في ثالث اجتماعاته هذا العام.. هل يغيّر المركزي مسار الفائدة؟
تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT
يترقب الاقتصاد المصري، لحظة مفصلية مع انعقاد ثالث اجتماعات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري لعام 2025، والمقرر عقده اليوم الخميس 22 مايو، وسط حالة من الترقب والقلق في الأوساط الاقتصادية المحلية والدولية، ويأتي الاجتماع في ظل مشهد اقتصادي بالغ التعقيد، تهيمن عليه تحديات داخلية وضغوط خارجية، وفي مقدمتها ارتفاع معدلات التضخم، وتقلبات الاقتصاد العالمي، والحرب التجارية بين أمريكا والصين، ما يضع البنك المركزي أمام خيار حساس بين التثبيت والخفض.
ورغم تنوع السيناريوهات المطروحة، إلا أن غالبية التقديرات تتجه نحو تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية (25% للإيداع و26% للإقراض)، في خطوة تعكس نهجًا حذرًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، مع السعي للسيطرة على التضخم وحماية استقرار السوق النقدي.
كشفت بيانات البنك المركزي المصري عن ارتفاع التضخم الأساسي السنوي إلى 10.4% في أبريل 2025، مقارنة بـ9.4% في مارس، كما بلغ معدل التغير الشهري 1.2% مقابل 0.9% في الشهر السابق.
وفي السياق ذاته، أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن معدل التضخم العام في المدن قفز إلى 13.9% خلال أبريل، مدفوعًا بارتفاع أسعار الوقود وخدمات النقل والسلع غير الغذائية.
ويعزز هذا الارتفاع المتواصل في الأسعار التوجه نحو استمرار سياسة نقدية انكماشية، لتفادي انفلات التضخم، وهو ما يقلل من احتمالات خفض أسعار الفائدة على المدى القصير، وفقًا لتحليلات عدد من الخبراء.
ثانيًا: ضغوط خارجية تدفع نحو الحذر النقديتواجه البيئة الاقتصادية العالمية اضطرابات حادة، تتمثل في تقلب أسعار الطاقة، وارتفاع تكاليف الشحن، والتوترات الجيوسياسية، إلى جانب سياسات تجارية مضطربة مثل الرسوم الجمركية الأمريكية على الصين، ما يزيد حالة عدم اليقين.
وتنعكس هذه التحديات على الاقتصاد المصري، وتضع صانع القرار النقدي في موقف يتطلب الحذر، إذ تُعد المحافظة على الاستقرار النقدي ضرورة، في ظل تعقد العوامل الخارجية، وهو ما يدفع نحو تفضيل خيار تثبيت أسعار الفائدة.
ثالثًا: الحاجة إلى تقييم خفض الفائدة السابقفي أبريل 2025، قرر البنك المركزي خفض الفائدة بواقع 225 نقطة أساس (2.25%)، وهي الخطوة التي وُصفت من قبل صندوق النقد الدولي بأنها "سابق لأوانها"، رغم تراجع التضخم في فبراير إلى 12.8%.
ويرى خبراء الاقتصاد أن المركزي المصري بحاجة الآن إلى التريث ومراقبة أثر هذا الخفض على الأداء الاقتصادي العام، خصوصًا مع عودة التضخم إلى الارتفاع، ما يُبرر تريث البنك في اتخاذ قرارات خفض إضافية في الوقت الراهن.
رابعًا: المؤشرات الاقتصادية لم تصل إلى مرحلة الأمانرغم تحسن بعض المؤشرات، مثل ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج إلى 26.3 مليار دولار خلال أول 11 شهرًا من عام 2024، وتوقعات "زيلا كابيتال" بأن يصل النمو الاقتصادي إلى 4.1% خلال العام المالي 2024/2025، إلا أن الوضع لا يزال هشًا.
وتشير بيانات النصف الأول من العام المالي 2023/2024 إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.5% فقط، مقارنة بـ4.2% لنفس الفترة من العام السابق، ما يدل على تباطؤ اقتصادي واضح، يدفع باتجاه تبني سياسة نقدية محافظة.
أجمعت العديد من التقديرات الصادرة عن مؤسسات مالية دولية وبنوك استثمار على أن تثبيت أسعار الفائدة هو السيناريو المرجّح، وفقًا لاستطلاع أجرته شبكة CNBC، أشار إلى أن نصف الاقتصاديين المشاركين (من أصل 14 خبيرًا) توقعوا تثبيت الفائدة في اجتماع مايو.
