أخبارنا:
2025-07-04@23:48:20 GMT

هل ستزول الغيوم بين تونس والرباط؟

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

هل ستزول الغيوم بين تونس والرباط؟

بقلم: نزار بولحية

ربما يلوح مدّ الجسور مجددا بين المغرب والجزائر عملية معقدة وشاقة، لكن هل يمكن أن ينطبق الأمر نفسه على المغرب وتونس؟ وهل من الوارد في تلك الحالة أن يتكرر، وربما في وقت وجيز، مشهد شبيه إلى حد ما بذلك الذي حصل في الأيام التي كانت فيها علاقاتهما مقطوعة، على خلفية وقوف تونس مع استقلال موريتانيا، وأشار له السياسي المخضرم عبد السلام القلال في كتابه «الحلم والمنعرج الخطأ» حين تحدث عن تفاصيل .

زيارة وفد تونسي في تلك الفترة إلى العاصمة المغربية، بعد كارثة الفيضانات التي أصابتها ليتقدم إلى ملك المغرب بخالص عبارات المواساة قبل أن يقول له رئيس الوفد: «أخوكم فخامة الرئيس يدعوكم إلى وضع حد للجفاء، الذي اتسمت به العلاقات المغربية التونسية وإرجاع هذه العلاقة لما كانت عليه حتى نواصل التعاون من أجل بناء المغرب العربي الكبير»، فيرد العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني فورا ومن دون تردد: «سلم على والدي وقل له إني على استعداد لذلك، وقد طويت الصفحة وإني في انتظار سفيره في الرباط وسأفعل بالمثل»؟ أم أن تلك الأيام الخوالي مضت، ولم يعد كافيا اليوم لذوبان الجليد وتطويق أي نزاع، أو خلاف بين بلدين عربيين، حتى لو كان بسيطا ومحدودا، تعبير قائد أو زعيم للآخر عن أي مشاعر أو أحاسيس ودية أو أخوية نحوه أو نحو بلاده؟

المؤكد أن عدة عوامل باتت تتحكم في الأفعال وفي ردود الأفعال كذلك. كما أن الأوضاع الداخلية والإقليمية وحتى الدولية، والحسابات والتوازنات والخيارات السياسية صارت تفرض أحيانا إكراهات قد تزيد من حدة التعارض والاختلاف بشكل أكبر مما كان عليه الحال في السابق. والثابت وسط ذلك كله، أن الوضع الحالي للعلاقات بين العاصمتين التونسية والمغربية لا يسر التونسيين ولا المغاربة على السواء، لأنه يبدو شاذا وغريبا، بل حتى غير مسبوق في تاريخهما المعاصر. فمع أنها لم تُقطع تماما مثلما حصل خلال حقبة قصيرة نسبيا في الستينيات، إلا أنها فقدت ومنذ عام ونصف العام نسقها الاعتيادي والطبيعي، إذ لم يعد السفيران المعتمدان في البلدين إلى الآن إلى بعثتيهما الدبلوماسيتين في أعقاب استدعائهما للتشاور في أغسطس من العام قبل الماضي، كما أن اللقاءات الثنائية الرسمية بين المسؤولين التونسيين والمغاربة تكاد تكون منعدمة بالكامل.

