جميلة تلك الرحلات المدرسية -2-
تاريخ النشر: 22nd, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة الإمارات عن جميلة تلك الرحلات المدرسية 2، كانت رحلات بسيطة مثل تلك الرحلة المدرسية إلى دبي في أوائل السبعينيات، كنا نعتقد أنها بعيدة في ذاك الوقت، لكنها مفرحة للقلب، ومدخلة السرور في .،بحسب ما نشر جريدة الاتحاد، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات جميلة تلك الرحلات المدرسية -2-، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
                
      
				
كانت رحلات بسيطة مثل تلك الرحلة المدرسية إلى دبي في أوائل السبعينيات، كنا نعتقد أنها بعيدة في ذاك الوقت، لكنها مفرحة للقلب، ومدخلة السرور في النفس، كان في الحافلة ما يزيد على الثلاثين طالباً، بعضهم صلعة رأسه تلمع، وقليل من تحسن «تواليت» عند الحلاق الباكستاني قليل البصر، وفرق شعره على جنب، جلهم كان يغطي الرأس بطاقية من طواقي العيد التي تظل تمّلَحّ على الرأس من الشمس، منتظرين قدوم عيد العود أو شفيّة من شفايا الحجاج العائدين، كانت طاقية مطرزة بالكحلي والأصفر والأبيض، وتبدو كأنها القبعة الشعبية لجميع الأولاد في ذلك الوقت أو كحفية مسقطية واقفة، وهذه غالية بعض الشيء أو البيضاء المخبقة الرخيصة أو المخيوطة والتي يجلبها الحجيج معهم، قليل.. هذاك من ذاك الذي كان يملك سفرة يعصب بها رأسه، وكناديرنا توزعت بين العربية أو العُمانية، ومعظمها دلعاء، بطربوشة قصيرة، وكنادير «قطرية أم أذنين» أو كنادير «كويتية أم ياقة».كان أفضل ما عندنا ركوب السيارة، والفرحة بالطريق الطويل أكثر من الرحلة نفسها، لذا قل من رأيته غافي العين ما عدا أستاذ الرياضة الذي أصابه دوار السير الطويل، ودهم ورقد حتى غدت جفونه أثقل من الرصاص، وبالكاد كان قادراً أن يرفعهما حد الحواجب، وحين يصحو على غنائنا النشاز، لأغنية اكتشفنا في كبرنا كم كانت ساذجة، وتحمل كماً من الأغلاط العلمية، كان الأستاذ «مصطفى المصري» يحاول أن يشعرنا أنه كان يتأمل فقط، ويظهر امتعاضه من الغناء الذي كان لا يفهمه، قائلاً: «إيه الهباب دا.. إيه الجهل دا، هو في بني آدم بيسوق الصاروخ، علشان يوديه لحبيب الروح.. دا حيوديكم في داهية إن شاء الله»! هنا وجد الأستاذ «محمود الفلسطيني» فرصته، منها ليثني على طريقة تدريسه، ومنها لتعود له فرحته باستعمال الميكروفون الكشفي: «شايف يا أستاذ، نحن نعلم ونربي، نتعب ونشقى، وفي الآخر بيجيك مطرب جاهل هامل مثلهم، وبيسمعوا له أكثر ما يسمعوا شرحي على اللوح.. بس شو بدك تحكي، ما هم ألواح خلقه».وصلنا دبي التي كانت بصراحة غير شيء، تقدمنا الأستاذ محمود، وخلقنا الأستاذ مصطفى الذي كاد أن يتوه أول ما وصلنا، وسمى دبي حينها بالبندر، ركبنا العبرة لأول مرة، وجلنا في سوق دبي المشهور، وبعضنا تذوق أكلاً غير الذي كانت تعجنه أمه وأخته الكبرى، أما «الجنغل» الذين أتوا من أطراف البوادي، كما كنّا نعيّرهم، ونزيد عليه بأنهم «هرش ما يعرفون التين من العرش»، وهم يضحكون ويردونها بلفظة الحضري الذي لا يعرف وين يرسغها، ويختلط عليه حنينها ورّغاها، فقد عفدوا على الدجاج الذي يدور على أسياخ في مطعم «على كيفك»، وتقول أحد خلى عظماً في تلك الدجاجة التي كانت قبل قليل تتقلى على نار هادئة، وأكلوا معها مرضام خبز، ولحسوا صحون الحمص الذي يعيرون الناس به بلهجتهم الساخرة «حمبص»، وحده الزيتون كان غير مستساغ في أفواههم، كان مُرّاً، ولم يقتنعوا باسمه، لأن الزيتون عندنا كبير وحلو، ونطلقه على الجوافة.