(الجزيرة نت)
محمد زكريا
4/3/2024
الفاشر- تغيرت حياة زينب آدم بشكل جذري ولم تعد مستقرة وهادئة، بعد أن اندلعت الاشتباكات في مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، حيث تسكن مع عائلتها، فقررت الفرار من منزلها مع أطفالها بعد أن وصلت الاشتباكات إلى الحي الذي تسكنه، فغادرت بحذر تاركة زوجها عبد العزيز مع 3 أقارب لحماية المنزل من النهب والسرقة.



ولسوء حظهم، سقطت قنبلة في المنزل، وقتلت زوجها وأقاربها الآخرين، حيث لم يتمكنوا من الهرب بسرعة كافية للبقاء على قيد الحياة.

وبعد هذا الحادث المأساوي، وصلت زينب -وهي في الأربعينيات من عمرها- إلى مركز لإيواء النازحين جنوبي مدينة الفاشر، بحثاً عن الأمان والحماية، لكنها وجدت نفسها تعيش في ظروف قاسية ومعقدة للغاية، حيث يفتقر المركز إلى أبسط ضروريات الحياة اليومية، مثل المياه النظيفة والغذاء الكافي والرعاية الصحية.

تقول زينب للجزيرة نت "كنت أعيش حياة مستقرة وهادئة مع عائلتي قبل بدء الحرب، ولكن فجأة تغيرت حياتنا اليومية للأبد، وتسببت الحرب في نزوح آلاف الأشخاص، فاضطررنا للعيش كنازحين".

وتضيف "معركة البقاء أصبحت من أهم أولوياتنا في الوقت الحاضر، وعلينا الاستعداد لمواجهة التحديات بشكل يومي، مثل الحصول على الغذاء والمأوى".

المستشار السياسي لحكومة اقليم دارفور دكتور عبدالوهاب همت
المستشار عبد الوهاب همت للجزيرة نت: الحرب في السودان أدت إلى إفقار الشعب بشكل عام (الجزيرة)
"حرب إفقار"
منذ بداية الحرب في السودان وحتى اليوم، تستمر المعارك والاشتباكات العنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع في مختلف مدن البلاد، مما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا وتشريد الملايين من السكان.

وتعتبر هذه الحرب في السودان أحد أكثر الصراعات تدميراً واستمرارية، لما لها من آثار سلبية عميقة على الأفراد والمجتمعات في المنطقة، حيث شهدت الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في دارفور تغيرات جذرية، وتأثّرت الأسر والأفراد بشكل كبير، حيث فقدوا ذويهم، وتضررت الفرص التعليمية، واختفت الفرص الاقتصادية، كما أصبحت الحياة اليومية مليئة بالخوف والتوتر وانعدام الأمن.

يقول المستشار السياسي لحكومة إقليم دارفور الدكتور عبد الوهاب همت إن "الحرب في السودان أدت إلى إفقار الشعب بشكل عام، وإقليم دارفور خاصة"، وأشار في حديثه للجزيرة نت، إلى أن "الحرب تسببت في تحول المواطنين إلى نازحين ولاجئين، وأدت إلى زيادة حالات الجوع والخوف".

وتابع موضحاً أن "استمرار المعارك في مدن كبيرة مثل نيالا، وهي ثاني أكبر مدينة من حيث النشاط الاقتصادي، وتضم 37 فرعا لبنوك مختلفة، أدى إلى تحولها لمدينة أشباح بعد فرار السكان منها".

وأشار إلى انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة في مدينة الجنينة، حيث ظهرت حالات يشتبه بإصابتها بالكوليرا في بعض المناطق، مما يهدد حياة الآلاف الذين يفتقرون إلى العلاج، ويعيشون تحت ظلال الأشجار أو في خيام مهترئة.

وتزدحم بعض المدارس والمؤسسات الحكومية بأكثر من 300 عائلة في بعض الأحيان، ويخشى السكان من وقوع هجوم في أي لحظة، حيث أشار همت إلى أن "الاشتباكات العنيفة تحدث أمام أعين الأطفال، مما يؤثر سلباً على نفسيتهم وهم يشاهدون تدفق الدم في محيطهم".