من الواضح أنه مع مرور الوقت، فإن تلك الحالة باتت تطرح نقطة استفهام كبرى حول ما إذا كان بقاء الباب مواربا بين الجانبين سيتيح لهما، في غضون الأسابيع وربما الشهور القليلة المقبلة فتحه مرة أخرى من جديد، أم أنه سيجعلهما يمضيان قدما نحو غلقه بالكامل؟ وليس معروفا إن كانت المساعي أو المحاولات التي بذلت أو تبذل لتقريب وجهات النظر بينهما تسير الآن في الاتجاه الصحيح، أم أنها تواجه بعض الصعوبات والعراقيل التي تحول دون تحقيق النتيجة المطلوبة؟ ولكن اللافت أنه لم يصدر عن الجانب المغربي أي تفاعل مع أقوى إشارة صدرت عن تونس في أكتوبر الماضي، وجاءت في سياق حديث أجرته صحيفة «الشروق» شبه الرسمية مع السفير نبيل عمار، الذي عينه الرئيس قيس سعيد قبلها بفترة قصيرة، على رأس الدبلوماسية التونسية. لقد سألت تلك الصحيفة عمار في آخر حديثها معه السؤال المباشر التالي: بين تونس والمغرب الشقيق لا العلاقات مقطوعة ولا هي عادية… فمتى تعود المياه إلى مجاريها؟ وكان رده هو أن أجاب وبشكل مجتزأ ومتقطع بأنه «ليست هناك قطيعة مع المغرب الشقيق.. وليست هناك عداوة.. بالوقت سيعود السفيران إلى سفارتيهما… كلانا، أطمئن الجميع، لا نلتفت إلى الوراء.. تونس لم تغير موقفها منذ عشرات السنين.. المهم ليس هناك قطيعة بيننا وبين المغرب». غير أنه وبعد أربعة أشهر من ذلك التصريح لم يظهر في الأفق أي جديد، فهل كان الحد الأدنى الذي وضعه المغاربة لطي صفحة ما اعتبروه في ذلك الوقت «عملا خطيرا وغير مسبوق يجرح بشدة مشاعر الشعب المغربي»، وهو استقبال الرئيس قيس سعيد لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي بمناسبة احتضان العاصمة التونسية لقمة «تيكاد» الافريقية اليابانية الصيف قبل الماضي أكبر بكثير من تلك الكلمات المبهمة والغامضة التي قالها عمار؟ وهل كانوا ينتظرون عبارات واضحة ودقيقة تشير مثلا إلى أن تونس لا تعترف بالبوليساريو، وأنها لم تغير موقفها من قضية الصحراء، الذي يقوم على الاحتكام إلى الشرعية الدولية، وحل النزاع بالطرق السلمية، وفقا لقرارات مجلس الأمن؟

من المؤكد أن حسابات عديدة حكمت ذلك التصريح، فالتوقيت كان محسوبا بدقة والدبلوماسي التونسي كان واعيا أيضا بأن أي تأويل محتمل لما قاله على أنه سعي أو محاولة من جانب بلاده لإرضاء الرباط، كان سيعني على الفور إثارة غضب الجارة الجزائر، وهو ما يتحسب المسؤولون التونسيون جيدا من وقوعه، لكن هل يعني ذلك أنه بات على التونسيين اليوم أن يختاروا بين أمرين لا ثالث لهما، وهو إما التضحية بعلاقاتهم مع الجزائر، وإما التفريط في علاقتهم مع المغرب؟ إن الخيارات والتوجهات التي انخرطت فيها بلادهم منذ ما يقارب الثلاث سنوات تجعل الأمر بالنسبة لهم على درجة بالغة من الصعوبة والتعقيد. فقد وضعوا الجزء الأكبر من بيضهم في السلة الجزائرية، وبات هامش تحركهم بالتالي داخل الإقليم ضيقا ومحدودا، وصارت أي محاولة من جانبهم للخروج عن الخط الذي يتعارض مع سياسات جارتهم الغربية غير ممكنة، بل حتى شبه مستحيلة. ولا شك في أن المغاربة يدركون ذلك جيدا، ويعرفون أنه لن يكون بمقدور الدولة التي ربطتهم بها علاقات وثيقة قبل إعلان استقلال البلدين في سنة واحدة، وبعده وبحكم عدة عوامل أن تقوم الآن على الأقل، بانعطافة حادة في سياستها الخارجية، وأن تتجاهل التبعات التي قد تترتب عن ذلك. وهنا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل يمكن لهم أن يتوصلوا إلى حل وسط، أي إلى صيغة يقبل بها المغرب ولا تثير في الوقت نفسه اعتراض أو قلق الجزائريين؟ إن اعترافا تونسيا بان استقبال زعيم البوليساريو كان خطأ دبلوماسيا فادحا، وتقديم اعتذار عنه للرباط يبدو في نظر الرئيس سعيد غير وارد. غير أن خروج تونس عن موقف الحياد في نزاع الصحراء يبدو بدوره الان غير ممكن، خصوصا مع التحولات المهمة التي يعرفها الملف بعد الاعترافات الدولية والإقليمية بمغربية الصحراء. ولعل هناك من سيقول بعدها إن كان الإسبان والألمان والفرنسيون قد جاؤوا إلى المغرب وقدموا له وبأشكال مختلفة نوعا من الاعتذار عن بعض المواقف السابقة التي أخذوها في حقه فما الذي يمكن أن يجعل الرباط إذن لا تتوقع أو تترقب خطوة مماثلة من جانب التونسيين؟ لكن إن كان المغرب قد مد يده مرات للجزائر فما المانع من أن يمدها الآن ولو لمرة واحدة إلى تونس؟

كاتب وصحافي من تونس

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

تونس: صيف 2025 الأكثر حرارة من المعتاد وتحذيرات من آثار مناخية محتملة

تونس - تتجه أنظار التونسيين إلى صيف 2025 بقلق متصاعد وهاجس كبير، في ظل توقعات تتحدث عن حرارة تفوق المعتاد، وسط تحذيرات جدية من انعكاسات مناخية قد تزيد أعباء الأزمات البيئية والصحية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد، بحسب سبوتنيك.

