تعكس ميزانية العام الجاري تقدما مستمرا في جهود تحسين مستوى المعيشة وتعزيز الرفاه الاجتماعي

شهد التضخم انخفاضا ملموسا خلال العام الماضي، مسجلا نحو واحد بالمائة مقارنة مع 2.9% كمتوسط خلال 2022

زاد متوسط أسعار الفائدة ما بين البنوك لليلة واحدة إلى 5.4% نتيجة ارتفاع المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على عمليات إعادة الشراء إلى 6%

مستويات الفائدة خلال العام الجاري مرتبطة بتطورات التضخم وقرارات البنوك المركزية نحو بدء خفض الفائدة أو تثبيتها

منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، ظل تفاقم معدلات التضخم معضلة تواجه الاقتصاد العالمي وتؤثر سلبا على معدلات النمو في العديد من الدول، ورغم التوجه الحثيث للبنوك المركزية نحو رفع الفائدة لدفع التضخم للتراجع لا تزال معدلات التضخم أعلى من المستهدف حتى الآن، فيما أدى رفع الفائدة عالميا ووصولها إلى مستويات قياسية خلال العام الماضي إلى الحد من السيولة في الأسواق وتقييد الائتمان مما قاد لتراجع النمو الاقتصادي أو بوادر للركود في العديد من الدول.

وفي مواجهة هذه الأزمة العالمية، اتبعت سلطنة عمان نهجا ناجحا في احتواء التضخم وإبقائه عند معدلات معقولة، وكان ذلك النجاح امتدادا لما حققته جهود تحسين الوضع المالي والاقتصادي، وحدت الحزمة المتكاملة من السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية والنقدية من ارتفاع التضخم وانعكاساته على مستوى معيشة المواطنين وحافظت في الوقت ذاته على زخم النمو الاقتصادي حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا لثلاثة أعوام متعاقبة خلال الفترة من 2021 وحتى 2023، مع توقع ارتفاع النمو خلال العام الجاري بدعم من جهود التنويع وتحفيز الأنشطة الاقتصادية ومرونة السياسات الاقتصادية والمالية في مواجهة المتغيرات المحلية والعالمية.

فيما يتعلق بالسياسات النقدية، قام البنك المركزي العماني برفع أسعار الفائدة عدة مرات خلال العامين الأخيرين تماشيا مع السياسة النقدية للبنك المركزي، التي تهدف إلى الحفاظ على استقرار سعر الصرف الثابت للريال العماني في ظل ارتباطه مع الدولار بما يتوافق مع هيكل ومتطلبات النمو الاقتصادي، ومع هدوء وتيرة رفع الفائدة العالمية، واتخاذ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي توجها نحو تثبيت أسعار الفائدة، أبقى البنك المركزي العماني خلال الفترة الأخيرة على سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحلية دون تغيير، وبنهاية نوفمبر الماضي، ارتفع المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الودائع بالريال العماني إلى 2.6 بالمائة مقارنة مع 1.9 بالمائة في نهاية نوفمبر 2022، كما زاد متوسط سعر الفائدة على الإقراض بالريال العماني من 5.3 بالمائة في نوفمبر 2022 إلى 5.4 بالمائة في نوفمبر الماضي، بينما زاد متوسط أسعار الفائدة ما بين البنوك لليلة واحدة من 3.9 بالمائة إلى 5.4 بالمائة نتيجة ارتفاع المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على عمليات إعادة الشراء من 4.4 بالمائة إلى 6 بالمائة خلال الفترة المشار إليها، وتظل مستويات الفائدة خلال العام الجاري مرتبطة بتطورات التضخم وقرارات البنوك المركزية نحو بدء خفض الفائدة أو تثبيتها.

