النهي عن الجلوس على القبر ، يعتاد البعض بناء الاستراحات في المقابر للجلوس إليها أثناء الزيارة، فهل يقع ضمن النهي النبوي عن الجلوس على القبر؟ سؤال تجيب عنه دار الإفتاء المصرية.

النهي عن الجلوس على القبر

وقالت الإفتاء: ورد في السنة المشرفة النهيُ عن الجلوس على القبر في غير ما حديث؛ منها ما أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، ومسلم في "صحيحه"، وأبو داود والنسائي وابن ماجه في "السنن"، وابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ».

ورد في السنة ما يقتضي جواز الجلوس عند القبر؛ فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ" … إلخ الحديث. متفق عليه. وروى البخاري في "الصحيح" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ جَالِسٌ عَلَى القَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ".

وقد اتفق الفقهاء على جواز الجلوس على القبر عند الدفن، كما اتفقوا على أن الجلوس عليه لقضاء الحاجة لا يجوز قولًا واحدًا.

حكم الجلوس على القبر.. هل نهى الشرع عن هذا الفعل؟ هل إلقاء موعظة على القبر بعد الدفن بدعة؟.. دار الإفتاء ترد

واختلفوا في المراد من أحاديث النهي عن الجلوس على القبر:

فمنهم من أجاز الجلوس على القبر، وحمل النهي على الجلوس للحديث وقضاء الحاجة؛ احترامًا لصاحبه؛ لأن حرمة الميت كحرمة الحي، وهذا التوجيه مرويٌّ عن أبي هريرة وزيد بن ثابت رضي الله عنهما، كما ورد عن بعض الصحابة الجلوس على القبر؛ كعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهذا مذهب الإمام مالك، ونقله الإمام الطحاوي عن الإمام أبي حنيفة وأصحابه.

أمَّا الشافعية والحنابلة فيحملون النهي على الكراهة لا على التحريم، ويجعلونه عامًّا في كل جلوس، إلا للحاجة؛ كأن لا يكون له طريق إلى قبر من يزوره إلا بالوطء، وكحالة الدفن وعند القراءة على القبر، وفي معناها الدعاء للميت، والقول بالكراهة هو المذكور في كتب الحنفية، وهو مروي أيضًا عن جماعة من السلف.

قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 229، ط. المكتبة العصرية): [(ولا يُكره الجلوسُ للقراءة على القبر في المختار)؛ لتأدية القراءة بالسكينة والتدبر والاتعاظ، (وكره القعود على القبور بغير قراءة)] اهـ.

وقال الإمام الباجي المالكي في "المنتقى" (2/ 24، ط. مطبعة السعادة): [تأول مالك رحمه الله هذا على أن النهي عن الجلوس على القبور إنما تناول الجلوس عليها لقضاء الحاجة، وقد قال مثلَ قول مالكٍ: زيدُ بن ثابت رضي الله عنه، وهو الأظهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد زار القبور وأباح زيارتها، ولا خلاف بين المسلمين في جواز الجلوس عليها عند الدفن؛ فيُحمَل الحديث على ذلك، ويجمع بينه وبين ما رُوِيَ مِن قول علي رضي الله عنه وفعله] اهـ.

وقال الإمام المواق المالكي في "التاج والإكليل" (3/ 74، ط. دار الكتب العلمية): [عندنا أن الجلوس على القبر جائز، والمراد بالنهي عن ذلك الجلوسُ عليه للغائط والبول؛ كذا فسره مالك، ورُوي ذلك مُفَسَّرًا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان علي رضي الله عنه يتوسَّدُها ويجلس عليها] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 372، ط. دار الكتب العلمية): [فإن لم يكن طريق إلى قبر من يزوره إلا بالوطء جاز؛ لأنه موضع حاجة] اهـ.

وقال العلامة الحجاوي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 233، ط. دار المعرفة): [ويُكرَه المبيتُ عنده.. والجلوسُ والوطءُ عليه؛ قال بعضهم: إلَّا لحاجة] اهـ.

وشددت: الاستراحات التي تكون على القبور إنما تُجعَل غالبًا لغرض زيارة الميت وذكر الله تعالى وقراءة القرآن على قبره، وهي أغراض صحيحة شرعًا، فيقتضي ذلك جواز الجلوس فيها وإن كانت مبنيةً فوق العظَّامة على كلا القولين؛ فالجلوس فيها مباح على مذهب من يحمل النهي على قضاء الحاجة، وعلى مذهب من يستثني الحاجة من كراهة الجلوس؛ فإن الجلوس في الاستراحة إنما يكون لزيارة الميت والقراءة والدعاء عنده، وهذه حاجةٌ تندفع بها الكراهة عند الجمهور، مع التنبيه على التزام الآداب الشرعية وعدم الخوض فيما لا ينفع من اللغو واللهو.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجلوس على القبر النهي عن الجلوس على القبر دار الإفتاء رضی الله عنه اهـ وقال ى الله

إقرأ أيضاً:

هل يجوز للمرأة لبس الحرير والحلي في الحج؟.. الإفتاء تجيب

هل يجوز للمرأة لبس الحرير والحلي في الحج؟ سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية.


