بعد عامين على حصار ماريوبول التي تقع راهنا تحت السيطرة الروسية، لا يتوهم الصحفي الأوكراني مستيسلاف تشيرنوف أن الإعلام قادر على تغيير العالم، لكنه يناضل مع ذلك، لكي "لا تُنسى" المأساة التي شهدتها هذه المدينة خلال الحرب.

ويظهر فيلمه الوثائقي "20 يوما في ماريوبول" الذي حاز جائزة "بافتا" لأفضل فيلم وثائقي، أمس الأحد في لندن، معاناة المدينة الأوكرانية التي استهدفتها القوات الروسية منذ بداية الحرب يوم 24 فبراير/شباط 2022، وسقطت في أيديها بعد 86 يوما من المعارك التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 22 ألف شخص ودمار شبه كامل للمنطقة.

وعلى مدى 3 أسابيع، نجح تشيرنوف وزميله يفغيني مالوليتكا، الذي يعمل مع وكالة "أسوشيتد برس"، في التقاط مشاهد للمدينة المحاصرة وإطلاع العالم على المأساة فيها.

وفي حديثه للوكالة الأميركية، قال تشيرنوف "كنت أفضل ألا يكون هذا الفيلم موجودا، وألا تكون ثمة حاجة لإنجازه، لكنه أُنجز، وتكمن الأهمية تاليا في أن تتم مشاهدته على أوسع نطاق ممكن. أشعر وكأنني مدين بشيء ما لسكان ماريوبول، أريد ألا تُنسى قصصهم".

وأضاف "في البداية كانت هناك حاجة ملحة لأن نُظهر للعالم حجم الدمار، والوجه الحقيقي للغزو الروسي. لكن مع مرور الوقت، باتت ماريوبول رمزا لكل المدن التي دمرتها القنابل الروسية، ورمزا على نطاق أوسع للنتائج المدمرة للحروب على المدنيين".

وأردف تشيرنوف متحدثا عن أهمية الصورة "ليس لدي أمل في تغيير العالم، وربما هذه ليست مهمتنا. لدينا دور مختلف وعاجل جدا. ما صورناه كانت له عواقب مباشرة عل مسائل كثيرة، منها مثلا ما يتعلق بالتفاوض بشأن ممر إجلاء إنساني. هناك مَن رأوا أحباءهم في صورنا، وعلموا أنهم على قيد الحياة في مواقعهم بماريوبول. وإذا كانت صورنا قد ساعدت في إنقاذ عدد قليل من الأشخاص، فهذا إنجاز كبير أصلا".

وعن دور المصور الصحفي، قال "في ماريوبول، كان السكان يتوجهون نحوي عندما يرون خوذتي التي تحمل شعار الصحافة، رغم القنابل التي كانت تسقط. كانوا يسألونني: هل لا تزال الحكومة قائمة؟ هل لا تزال أوكرانيا موجودة؟ ماذا يحدث في أوديسا؟ في خاركيف؟ لقد كانوا منقطعين عن العالم والمجتمع منهار. أدركت مدى حاجة الناس إلى المعلومات. وهذا عزز أملي في العمل الصحفي".

وعن الأشخاص الذين صورهم، قال "لقد وجدنا جميع من صورناهم تقريبا. هؤلاء الأشخاص يحملون مدينتهم في قلوبهم. لقد تحطمت حياتهم، إذ خسروا ابنا أو عزيزا. أعتقد أن الفيلم هو أداة لهم يظهرون من خلالها ما مروا به لمن لم يعيشوا هذه التجربة الرهيبة. مع هذا الفيلم، يمكنهم أن يقولوا للآخرين: هذا ما عشناه في ماريوبول، مع أن التجارب على أرض الواقع كانت أقسى! نحن لا نستطيع أن نصور الشعور عندما يكون الشخص محاصرا ويواجه الخطر والرعب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی ماریوبول

إقرأ أيضاً:

"أطباء تحت الهجوم".. وثائقي عن غزة يُشعل الجدل حول الـ"بي بي سي".. ما القصة؟

أثار الفيلم الوثائقي "أطباء تحت الهجوم"، الذي يتناول معاناة الطواقم الطبية في قطاع غزة، جدلًا واسعًا حول هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في أوساط الإعلام العالمي عمومًا والبريطاني خصوصًا، بعد قرار الهيئة الامتناع عن بثه رغم أنها كانت قد طلبت إنتاجه في البداية. اعلان

وقالت "الغارديان" إن "بي بي سي" تراجعت عن بث الفيلم بدعوى احتمال إثارة "انطباع بعدم الحياد"، بينما ذكرت "الإندبندنت" أنها كانت قد اعتبرته في البداية "جريئًا وضروريًا"، قبل أن "تتحجج بضرورة التحقق من المحتوى والصور".

الفيلم الذي تبنّت عرضه لاحقًا قناة "تشانل 4" البريطانية، يقدم تحقيقًا استقصائيًا في 30 دقيقة حول مزاعم تفيد بأن الجيش الإسرائيلي استهدف بشكل ممنهج الطواقم الطبية الفلسطينية في مستشفيات قطاع غزة، البالغ عددها 36، خلال الحرب الجارية.

