جريدة الرؤية العمانية:
2024-06-16@12:24:04 GMT

تصريحات مُستفزِّة

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT

تصريحات مُستفزِّة

 

د. صالح الفهدي

التصريح الذي أدلى به سامح شكري وزير خارجية جمهورية مصر العربية، بأَنَّ حماس خارج الإجماع الفلسطيني والاعتراف الإسرائيلي، وبأَنه يجب مُحاسبة من مكَّنها وموَّلها، له تداعياته الخطيرة، والمؤلمة عربيًا؛ فأن يصدر هذا التصريح المُستفز من وزير خارجية مصر التي تعدُّ "أُمُّ العروبة" والوسيط بين الكيان الصهيوني الغاشم وبين المقاومة الفلسطينية المشروعة التي تجاهدُ من أجلِ استعادة حقوق شعبها المسلوب الأرض والمصير، فذلك أَمرٌ لا يكاد عقلٌ يصدِّقه! ويزيدُ الأمر سوءًا أنَّه يوافقُ بتصريحه ما ذهبت إليه الصهيونية "تسيبي ليفيني" في اتهامها لحماس!!

إسرائيل الصهيونية التي تبحث عن نَفَسٍ لها تستنشقه بعد أن حاصرتها أغلب دول العالم في المحاكم، والشوارع، والأروقة السياسية، يُهديها "وزير خارجية مصر" هديَّةً لا تقدَّر بثمن، وفي مؤتمر دوليٍّ للأمن، فتنفست الصعداء، وهي تقول: شهد شاهدٌ من أهلها!!

الله الله يا سامح شكري، ألهذا وصلت بك الدبلوماسية؟ أهانتَ عليكَ مصر بقامتها، وشعبها الأبي الذي ينصرُ الإسلام، ويعتزُّ بعروبته؟ كيف بك أن تُخرجَ حركةً لقَّنت إسرائيل هزيمةً لم تنلها من دول عربية في تاريخها؟ حركة مقاومةٍ شرعية شهدَ بحقِّها الآخرون، وجئتَ لتُخرجها أنتَ من الإجماع الفلسطيني أو العربي أو الإسرائيلي؟ أيُّ إجماع تقصده؟ اجماع محمود عباس وحكومته التي تقوم بدورها في كبح المقاومة في الضفة الغربية في حين تفعل إسرائيل ما شاءت في القطاع قتلا وأسرًا وتدميرا دون أن ترفع السلطة الفلسطينية صوتها؟

إجماعُ من تقصد؟ إجماع المتخاذلين الذين يرمقون آلاف الأطفال الأبرياء تكدس جثثهم، وآلاف النسوة يذبحن، وآلاف الرجال يتساقطون في فعلٍ "حيوانيٍّ" لم تشهده البشرية من قبل، دون أن تقوم لهم قائمة خوفًا ورعبًا من أمريكا، وأين؟ على بعد جدار من مصر العظيمة التي عجبنا كيف تأتَّى لها أن تضبطَ حميَّتها، وتروِّض شهامتها، طوال هذا الوقت، فتسقط عليها صواريخ وشظايا وهي لا تحرِّكُ ساكنًا.

.!

إجماع من يا سامح شكري؟ إجماع أمريكا وأوروبا التي تساوَق رؤساؤها لتضميد جرح إسرائيل والركوع أمامها، والتباكي أمام جدرانها النتنة..! أمريكا التي أسقطت كل ما ترفعه من شعارات زائفة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والأكاذيب الأُخرى! وأوروبا التابعة بذلة وراء عنجهية "الكاوبوي" الأمريكي!.

"حماس" يا وزير خارجية مصر العظيمة، هي في صميم الإجماع الفلسطيني والعربي بل والعالمي، ولو شئت أن تجري استفتاءً في ما بقي من فلسطين فإِنك سترى أنها تحظى بتأييد كبير في الداخل، ذلك لأنها أتت بما لم يأت به الأولون، وأقدمت على ما لم يقدم عليه المتخاذلون، وأوقعت بإسرائيل هزيمة كبرى لا تضاهيها كل هزيمة سابقة، ولا تأتي في مستواها باعترافٍ منها، ولا زالت جراحاتها فاغرة في كل جانب، يعمُّ سكَّانها الاضطراب النفسي، ويشيع فيها الرعب، والشقاق.

