رئيس الهيئة العربية للإعمار للجزيرة نت: 50 مليار دولار تكلفة إعادة إعمار غزة
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
إسطنبول– انطلقت في مدينة إسطنبول التركية، أمس السبت، أعمال الدورة الثانية عشر لمجلس أمناء الهيئة العربية الدولية للإعمار في فلسطين تحت شعار "غزة.. معا نعيدها أجمل"، بحضور أعضاء مجلس إدارة الهيئة ومسؤولي فروعها في أكثر من 20 دولة، وضيوف وشخصيات مهتمة بالشأن الفلسطيني.
ويهدف الاجتماع إلى تدارس تقرير عمل الهيئة خلال العام الماضي، بجانب بحث إعادة إعمار قطاع غزة وتبني مشروع للإيواء العاجل للفلسطينيين بالقطاع، لا سيما بعد الدمار الهائل الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وركز المتحدثون في كلماتهم على أن تزامن عقد الاجتماع السنوي الثاني عشر للهيئة العربية الدولية للإعمار في فلسطين مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يعزز من واجبها في تقديم الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني، مشددين على ضرورة تسريع وتيرة العمل وتركيز الجهود على مشاريع إغاثية فورية تستهدف النازحين داخل القطاع.
وفي حوار خاص مع الجزيرة نت، قال رئيس مجلس إدارة الهيئة زهير العمري إن الهيئة حرصت منذ اليوم الأول للعدوان على إعداد خطة من 3 مراحل للإغاثة والإيواء العاجل، تبدأ بالتدخل العاجل في أثناء العدوان وبعد وقفه، وتتمثل المرحلة الثانية في حصر وتقييم الأضرار في القطاعات كافة وترميم المباني، والثالثة هي مرحلة إعادة الإعمار.
وفي ما يلي نص الحوار:
بالنظر إلى التحديات الكبيرة في غزة، كيف تحدد الهيئة أولويات مشاريع الإغاثة والإعمار؟ وما المعايير التي تستخدمونها لضمان تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا؟في ظل التحديات المعقدة التي تواجه قطاع غزة، تتخذ الهيئات العاملة في مجال الإغاثة والإعمار نهجا منظما ومدروسا لتحديد أولويات مشاريعها. يتم إعطاء الأولوية للمشاريع بناء على معايير دقيقة تهدف إلى ضمان استجابة فعالة وملائمة للاحتياجات الأكثر إلحاحا للسكان المتضررين.
أحد العناصر الرئيسية في هذه العملية هو الاعتماد على فرق العمل الميدانية التي تتمتع بمعرفة عميقة بالوضع على الأرض. لدينا فريق هندسي نشط في القطاع، مع مكتب مركزي في رفح، جنوب قطاع غزة، يتيح لنا الوجود الميداني التواصل المستمر مع فريقنا، مما يساعد في متابعة التطورات والتحديات الجديدة أولا بأول، وتقييم الاحتياجات بدقة وتعديل الأولويات وفقا للظروف المتغيرة.
تشمل المعايير المستخدمة في تحديد الأولويات مدى الحاجة والضرورة، إذ تُعطى الأفضلية للمشاريع التي تلبي الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والماء والمأوى، كما يتم النظر في الأثر المتوقع للمشاريع، بحيث تُفضل المشاريع ذات الأثر الإيجابي المباشر والطويل الأمد على حياة السكان. بالإضافة إلى ذلك، تُؤخذ بعين الاعتبار مبادئ الاستدامة والقدرة على الصمود في وجه التحديات المستقبلية.
ما أبرز المشاريع التي قدمتها الهيئة في غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع؟ وكيف تعكس هذه الجهود الاحتياجات العاجلة للناس هناك؟نحن في الهيئة اتخذنا خطوات ملموسة ومبادرات إستراتيجية لتلبية الاحتياجات الحيوية للمدنيين الأكثر تضررا. لقد ركزنا بشكل أساسي على توفير الموارد الأساسية كالمياه الصالحة للشرب، وإنشاء مرافق إيواء مؤقتة، ودعم البنية التحتية الصحية المتضررة.
