رئيس الوزراء: مشروع رأس الحكمة لا يمثل بيعا للأصول وإنما شراكة نحصل بمقتضاها على جزء من المبلغ في البداية ..نشارك المطور طوال مدة المشروع بنسبة من الأرباح
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
المشروع يضع مصر على خريطة السياحة العالمية وضمان السياحة كمصدر مستدام للعملة الأجنبية.
"الصحة والتعليم" لهما الأولوية الكبرى خلال الفترة القادمة بالإضافة إلى مشروع "حياة كريمة" الذي يخدم ٦٠ مليون مواطن من شعب مصر.
حرص الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على التعقيب على مداخلات عدد من الإعلاميين والصحفيين المشاركين في مراسم توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر في مصر مع دولة الامارات العربية المتحدة، لتنفيذ مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالي الغربي، بحضور عدد من الوزراء والمسئولين بالبلدين.
وتعقيبًا على أحد الأسئلة الموجهة من الصحفيين والإعلاميين بشأن إبرام الصفقة، قال رئيس الوزراء إن استثمار الأصول الموجودة في أي دولة هو أمر مهم للغاية، ويحدث في كل دول العالم، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، حيث يُقاس نجاح أي دولة بقدرتها على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأشار إلى أن المشروع ترجمة حقيقية لتنفيذ ما جاء في وثيقة سياسة ملكية الدولة، رغم ما يثار في أحيان كثيرة أن الحكومة لا تأخذها على محمل الجدية، موضحا أن مثل هذه المشروعات تعتبر أحد الحلول المهمة لمسألة عدم توافر العملة الصعبة، ولاسيما أن مصر لا تتمتع بثروات طبيعية كبيرة، وبالتالي أحد مظاهر النجاح هو كيفية تعظيم الاستفادة من الأصول الاستثمارية لدينا.
وأكد رئيس الوزراء أن هذا المشروع لا يمثل بيعا للأصول وإنما شراكة، نحصل بمقتضاها على جزء من المبلغ في البداية، كما أننا سنشارك المطور طوال مدة المشروع بنسبة من الأرباح، وهذا من أعظم الطرق لتعظيم الاستفادة من أصول الدولة.
وتعقيبا على تساؤل بشأن ما الذي ما يمكن أن يجنيه المواطن البسيط من تلك الصفقة،شدد مدبولي على أن هناك حجما كبيرا من الأموال والنقد الأجنبي الذي سيتدفق إلى مصر جراء الصفقة، والذي سيسهم في حل أزمة السيولة الدولارية التي نشهدها، وبالتالي تحقيق الاستقرار النقدي، ومن ثم كبح جماح التضخم وخفض معدلاته، خاصةً من خلال خطة الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الدولة.
وأوضح أن الصفقة التي تم إعلانها اليوم من شأنها أن تساعد أيضًا في القضاء على وجود سعرين للعملة في السوق المصرية، كما أنه في ظل حجم الاستثمارات المُمثل في ذلك المشروع الضخم سيتم خلق ملايين من فرص العمل؛ حيث تحتاج مصر إلى أكثر من مليون فرصة عمل جديدة سنويًا؛ لذا تحتاج الدولة إلى تكرار مثل تلك المشروعات.
وفي الوقت نفسه، لفت مدبولي في الإطار ذاته، إلى أن ذلك المشروع من شأنه وضع مصر على خريطة السياحة العالمية وضمان السياحة كمصدر مستدام للعملة الأجنبية.
وتلقى رئيس الوزراء سؤالا حول الحوافز الكبيرة المقدمة للمستثمرين من خارج مصر ، وماذا يمكن أن تقدم الحكومة للمستثمر المحلي؟، موضحا أن هذه الصفقة تتم في إطار القوانين المصرية ، حيث أن شركة أبو ظبي للتنمية القابضة تستفيد من نفس قوانين الاستثمار والحوافز التي وضعتها الدولة المصرية للمستثمرين المحليين.
وأضاف : الدولة خلال العامين الماضيين حققت نقلة نوعية كبيرة جدا في تحسين مناخ الاستثمار، حيث تم اجراء تعديلات تشريعية كبيرة جدا، وتم إعطاء أولوية لقطاع الصناعة وتخصيص الأراضي، وعمل مجموعة من الحوافز .
وأوضح رئيس الوزراء أنه بالنسبة للمستثمرين المحليين الدولة عملت على تغيير أشياء كثيرة جدا حيث تم إطلاق الرخصة الذهبية لكل المشروعات، وتيسير الاجراءات وتخصيص الأراضي، مضيفا: نحن نؤكد أن المستثمر المحلي له نفس القيمة ونفس الأهمية للدولة المصرية مثل المستثمر الأجنبي، بل على العكس تماما نحن نرحب بكل أنواع الاستثمار، وهذه دائما رسالتنا في هذا الشأن.
