حث عليه القرآن الكريم.. فضل دراسة تاريخ الأمم السابقة
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن الآثار وسيلة لدراسة تاريخ الأمم السابقة التي ملأت جنبات الأرض علمًا وصناعة وعمرانًا، وقد لجئوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعيًّا وسياسيًّا وحربيًّا نقوشًا ورسومًا ونحتًا على الحجارة، وكانت دراسة تاريخ أولئك السابقين والتعرف على ما وصلوا إليه من علوم وفنون أمرًا يدفع الإنسانية إلى المزيد من التقدم العلمي والحضاري النافع.
وأوضحت أن القرآن الكريم حثَّ على دراسة تاريخ الأمم، السالفة، والنظر في آثارهم، ولذلك كان حتمًا الحفاظ على تلك الآثار والاحتفاظ بها سجلًّا وتاريخًا دراسيًّا؛ لأن دراسة التاريخ والاعتبار بالسابقين وحوادثهم للأخذ منها بما يوافق قواعد الإسلام والابتعاد عما ينهى عنه من مأمورات الإسلام الصريحة الواردة في القرآن الكريم في آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: 46]
وقال الله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [العنكبوت: 20].
دراسة تاريخ وآثار الأمم السابقة
قال الإمام القشيري في "لطائف الإشارات" (3/ 93، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب) في معرض تفسير هذه الآية مستدلًّا على تكرير الأحوال: [كلُّ نهرٍ فيه ماءٌ قد جرى... فإليه الماءُ يومًا سيعود] اهـ.
وقال الإمام ابن عجيبة في "البحر المديد" (4/ 294، ط. الدكتور حسن عباس زكي): [فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ على كثرتهم، واختلاف أحوالهم وألسنتهم وألوانهم وطبائعهم، وتفاوت هيئاتهم، لتعرفوا عجائب قدرة الله بالمشاهدة، ويقوى إيمانُكم بالبعث] اهـ.
تاريخ الأمم السابقة
كما جعل الله التعارف سمةً إنسانية، والاختلاف سنةً كونية، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13].
قال العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (26/ 259-260، ط. الدار التونسية): [جعلت علة جعل الله إياه شعوبًا وقبائل، وحكمته من هذا الجعل: أن يتعارف الناس، أي يعرف بعضهم بعضًا. والتعارف يحصل طبقةً بعد طبقةٍ متدرجًا إلى الأعلى... وهكذا حتى يعمَّ أمَّة أو يعم النَّاس كلهم، وما انتشرت الحضارات المماثلة بين البشر إلا بهذا الناموس الحكيم] اهـ.
حكم دراسة تاريخ وآثار الأمم السابقة
الآثار: جمع أثرٍ وهو بقيَّة الشيءِ، والآثار: الأعلام، كما قال ابن منظور في "لسان العرب" (4/ 5، ط. دار صادر).
والواقع يشهد أن ما تركته الأمم السابقة يمثِّل للبشرية الحاضرة سجلاتٍ تاريخيَّة هائلةً شاهدةً على تاريخ الإنسان، وإعماره الأرضَ، وما توصلت إليه تلك الأمم من علومٍ ومعارفَ ورقيٍّ إنسانيٍّ، كالمصريين القدماء، والفرس، والرومان وغير أولئك، وهؤلاء ممن ملؤوا جنبات الأرض صناعةً وعمرانًا؛ فإنهم جعلوا تلك الآثار وسائل تسجيل أيامهم، وأهم أحداثهم الاجتماعية والسياسية، وأهم المعارف والمعتقدات عندهم، وهو ما لا يخلو مِن فائدةٍ تعود على الإنسان المعاصر، فبذلك يحسن تصوُّرُه وعلمه بما وقع في سالف الأزمان، بما يزيد إيمانه ويشرح صدره، ويرسخ قدمه في العلم والحكمة والإعمار.
تاربخ الأمم
كما إن القرآن الكريم والسُّنة النبوية المشرَّفة قد لَفَتَا الأنظارَ في كثير من نصوصهما إلى ضرورة السير في الأرض وتتبع آثار الأمم السابقة للتعلم منها وأخذ العظة والاعتبار، ومن ثمَّ فإنه لا مانع شرعًا من دراسة الشاب المذكور تاريخَ الأمم السابقة وآثارَهم، ويكون مثابًا على دراسته تلك؛ فإن هذا النوع من الدراسة يُعد الوسيلةَ العلميةَ الصحيحةَ لحفظِ تاريخ الحضارات البشرية، والنظرِ في مصائرها لأخذ العبرة والاتعاظ، والاستفادةِ من تجاربها، ومعرفةِ السنن الإلهية في الكون، مما يدفع بالإنسانية إلى مزيد من الوعي، ويضمن لها التقدم العلمي والحضاري المستنير.