ويستند الفيلم إلى شهادات عدد من الأطباء الفلسطينيين، من بينهم الدكتور خالد حمودة، الذي يروي تفاصيل تعرض منزله للقصف ومقتل عشرة من أفراد عائلته، ثم استهداف المنزل الذي لجأ إليه الناجون.

الصحفي الإسرائيلي البريطاني جوناثان كوك معلقًا على الفيلم: أصبح من الواضح الآن لماذا تجرأت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) على عدم بث الفيلم الوثائقي *"أطباء تحت الهجوم"*. فهو يُظهر دون أدنى شك أن إسرائيل تدمر النظام الصحي في غزة بشكل منهجي، كجزء من حملة عنف إبادي.

كما يروي لجوءه لاحقًا إلى حرم المستشفى الذي يعمل فيه، والذي تعرض بدوره للقصف والاقتحام، ما أدى إلى اعتقاله مع 70 طبيبًا آخر، وتعرضه للضرب أثناء الاحتجاز.

Relatedحماس: "إسرائيل تستخدم الحصار الإنساني على غزة كسلاح" ومنظمة أطباء بلا حدود تصفه بـ"العقاب الجماعي"أطباء يسابقون الموت وجرحى بلا علاج وغارات إسرائيلية تحصد أرواح المدنيين في غزةالجيش الإسرائيلي يُباشر إجراءات تأديبية ضد أطباء احتياط دعوا إلى إنهاء الحرب على غزة

كما يعرض الفيلم قصة الدكتور عدنان البرش، الذي اعتُقل وجُرّد من ملابسه، وتعرض للتعذيب قبل أن يُعلن عن وفاته داخل السجن.

وبينما لم يُسجل له شهادة حية، يتضمن الفيلم مكالمات هاتفية أجراها مع عائلته قبل وفاته، يوصي فيها أطفاله بالاعتناء بوالدتهم.

ويُظهر الفيلم كذلك ظروف عمل الأطباء في مستشفيات تفتقر إلى الماء والكهرباء، بينما يسابقون الزمن لعلاج جرحى في ظروف صعبة، ويعرض مشاهد توثّق ما يقال إنها "هجمات متعمدة واعتقالات في مواقع سرية"، إلى جانب شهادات قاسية عن سوء معاملة واعتداءات، من بينها لقطات لجرائم اغتصاب جماعي منسوبة لجنود.

من تعليقات المستخدمين على الفيلم: قلبي يتألم حين أفكر بالدكتور عدنان البرش وما تعرض له من تعذيب أودى بحياته، فقط لأنه أراد إنقاذ الأرواح. هؤلاء الأطباء الفلسطينيون أبطال بكل معنى الكلمة.

أحد المتحدثين في الفيلم يرى أن استهداف الأطباء "استراتيجية" تهدف إلى إضعاف النظام الصحي في غزة لسنوات مقبلة، مؤكدًا أن تدمير البنية التحتية يمكن إصلاحه، لكن فقدان الكوادر الطبية المدربة يُقوّض فرص الإعمار طويل الأمد. ويشير الفيلم مرارًا إلى أن استهداف العاملين في المجال الطبي يُعد انتهاكًا للقانون الدولي.

وقد وصفت صحيفة "الغارديان" الفيلم بأنه "من أكثر الوثائقيات قسوة ووضوحًا"، معتبرة أن صُنّاعه حرصوا على تقديم الأحداث بدقة، بما في ذلك توثيق أحداث هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشيرة إلى أن ادعاءات الـ"بي بي سي" كانت غير مقنعة، خاصة وأن صناعه كانوا يطلبون التوضيحات من الجيش الإسرائيلي في كل نقطة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • عاشوراء.. الذاكرة تشتعل بدمعة
  • موتسيبي : نسخة المغرب من كأس افريقيا للسيدات ستظل في الذاكرة
  • التضاريس الوعرة والذخائر غير المنفجرة أبرز التحديات التي تواجهها فرق الدفاع المدني أثناء عملها لإخماد الحرائق في ريف اللاذقية
  • حرب الـ12 يوما.. ما التغييرات التي طرأت على إيران بعد الهجوم الإسرائيلي؟
  • أغلى مكان للموت في العالم.. الضريبة التي دفعت الأثرياء للهروب السريع!
  • التويجري: تجربة الهلال نموذج يُحتذى به وركلة الجزاء كانت صحيحة .. فيديو
  • السهر يدمر الذاكرة.. دراسة تكشف تأثير قلة النوم على خلايا المخ
  • ميدو: «موهبة شيكابالا كانت تؤهله يلعب في أكبر أندية العالم»
  • عباس شومان: المدينة كانت الأرض الأقل عنادا من مكة وقت الهجرة
  • "أطباء تحت الهجوم".. وثائقي عن غزة يُشعل الجدل حول الـ"بي بي سي".. ما القصة؟