بوابة الوفد:
2025-12-03@22:04:40 GMT

أهلُ البيت وآل البيت.. فروق لفظية

تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT

اختلف الناس قديمًا وحديثًا حول المقصود بأهل بيت النبى صلى الله عليه وآله وسلم، وآل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

فما الفرق بين الكلمتين، الأهل والآل؟

لمّا تفكرت فى الموضوع جرت البديهة مباشرة مجراها نحو أن الأهل أعم وأشمل، والآل أخصّ وأدل، وأدق فى الدلالة.

ولكن حكم البديهة وحده لا يكفى ما لم يسانده الدليل العلمى المؤيد بالاستنباط العقلى أو الدليل النقلي، ثم إن أهل البيت كما ذكرت النصوص الشرعيّة (رحمة الله عليكم وبركاته أهل البيت) وكما ورد فى آية التطهير، تشير إلى عموم الكلمة فى النبوة من لدن إبراهيم عليه السلام، فكل الأنبياء والمرسلين الذين جاءوا بعده هم أهل بيته.

وإذا كان أهل كل نبيّ أمته؛ فإنّ دلالة كلمة أهل هنا تعنى ما يُضاف إلى الرجل من الأشياع والأتباع وعموم الملة.

فكأنما كلمة (الأهل) هى الأصل العام الشامل، وكلمة (الآل) هى الفرع الخاص، والفرع لاحق على الأصل ممّا لاشك فيه، ويؤكد هذا الدلالة اللغوية القريبة المباشرة من حيث إنّ كلمة (آل) - والتى أصلها (أهل) قلبت الهاء همزة، فإنّ التصغير يرد الأشياء إلى أصولها - فيما لو أضيفت إلى شخص، فيقال : (آل فلان) أى هم الناس الذين ينتسبون إليه أو يرجع نسبهم إلى فلان، ومنه الأوّل : أى الرجوع، فنقول: (آل إبراهيم) مثلاً، هم : إسماعيل، وإسحاق، وأولادهما، وآل عمران، هم : موسى، وهارون ابنا عمران بن يصهر .. وهكذا.

وقد كثر استعمال (الأهل) و(الآل) حتّى سمّى بهما أهل بيت الرجل لأنّهم أكثر من يتّبعه، كما أنّنا نجد أنّ (آل) لا يستعمل إلّا لذوى المكانة والخطر، ممّن هم فى حكم الخصوص لا الشمول كما فى الحديث: (لا تحلّ الصدقة لمحمّد وآل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو ما جاء فى القرآن الكريم: (أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذَابِ) (غافر:46)، ولا تستعمل كلمة الآل فيمن ينسب لما هو قليل الشأن فى المجتمع من أراذل الناس.

وقد ورد ذكر كلمة (أهل البيت) فى القرآن والسُنّة، وكذلك ذكر كلمة (أهل بيت النبيّ)، أو (أهل بيتي) فى السُنّة فى روايات صحيحة وردت فى مصنفات الحديث للفريقين، وأنّه (صلى الله عليه وآله) قال بعد أن غطّى عليّا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) بالكساء: (اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي)، وهم العترة الطاهرة أصحاب العباءة.. ويحمل هذا أيضاً على الخصوص لا العموم.

وسئل الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)  (ت ١٤٧ هجرية) عن (الآل) من هم؟ فقال: (ذرّية محمّد (صلى الله عليه وآله) )، فقيل له: من الأهل؟ فقال: (الأئمّة (عليهم السلام)، فقيل له قوله تعالى: (أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذَابِ)؟ قال: (والله ما عنى إلّا ذرّيته).

وقد نقل الطريحى فى (مجمع البحرين) عن بعض أهل الكمال قوله فى تحقيق معرفة (الآل)، يقول: (إنّ آل النبيّ (صلى الله عليه وآله) كلّ من يؤول إليه، وهم قسمان:

الأوّل: من يؤول إليه مآلاً صوريّاً جسمانياً، كأولاده ومن يحذو حذوهم من أقاربه الصوريين الذين يحرم عليهم الصدقة فى الشريعة المحمّديّة.

والثاني: من يؤول إليه مآلاً معنوياً روحانيّاً، وهم أولاده الروحانيون من العلماء الراسخين، والأولياء الكاملين، والحكماء المتألهين المقتبسين من مشكاة أنواره، إلى أن قال : ولا شكّ أنّ النسبة الثانية آكد من الأولى.

وإذا اجتمعت النسبتان كان نوراً على نور، كما فى الأئمّة المشهورين من العترة الطاهرة).

وهؤلاء هم أصدق المصاديق لآل محمّد وأهل بيته الذين عناهم الشرع بالصلاة عليهم عندما نقول: (اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد).

ومن يتأمل هذه الفروق السابقة يجدها فروقاً لفظية لا تقدح فى جملتها فى التفضيل لا من حيث التعميم أو حيث التخصيص، فموالاة أهل البيت محبة توجبها التقوى، وهو القائل صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: أنا جدُّ كل تقي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: بيت النبي أهل البيت صلى الله علیه وآله أهل البیت أهل بیت

إقرأ أيضاً:

حث عليه القرآن الكريم.. فضل دراسة تاريخ الأمم السابقة

قالت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن الآثار وسيلة لدراسة تاريخ الأمم السابقة التي ملأت جنبات الأرض علمًا وصناعة وعمرانًا، وقد لجئوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعيًّا وسياسيًّا وحربيًّا نقوشًا ورسومًا ونحتًا على الحجارة، وكانت دراسة تاريخ أولئك السابقين والتعرف على ما وصلوا إليه من علوم وفنون أمرًا يدفع الإنسانية إلى المزيد من التقدم العلمي والحضاري النافع.