وقد ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قولُه: «الحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ، فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» أخرجه الإمامان: ابن ماجه، والترمذي. ومن الحكمة: الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين، حتى ولو كانوا من الأمم السابقة، فالمؤمن قاصدٌ للعلم والحكمة "يلتقطها حيث وجدها ويغتنمها حيث ظفر بها"، كما قال الإمام المُناوي في "فيض القدير" (2/ 545، ط. المكتبة التجارية الكبرى).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تاريخ دراسة تاريخ القرآن الکریم
إقرأ أيضاً:
أوقاف البحيرة تواصل عقد مقارئ القرآن الكريم
واصلت مديرية أوقاف البحيرة عقد مقارئ القرآن الكريم بالإدارات المختلفة، حيث شهد اليوم انعقاد (48) مقرأة للأئمة والقراء، وذلك في ظل اهتمام وزارة الأوقاف بتعظيم العناية بكتاب الله تعالى أداء وضبطا وتدبرا، بما يضمن إعداد جيل واع من الدعاة والقراء المتقنين لتلاوة القرآن ومقاصده.
وتهدف هذه المقارئ إلى تعزيز منهج التلقي الصحيح للقرآن الكريم، من خلال تصحيح التلاوة، وضبط مخارج الحروف، ومراجعة أحكام التجويد، والالتزام بالرسم العثماني، بما يسهم في رفع مستوى الأداء القرآني للسادة الأئمة والقراء، ويؤهلهم لتأدية دورهم الدعوي والروحي على أكمل وجه.
كما تعد المقارئ ملتقى علميا وروحانيا يجمع السادة الأعضاء، ويُثري الحوار حول المعاني القرآنية، ويُعزّز الروابط الأخوية والعلمية بينهم، مما ينعكس إيجابيًا على مستوى الخطاب الديني داخل المساجد.
وفي سياق متصل، وانطلاقا من دور المديرية في التعاون مع مختلف المؤسسات التعليمية لترسيخ القيم الأخلاقية وتوجيه سلوكيات النشء، نُظمت اليوم ندوة توعوية بمدرسة الشهيد عمر عوض الإعدادية بنات تحت عنوان: "كيف نجعل عاداتنا عبادات نؤجر عليها"، قدمتها الواعظة إيمان عبد المجيد منيسي.
وجاءت هذه الندوة ضمن سلسلة البرامج التوعوية التي تنفذها مديرية أوقاف البحيرة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، بهدف نشر الوعي الديني الوسطي بين الطلاب والطالبات.
وقد تناولت المحاضِرة خلال الندوة مفهوم النية الصادقة ودورها في تحويل الأعمال اليومية والعادات الحسنة إلى عبادات يثاب عليها المسلم، وذلك من خلال استحضار الإخلاص واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في السلوك والتعامل.
كما ركزت الواعظة على أهمية الاقتداء بالأخلاق الإسلامية والتعامل الراقي، وربط ذلك بقيم الانضباط والاجتهاد في الدراسة والاحترام المتبادل.
وشهدت الندوة تفاعلا إيجابيا من الطالبات، اللاتي شاركن بالأسئلة والمناقشات حول كيفية تطبيق هذه المفاهيم في حياتهن اليومية داخل المنزل والمدرسة، مما يعكس وعيا متناميا بأهمية السلوك القويم المبني على النية الطيبة والعمل الصالح.
وأكدت مديرية أوقاف البحيرة استمرار التعاون مع المؤسسات التعليمية لتنفيذ المزيد من الندوات التوعوية، وبرامج الإرشاد الديني، بهدف غرس القيم الأخلاقية في نفوس الطلاب، وبناء جيل واع قادر على التمييز بين السلوك الإيجابي والسلبي، بما يدعم جهود المجتمع في نشر الوعي الصحيح وترسيخ الهوية الدينية المعتدلة.
وبذلك تواصل مديرية الأوقاف جهودها المتوازية بين ضبط الأداء الدعوي داخل المساجد، وتقديم الدعم التربوي والفكري داخل المدارس، بما يخدم رسالة الوزارة في بناء مجتمع مستنير يقوم على الفهم الصحيح للدين والقيم النبيلة.