"الحنين إلى البَكَر" ضمن فعاليات مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
شهد مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والوثائقية، في دورته ال ٢٥، اليوم عرض برنامج "الحنين إلى البَكَر" الذي يضم ٤ أفلاما تحكي عن صناعة السينما ودار العرض وعلاقة الجمهور بها الآن، ومصيرها بعد تحديات المنصات الإلكترونية، بالإضافة لحنين لماضي يحمل في ذكرياته علاقة الجمهور بدار عرض السينما في السنوات الماضية.
الأفلام هي فيلم "جنة البكر" من الولايات المتحدة الأمريكية، وفيلم "سينما الدنيا" من سوريا مدته ١٦ دقيقة، اخراج عمرو علي، وفيلم "سينما مسرة" من مصر مدته ١٥ دقيقة، لستيفاني أمير، وفيلم "السينما..ولا شيئ سواها" من ليبيا مدته ٣٩ دقيقة، اخراج سعد العشة.
وبعد عرض الأفلام، أقيمت ندوة مع مخرجين الأفلام أدارها الناقد والمخرج أحمد رشوان.
وقال المخرج السوري عمرو علي : بداية فيلم "سينما الدنيا" جاءت منذ كنت طالبا وأسير بجانب هذه السينما القديمة، التى تكاد تكون بلا جمهور طوال الوقت، ولذلك قررت عمل فيلم عنها، خاصة إنها تعتبر آخر دار عرض سينما حقيقي بالمعنى المعروف في سوريا، وصامدة في ظل الظروف الإقتصادية والإجتماعية، وللأسف قد يكون مصيرها الإختفاء والإلتحاق بمعظم سينمات سوريا.
وقال المخرج الليبي سعد العشة : فيلم "السينما..ولا شيئ سواها" هو رحلتي في البحث عن صناعة السينما والأفلام الليبية، وعددها وأين هذا الأرشيف، فاتصلت بصناع هذه الأفلام اللذين ما زالوا على قيد الحياة، وبعض الكتاب، وتحدثت معهم، ولم يكن هناك خطة واضحة كيف يسير بي الفيلم، غير البحث ومحاولات الوصول لأرشيف الأفلام الليبية.
وعلق من الحضور الناقد أحمد عبدالعال بعد مشاهدته لأفلام برنامج "الحنين إلى البكر" : محزن أن نشاهد أفلاما تتحدث عن دار عرض تحولت إلى خرابات، خاصة في زمن ما كانت أدوار عرض السينما على أطراف حياة الناس، وفي كل مكان وفي كل حارة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: صناعة السينما
إقرأ أيضاً:
صناعة الأفلام.. ترويجٌ ثقافي
تشكل صناعة الأفلام شكلا من إبراز الثقافة في المجتمعات المحلية، فهي بما تحمله من مضامين ثقافية ومجتمعية قابلة للانتشار بشكل كبير تعد من الصناعات المهمة استراتيجيّا؛ حيث إنها تعتمد على المتعة والتشويق البصريين والسمعيين حتى تتكون علاقة عاطفية -وأحيانا عقلية- بين الصانع والمتلقّي، وهي في ذاتها تشكّل قوّة ناعمة تعود على سياسات الدولة بالنفع والقوة في علاقاتها مع الدول الأخرى، فالفن البصري يشكّل الصور الذهنية -بشقيها الإيجابي والسلبي- عن الشعوب والمجتمعات وبالتالي قادر على إحداث التغيير وتكوينه بما يتوافق مع الرؤى والخطط الوطنية.
تمتلك عمان تنوّعا ثقافيا واجتماعيّا وبيئيّا، مما يُمكّن من استغلاله لزيادة صناعة الأفلام وترويجها بطرق كثيرة، ويُمكن أخذ المثال المادي على ذلك وهو التنوع البيئي، فإن عمان تمتلك التضاريس الجغرافية المناسبة لصناعة أفلام مختلفة ومتنوعة من جبال وبحار وصحار وأرياف، وهي بذلك تشكّل مخزونا سينمائيا رائعا يُمكن استغلاله بالطرق المناسبة. كما أن هذا التنوع يُمكن توظيفه في سرد الحكايات المختلفة بما تمتلكه هذه البيئات من ثقافات وأساطير وسلوكيات وأفكار ولغات مختلفة. فكما أن هذا التنوع تم استغلاله في كتابة الأدب العماني، فتجد العديد من الكتّاب العمانيين قد استطاعوا توظيفه في أعمالهم الأدبية، منهم زهران القاسمي الذي وصلت رواياته إلى الخارج الغريب ثقافة عن المجتمع العماني وتُرجمت أعماله للغات عديدة، فإن هذا التنوع أيضا يُمكن استغلاله في صناعة الأفلام القصيرة والطويلة.
يبرز دور الأفلام في إبراز التعددية من خلال تعدد ظهور الهويات الصغرى المختلفة في عمان فيه، فعلى سبيل المثال يُمكن إبراز تعددية اللباس واللهجات واللغات في الأفلام العمانية حتى تبرز التعددية الثقافية.
