ما احتمالية اتساع التصعيد في البحر الأحمر نحو الحرب؟
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
يزداد المشهد في البحر الأحمر وخليج عدن، تعقيدا وعسكرة بشكل غير معهود، جراء استمرار هجمات جماعة "أنصار الله" الحوثيين، المدعومة من إيران، وسط مخاوف من احتمالية اتساع التصعيد نحو حرب واسعة في المنطقة.
وفي الأيام الأخيرة، أعلن الحوثيون أنهم نفذوا هجمات عدة على سفن بريطانية وأمريكية، كان من أبرزها الهجوم الذي استهدف سفينة محملة بشحنة من المبيدات شديدة الخطورة، والذي تسبب في وقوع أضرار كبيرة فيها، إضافة إلى إسقاط طائرة بدون طيار من نوع " إم كيو 9".
وما بات ملاحظا، وفق مراقبين، أن البحر الأحمر يشهد عسكرة بالأساطيل الغربية والأمريكية، وسط غياب أي تأثير على القدرات الحوثية رغم استمرار الضربات في البر اليمني، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام أسئلة عدة عن مآلات هذه المعطيات، لاسيما مع إعلان الاتحاد الأوروبي عن مهمة عسكرية جديدة في باب المندب والبحر الأحمر وبحر العرب لحماية حركة التجارة الدولية.
"مضاعفة الهجمات"
وفي السياق، يرى الخبير الاستراتيجي في الشؤون العسكرية والأمنية، علي الذهب أن الأمريكيين والبريطانيين إضافة إلى الهولنديين الذين يشاركون بشكل مباشر في عملية "حارس الازدهار" الهجمات وتكثيف الضربات على مصادر التهديد التابعة للحوثيين.
وقال الذهب في حديث خاص لـ"عربي21" أن هذا التوجه قد تدعمه دول أخرى مشاركة في تحالف "الازدهار" ومنها فرنسا واليونان.
وتوقع أن يكون هناك تعاون بين تحالف الازدهار الذي تقوده الولايات لمتحدة والتشكيل الجديد للاتحاد الأوروبي بحيث يكون المظهر العام للوجود الأجنبي العسكري في البحر الأحمر هو مواجهة التهديدات وليس التصعيد في البر.
وأضاف أنه من المتوقع أيضا، أن يتم مضاعفة الهجمات ضد الحوثيين، وبالتالي تنسيق مشترك مع "أسبيدس" و"حارس الازدهار"، وقد يتطور الأمر إلى خلق شراكة وتعاون أخر مع تحالف بحري قديم موجود في خليج عدن وبحر العرب وهو عملية أتلانتا التي تخضع للاتحاد الأوروبي والتي كانت مهمتها مكافحة القراصنة الصوماليين وحماية شحنات الغذاء العالمية التي تصل إلى الصومال.
وتابع: "الاتحاد الأوروبي قد يجمع بين عملية "اتلانتا" والعملية الجديدة "أسبيدس" أضف إليهما التعاون بشكل مركز مع الولايات المتحدة في عملياتها البحرية لمواجهة هذه التهديدات".
الخبير الاستراتيجي اليمني أشار إلى عملية السلام الجارية في اليمن وقال إن هناك عملية سلام جارية وهناك استجابة أو رغبة إقليمية للانخراط فيها، مؤكدا أنها "استراتيجية ربما للتعامل مع الحوثيين بشكل مثمر أفضل مما ذهب إليه التحالف العربي وأثبت إخفاقه في تطويع الحوثيين وهزيمتهم".
ولم يستبعد الذهب أن تتطور الأوضاع حد العنف، وتتجه الولايات المتحدة في شن عملية برية وحرب مباشرة مع جماعة الحوثيين المدعومة إيرانيا.
وقال إنها مسألة ليست مستبعدة ولكنها سيناريو أقل ترجيحا.
وأردف قائلا: "قد يتم اللجوء إليها إذا فشلت عملية السلام وزادت مخاطر الحوثيين وطالت الأزمة في غزة كونه مرتبط بها ارتباط وثيق".
ولفت الخبير اليمني إلى أنه لولا المشكلة الحالية في غزة، ربما دعمت الولايات المتحدة الحكومة اليمنية في تحريك قواتها عبر الساحل لطرد الحوثيين من محافظة الحديدة على البحر الأحمر.
وقال إن دول الغرب لا تريد توسيع الأزمة في المنطقة والبحر الأحمر قبل أن تحل أو يجري تنفيذ الخطوات الأولى لأي اتفاقية في غزة.