"حماس" يا سامح شكري هي التي قلبت الموازين في العالم رأسًا على عقب، هل ستقول أن الآثار مدمرة والأثمان باهظة! أقول لك نعم هي كذلك، ولتقرأ قصيدة شاعر مصر والعرب العظيم وأمير الشعراء أحمد شوقي، لتدرك الإجابة حين يقول:

ففي القتلى لأجيال حياة// وفي الأسرى فدى لهم وعتق

وللحرية الحمراء باب// بكل يد مضرجة يدق

هل أدركت الأثمان الباهظة ومعنى قول شوقي يا شكري؟! ففي القتلى لأجيال حياةٌ، وهذا أمرٌ طبيعي، دفعت له الشعوب أرواح الملايين من أبنائها فدى.

آهٍ نعم، ربما أُخرجت حماس من الإجماع الفلسطيني والاعتراف الإسرائيلي لأنها لم تستسلم للإملاءات الإسرائيلية، وشروطها المُذلَّة، ولم تُهدها الأسرى وهم يحملون باقات الزهور على طبقٍ من ذهب!! ولأنها متعنتة لا تركعُ أمام القصف والدمار والتقتيل الذي يحدثُ وراء جدار حدود مصر بلد الحمية والشهامة.

"حماس" إن فعلت ذلك يا شكري فإنها ستكتبُ ليس على نفسها وحسب؛ بل وعلى ذلك السجن المفتوح في الأصل في القطعة المدفوعة إلى حدود مصر، وعلى مصير شعب بأكمله التصفية النهائية الذليلة، فتصبح إسرائيل جاركم الجديد مقابل رفح المصرية، وهو ما يسهِّلُ عليها الامتداد الذي حلمت به لتصل إلى البحر.

الله يا سامح شكري لقد أتعبت من بعدك، سامحك الله يا سامح.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف يرى الجانب الإسرائيلي وحركة حماس الحرب على غزة؟

خرجت الحرب الجارية على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى، عن إطار كونها جولة تصعيد مماثلة أو مشابهة لجولات التصعيد الماضية، التي اشتبكت فيها إسرائيل مع فصائل المقاومة الفلسطينية، إلى كونها حرب بقاء لكلا الطرفين المتحاربين.

ولا تعبر بأي صورة عن كلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وإنما تعبر عن برجماتية النظامين الحاكمين، سواء الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل أو حركة حماس، التي تتولى حكم قطاع غزة منذ منتصف عام 2007.

كيف يرى الجانب الإسرائيلي الحرب على غزة؟

يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن هذه الحرب ومصيرها هو الذي سيشكل ما بقى من مستقبل سياسي له، وأن تعرضه للهزيمة فيها أو انتهائها بدون تحقيقه صورة انتصار واضحة سيعني انتهاء مستقبله السياسي تماما، وهو أمر لا يسمح به خاصة، وأنه سيواجه العديد من الاتهامات المتعلقة بالفشل الخاص بعملية طوفان الأقصى علاوة على اتهامات الفساد التي يواجهها منذ ما قبل الحرب بسنوات وقد ينتهى به الأمر إلى السجن.

ومن ناحية حماس، فإن الحركة بانت ترى في هذه الحرب الوسيلة الوحيدة للبقاء وتحقيق المكتسبات، ولذلك لا يمكن لها السماح بأن تحقق إسرائيل نصراً مدويا عليها، ولا يمكن القبول باتفاق لا يضمن لها مكتسباتها، ودون اعتبار لمعاناة الشعب الفلسطيني وخسائره البشرية والمادية منذ بدء العدوان.

وجميع تصريحات قادتها لا تشير سوى إلى إصرارهم أن يكونوا جزءا رئيسيا في اليوم التالي وعدم التخلي عن حكم غزة حتى لو كان ثمن ذلك مزيد من الدماء الفلسطينية في ظل حكومة إسرائيلية يمينية لا تعبأ بأي قوانين دولية أكدوا أنهم لن يتراجعوا عن هدفهم بوقف الحرب إلا بعد القضاء على حكم حماس وقدراتها العسكرية، هناك حالة إنكار من كلا الطرفين «حكومة نتنياهو وحماس» من صعوبة المعطيات على الأرض.