كما توقّع بنك الكويت الوطني استمرار أسعار الفائدة الحالية حتى نهاية العام المالي الجاري، مع إمكانية بدء دورة خفض تدريجية في يوليو المقبل إذا تباطأ التضخم.
وأشارت مؤسسة فيتش سوليوشنز إلى أن متوسط التضخم السنوي سيبلغ 15% خلال 2025، ما يستدعي استمرار السياسة النقدية المشددة، بينما أكد بنك HSBC أن أي خفض إضافي سيكون مؤجلًا إلى ما بعد مايو.
رغم أن تثبيت الفائدة يعني بقاء تكلفة الاقتراض مرتفعة، مما يزيد الضغط على الشركات والأفراد، خصوصًا في ظل ارتفاع أسعار الوقود والنقل، فإنه يظل خيارًا جوهريًا لضبط التضخم.
وقدّر بعض المحللين احتمال خفض طفيف بنسبة 25 نقطة أساس فقط، لكنهم حذروا من أن ذلك قد يُعيد التضخم إلى مسارات مقلقة، مما يضر بثقة المستثمرين والأسواق.
القرار المنتظر من لجنة السياسة النقدية سيؤثر على قطاعات حيوية، مثل البورصة، وسوق السندات، وقرارات المستثمرين المحليين والأجانب.
ويعكس هذا الاجتماع لحظة دقيقة في مسار الاقتصاد المصري، في ظل محاولة لتحقيق توازن بين تطويق التضخم وتعزيز النشاط الاقتصادي.
بين ضغوط التضخم ومخاوف التباطؤ الاقتصادي، يقف البنك المركزي المصري أمام اختبار بالغ الحساسية في اجتماعه المرتقب يوم الخميس 22 مايو 2025. ورغم أن سيناريو التثبيت يبدو الأقرب، فإن القرار النهائي سيعتمد على قراءة دقيقة للمشهد الاقتصادي بكل تعقيداته، في توقيت لا يحتمل المخاطرة.
ومع استمرار الضبابية في المشهد العالمي، تبقى الحاجة ماسة إلى سياسة نقدية متزنة تضع استقرار الأسعار على رأس أولوياتها، دون إغفال الحاجة لتحفيز النشاط الاقتصادي تدريجيًا في الفترات القادمة.
بين التثبيت والتخفيض
في سياق الترقب الواسع لقرارات البنك المركزي المصري بشأن أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقرر عقده اليوم الخميس 22 مايو 2025، تتعدد التقديرات والتحليلات حول اتجاه السياسة النقدية المقبلة، وسط بيئة اقتصادية محاطة بتحديات داخلية وضغوط خارجية متنامية.
وفي هذا الإطار، أكد الخبير الاقتصادي، الدكتورعلي الإدريسي أن السيناريوهات المطروحة أمام لجنة السياسة النقدية خلال الاجتماع المرتقب تنحصر في خيارين رئيسيين لا ثالث لهما، هما: إما التثبيت أو التخفيض.
وشدد الإدريسي، في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، على أن الاحتمالين متساويان، موضحًا أن نسبة تثبيت أسعار الفائدة تبلغ 50%، وكذلك نسبة خفضها 50%.
وأوضح أن سيناريو التخفيض المرجح في حال تم اتخاذه، سيكون بمعدل لا يتجاوز 2% (200 نقطة أساس)، وهو ما يعني خفض سعر الفائدة من 25% إلى 23% للإيداع، ومن 26% إلى 24% للإقراض.
أما في حال اتخاذ قرار بالتثبيت، فستبقى أسعار الفائدة عند مستواها الحالي البالغ 25% للإيداع و26% للإقراض، وهو ما يعكس توجهًا نحو الحذر في ظل التحديات الاقتصادية القائمة، لا سيما عودة التضخم إلى مساره التصاعدي، واستمرار الضبابية في المشهد الاقتصادي العالمي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المركزي اجتماع المركزي البنك المركزي الفايدة سعر الفائدة البنک المرکزی المصری لجنة السیاسة النقدیة تثبیت أسعار الفائدة
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي المصري يُدعّم قدرات «الكوميسا» في مواجهة التحديات الاقتصادية والمناخية
استضاف البنك المركزي المصري فعاليات البرنامج التدريبي حول "اختبارات الضغوط الجزئية والكلية للبنوك المركزية"، والذي استمر لمدة خمسة أيام بمقر المعهد المصرفي المصري بالقاهرة.