وأضاف أن "الحياة الاجتماعية والصحية تتدهور إلى أدنى مستوياتها، ومن المثير للدهشة أن أغلب المنظمات الإنسانية تلتزم الصمت، رغم علمها بكل صغيرة وكبيرة حول ما يحدث في دارفور".

عدد من النازحين باحدي مراكز الايواء في مدينة الفاشر
النازحون يقضون أيامهم في بحث دائم ومستمر عن أبسط مستلزمات الحياة (الجزيرة)
تدهور شامل
ويقول مدير مركز الحياة الاستشاري للتأهيل الاجتماعي بدارفور الدكتور محمد سليمان حامد، إن "الحرب في دارفور لها تأثيرات واضحة على حياة السكان، حيث تغير نمط الحياة اليومي بشكل جذري".

وأوضح في حديثه للجزيرة نت، أن هذا التأثير يشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وقال إن"الصراع أدى إلى تفكك بعض الأسر، حيث تفرق الأفراد وانفصلوا عن بعضهم البعض، وأثرت أعمال العنف والاضطرابات الأمنية المستمرة على التعايش الاجتماعي، وزادت التوترات والصراعات الداخلية".

وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، قال حامد إن "الصراع أدى إلى تدمير البنية التحتية والمرافق الحيوية، مثل المدارس والمستشفيات والمزارع، مما تسبب في تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، كما تأثرت قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة بشكل كبير، مما أضعف الاقتصاد المحلي وأدى إلى تراجع الإنتاج، بالإضافة إلى التأثير الثقافي الذي خلفه الصراع في دارفور، لقد تم تشويه الهوية الثقافية وتفكيك الروابط الاجتماعية".

عدد من النازحين باحدي مراكز الايواء في مدينة الفاشر
المدن السودانية تشهد نقصا حادا في الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والغذاء (الجزيرة)
نزوح السكان
تسببت الحرب في نزوح ملايين الأشخاص في دارفور، حيث اضطر الكثيرون إلى الفرار من منازلهم والبحث عن ملاذ آمن في مخيمات النازحين، أو غيرها من المدن الأكثر أمانا، وأدى هذا النزوح إلى خسارة المنازل والممتلكات وتشتت العائلات.

تروي فاطمة سليمان، وهي ربة منزل من مدينة زالنجي بولاية وسط دارفور، تفاصيل حياتها اليومية وتأثير الحرب على حياة السكان، وتقول للجزيرة نت "الصراع الدائر حاليا حوّل السكان إلى مهمة البحث الدائم والمستمر عن أبسط مستلزمات الحياة".

وتعبر فاطمة بحزن عن خسارتهم لكل شيء، حيث فقدت 5 من أفراد أسرتها خلال الاشتباكات. وقالت إن "البلاد أصبحت فارغة ومتهالكة، مما يدفع الناس إلى التفكير في مغادرتها، إذ لم يعد هناك مستقبل واعد يستحق البقاء من أجله"، وتابعت قائلة "إن حياتهم قبل اندلاع الحرب كانت آمنة ومستقرة، لكنهم اليوم يعيشون جحيما لا يوصف".

بينما تقول إيمان آدم "رغم المحنة التي نمر بها، نعاني يوميا من الخوف الدائم الذي نعيشه، الذي سلبنا الأمن والطمأنينة". وأضافت أن العديد من الأشخاص يعيشون حالياً حالة من التوتر والقلق المستمر، نتيجة تجدد القتال بين الحين والآخر.

وبحسب إيمان، فإن "البلاد تشهد نقصا حادا في الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والغذاء، والانقطاع المستمر لهذه الخدمات يزيد من معاناتنا ويؤثر سلباً على جودة حياتنا اليومية، إضافة إلى ذلك، يتسبب القتال المستمر في نزوح العديد من العائلات وتدمير البنية التحتية، مما يؤدي إلى زيادة أعباء النازحين وتفاقم المشاكل الاقتصادية بشكل كبير".

المصدر : الجزيرة  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرب فی السودان للجزیرة نت فی دارفور فی مدینة أدى إلى

إقرأ أيضاً:

بسبب تعريفات ترامب.. الصين غيرت استراتيجياتها وحققت صادرات مذهلة

أفادت شبكة "سي إن إن" في تقرير لها بأن الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حققت فائضاً تجارياً قياسياً بلغ تريليون دولار أمريكي في الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الجاري، في إنجاز لم تحققه أي دولة أخرى، والذي يأتي رغم استمرار تأثيرات التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيما وصفته الشبكة بأنه "عرض مذهل للمرونة".