كما تلقى سؤالا بخصوص عوائد هذه الصفقة وما قد يستتبعها من صفقات أخرى، وهل يمكن أن نرى عائدا مباشرا لتلك الصفقات على قطاعي الصحة والتعليم، أشار مدبولي إلى أن الحكومة ناقشت مؤخرا خطة الدولة للعام المالى ٢٠٢٤ - ٢٠٢٥ ، وناقشنا ترشيد الانفاق وكيفية تخطي الأزمة الاقتصادية، والتركيز في البعد الاستثماري للخطة الجديدة على فقط قطاعي "الصحة، والتعليم" ومشروع "حياة كريمة".
وقال مدبولي: "الصحة والتعليم" لهما الأولوية الكبرى خلال الفترة القادمة، بالإضافة إلى مشروع "حياة كريمة"، الذي يخدم ٦٠ مليون مواطن من شعب مصر ، والذي يعتبر من أهم المشروعات القومية التي تنفذها الدولة المصرية مضفا أن قطاعي "الصحة والتعليم" مع توفير تلك الموارد سيكونان هما المستفيد الأكبر.
وحول سؤال يتعلق بما تضمنه بيان مجلس الوزراء أمس والذي أشار إلى أن هذه الصفقة هي مقدمة لصفقات أخرى، وما إذا كان من الممكن التعرف على ملامح هذه الصفقات، اكد ان مصر تتمتع بسواحل كبيرة للغاية سواء على ساحل البحر الأحمر أو البحر المتوسط، ونحن نرسي بهذه الاتفاقية الاستثنائية التاريخية غير المسبوقة آلية واضحة لأي استثمار أجنبي مباشر يرغب في تكرار نفس النموذج لأنه يحقق استفادة مشتركة.
وأضاف أن مخطط التنمية العمرانية حدد مجموعة من المدن والتجمعات سواء على ساحل البحر الأحمر أو ساحل البحر المتوسط ، والتي من شأنها أن تكون تكرارا لمثل هذه النوعية من المشروعات، الى جانب مجموعة أخرى من المشروعات التي تقوم الدولة بالتجهيز لطرحها في طرح عالمي، وجميعها من المشروعات ذات مستوى من العيار الثقيل.
كما تلقى رئيس الوزراء استفسارا يخص العوائد من المشروع، وكذا العوائد من الاتفاق الوشيك مع صندوق النقد الدولي، وتأثير ذلك على استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري في السوق الموازية، وبالتالي الانعكاسات المباشرة لذلك على الواقع الاقتصادي، أوضح رئيس الوزراء أنه في ضوء المناقشات ودراسة الموضوع من خلال محافظ البنك المركزي ووزير المالية وكذلك إلى جانب المناقشات على هامش قمة دبي للحكومات، وكذلك اللقاءات التي تمت مع المديرة التنفيذية لصندوق النقد الولي وكذا البنك الدولي والاتحاد الاوروبي وكل شركاء التنمية، نستطيع أن نقول أننا أنجزنا أو نحن على خطوات قليلة جدا من إتمام الاتفاق مع الصندوق ومع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي.
وأكد أن من شأن هذه الصفقة توفير القدر الكافى من العملة الأجنبية للدولة المصرية حتى نتجاوز هذه الأزمة، وتكون بداية جديدة للاقتصاد المصري في ظل الأزمة العالمية غير المسبوقة التى تواجهنا.
وفي الختام، حرص رئيس مجلس الوزراء على التقاط صورة تذكارية مع أعضاء التحالف من الدولتين
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: رئيس الوزراء الصحة والتعلیم هذه الصفقة من المشروع إلى أن
إقرأ أيضاً:
ملحمة الحكمة في مواجهة فتنة ديسمبر… كيف أسقط اليمن أخطر مؤامرة داخلية برعاية العدوان؟
يمانيون | تقرير تحليلي
قبل ثمانية أعوام اهتزّ اليمن على وقع فتنة الثاني من ديسمبر 2017، لحظة فارقة تجاوزت حدود الصراع السياسي التقليدي لتلامس أخطر مستويات التهديد: تمزيق النسيج الوطني، وانهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة، وفتح الباب لسيناريو حرب أهلية شاملة كان يمكن أن تطمس ملامح اليمن لعقود.
ذلك اليوم لم يكن مجرد تمرّد سياسي عابر، بل نتيجة مسار طويل من الإعداد والتخطيط الخارجي، ومحاولة توظيف أدوات من الداخل لفرض انقلاب كامل يخدم مشروع العدوان الأمريكي السعودي في حينه.
هذا التقرير يقدم قراءة تحليلية للفتنة، خلفياتها، أدواتها، وكيف تمكن اليمن – قيادة وشعباً – من إخمادها خلال أيام قليلة، في واحدة من أهم الملاحم الوطنية المعاصرة.
جذور الفتنة وخلفياتها الإقليمية
لم تولد أحداث الثاني من ديسمبر فجأة؛ بل جاءت امتداداً لمسار تحريضي طويل سبقته تحضيرات ميدانية وإعلامية واسعة النطاق.
وثّقت العديد من الشهادات في تلك الفترة أن التحضير الخارجي كان حاضراً منذ أشهر عبر غرف عمليات مرتبطة بالإمارات والسعودية، تسعى لتفجير الوضع من الداخل بعد فشل آلاف الغارات الجوية في كسر صمود اليمنيين.