أولويتنا القصوى كانت تأمين إمدادات المياه، إذ قمنا بالتعاقد مع مقاولين لضمان نقل المياه من آبار سلطة المياه المحلية إلى المناطق الجنوبية للقطاع وهو ما أتاح لنا توزيع ما يقرب من 10 ملايين لتر من المياه الصالحة للشرب، كما نعمل حاليا على توسيع هذه المبادرة لتشمل شمال القطاع أيضا.
في سياق متصل، استثمرنا في شراء 7 محطات تحلية متنقلة تعمل بالطاقة الشمسية، قادرة على إنتاج نحو 450 مترا مكعبا من المياه يوميا، لتعزيز قدرتنا على الاستجابة بفعالية للأزمات المائية في أي منطقة داخل القطاع.
من ناحية أخرى، قمنا بتأمين 2500 خيمة مجهزة بمواصفات عالية لتوفير مأوى آمن ومستقر للنازحين، على الرغم من التحديات اللوجستية التي واجهتنا في نقلها إلى داخل القطاع. ونأمل أن تصل هذه الخيم بأسرع ما يمكن لتلبية الحاجة الماسة للإيواء.
بالإضافة إلى ذلك، تمكنا من الحصول على قطعة أرض بمساحة 180 دونما من بلدية رفح لإنشاء مخيمات مؤقتة، حيث نعمل على تجهيزها بكل ما يلزم من بنية تحتية وخدمات أساسية لضمان العيش الكريم للنازحين.
وضمن جهودنا لدعم البنية التحتية الصحية، قمنا بتقييم وضع 14 مستشفى تضررت بشكل جزئي أو كامل، وذلك بعدما طلبه منا المؤتمر الدولي الخاص بإعادة إعمار القطاع الصحي في غزة، الذي عقد في عمان فبراير/شباط الماضي.
تتجلى إحدى شراكتنا الإستراتيجية الرئيسية مع بنك التنمية الإسلامي، الذي نتعاون معه في تنفيذ عدد من أبرز مشاريعنا، ونحن منفتحون على التعاون وبناء الشراكات مع جميع الهيئات والمنظمات الدولية التي تشاركنا هدف دعم ومساعدة الشعب الفلسطيني.
وباعتبارنا جهة متخصصة في الإعمار، لدينا خبرة واسعة في تقديم الدعم للنازحين وتلبية احتياجاتهم من خلال مشاريع متنوعة تشمل مختلف المجالات، وهو ما يعزز قدرتنا على التأثير بشكل إيجابي في حياة الأفراد والمجتمعات داخل غزة، وتسهم بشكل مباشر في تحقيق أهدافنا الإنسانية.
في ضوء الوضع الراهن، ما الأهداف الطويلة الأمد التي تسعى الهيئة لتحقيقها في غزة؟ وكيف تخططون للتكيف مع التغيرات المستقبلية في السياق الإنساني والسياسي لضمان الاستدامة والتأثير المستمر؟نضع نصب أعيننا مجموعة من الأهداف الطويلة الأمد التي تتجاوز الإغاثة الفورية لتشمل بناء قدرات المجتمع وتحسين البنية التحتية الصحية، وهنا تبرز خططنا لإنشاء مستشفيات متخصصة ومراكز علاج لمرضى السرطان باستخدام الأشعة، والتي كانت ضمن خططنا السابقة لكن توقف تنفيذها بسبب العدوان.
مع الأخذ في الاعتبار التغيرات المستقبلية المحتملة في السياقين الإنساني والسياسي، نخطط لتوسيع نطاق خدماتنا لتشمل إقامة مراكز علاج نفسي للأطفال، وتوفير الدعم للأيتام والجرحى وذوي الاحتياجات الخاصة، إذ ندرك أن التحديات التي يواجهها شعبنا في أعقاب العدوان تتطلب جهودا مكثفة ومتواصلة لاحتواء الأزمات البيئية، الصحية، والنفسية التي نجمت عنه.
في هذا الإطار، نقدر أن التكلفة الأولية لإعادة إعمار غزة، بعد الدمار الواسع الذي شهدته، قد تصل إلى نحو 50 مليار دولار. وعليه، نؤكد ضرورة مساهمة الدول والمؤسسات المعنية في إنشاء صندوق مخصص لإعادة الإعمار.