وكان المعهد الوطني للرصد الجوي في تونس (مؤسسة رسمية) قد حذر من تسجيل درجات حرارة أعلى من المعدلات المناخية المرجعية، متوقعا أن يكون هذا الصيف أكثر حرارة من المعتاد وأشدّ جفافا.

وتشهد تونس خلال السنوات الأخيرة موجات حر غير مسبوقة، ناجمة عن ظاهرة "التطرّف المناخي" التي تتغذى من الاحتباس الحراري العالمي. وقد أدّت هذه الموجات الحارة إلى تصاعد حرائق الغابات التي اجتاحت مساحات واسعة من الغطاء النباتي، مما زاد من المخاوف بشأن قدرة البلاد على مواجهة هذه الكوارث البيئية المتكررة وتأثيراتها السلبية على حياة الناس والبيئة على حد سواء.

ويُصنف تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة)، منطقة شمال أفريقيا، ومنها تونس، كأحد أكثر المناطق تعرضا لهشاشة موجات الحرّ، مع ازدياد مخاطر الجفاف الممتد وتراجع مصادر المياه العذبة التي باتت تهدد الأمن المائي والغذائي في البلاد.

وأضافت التغيرات المناخية هاجسا جديدا يثير قلق التونسيين، حيث لوحظ تزايد مقلق في حالات غرق المصطافين على السواحل خلال السنوات الأخيرة. ويُفسّر الخبراء هذه الظاهرة بارتفاع درجة حرارة مياه البحر، التي أدت إلى تغير ديناميكية التيارات البحرية، ما خلق دوامات خطيرة حتى في المناطق المعتادة للسباحة، ليصبح البحر بذلك بمثابة "مصيدة" غير متوقعة للمصطافين.

تغيرات مناخية مقلقة

يشرح الباحث في علم المناخ زهير الحلاوي، في تصريح لـ "سبوتنيك"، أن تسجيل درجات حرارة أعلى من المعدل المعتاد ليس مفاجئا، بل هو نتيجة مسار طويل من الارتفاع المستمر الذي تشهده تونس منذ أكثر من عشر سنوات في سياق التغيرات المناخية العالمية.

ويرى الحلاوي، أن موقع البلاد في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تُوصف مناخيا بـ"النقطة الساخنة"، يجعلها معرضة بشكل خاص لهذا الارتفاع المستمر في درجات الحرارة، مضيفا: "لا نتوقع أن يشذ صيف هذا العام عن القاعدة، بل بدأنا فعليا نشعر بهذا الارتفاع الواضح في درجات الحرارة".

ويلفت الباحث في علم المناخ إلى سمة جديدة مثيرة للقلق في تطور الظواهر الحرارية، تتمثل في أن الحرارة لم تعد تنخفض ليلا بالشكل المعتاد، وهو ما يعرف بـ"الراحة الليلية" في المناخ المتوسطي، ما يزيد من شدة الإجهاد الحراري ليلا ونهارا.

 

كما أشار إلى أن تونس تشهد سنويا موجات حر شديدة، مع أيام تصل فيها الحرارة إلى نحو خمسين درجة مئوية في الظل، ما يمثل ضغطا غير مسبوق على السكان والمنظومة الاقتصادية والاجتماعية والصحية.

ويؤكد الحلاوي أن هذه التوقعات التي نشرها المعهد الوطني للرصد الجوي تبدو منطقية تماما في ضوء هذه المؤشرات، داعيا إلى عدم اعتبارها مفاجئة، بل جزءًا من واقع مناخي جديد يتطلب يقظة وتخطيطا جديا للتكيف وتقليل الأضرار.

تداعيات مباشرة على السواحل والأنشطة الاقتصادية

ويرى زهير الحلاوي، أنّ تداعيات التغيرات المناخية لا تقتصر على موجات الحرّ وحدها، بل تتجاوزها إلى تأثيرات خطيرة على السواحل والمنظومة البيئية البحرية. يوضح أنّ من أبرز هذه التداعيات ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة تمدد المياه مع ازدياد حرارتها، وهو ما يهدد السواحل المنخفضة ويزيد من خطر انجرافها.