كان الرهان على إحداث تصدع داخلي يقلب المعادلة الميدانية لصالح العدوان، عبر أداة مُجرَّبة ومتقنة في إشعال الصراعات: (عفاش).
خبرة الرجل الطويلة في اللعب على التناقضات، واستعداده للتحالف مع أي طرف يضمن بقاءه، جعلته ورقة جاهزة لإعادة التفعيل.
فتم تحريك شبكات النفوذ القديمة، وإحياء خلايا عسكرية راقدة، وفتح مراكز تدريب جديدة، بالتوازي مع حملة دعائية ضخمة تهيئ الرأي العام لخطوة الانشقاق.
كان الهدف المركزي:
عسكرة العاصمة، قطع طرق الإمداد عن الجبهات، وتمزيق الجبهة الداخلية من قلب صنعاء.
يوم الانفجار… لحظة إعلان المهمة المكشوفة
في الثاني من ديسمبر، أعلن عفاش القطيعة الكاملة مع شراكته السابقة، كاشفاً ما كان يخفيه لسنوات.
تحرّكت خلاياه دفعة واحدة، وأغلقت الشوارع، وقطّعت أوصال العاصمة، بالتزامن مع محاولات السيطرة على مؤسسات حساسة وجرّ الشارع إلى مواجهة دامية.
لم تكن الخطورة في حجم القوة المشاركة بقدر ما كانت في طبيعة اللحظة:
• عاصمة مزدحمة
• دولة مثقلة بالحرب
• جبهات مفتوحة مع العدوان
• وشبكات مصالح متجذرة داخل البنية الإدارية والأمنية
لكن المفاجأة أن الصف المؤتمري تمايز في اللحظة الحرجة.
فالكثير من قياداته وكوادره فضّلوا الانحياز للدولة والحفاظ على الاستقرار.
تم لأول مرة الفصل بوضوح بين “المؤتمري” كمكوّن وطني، و”العفاشي” كخط سياسي مرتبط بمشروع خارجي.
هذا التمايز كان من أهم عوامل إفشال المؤامرة خلال ساعاتها الأولى.
التحام الشعب بالثورة… القبيلة والجيش واللجان
ما حدث في تلك الساعات كان أشبه بملحمة داخلية لا تقل شأناً عن معارك الجبهات.
• التحمت القبائل باندفاع غير مسبوق.
• تدافعت مجاميع من الجيش واللجان الشعبية نحو العاصمة.
• أُحكم الطوق على البؤر المسلحة بسرعة قياسية.
• سقطت الخلايا في أوكارها قبل أن تتسع رقعة الفتنة.
أثبت الشعب اليمني حينها أن الحكمة ليست شعاراً ثقافياً، بل سلوك ووعي جمعي قادر على تجنيب البلاد السقوط في الهاوية.
انقلب السحر على الساحر؛ فبدلاً من أن تتوسع الفتنة، ضاقت مساحتها تدريجياً حتى انطفأت خلال أيام قليلة.
من الإخماد إلى العفو… أخلاق الثورة ورسوخ الدولة
بعد القضاء على التمرد، لم تتجه قيادة الثورة إلى الانتقام، رغم حجم الضرر الذي كان يمكن أن يجرّه المخطط على اليمن.
صدر العفو العام، ودُعي الجميع للعودة إلى الصف الوطني، في مشهد جسّد أخلاقاً سياسية نادرة في زمن الفتن.
هذا العفو لم يكن تنازلاً، بل تعبيراً عن ثقة الدولة بنفسها، وقدرتها على استيعاب الجميع ضمن مشروع وطني جامع، بعيداً عن منطق التصفيات والإقصاء الذي شهدته دول كثيرة في ظروف مشابهة.
وبذلك تحوّل الثاني من ديسمبر إلى حدث مفصلي أعاد رسم خارطة التحالفات، وكشف حجم الوعي الوطني، وأثبت أن اليمن مهما اشتدت عليه الأزمات قادر على وأد الفتن في مهدها.
ختاماً
أحداث الثاني من ديسمبر 2017 لم تكن مجرد فصل عابر في تاريخ الحرب على اليمن، بل إحدى أخطر اللحظات التي واجهت الدولة والمجتمع.
غير أن حكمة القيادة، ووعي الشعب، وصلابة الجبهة الداخلية، حوّلت المؤامرة إلى محطة لتعزيز الوحدة الوطنية، وترسيخ مفهوم أن اليمن لا يُؤخذ من الداخل مهما اشتدت الضغوط الخارجية.
إن الاحتفاء بهذه المناسبة ليس احتفالاً بإفشال فتنة فحسب، بل استذكار لدرس وطني عميق:
الوطن يُحمى بالوعي قبل السلاح، وبوحدة الصف قبل تعدد القوى، وبالإيمان الراسخ الذي يجعل اليمنيين قادرين على اجتياز أصعب المحن دون أن يفقدوا توازنهم أو ينكسروا أمام مشاريع الاستهداف.