بعد الغداء ذهبنا إلى الشارقة، وبصراحة كانت متطورة، وفيها بنايات ودكاكين ومطاعم، وأسواق، كنا سمعنا بها من أهلنا الذين كانوا جلهم يشتغلون في الجيش البريطاني، وكانت الشارقة محطتهم الرئيسية، جلنا فيها، ورأينا شجرة «الرولة» والعرصة المحيطة بها والمكتظة بالناس، ودخلنا دكاكين قريبة من البحر، كانت تبيع «الحلوى العُمانية والرهش البشمك ولحية الشيبة، وتمر بهرده»، وأخذنا خبزاً إيرانياً ساخناً «وقافيّ» من دكان الخباز القريب، كنا نحن من ندل الأستاذ محمود والأستاذ مصطفى على الأماكن، كانا أكثرنا خوفاً من الضياع في مدن غريبة عليهم، وكانا لا يقربان ما كنا نأكله، فقد اكتفيا بما في حقيبتيهما من سندويتشات وفواكه وعصائر، رغم أننا كنا نعزم عليهما، يبدو أنهما كانا «شكاكين»، ويجزّان الأكل الذي لا يعرفانه أو هو ذاك البخل المُدَرّسي، الأول «بَدّوه يربي هالأولاد»، والثاني «علشان تحويشة العمر»، حتى رائحة ذاك الشواء لم تجعلهما ينثنيان عن رأيهما، نحن.. وشاركنا سائق الحافلة و«معيونيه» وقبل أن نترك الشارقة لطمنا وجبة عشاء «تكه بالروب وكباب إيراني»، وكنا نود أن لا نشبع ليلتها، غير أنه التعب الذي يسبق الشبع، وبعضنا تمنى لو أن بيته كان دوماً قريباً من ذلك الدكان الصغير الذي يحضر مشاكيك اللحم ويشويها على «كوار» صغير، ويضعها على خبزة، ويغطيها بخبرة.كانت رحلة من الرحلات المدرسية الجميلة، ولا أظن أن أحداً من أولئك الطلبة قد نساها، فقد كانت الضحكة تخرج من قفص الصدر دون استجداء، وقليل من الفرح يجعل مقلة العين تتلألأ بدمع بارد، كنّا بسطاء، وأقل القليل يدهشنا، ولَم نعرف يومها شيئاً من التعالي، ولا ما هو التفاضل والتمايز، كنّا أحياناً نتراكض في الحارات داخلين من بيت لبيت، كنّا أهليّة وأكثر، وكنا نتصرف بنضج عمر أكبر، وربما زادتنا تلك الرحلة المدرسية بُعداً ودهشة، وحمّلتنا ذكريات لا تُمحى.
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس
إقرأ أيضاً:
هل كانت حضارة مصر وثنية؟ عالم أزهري يرد على المُتشددين بالأدلة القرآنية
أكد الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف، أن الحديث عن أن حضارة مصر كانت وثنية هو قول باطل يروّجه المشككون والحاقدون على هذا البلد العريق، موضحًا أن الحضارة المصرية ممتدة عبر آلاف السنين، ولا يجوز اختزالها في فترة حكم فرعون وحده.
التشكيك في الإنجازاتوقال «تمام» في تصريح له: «للأسف بعض المغرضين يحاولون دائمًا التشكيك في إنجازات الدولة، أو في احتفاء المصريين بماضيهم، فيحاولون عزل المصري عن تاريخه المجيد، ويزعمون أن حضارة مصر كانت حضارة وثنية قائمة على عبادة الأصنام، بينما الحقيقة أن هذه الحضارة كانت في أصلها حضارة توحيد وإيمان».
عالمة أزهرية: تريند صور الفراعنة جائز شرعا للتعبير عن الفرحة بالمتحف المصري الكبير
سلفي يُحرّم تريند صور الفراعنة.. وعالم أزهري: جائز وفتواه لا أصل لها في الشرع
وأوضح أن الفترة الفرعونية التي ارتبطت بفرعون لم تتجاوز بضع عشرات من السنين، بينما نصّ القرآن الكريم صراحة على أن الله سبحانه وتعالى دمّر ما صنعه فرعون وجنوده، مستشهدًا بقوله تعالى: «وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ» [الأعراف: 137]، مضيفًا: «إذن ما بقي من آثار مصر لا علاقة له بفرعون ولا بعبادته، بل هو نتاج عصور طويلة من الإبداع والعلم والإيمان».
وأشار أستاذ الفقه إلى أن مصر كانت ولا تزال بلد التوحيد منذ عهد سيدنا إدريس عليه السلام، الذي سكنها بعد سيدنا آدم وعلّم المصريين، فانتشر فيها بشر التوحيد، ثم تتابع الأنبياء بعده، فقال: «جاء إلى مصر وسكنها عدد كبير من أنبياء الله الكرام: سيدنا إبراهيم، وسيدنا يعقوب، وسيدنا يوسف، وسيدنا موسى، وسيدنا هارون، وسيدنا عيسى، وسيدنا يوشع بن نون، وسيدنا سليمان، وسيدنا أيوب عليهم السلام جميعًا، فكيف بعد كل هؤلاء نقول إن مصر بلد وثنية؟!».
حقد دفينوأضاف تمام أن من يدّعون أن مصر بلد الأصنام يجهلون تاريخها ويعادون نجاحها، مؤكدًا أن «هذا الكلام ليس له أصل من علم ولا من عقل، وهو دليل على حقد دفين ورغبة في تشويه صورة مصر المشرقة».
واستشهد بقول الإمام السيوطي في كتابه الشهير «حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة»، الذي تناول فيه فضل مصر، ومن سكنها من الأنبياء والصالحين والعلماء، وما تميزت به من علوم وفنون وحضارة راقية منذ القدم، مضيفًا أن «هذا الكتاب وحده كفيل بأن يرد على كل من يشكك في عظمة مصر وإيمانها منذ فجر التاريخ».
وختم: «وُجد في بعض العصور من عبد الأصنام، كما وُجد في كل الأمم من أشرك بالله، لكن هذا لا يُنسب إلى هوية مصر ولا إلى عقيدتها الراسخة. فبلد الأنبياء والرسل والمرابطين لا يمكن أن تُوصف بغير الإيمان والتوحيد».