سيدني-سانا

مع كل الفظائع المروعة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة وكل التبريرات الوقحة التي ما زالت تروج لها، فإن تغطية وسائل الإعلام لهذه الجرائم تفوق بوقاحتها وبشاعتها كل الأوصاف، وتتجاوز بانعدام إنسانيتها ما يقوم به كيان الاحتلال من قتل وتجويع وإبادة، كما قالت الكاتبة الأسترالية كيتلين جونستون.

جونستون أشارت في تقرير نشرته على منصة ميديام إلى تحيز وسائل الإعلام الغربية المتواصل حتى بعد مضي أشهر على المجازر اليومية التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة وتلاعبها بالحقائق لترويج روايتها الكاذبة على حساب آلاف الشهداء الذين يرتقون يومياً سواء تحت القصف الإسرائيلي أو جوعاً أو بسبب البرد والأمراض التي انتشرت بين المهجرين بفعل العدوان على غزة.

أمثلة كثيرة ساقتها جونستون على الألاعيب التي تمارسها وسائل الإعلام الغربية لتضليل الرأي العام بما فيها التلاعب بالألفاظ للتغطية على جرائم “إسرائيل”، وذلك يتضح في عناوين كثيرة ساقتها صحف أمريكية وبريطانية كبرى تجنبت فيها ذكر كلمة واحدة عن مجزرة الرشيد التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي الخميس الماضي عندما فتحت قواته النار على مئات الفلسطينيين الذين تجمعوا بعد انتظار شهور للحصول على مساعدات غذائية، ما أدى إلى ارتقاء أكثر من 112 شهيداً، وإصابة أكثر من 760 آخرين.

صحيفة نيويورك تايمز على سبيل المثال عنونت أحد تقاريرها بالقول: مع تجمع أهالي غزة الجياع.. إطلاق نار إسرائيلي وتدافع مميت، متفادية ذكر المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال وكأنها تسرد ألغازاً أو تشويقاً تلفزيونيا، ولم تذهب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية هي الأخرى بعيداً عن نظيرتها السابقة، حيث عنونت خبرها عن المجزرة بما يلي: قافلة إغاثة تتحول إلى فوضى مميتة مع تبادل الفلسطينيين والإسرائيليين اللوم.

صحيفة الغارديان البريطانية لم تخرج هي الأخرى عن السياق في وضع عنوان أكثر استخفافاً بالمجزرة وأكثر تضليلاً، حيث عنونت أحد أخبارها بايدن يقول: إن الوفيات المتعلقة بالمساعدات الغذائية تعقد محادثات وقف إطلاق النار، أما هيئة الإذاعة البريطانية التي اتسمت تغطيتها للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ تشرين الأول الماضي بالتحيز الأعمى والكامل لـ “إسرائيل” فقد زعمت في أحد عناوينها ارتباط وزارة الصحة الفلسطينية بالمقاومة، مستخدمة بذلك أسلوب التشكيك المقصود بعدد الشهداء وبمجريات الأحداث، كما اعتادت في تغطيتها لجرائم الاحتلال.

شبكة (سي إن إن) الأمريكية التي تشهد اعتراضات وانتقادات من موظفين عاملين لديها احتجاجاً على تحيز إدارتها الواضح والمستمر واعتمادها الرواية الإسرائيلية الكاذبة فقط مع تجاهل أي أصوات قادمة من غزة، وتمعن في تجاهل الحقيقة عما يجري في غزة، حيث أشارت إلى مجزرة الرشيد على أنها وفيات مرتبطة بتسليم مواد إغاثية وكأن هذه الإعانات هي من قتلت هؤلاء المدنيين الأبرياء وليست قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وقالت جونستون: إن تغطية وسائل الإعلام الإمبريالية لجرائم “إسرائيل” على مدى عقود سبقت العدوان الحالي على غزة ما زالت تعتمد أسلوب التحيز والنفاق والتضليل، فهي ببساطة تقوم بالتستر على الحقيقة وتضع القوى الاستعمارية وشركاءها في إطار إيجابي مختلق، أما من يناهض ممارساتها ويتصدى لإملاءاتها فهو دائما في إطار سلبي.

وأوضحت جونستون أن وسائل الإعلام الغربية لا تهدف إلى نقل الأخبار والوقائع، بل تقتصر مهمتها على تشكيل وتصنيع موافقة شعبية على ممارسات وقرارات النخبة السياسية الحاكمة.