وبحسب المتحدث ذاته فإن المشهد مرهون بتطورات قد تقتضي " التدخل البري تحت غطاء القوات اليمنية الحكومية الموجودة في منطقة الساحل الغربي اليمني"، باعتبار ذلك هو الخيار الأوحد ولو على المدى القريب.
"عملية عسكرية"
من جانبه، قال رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث في اليمن، عبدالسلام محمد إن المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتجه نحو التصعيد وتوجيه ضربة ضد الحوثيين بهدف إضعافها عسكريا حتى لا تعود لمهاجمة السفن التجارية في الممرات البحرية وكذلك السفن العسكرية التي باتت تواجه خطر طالما ظل الحوثيون قريبون من الساحل.
وتابع محمد حديثه لـ"عربي21"، أنه "حتى وإن حدثت عملية سلام بين الحكومة الشرعية والحوثيين فإن التصعيد الغربي يبقى قائما".
وأشار إلى أن "كل المؤشرات تشير إلى أن المعطيات الحالية في البحر الأحمر وخليج عدن من تحشيد عسكري غربي ذاهبة نحو "ضرب الحوثيين" واستعادة ممرات التجارة الدولية تحت السيطرة الأمريكية.
وأكد رئيس مركز أبعاد اليمني على أن "الحوثيين قدموا خدمة كبيرة للولايات المتحدة للسيطرة على الممرات البحرية، ومنحوها الفرصة للتواجد العسكري الكبير من أجل تقليل فرص حضور الصين وروسيا في هذه المنطقة".
ورجح الباحث اليمني أن الأمور ستنتهي إلى عملية عسكرية ضد الحوثيين، لكن يبقى الغموض قائما بشأن متى وأين وكيف؟، وقال إن ذلك، متروك للمستقبل القريب.
وفيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، قال الباحث اليمني أنه رغم أنه دفع بقوات حماية، لكنه متردد في مواجهة الحوثيين، ودول أوروبا هي النقطة الأضعف في هذه الحرب، لأنه الأكثر تأثرا من الانقطاع الجاري لعبور السفن عبر البحر الأحمر والمتوسط.
وأضاف أن الدول الأوروبية تحاول الموازنة بين دغدغة الحوثيين من خلال الأموال للسماح بمرور السفن وعدم الإعلان عن الحرب ضدهم وبين التحشيد إلى جانب الولايات المتحدة للمعركة النهائية، حسب قوله
أما جماعة الحوثي، فقد حذرت على لسان أكثر قياديه فيها من توسيع الحرب في المنطقة، مؤكدين أنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة، وإن هجماتهم لن تتوقف "إلا بوقف العدوان على غزة".
والأسبوع الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي بدء مهمة عسكرية في المنطقة التي تشهد هجمات على السفن الدولية منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعمليات المهمة تشمل مضيقي باب المندب وهرمز والمياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج العربي.
ووفقا لبيان الاتحاد الأوروبي، فإن مهمته العسكرية ستوفر المعلومات الخاصة بالوضع البحري، وترافق السفن، وتحميها من الهجمات المحتملة.
ومنذ مطلع العام الجاري، تشن الولايات المتحدة وبريطانيا غارات يقول إنها "تستهدف مواقع للحوثيين في مناطق مختلفة من اليمن، ردا على هجمات الجماعة في البحر الأحمر"، وهو ما قوبل برد من الجماعة من حين لآخر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحوثيين اليمني حارس الازدهار بريطانيا امريكا اليمن الحوثي حارس الازدهار المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة فی البحر الأحمر فی المنطقة وقال إن
إقرأ أيضاً:
هل فشلت مفاوضات إسطنبول في كبح التصعيد بالحرب الأوكرانية؟
يترقب الجميع تطورات الحرب الروسية الأوكرانية بعد نهاية الجولة الثانية من مفاوضات إسطنبول من دون نتائج فارقة، وسط تساؤلات بشأن السيناريوهات المقبلة في ظل التصعيد المتبادل بين الجانبين.
وبشأن مفاوضات إسطنبول، قال وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف -الذي رأس وفد بلاده في مفاوضات إسطنبول- إن كييف طالبت بوقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوما على الأقل.
في المقابل، قال رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي إن موسكو سلمت الجانب الأوكراني مسودة مذكرة تتضمن اقتراحا محددا بوقف لإطلاق النار، مدته 3 أيام.
وفي هذا الإطار، يقول الكاتب والمحلل السياسي إيلكر سيزر إن مفاوضات إسطنبول "لم تشهد إنجازا أو اختراقا خاصة بالنظر إلى طبيعة الوفدين المشاركين فيها"، مشيرا إلى أنها اقتصرت على تبادل الأسرى وهو أمر معتاد.
