الأساسية من أمهاتهم، سواء وُلدوا بشكل طبيعي أو عن طريق الولادة القيصرية؛ إذ إن 58.5٪ من الميكروبات التي تستوطن الرضَّع يكون مصدرها الأمهات”.
كما تشير نتائج الدراسة إلى أن نقل الميكروبات من الأم إلى الرضيع يتم عبر مواقع متعددة من الجسم، وفي حين أن الأطفال المولودين بعملية قيصرية يتلقون القليل من ميكروبيوم أمعاء أمهاتهم في أثناء الولادة، إلا أن الأمهات قادرات على نقل الميكروبات إلى أطفالهن عبر طرق بديلة وتعويضية.
لفهم كيفية تطوُّر الميكروبيوم خلال الشهر الأول من الحياة، تابع الباحثون حالة 120 من الأمهات الهولنديات والأطفال حديثي الولادة، وجمع الباحثون عينات الميكروبيوم من الأطفال من الجلد والأنف واللعاب والأمعاء، وذلك بعد ساعتين من ولادتهم وعندما كان عمرهم يومًا واحدًا وأسبوعًا وأسبوعين وبعد شهر واحد.
وجمع الفريق أيضًا ستة أنواع مختلفة من عينات الميكروبيوم من الأمهات، وهي الجلد وحليب الثدي والأنف والحنجرة والبراز والمهبل، وذلك لتحديد أيٍّ من هذه المصادر كان مصدر الميكروبات المنقولة إلى الرضع، ودرس الباحثون العديد من العوامل التي يُعتقد أنها تؤثر على نقل الميكروبيوم، بما في ذلك طريقة الولادة، واستخدام المضادات الحيوية، والرضاعة الطبيعية.
يقول “ووتر دي ستينهويسن بيترز” -الطبيب وعالِم البيانات في المركز الطبي الجامعي في أوترخت بهولندا، والباحث المشارك في الدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: يحصل الرضع على الميكروبات من مصادر متعددة في جسم الأم؛ إذ وجدنا أن جميع مجتمعات الميكروبات التي درسناها من الأم (مثل المهبل وحليب الأم واللعاب والجلد والأمعاء والأنف) تُسهم في تكوين ميكروبيوم الرضيع، وعندما يتم “سد” مسار معين لنقل الميكروبات من الأم إلى الطفل، يمكن تعويض ذلك بطرق أخرى، فبينما يتلقى الأطفال المولودون بالولادة القيصرية القليل من ميكروبيوم أمعاء أمهاتهم في أثناء الولادة، فإنهم قد يعوضون ذلك (جزئيًّا) من خلال الميكروبات الموجودة في لبن الأم.
وأفاد الباحثون في البيان الصحفي الخاص بالدراسة، والذي اطلعت “للعلم” على نسخة منه، بأن “الرضاعة الطبيعية تصبح أكثر أهميةً للأطفال المولودين بعملية قيصرية والذين لا يتلقون ميكروبات الأمعاء والمهبل من أمهاتهم”.
وتُعَدُّ عملية نقل الميكروبيوم وتطوره مهمةً للغاية، حتى إن التطور قد ضمِن نقل تلك الميكروبات بطريقةٍ أو بأخرى من الأم إلى الطفل.
يقول “بيترز”: يزودنا الميكروبيوم بمجموعة واسعة من الوظائف التي لا توفرها جيناتنا، وربطت نتائج أبحاثنا السابقة بين ميكروبيوم الجهاز التنفسي وقابلية الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي وشدة العدوى، كما أفادت بعض الدراسات التي أجراها باحثون آخرون أن ميكروبيوم الأمعاء يرتبط بالأمراض الالتهابية، مثل الربو والسمنة والسكري.
ويتابع: ننوي متابعة مجموعة الأمهات والأطفال الذين شملتهم الدراسة مدةً تصل إلى خمس سنوات لمعرفة ما إذا كان انتقال الميكروبيوم المبكر يرتبط بالحالة الصحية للأطفال على المدى الطويل، لقد وجدنا أنه يمكن عزو ما يقرب من 60٪ من ميكروبيوم الرضيع إلى والدته، مما يعني أننا لا نعرف مصدر 40٪ من الميكروبات بعد، ونود أن نرى ما إذا كان بإمكاننا ملء هذه الفجوة المعرفية.