وأضاف: "معظم الأنشطة الاقتصادية في تونس متركزة على هذه السواحل، وفي مقدمتها السياحة الشاطئية التي تمثل ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني، وأي تهديد حقيقي للسواحل يعني تهديدا مباشرا للقطاع السياحي، وما يعنيه ذلك من خسائر في العائدات وتراجع فرص العمل".

ويشير الحلاوي، إلى خطر آخر يتمثل في اختلال المنظومة البيئية البحرية، إذ يتسبب ارتفاع حرارة مياه البحر في نفوق الكائنات الحية البحرية، ما يؤدي إلى تراجع الثروة السمكية ويضر بقطاع الصيد البحري والإنتاج الاقتصادي المرتبط به. كما نبّه إلى خطر دخول أنواع دخيلة تستوطن المياه الدافئة لتحل مكان الكائنات المحلية، وهو ما يطرح إشكالا بيئيا واقتصاديا مزدوجا.

وشدد الحلاوي على أنّ هذه الظواهر المتشابكة تفرض على تونس العمل على مسارين متلازمين: التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة رغم كونها مساهما ضئيلا عالميا (حوالي 0.07 بالمائة)، والعمل بشكل جدي على التأقلم من خلال خطط مبنية على معرفة دقيقة بالمخاطر وآليات التصدي، وهو ما يتطلب تمويلات ضخمة ستكون عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة ما لم يتم دعمها خارجيا.

البحر.. مصيدة جديدة بفعل التغيرات المناخية

وتشهد السواحل التونسية هذه الفترة حوادث غرق متواترة، آخرها مأساة طفلة في الثالثة من عمرها جرفتها التيارات البحرية لمسافة كيلومترات في مدينة قليبية، إضافة إلى ثلاث حالات غرق في شاطئ سليمان بمحافظة نابل قبل يومين، وأربع حالات أخرى في محافظة المهدية قبل عشرة أيام بينهم ثلاثة من عائلة واحدة، إلى جانب عشرات عمليات الإنقاذ. هذه الحوادث المأساوية ألقت الضوء على خطر جديد يلاحق المصطافين في تونس.

يقول الأستاذ المبرز في الجغرافيا والباحث في الطقس عامر بحبة لـ "سبوتنيك"، إن تفسير هذه الظاهرة يبدأ من دراسة التيارات الشمالية القادمة من أوروبا وارتفاع سرعة الرياح، ما يؤدي إلى زيادة في ارتفاع الأمواج خاصة في السواحل الصخرية التي لا تمتص قوة الموج كما تفعل الشواطئ الرملية.

وأضاف: "زيادة على ذلك، يسهم زيادة سرعة الرياح وارتفاع الأمواج في ظهور تيارات عكسية خطيرة تعرف بالتيارات الساحبة، وهي قادرة على ابتلاع أي شخص عالق في مسارها".

وأشار بحبة، إلى أن التغيرات المناخية وارتفاع حرارة البحر يسهمان في تغيير ديناميكية هذه التيارات بشكل يجعلها تتكون فجأة وتصبح أكثر شراسة. وهو ما يفسر، حسب قوله، هذه الحوادث المفاجئة حتى في شواطئ اعتاد الناس السباحة فيها بأمان.

ويوصي الباحث في الطقس المصطافين بتوخي الحذر الشديد، عبر السباحة في المناطق المراقبة فقط، وتجنب السواحل الصخرية أو المناطق القريبة من الموانئ وكاسرات الأمواج، وخاصة في الأيام التي تشهد رياحا قوية وأمواجا عالية، مؤكدا أنّ الوعي بهذه الظواهر ومعرفتها أساسي للحد من مخاطرها وإنقاذ الأرواح.

مقالات مشابهة

  • مقاربة مختلفة للمسألة الطائفية في تونس
  • رجل يفقأ عيني زوجته في تونس تنفيذًا لتعويذة كنز
  • زوج يقتلع عيني زوجته بشوكة طعام بعد خضوعه لشعوذة كنز في تونس
  • الأهلي ينقل معسكر الإعداد إلى تونس
  • تونس تفوز على الجزائر في البطولة العربية لكرة السلة للسيدات
  • 18 رواية من 10 دول عربية على القائمة الطويلة لـ "كتارا"
  • تونس وموريتانيا تبحثان تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي
  • تونس: صيف 2025 الأكثر حرارة من المعتاد وتحذيرات من آثار مناخية محتملة
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • سفير تونس زار قصر بعبدا مودعا