إن التزامنا بمواجهة هذه التحديات والتكيف مع التغيرات المستقبلية يظل في صميم جهودنا لضمان استدامة تأثير عملنا في غزة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
السويد تعيد رسم خريطة مساعداتها.. وقف تدريجي لدعم 5 دول ومليارات لإعادة إعمار أوكرانيا
أعلنت الحكومة السويدية، اليوم الجمعة، عن قرار تدريجي بوقف المساعدات التنموية المقدمة إلى خمس دول خلال الأعوام المقبلة، على أن تُوجَّه هذه الأموال بشكل أساسي لدعم أوكرانيا التي باتت تتصدر أجندة السياسة الخارجية في ستوكهولم.
وقال وزير التعاون الإنمائي الدولي والتجارة الخارجية بنيامين دوسا إن بلاده ستبدأ خلال الفترة القادمة في إلغاء المساعدات الموجهة إلى زيمبابوي وتنزانيا وموزامبيق وليبيريا وبوليفيا، ضمن مراجعة واسعة لهيكل الإنفاق التنموي.
وأكد أن “أوكرانيا تمثل اليوم الأولوية القصوى في السياسة الخارجية والمساعدات السويدية”، مشيرًا إلى أن الحكومة تستهدف رفع حجم الدعم المخصص لكييف إلى ما لا يقل عن 10 مليارات كرونة سويدية (نحو 1.06 مليار دولار) في عام 2026.
وأضاف دوسا، في تصريحات لافتة، أن “الموارد ليست غير محدودة، ولا توجد آلة سرية لطباعة الأموال، وبالتالي فإن أي زيادة في الدعم لجهة معينة تتطلب إعادة توجيه من جهات أخرى”.
إعادة إعمار أوكرانياوبحسب الحكومة، فإن وقف المساعدات لتلك الدول الخمس سيتيح توفير أكثر من ملياري كرونة سويدية خلال العامين المقبلين، ستُحوّل مباشرة إلى أوكرانيا.
ومن المنتظر أن تُستخدم هذه الأموال في مشروعات حيوية لإعادة بناء البنية التحتية للطاقة التي تضررت بشدة جراء الحرب، إضافة إلى دعم القطاعات المدنية الأكثر تضررًا.
سياسة متشددة في إعادة ترتيب أولويات المساعداتويأتي هذا القرار في سياق تحولات واسعة تنفذها الحكومة منذ تولّيها السلطة في عام 2022، حيث سبق أن خفّضت السويد المساعدات لأكثر من عشر دول، من بينها بوركينا فاسو ومالي.
وتقول ستوكهولم إن رؤيتها الجديدة قائمة على “تكثيف الدعم للدول ذات الأولوية المباشرة للمصالح السويدية والأمن الأوروبي”.
مراجعة شاملة لميزانية المساعداتوتعد السويد واحدة من أكبر المانحين العالميين للمساعدات الإنسانية والتنموية، بميزانية بلغت 56 مليار كرونة سنويًا خلال السنوات الثلاث الماضية.
غير أن الحكومة أعلنت مؤخرًا عن نيتها خفض الميزانية إلى 53 مليار كرونة سنويًا بين عامي 2026 و2028، في إطار ما وصفته بـ“إعادة ترتيب الإنفاق بما يراعي الاحتياجات الاستراتيجية”.
وتشمل عملية إعادة الهيكلة تخصيص جزء من هذه الموارد لتغطية تكاليف تتعلق بالهجرة وإعادة المهاجرين إلى أوطانهم، وهو ملف أصبح يشغل حيزًا أكبر في الأجندة الداخلية السويدية خلال الفترة الأخيرة.
دلالات القراريرى مراقبون أن التوجه السويدي يعكس مقاربة جديدة للمساعدات الدولية تقوم على ربط التمويل بالأولويات الجيوسياسية المباشرة، بدلًا من التوزيع الواسع التقليدي. كما يشير التحول إلى تصاعد التأثير الذي تلعبه الحرب في أوكرانيا على المنظومة السياسية والاقتصادية في أوروبا، بما في ذلك إعادة توجيه موارد الدول الإسكندنافية نفسها.
وبهذا القرار، تواصل السويد الابتعاد تدريجيًا عن نموذج “المانح الإنساني الشامل” لصالح نموذج أكثر انتقائية يركّز على دعم الشركاء الاستراتيجيين، وفي مقدمتهم أوكرانيا، بينما تتراجع حصة الدول الإفريقية وأمريكا اللاتينية من المساعدات التنموية.