ويشير تحليل الشبكة إلى أن هذا الفائض المذهل جاء نتيجة تغيير الصين لاستراتيجيتها التجارية رداً على الحرب التجارية والتهديدات المتكررة بفرض رسوم جمركية باهظة على الواردات الصينية، مما أكد على أن "السوق الأمريكية ليست عصية على الاستبدال".

وكشفت استراتيجية المصدرين الصينيين عن جهود مضاعفة لتنويع الأسواق بعيداً عن الولايات المتحدة والتركيز بقوة على أسواق أوروبا وجنوب شرق آسيا وأفريقيا.

ووفقاً لبيانات الجمارك، ارتفعت صادرات الصين الإجمالية بنسبة 5.7 بالمئة خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام مقارنةً بالعام السابق. وقد عوض نمو الصادرات إلى أوروبا وجنوب شرق آسيا وأفريقيا بنسب 8.9 بالمئة و14.6 بالمئة و27.2 بالمئة على التوالي، الانخفاض الحاد في الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة بنسبة 18.3بالمئة خلال الفترة نفسها.

ويُعزى جزء من القدرة التنافسية الصينية إلى استراتيجية "صنع في الصين 2025" التي ضخت فيها بكين مليارات الدولارات في قطاعات استراتيجية، مما أسفر عن زيادة الصادرات بنحو 45% خلال السنوات الخمس الماضية، حسب شركة نومورا للخدمات المالية.

ورغم النجاح التصديري، تواجه الصين تحديات اقتصادية داخلية؛ فما زال قطاع العقارات يعاني من تباطؤ مستمر، وضعف الإنفاق الاستهلاكي أدى إلى ارتفاع الواردات بنسبة 0.2 بالمئة فقط في الفترة المذكورة. وقد أصبحت الصادرات بمثابة شريان حياة للاقتصاد في ظل التردد في إطلاق برامج تحفيز ضخمة.

في المقابل، تلوح في الأفق مخاوف خارجية متزايدة من سياسات حمائية، حيث أعربت حكومات الاتحاد الأوروبي والهند والبرازيل عن قلقها بشأن "إغراق" أسواقها بالسلع الصينية. وقد بدأ الاتحاد الأوروبي بالفعل بفرض تعريفات جمركية وإجراءات أخرى لمكافحة الإغراق على منتجات صينية، لا سيما السيارات الكهربائية.

ويتوقع خبراء اقتصاديون أن يظل الفائض التجاري قوياً العام المقبل، لكنهم يتوقعون تباطؤاً في وتيرة التوسع، مشيرين إلى أن جزءاً من النمو الحالي يعتمد على عمليات إعادة الشحن عبر دول جنوب شرق آسيا لتفادي الرسوم الجمركية الأمريكية. 

مقالات مشابهة

  • بسبب تعريفات ترامب.. الصين غيرت استراتيجياتها وحققت صادرات مذهلة
  • عاجل- محافظ القليوبية: «حياة كريمة» تستهدف تطوير الريف بشكل متكامل بمركز شبين القناطر
  • انهيار الجسور وتصدع السدود.. شاهد فيضانات واشنطن تبتلع مدينة كاملة وفرار السكان
  • قنبلة مائية تهدد الحياة البحرية: حموضة المحيطات ترتفع بشكل مخيف!
  • في ذكرى ميلاده.. أعمال درامية استلهمت أحداثها من روايات نجيب محفوظ
  • ياسمين عبد العزيز: العمرة غيرت تفكيري واكتشفت أن الحياة "ولا حاجة"
  • تقدم تدريجي.. روسيا تعلن السيطرة على مدينة سيفيرسك شرق أوكرانيا
  • تفاصيل اليوم الذي غيرت فيه القبائل اليمنية كل شيء
  • المجلس النرويجي: لابد من تجهيز مناطق الإيواء لإنقاذ حياة 1.29مليون غزاوي
  • وفاة صوفي كينسيلا مؤلفة روايات شوباهوليك الأكثر مبيعا عن عمر 55 عاما