القرآن الكريم حث على دراسة تاريخ الأمم السابقة 

وأوضحت أن القرآن الكريم حثَّ على دراسة تاريخ الأمم، السالفة، والنظر في آثارهم، ولذلك كان حتمًا الحفاظ على تلك الآثار والاحتفاظ بها سجلًّا وتاريخًا دراسيًّا؛ لأن دراسة التاريخ والاعتبار بالسابقين وحوادثهم للأخذ منها بما يوافق قواعد الإسلام والابتعاد عما ينهى عنه من مأمورات الإسلام الصريحة الواردة في القرآن الكريم في آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: 46]

وقال الله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [العنكبوت: 20].

دراسة تاريخ وآثار الأمم السابقة

قال الإمام القشيري في "لطائف الإشارات" (3/ 93، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب) في معرض تفسير هذه الآية مستدلًّا على تكرير الأحوال: [كلُّ نهرٍ فيه ماءٌ قد جرى... فإليه الماءُ يومًا سيعود] اهـ.

وقال الإمام ابن عجيبة في "البحر المديد" (4/ 294، ط. الدكتور حسن عباس زكي): [فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ على كثرتهم، واختلاف أحوالهم وألسنتهم وألوانهم وطبائعهم، وتفاوت هيئاتهم، لتعرفوا عجائب قدرة الله بالمشاهدة، ويقوى إيمانُكم بالبعث] اهـ.

تاريخ الأمم السابقة

كما جعل الله التعارف سمةً إنسانية، والاختلاف سنةً كونية، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13].

قال العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (26/ 259-260، ط. الدار التونسية): [جعلت علة جعل الله إياه شعوبًا وقبائل، وحكمته من هذا الجعل: أن يتعارف الناس، أي يعرف بعضهم بعضًا. والتعارف يحصل طبقةً بعد طبقةٍ متدرجًا إلى الأعلى... وهكذا حتى يعمَّ أمَّة أو يعم النَّاس كلهم، وما انتشرت الحضارات المماثلة بين البشر إلا بهذا الناموس الحكيم] اهـ.

حكم دراسة تاريخ وآثار الأمم السابقة

الآثار: جمع أثرٍ وهو بقيَّة الشيءِ، والآثار: الأعلام، كما قال ابن منظور في "لسان العرب" (4/ 5، ط. دار صادر).

والواقع يشهد أن ما تركته الأمم السابقة يمثِّل للبشرية الحاضرة سجلاتٍ تاريخيَّة هائلةً شاهدةً على تاريخ الإنسان، وإعماره الأرضَ، وما توصلت إليه تلك الأمم من علومٍ ومعارفَ ورقيٍّ إنسانيٍّ، كالمصريين القدماء، والفرس، والرومان وغير أولئك، وهؤلاء ممن ملؤوا جنبات الأرض صناعةً وعمرانًا؛ فإنهم جعلوا تلك الآثار وسائل تسجيل أيامهم، وأهم أحداثهم الاجتماعية والسياسية، وأهم المعارف والمعتقدات عندهم، وهو ما لا يخلو مِن فائدةٍ تعود على الإنسان المعاصر، فبذلك يحسن تصوُّرُه وعلمه بما وقع في سالف الأزمان، بما يزيد إيمانه ويشرح صدره، ويرسخ قدمه في العلم والحكمة والإعمار.
تاربخ الأمم

كما إن القرآن الكريم والسُّنة النبوية المشرَّفة قد لَفَتَا الأنظارَ في كثير من نصوصهما إلى ضرورة السير في الأرض وتتبع آثار الأمم السابقة للتعلم منها وأخذ العظة والاعتبار، ومن ثمَّ فإنه لا مانع شرعًا من دراسة الشاب المذكور تاريخَ الأمم السابقة وآثارَهم، ويكون مثابًا على دراسته تلك؛ فإن هذا النوع من الدراسة يُعد الوسيلةَ العلميةَ الصحيحةَ لحفظِ تاريخ الحضارات البشرية، والنظرِ في مصائرها لأخذ العبرة والاتعاظ، والاستفادةِ من تجاربها، ومعرفةِ السنن الإلهية في الكون، مما يدفع بالإنسانية إلى مزيد من الوعي، ويضمن لها التقدم العلمي والحضاري المستنير.

وقد ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قولُه: «الحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ، فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» أخرجه الإمامان: ابن ماجه، والترمذي. ومن الحكمة: الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين، حتى ولو كانوا من الأمم السابقة، فالمؤمن قاصدٌ للعلم والحكمة "يلتقطها حيث وجدها ويغتنمها حيث ظفر بها"، كما قال الإمام المُناوي في "فيض القدير" (2/ 545، ط. المكتبة التجارية الكبرى).

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نورٌ بإجماع المسلمين
  • ثواب تجفيف الطرقات من مياه الأمطار
  • حكم الشرع في مقولة "خد الشر وراح"
  • كلمة لقاسم الجمعة واسرائيل تتهم حزب الله بـاغتيالات المرفأ
  • هل يمكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة؟
  • هيئة كبار العلماء: البذاءة وعدم الحياء من باب نقص الإيمان
  • كلمة لأمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم
  • حث عليه القرآن الكريم.. فضل دراسة تاريخ الأمم السابقة
  • مولد السيدة نفيسة.. الإفتاء: يجوز الاحتفال بموالد آل البيت وإحياء ذكراهم
  • ذياب بن زايد: كلمة رئيس الدولة ترسخ نهج الإمارات في بناء الإنسان وتعزيز الهوية ودعم مسيرة التطور