وفي نطاق السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية، نجحت هذه السياسات في احتواء التضخم، والحد من تبعاته على نمو الاقتصاد وعلى مستوى معيشة المواطنين، حيث شهد التضخم انخفاضا ملموسا خلال العام الماضي، مسجلا نحو واحد بالمائة مقارنة مع 2.9 بالمائة كمتوسط خلال عام 2022 الذي شهدت بدايته صعود المعدلات إلى 4.4 بالمائة، وتستهدف سلطنة عمان إبقاء معدلات التضخم في مستويات معتدلة بحدود 3 بالمائة خلال العام الجاري.

وأوضحت البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تراجع معدل التضخم خلال شهر يناير الماضي مقارنة مع يناير 2023، مسجلا انخفاضا بنسبة 0.08 بالمائة.

وعلى أساس شهري، فقد سجل معدل التضخم خلال يناير الماضي ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.01 بالمائة، ويتحدد معدل التضخم بناء على عوامل داخلية منها أسعار السلع والخدمات وعوامل خارجية ترصد ما يسمى بتأثير التضخم المستورد من خلال حجم الواردات لسلطنة عمان، وطالما كان معدل التضخم معقولا ومتوافقا مع مستهدفات سياسات للدولة، فهو يندرج ضمن مؤشرات نمو وتوسع الاقتصاد، لكن خروجه عن المستهدف هو ما يسبب تأثيرات اجتماعية واقتصادية غير مرغوبة.

للوصول إلى ما شهدته سلطنة عمان من تراجع تدريجي في التضخم رغم تفاقمه عالميا، اتخذت الحكومة العديد من التدابير والسياسات التي خففت من حدة التضخـم وكان من أهمها رفع مخصصات الدعم والمساهمات بشكل كبير خلال عامي 2021 و2022، وتثبيت أسعار الوقود ودعم المواد الغذائية الأساسية وعديد من الخدمات مثل النقل والكهرباء والمياه، وجاء انخفاض أسعار السلع العالمية خاصة النفط والغذاء ليسهم في مزيد من تراجع معدل التضخم خلال العام الماضي.

وفي ميزانية العام الجاري، بلغت مخصصات الدعم والمساهمات 2.177 مليار ريال عماني، منها 560 مليون ريال مخصصات لمنظومة الحماية الاجتماعية التي بدأت سلطنة عمان تطبيقها هذا العام ضمن مستهدفات رؤية عمان 2040 لتعزيز البعد الاجتماعي للتنمية، و460 مليون ريال عماني لدعم قطاع الكهرباء، و400 مليون ريال عماني مخصصات للديون، و55 مليون ريال عماني لدعم فوائد القروض التنموية والإسكانية، و240 مليون ريال عماني للمشروعات ذات الأثر التنموي و184 مليون ريال عماني لدعم قطاع المياه والصرف الصحي، و35 مليون ريال عماني لدعم المنتجات النفطية، و25 مليون ريال عماني لدعم السلع الغذائية، كما تعكس ميزانية العام الجاري تقدما مستمرا في جهود تحسين مستوى المعيشة وتعزيز الرفاه الاجتماعي، فقد تمت ترقيات الأقدمية لعام 2013 والإعلان عن تنفيذ ترقيات أقدمية 2014 اعتبارا من الأول من شهر يوليو المقبل، بتكلفة إجمالية تبلغ حوالي 60 مليون ريال عماني، ومن المتوقع أن يستفيد أكثر من 52 ألف موظف بالقطاع الإداري للدولة من هذه الترقيات.

من جانب آخر، وبينما يعد حجم الإنفاق العام أحد العوامل المؤثرة على مستويات التضخم، فقد اتبعت سلطنة عمان نهج التوسع المنضبط في الإنفاق ورفع كفاءة هذا الإنفاق وتوجيهه نحو الأولويات، ويقدر حجم الإنفـاق العـام خلال السـنة الماليـة 2024 نحو 11.650 مليار ريال عُماني، مقارنة مع 11.282 مليار ريال عماني في ميزانية عام 2023.