عن أميركان سيانتافيك
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
محكمة برازيلية تلزم الفيفا بإعادة النظر في إجراءات سلامة اللاعبين بمونديال 2026
في خطوة تاريخية تؤكد اهتمام القضاء بحماية اللاعبين، أمرت المحكمة البرازيلية الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بضرورة إلزام اللاعبين بالتوقف لفترات قصيرة أثناء مباريات كأس العالم 2014، وذلك بسبب المخاوف من ارتفاع درجات الحرارة وتأثيرها على صحة اللاعبين.
سعد شلبي: فخورون بتأثير الأهلي عالميًا.. والخطيب يتلقى دعوة رسمية من جامعة هارفاردوجاء القرار بعد مراقبة دقيقة للظروف المناخية في الملاعب البرازيلية، حيث شهدت بعض المدن المستضيفة درجات حرارة مرتفعة ورطوبة عالية خلال مباريات البطولة، ما جعل اللاعبين أكثر عرضة للإرهاق الحراري والجفاف والتشنجات العضلية. وأكدت المحكمة أن اتخاذ تدابير احترازية خلال المباريات أمر ضروري لضمان سلامة اللاعبين وحقهم في أداء آمن.
وقد مثل هذا التدخل القضائي الأول من نوعه لحماية اللاعبين في بطولة كأس العالم، حيث لم يكن هناك في السابق أي إلزام قانوني على "فيفا" لفرض توقفات بسبب الحرارة، وكان الأمر يعتمد على تقديرات الاتحاد الدولي وفق درجات الحرارة وظروف الملعب.
وبناءً على قرار المحكمة، بدأت "فيفا" في وضع آليات لضمان التوقف الدوري للاعبين خلال المباريات على أن تدخل تلك القرارات حيز التنفيذ بشكل أوسع خلال النسخة المقبلة من المونديال كونه يأتي في بلدان شديدة الحرارة صيفًا، بما يشمل فترات قصيرة تتيح لهم شرب الماء وتجديد نشاطهم البدني. وقد شكل هذا القرار نقطة تحول في سياسات الفيفا المتعلقة بالسلامة البدنية، حيث أصبحت مسألة حماية اللاعبين من الحرارة عاملًا أساسيًا عند تنظيم المباريات الكبرى.
وأكدت المحكمة البرازيلية في حيثيات قرارها أن الرياضة لا تقتصر على المنافسة فقط، بل يجب أن تراعي أيضًا الصحة البدنية للاعبين، وأن أي إهمال لذلك قد يشكل خطرًا قانونيًا على الاتحاد الدولي واللجان المنظمة للبطولة.
ويشير الخبراء إلى أن هذا القرار أثّر بشكل مباشر على السياسات المستقبلية لـ"فيفا"، حيث أصبحت متابعة درجات الحرارة، توفير المياه، وتنظيم فترات الراحة جزءًا من البروتوكولات الرسمية في البطولات الكبرى، بما في ذلك كأس العالم للأندية والنسخ القادمة من البطولة العالمية.
ومنذ مونديال 2014، أدرجت "فيفا" إجراءات الوقاية من الحرارة ضمن خططها التنظيمية، بما في ذلك التوقفات المبرمجة، تعزيز تجهيزات الملاعب بالمراوح والمياه، ومراقبة اللاعبين من الناحية الصحية أثناء المباريات. وقد ساعد هذا على الحد من حالات الإرهاق والإصابات المرتبطة بالحرارة، وضمان مباريات أكثر أمانًا ومتعة للجماهير.
ويعتبر تدخل المحكمة البرازيلية في 2014 مثالًا على كيفية تأثير الأنظمة القانونية المحلية على السياسات الدولية للرياضة، حيث أظهرت أن حماية اللاعبين تتطلب أحيانًا قرارات قضائية لضمان تطبيق أفضل معايير السلامة.
وبذلك، أصبح القضاء جزءًا من المسار الذي يعزز سلامة اللاعبين في البطولات الكبرى، ويؤكد على أن الأداء الرياضي يجب أن يقترن دائمًا بالسلامة البدنية والصحية، حتى في أكثر الأحداث الرياضية إثارة وشهرة في العالم.