ووفق حديث سيزر لبرنامج "ما وراء الخبر"، فإن مفاوضات إسطنبول ليست سوى البداية، ولا تزال بمرحلة مبكرة ولم تتعطل، خاصة أن المفاوضين من فرق فنية تقنية.
بدورها، أعربت المحللة السياسية الروسية إيلينا سوبونينا عن قناعتها بأن مفاوضات إسطنبول "لم تنجح سياسيا، لكنها لم تفشل في ظل التقدم بالأمور الإنسانية".
إعلانوأشارت سوبونينا إلى أن المفاوضات عُقدت في إسطنبول رغم الهجمات الأوكرانية "الاستفزازية"، لافتة إلى أن روسيا اقترحت أمورا إنسانية مثل تبادل الأسرى، إذ إن وقف إطلاق النار ليس سياسيا فحسب بل إنسانيا أيضا.
وقالت إن مقترح الهدنة الأوكراني لمدة شهر يعتبر "مُضرا"، إذ ستحصل كييف على أسلحة من دول أوروبا، وستعيد تموضع قواتها، وهو ليس مقبولا روسيًا.
ووفق هذا الطرح، فإن مفاوضات إسطنبول لم تغير قناعات روسيا بضرورة اعتراف أوكرانيا بشبه جزيرة القرم والأقاليم الأوكرانية الأربعة التي ضمتها روسيا، وحياد أوكرانيا.
أما الدبلوماسي الأوكراني السابق فولوديمير شوماكوف فقال إن روسيا لا تريد السلام أو الهدنة وإنما استمرار الحرب، مشيرا إلى أن شروط روسيا لوقف الحرب تعد بمثابة تنازلات، وهو ما ليس مقبولا أوكرانيًا.
الهجوم الأوكراني
وبشأن هجوم "شبكة العنكبوت" الأوكرانيّ، رأى سيزر أنه يبعث برسالة قوية للولايات المتحدة مفادها أنه "لدينا أوراق كبيرة وقوية نلعبها ضد روسيا، ولا تقللوا من قدراتنا".
واستدل بتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي دأب على القول إن أوكرانيا خسرت الحرب، ولا تملك أوراقا لمواجهة الروس، وعليها الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
من جانبه، أكد شوماكوف أن العملية تم التخطيط لها منذ عام ونصف العام، معتبرا تدمير أوكرانيا مقاتلات وقاذفات إستراتيجية "يقلل من الإمكانيات النووية الروسية".
أما المحللة السياسية الروسية فقالت إنه لا توجد خسائر عسكرية روسية بالشكل الذي تصوره أوكرانيا للعالم، مشيرة إلى أن "التضخيم الأوكراني جزء من الحرب الإعلامية".
لكنها أقرت في الوقت نفسه بأن هجوم أوكرانيا يعد خطيرا استخباراتيا، كما أنه يبعث برسالة لأميركا مفادها أن كييف غير مستعدة لمفاوضات السلام.
وكانت أوكرانيا استبَقت الجولة الثانية من مفاوضاتها مع روسيا في إسطنبول بهجوم واسع النطاق بطائرات مسيرة على أهداف حيوية في روسيا، أعاد إلى الأذهان هجومها العام الماضي على مقاطعة كورسك.
إعلانفقد تعرضت مطارات عسكرية روسية في 5 مناطق بعمق البلاد لهجوم بطائرات مسيرة أوكرانية، وأكدت وزارة الدفاع الروسية رسميا الغارات الأوكرانية، واصفة إياها بـ"عمل إرهابي من قِبل نظام كييف".
التوقعات؟
وأعربت إيلينا سوبونينا عن قناعتها بأن روسيا متفوقة على أوكرانيا عسكريا، مما يضعها في موقف قوة لفرض شروطها، خاصة ضرورة حياد كييف، وضمان ألا تكون في الصف الغربي.
ولم تستبعد عقد لقاء بين الرئيسين الروسي والأميركي في ظل وجود أرضية مهيأة، لكنها استبعدت عقد لقاء بين الرئيسين الروسي والأوكراني، إذ لا توجد توافقات سياسية، كما أن التوافق الإنساني ليس كافيا.
لكن شوماكوف يؤكد أن روسيا "غرقت في مستنقع الحرب، ولا تستطيع تحقيق أهدافها خاصة في منطقة دونباس"، مشيرا إلى حصولها على مساعدات عسكرية من كوريا الشمالية.
ووفق الدبلوماسي السابق، فإن أوكرانيا مستعدة للدفاع عن نفسها ولديها الإمكانيات لاستهداف أسلحة نوعية روسية، معتبرا شروط موسكو لوقف الحرب "غير مقبولة".