وأجابت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، عن السؤال قائلا: إنه يجوز للمُحرِم أن يلبس النظارة، وساعة اليد والخاتم المباح، وأن يشدَّ على وسطه الحزام ونحوَه.

وأضافت: كما يجوز للمرأة أن تلبس الحلي المعتادة والحرير والجوارب وما تشاء من ألوان دون تبرُّج، وإن كان الأَولى البُعد عن الألوان اللافتة والزينة.  

وبينت الإفتاء، أن الحيض أو النفاس لا يمنع من الإحرام، وللحائض والنُّفَساء عند الإحرام أن تأتي بكل أعمال الحج، لكنها لا تطوف؛ لأنها ممنوعة من الدخول في المسجد، إلا في طواف الإفاضة إذا ضاق وقتُها عن المكث في مكة إلى أن ينقطع دمُها، فلها أن تغسل الموضع وتتحفظ حتى لا يسقط الدم وتطوف، ولو فاجأها الحيض في طواف الوداع أو قبله تركته وسافرت مع فوجها، ولا شيء عليها.

ووجهت الإفتاء، رسالة إلى الحجاج وقالت: أخي الحاج، كن على يقين أن اختلاف الفقهاء في مسائل الأحكام الشرعية رحمةٌ وتيسيرٌ، فلا تُشَدِّد على نفسك، ولا تظنَّنَّ بأحدٍ عَمِل عملًا يخالف ما تعمله ظن سوء ما دام عمله يوافق قولًا لأحد المجتهدين المعتبرين.

قلت لمراتي أنت طالق وأنا بهزر معاها.. فما حكم ذلك؟.. أمين الفتوى يجيبالأشخاص المكلفون بالأضحية.. وحكم من يتكاسل عنهاما هي سنن العمرة .. علي جمعة يوضحهاالأضحية عذاب للحيوان.. كيف رد الشرع على المشككين في السنة التي شرعها الله؟

ضوابط الملابس والحناء للمرأة في الحج

أكدت الدكتورة إيمان أبو قورة، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن المرأة في الحج لا تلتزم بلباس خاص كالرجل، وإنما ترتدي ملابسها المعتادة بشرط أن تكون ساترة لجميع جسدها عدا الوجه والكفين، امتثالًا لقول النبي ﷺ: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين".

وأضافت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، خلال تصريحات تلفزيونية: "يشترط في لباس المرأة أثناء الإحرام أن يكون فضفاضًا لا يصف ولا يشف، ولا يكون في ذاته ثوب زينة، أي لا يتضمن ألوانًا صارخة أو مزخرفة بشكل يلفت الأنظار، فالمعيار هنا هو الستر، لا الإثارة".

وعن استخدام الحناء أثناء الإحرام، أوضحت الدكتورة إيمان أن وضع الحناء قبل الإحرام مندوب في حق المرأة، وقد نص على ذلك الإمام النووي، موضحة: "يجوز للمرأة أن تضع الحناء على يديها أو شعرها قبل نية الإحرام، وذلك من باب الفرح والاستعداد لأداء الفريضة، لكنها تُمنَع من ذلك بمجرد الدخول في الإحرام".

وأشارت إلى أن الحناء تُعد من الزينة، كما أن لها رائحة تُشبه الطيب، ولهذا يجب على المرأة تجنبها أثناء الإحرام، قائلة: "المرأة المحرِمة تمتنع عن كافة أنواع الزينة، والحناء تدخل في هذا الباب، فتلتزم بتركها من لحظة الإحرام وحتى التحلل منه".

طباعة شارك لبس المرأة الحرير والحلي في الحج هل يجوز للمرأة لبس الحرير والحلي في الحج الحج الإفتاء ضوابط الملابس والحناء للمرأة في الحج

مقالات مشابهة

  • حكم الأضحية عن الميت الذى اعتاد على التضحية.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم بيع سجاد الصلاة المكتوب عليه أسماء منها "لفظ الجلالة"؟ الإفتاء تجيب
  • من الميت الحي الذي تحدث نتنياهو عن القضاء عليه؟
  • هل الزلازل دليلًا على غضب الله وعقاب لكثرة الذنوب؟.. الإفتاء تجيب
  • فافزعوا إلى ذكر الله.. عمرو الورداني: هذا تفعله عند حدوث الكوارث الطبيعية
  • هل يجوز السلف لشراء الأضحية؟..الإفتاء تجيب
  • فتاوى وأحكام.. ماذا أفعل إذا نسيت سجدة وقمت إلى الركعة التالية؟ هل يجوز الحج عن المتوفى المُستطيع حتى لو تم من مال غيره؟ لا أستطيع الجلوس مع ثني الركبة أثناء الصلاة؟
  • هل يجوز الحج عن المتوفى المُستطيع حتى لو تم من مال غيره؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز الانتفاع بلبن الأضحية وصوفها قبل ذبحها؟ الإفتاء تجيب
  • هل يجوز للمرأة لبس الحرير والحلي في الحج؟.. الإفتاء تجيب