توظف العديد من الدول الأفلام باعتبارها قوة ناعمة قادرة على الوصول إلى الجمهور العالمي، وتشكّل الصور الذهنية حول مجتمعاتها، فكانت ثورة الأفلام الأمريكية التي استطاعت الوصول إلى العالم أجمع بما لديها من قدرة إنتاجية ضخمة، ولم تكن مساهمة هذه الأفلام في صناعة الصور حول المجتمع الأمريكي فحسب، بل إنها -بشكل ما- استطاعت تشويش الحقيقة في العديد من القضايا التاريخية ومنها الغزو الأميركي للعراق، فتجد أفلاما مثل (American Sniper) تحاول تصوير وجود الجيش الأميركي في العراق على أنه وجود مشروع جاء لخدمة الناس لا للغزو، ولهذا فإن العديد من المتلقين الذين لا يعرفون ما الذي حدث تحديدًا في تلك الحقبة يُمكن أن يأخذوا هذه الفكرة من الأفلام الأمريكية ويسقطونها على الحدث معتقدين أنها الحقيقة. والأمر كذلك ينطبق على دول أخرى مثل كوريا الجنوبية في مسلسلاتها الدرامية، واليابان في الأنمي، وفي العالم العربي، كانت الأفلام المصرية هي الأكثر انتشارا وترويجا للثقافة المصرية، فإن العديد من المشاهدين العرب، عرفوا عن الثقافة المصرية وربما حفظوا الأماكن والعادات، بل وربما تمكنوا من اللهجة، من خلال الأفلام.
وعلى الرغم من أن السينما الثالثة كانت نوعا من رواية مضادة للعديد من الأفلام التي صنعت روايتها الحكومات، إلا أنها لم تستطع الوصول إلى ذات الانتشار الذي حققته الأولى.
ومن هنا تأتي أهمية المهرجانات الدولية والمنصات الرقمية في الترويج للأفلام المحلية، وقد شكّل مهرجان عين للأفلام القصيرة تجربة مثرية في عمان لأهمية هذه المهرجانات؛ لأنها أحدثت اهتماما محليّا وعربيّا بالأفلام المعروضة، كما أنها شجعت صنّاع الأفلام على الإبداع والخروج من القوالب التقليدية، إلى صناعة أكثر احترافية ومهنية قادرة على عكس الواقع الاجتماعي، لكن هذه التجربة بحاجة لتطوير وتكثيف مما يُمكّن من تنظيم مهرجانات أخرى أكثر قدرة على إخراج الإبداع. وكذلك تشكّل المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي قدرة على الترويج للأفلام المحلية بشكل أكبر إذا ما استغلت بشكل صحيح، وفيلم (الأسود لا يليق بك) من إخراج عيسى الصبحي والفائزة بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون فرع الفنون يشكّل أبرز مثال على ذلك، فالمشاهدات على اليوتيوب وصلت إلى مليون ومائتي ألف مشاهد، وكذلك مثلا المسلسل القصير (من حارتنا) من إخراج عبدالعزيز الجميلي وإنتاج مجموعة سيما، وصلت المشاهدات على اليوتيوب في الحلقة الأولى لأربعة وأربعين ألفا، وهذه الأرقام الضخمة تعني أن هذه الأعمال استطاعت الوصول إلى مشاهدين ليس فقط من داخل عمان، وإنما من الخارج أيضا، مما يعني ترويجا وانتشارا ضخما، يُمكن زيادته من خلال الاستراتيجيات والطرق الصحيحة.
تواجه صناعة الأفلام في عمان العديد من التحديات، فعلى الرغم من أن الصنّاع مستمرون في إبداعاتهم، وتكوين الشركات الصغيرة المهتمة بصناعة الأفلام، مثل (مجموعة سيما)، و(غرفة ستة) وغيرها، إلا أنهم يواجهون بعض التحديات فيما يتعلق بالإجراءات لصناعة أفلامهم، ما يؤخر تطور هذه الصناعة، كما أن الأمر ينطبق على صنّاع الأفلام من الخارج الذين يودون تصوير أفلامهم في عمان؛ حيث إن كثيرا من الإجراءات تعيق مثل هذه الشراكات المهمة، ولذا ينبغي أن يتم تكوين بيئة تشريعية مرنة وقادرة على احتواء الصناعة بما يخدم الإبداع المحلي. وبالحديث عن الصنّاع من الخارج، فإن استقطابهم يشكّل أهمية كبيرة؛ حيث إنه يساهم في نقل الخبرة إلى الداخل، فالقادمون من الخارج يأتون بخبراتهم وقدراتهم الإنتاجية، وتوفّر الخلطة للشباب العماني بالخبراء يساهم في تطوير صناعتهم ويجعلهم قادرين على عكسها على الصناعة السينمائية المحلية.
لا تقتصر تطوير الصناعة المحلية على جانب الترويج الثقافي فحسب، بل إنها تساهم في التطور الاقتصادي والسياحي كذلك؛ لأن الترويج للثقافة والتعددية المذكورة سلفا، يكوّن صورة ذهنية إيجابية عن الداخل العماني مما يزيد من الرغبة في السياحة والتعرف أكثر على هذه الثقافات والبيئات وبالتالي زيادة في الترويج الاقتصادي والسياحي لعمان، مما يزيد من الدبلوماسية الثقافية والناعمة قوة وتطوّرًا.
في المحصلة، السينما العمانية يُمكن أن تكون مرآة للذات ورسولا إيجابيّا للعالم، لذا فإن الاهتمام بهذه الصناعة وتطويرها، قادر على الترويج للثقافات المتعددة ومساهم في التطور الاقتصادي والسياحي في الداخل، وتمكين الشباب المهتمين هو الموصل لهذه النتائج جميعا، من خلال تسهيل الإجراءات وترويج الصناعة وتطويرها.
جاسم بني عرابة كاتب عُماني