يأتي ذلك في ضوء التوجيهات الرئاسية بتعزيز التكامل المصري الإفريقي، وفي إطار التعاون المستمر بين البنك المركزي المصري والمعهد النقدي للكوميسا (CMI).
ويُعَدّ هذا البرنامج استمرارًا للدور الرائد للبنك المركزي المصري في تحقيق التكامل بين البنوك المركزية الإفريقية، حيث ضم البرنامج التدريبي 28 مشاركًا يمثلون 11 بنكًا مركزيًا من الدول الأعضاء بالكوميسا، فضلًا عن وفد من المعهد النقدي للكوميسا. وقد شهدت الفعاليات مناقشات وأمثلة تطبيقية ومشاركة للتجارب والخبرات حول اختبارات الضغوط الجزئية والكلية باستخدام النماذج القياسية، إلى جانب تطبيقات لهذه الاختبارات على مخاطر الائتمان والسيولة والتغيرات المناخية والعدوى بين البنوك.
مستشار محافظ البنك المركزي: دعم القدرات الإفريقية مستمر
وبهذه المناسبة، أكدت الدكتورة نجلاء نزهي، مستشار محافظ البنك المركزي المصري للشؤون الإفريقية، أهمية هذا النوع من البرامج التدريبية في تعزيز قدرات البنوك المركزية على مواجهة الأزمات وتحليل المخاطر النظامية. وأشارت إلى حرص البنك المركزي المصري على الاستمرار في جهوده لدعم بناء قدرات العاملين بالبنوك المركزية الإفريقية وتعزيز التعاون المشترك مع دول القارة، لا سيّما دول الكوميسا، موضحةً أن هذا هو العام الثاني عشر على التوالي الذي يقدم فيه البنك المركزي برامج تدريبية للعاملين بالبنوك المركزية المنضوية تحت تجمع الكوميسا.
قطاع مراقبة المخاطر الكلية: أهمية الاستعداد للصدمات
من جانبه، أشار الدكتور أحمد سحلول، وكيل المحافظ المساعد لقطاع مراقبة المخاطر الكلية بالبنك المركزي المصري، إلى أهمية تطبيق اختبارات الضغوط على المستويين الجزئي والكلي، وذلك لقياس مدى تأثير الصدمات الاقتصادية والمالية الكلية، والتطورات الجيوسياسية الإقليمية والعالمية، بالإضافة إلى تأثير المخاطر الناشئة مثل تغيرات المناخ والمخاطر السيبرانية، على أداء وصلابة القطاع المصرفي، بما يسهم في اتخاذ الإجراءات المناسبة لتعزيز دور القطاع في الوساطة المالية وتحقيق الاستقرار المالي.
شكر وتعاون مستقبلي
من جهته، توجّه الدكتور لوكاس نجوروجي، مدير المعهد النقدي للكوميسا، بالشكر إلى البنك المركزي المصري على مساهمته المستمرة في بناء قدرات البنوك المركزية بدول الكوميسا، معربًا عن تطلعه إلى مزيد من التعاون خلال السنوات المقبلة.
وقد تضمن البرنامج التدريبي، الذي شارك فيه محاضرون من قطاعَي الرقابة المكتبية ومراقبة المخاطر الكلية، جلسات تفاعلية لتبادل الخبرات بين ممثلي البنوك المركزية بالدول الأعضاء في الكوميسا، لمناقشة القضايا والتحديات الراهنة، وعرض الحلول الممكنة للتغلب عليها، وذلك كتدريب عملي على كيفية تطبيق اختبارات الضغوط ووضع الأطر التنظيمية المناسبة لها في البنوك المركزية.
وفي ختام البرنامج، تمت صياغة مجموعة من المقترحات والتوصيات، التي من شأنها تعميق الفهم لأثر تطبيق اختبارات الضغوط على عمل البنوك المركزية بدول الكوميسا، تمهيدًا لمناقشتها على مستوى محافظي البنوك المركزية في اجتماعهم السنوي المقبل، المزمع عقده في أوغندا خلال نوفمبر 2025.