وهذه الحرب من الصعب أن يخرج منها منتصر واحد وآخر مهزوم فالجميع بلا استثناء سيكون خاسراً، سواء الشعب الفلسطيني أو الشعب الإسرائيلي وحتى شعوب المنطقة التي كانت ولا تزال تأمل أن تنجح كل الجهود لتحقيق السلام العادل والشامل وإقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل، وينتهي هذا الصراع العبلي الذي سيظل مشتعلا ومؤهلا للانفجار في أي لحظة حتى لو نجح الوسطاء في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار.

الطرفان اختارا الحل العسكري 

بات الطرفان يراهنان في الوقت الحالي على فاعلية الحل العسكري كسبيل وحيد لتحقيق المكتسبات؛ إذ تراهن الحكومة الإسرائيلية على أن استمرار العمليات العسكرية هو السبيل التحرير المحتجزين الذين اختطفتهم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023.

فيما تراهن حركة حماس على أن استمرار العمليات العسكرية وإطلاق الصواريخ أو احتجاز المزيد من الجنود الإسرائيليين سيمثل ضغطا إضافيا على إسرائيل سيدفعها إلى وقف الحرب وغني عن القول إن كلا الرهانين لا يستندان إلى الحقائق الميدانية والسياسية الحالية.

والتي تؤكد جميعها أن تحرير المحتجزين الإسرائيليين والتوصل إلى وقف لإطلاق النار وعودة النازحين الفلسطينيين إلى مناطقهم لن يتحقق سوى بالمفاوضات التي يقدم فيها كلا الطرفين تنازلات تفضي إلى التوصل إلى اتفاق مرض لجميع الأطراف.

تصطدم استراتيجية الحكومة اليمنية في إسرائيل مع رؤى وتصورات المعارضة وجزء من الداخل الإسرائيلي وحتى تصطدم بالرؤى والقناعات الأخيرة للجانب الأمريكي، من أن إسرائيل التي عجزت خلال 9 أشهر من هذه الحرب على تحرير الأسرى والمحتجزين 120 أسير حتى الآن، كما لم تنجح في القضاء على حماس بشكل كامل، لن تستطيع تحقيق هذه الأهداف وتحديدا تحرير الأسرى سوى بالمفاوضات وقبول الطرح المقدم لصفقة تبادل الأسرى وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار.

كما أن إستراتيجية حماس التي تتلخص الآن في إظهار القدرة على البقاء والمقاومة لأشهر قادمة، تصطدم برغبات أكثر من 2 مليون فلسطيني يأملون بالفعل في وقف حرب الإبادة الإسرائيلية وعودة حياتهم لطبيعتها وأن تهيأ الأجواء لإعادة إعمار القطاع الذي دمر بالكامل وتحولت كل مناطقة إلى مناطق خيام ونزوح.

كما تصطدم استراتيجية حماس مع رغبات معظم مكونات الشعب الفلسطيني ممن يأملون أن تنهي هذه الحرب الانقسام الفلسطيني وأن يتم توحيد الضفة الغربية وغزة تحت قيادة فلسطينية واحدة تستكمل النضال الفلسطيني لإقامة الدولة المستقلة خاصة وأن كل الأطراف الدولية والإقليمية أيقنت أن هذا الصراع لا يستقيم أن يستمر هكذا دون إحياء عملية السلام.

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية هنغاريا: مؤتمر حول أوكرانيا بدون مشاركة روسيا لن يحقق السلام
  • وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية أوكرانيا
  • سفير الإمارات يلتقي وزير خارجية الأوروغواي الشرقية
  • غضب بشأن تصريحات إسرائيلية بأنه لا يوجد مدنيون أبرياء في غزة
  • عمان وأمريكا تطالبان بإطلاق سراح الموظفين الأمميين من سجون الحوثيين
  • كيف يرى الجانب الإسرائيلي وحركة حماس الحرب على غزة؟
  • مدي إلتزام قرارات وزارات الخارجية لمحاكم وسلطات الدولة
  • مدي إلتزام قرارات وزرات الخارجية لمحاكم وسلطات الدولة
  • القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية ترفض تصريحات بلينكن حول تعطيل التوصل لإتفاق
  • وزير الخارجية يستعرض أوجه التعاون مع نظيره الإيراني