وبعد أن أثبتت السياسات والإجراءات الاقتصادية والمالية التي تم اتباعها فاعلية في الحد من التضخم وإبقائه عند مستويات معقولة، أوضحت وزارة المالية بداية هذا العام أن سياسة دعم بعض القطاعات سوف تستمر بالآليات نفسها المعمول بها حاليا بما لا يؤثر على القطاع الإنتاجي والاقتصادي، مؤكدة على أن نجاح سلطنة عمان في تجاوز التحديات يدفعها إلى المضي قدما في انتهاج السياسة المالية ذاتها التي تم اتباعها خلال السنوات الماضية، مع التركيز على ضبط الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية بما يؤدي إلى تعزيز الاستدامة المالية لسلطنة عمان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: خلال العام الجاری خلال العام الماضی أسعار الفائدة الفائدة على معدل التضخم سلطنة عمان مقارنة مع

إقرأ أيضاً:

الميزان التجاري لسلطنة عُمان يسجل فائضا بأكثر من 2.6 مليار ريال بنهاية مارس

سجل الميزان التجاري لسلطنة عُمان فائضا بمقدار 2.6 مليار ريال عُماني بنهاية مارس الماضي، مقارنة بفائض بلغ مليارا و932 مليون ريال عُماني خلال الفترة نفسها من عام 2023 .

وكشفت الإحصاءات المبدئية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عمان أن قيمة الصادرات السلعية بنهاية مارس 2024 سجلت 6 مليارات و502 مليون ريال عُماني مرتفعة بنسبة 16.7 بالمائة عن الفترة نفسها من العام الماضي والبالغة 5 مليارات و572 مليون ريال عُماني في حين بلغت قيمة الواردات السلعية لسلطنة عُمان 3 مليارات و892 مليون ريال عُماني مرتفعة بنسبة 6.9 بالمائة مقارنة بنهاية مارس 2023م والبالغ 3 مليارات و640 مليون ريال عُماني.

وعزا المركز ارتفاع قيمة الصادرات بشكل رئيس إلى ارتفاع قيمة صادرات سلطنة عُمان من النفط والغاز إلى 3 مليارات و722 مليون ريال عُماني وبنسبة 3.1 بالمائة عن نهاية مارس 2023م والبالغة 3 مليارات و609 ملايين ريال عُماني.

وكشفت الإحصاءات عن ارتفاع قيمة الصادرات السلعية غير النفطية بنسبة 44.9 % بنهاية مارس 2024م لتبلغ مليارين و338 مليون ريال عُماني، مقارنة بنهاية مارس 2023م البالغة مليارا و614 مليون ريال عُماني.

وارتفعت قيمة عمليات إعادة التصدير من سلطنة عُمان إلى 442 مليون ريال عُماني وبنسبة 26.8 بالمائة بنهاية مارس 2024م مقارنة بنهاية مارس 2023.وام


مقالات مشابهة

  • البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.6 %
  • تراجع الإيرادات العامة للدولة بنسبة 15% حتى نهاية أبريل الماضي
  • بورصة مسقط تفقد 13 نقطة.. وقيمة التداول تصعد إلى 4 ملايين ريال
  • تمويل 218 مشروعا صغيرا ومتوسطا خلال العام الماضي بقيمة 22.1 مليون ريال
  • "الاقتصاد": التضخم ضمن "الحدود المستهدفة" في "الخمسية العاشرة"
  • قيمة تداول بورصة مسقط ترتفع إلى 3.1 مليون ريال وتراجع جماعي للمؤشرات الرئيسة
  • 2.6 مليار ريال فائضًا بالميزان التجاري بنهاية مارس.. وارتفاع قيمة الصادرات غير النفطية بنسبة 9.44%
  • 2.6 مليار ريال فائض الميزان التجاري لسلطنة عُمان
  • "التربية" تتسلم 13 مبنى مدرسيا بتكلفة 26.7 مليون ريال
  • الميزان التجاري لسلطنة عُمان يسجل فائضا بأكثر من 2.6 مليار ريال بنهاية مارس