باسمة كنون

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: وسائل الإعلام الغربیة

إقرأ أيضاً:

“قمة بريدج” تشهد تحالفات عالمية لحماية نزاهة المعلومات في عصر الذكاء الاصطناعي

 

 

 

استضافت “قمة بريدج 2025″، في يومها الأول بأبوظبي، جلسة دبلوماسية مغلقة رفيعة المستوى برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، جمعت نخبة من القادة وصنّاع القرار والخبراء الدوليين لمناقشة مستقبل نزاهة المعلومات في عالم يعاد تشكيله على إيقاع الذكاء الاصطناعي وتسارع التكنولوجيا الرقمية.

وجاءت الجلسة، التي امتدت لساعة كاملة تحت عنوان «تحالفات من أجل الشرعية والنزاهة في السرديات العالمية»، في توقيت يشهد فيه النظام المعلوماتي العالمي تحولات متسارعة، تصاعدت خلالها تحديات فقدان الثقة بالمؤسسات، وتنامي أنماط جديدة من التأثير والتلاعب عبر المحتوى المفبرك والمجتمعات الرقمية المغلقة.

واستهدفت الجلسة تعميق الحوار بين الجهات الدولية المعنية بتطوير الإعلام، ومحو الأمية الرقمية، وتدفقات المعلومات، دون السعي إلى تقديم حلول جاهزة، بل عبر استكشاف مساحات التوافق، ورسم ملامح إطار تعاوني محتمل يعزز الثقة ويقوّي مناعة المجتمعات والديمقراطيات في مواجهة اضطرابات المشهد الإعلامي العالمي.

وشارك في الجلسة نخبة من القيادات وصنّاع السياسات والخبراء، يمثلون مؤسسات حكومية ومنظمات دولية كبرى وكيانات إعلامية وشركات تكنولوجية عالمية. وأدار الجلسة كل من أديلين هولين، رئيسة وحدة محو الأمية الإعلامية في «اليونسكو»، وكريستوفر إيشام، رئيس قطاع الاستخبارات الأميركية في مجموعة CT.

وأكد معالي عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس تحالف “بريدج”، أن نزاهة المعلومات باتت التحدي الأكبر الذي يواجه قطاعي الإعلام والترفيه، مشيراً إلى أننا نعيش في زمن تتطور فيه التقنيات بخطى واسعة، وتتشكل فيه السرديات بسرعة غير مسبوقة تفوق قدرة المجتمعات على التقاط أنفاسها، فيما أصبحت الحقيقة نفسها ساحة صراع بين المصالح المتضاربة.

وتقدم معاليه بالشكر لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، على مشاركتها الفاعلة في القمة، مؤكداً أنها ضمير العالم وصوت الأخلاق، الذي يحمل على عاتقه منذ عقود مسؤولية حماية الفكر، وصون التنوع الثقافي، وبناء جسور التفاهم بين الأمم، مشيراً إلى أن مشاركتها في القمة تمثل شهادة على أن نزاهة المعلومات لا تزال معياراً لا يقبل المساومة.

وقال معالي رئيس تحالف “بريدج”: قمة بريدج وُجدت لتكون منصة تُعيد وصل ما انقطع بين الحكومات والمنظمات الدولية والمؤسسات الإعلامية وشركات التكنولوجيا والخبراء وصناع المحتوى. ورؤية القمة في قطاع الإعلام والترفيه قائمة على مبدأ بسيط وعميق: لا قيمة لتقنية لا تخدم الإنسان، ولا معنى لابتكار لا يستند إلى أخلاق.

وتابع معاليه: تتقاطع رؤية دولة الإمارات مع رسالة اليونسكو، إذ نؤمن بأنه لابد من إخضاع الخوارزميات لمنظومة قيمنا المشتركة وأنسنة التكنولوجيا الحديثة، وأن تُصبغ بقيم العدالة والاحترام والشفافية كي تُصبح رافعة للمعرفة لا أداة لتشويهها.

وأكد أن الجلسة أتاحت مساحة تفاهم مشتركة، تساعد على بناء مناعة معرفية تحمي مجتمعاتنا من المعلومات المضللة وتُمهد لتعاون دولي يحمي الحقيقة، ويعيد بناء الثقة، ويفتح الطريق نحو عالم تُدار فيه السرديات بروح مسؤولة تعلي الإنسان قبل كل شيء.

وشهدت الجلسة مداخلات لعدد من الشخصيات الدولية البارزة، من بينهم فخامة ماكي سال، الرئيس الأسبق لجمهورية السنغال، الذي قدّم رؤية حول استقرار الحوكمة من منظور دول الجنوب العالمي، ومعالي نورة الكعبي وزيرة دولة ، التي تحدثت عن دور الدبلوماسية الثقافية في بناء الثقة العابرة للحدود، وعبدالله الحميد من المكتب الوطني للإعلام في دولة الإمارات حول حوكمة الإعلام في عصر التحولات الرقمية، إلى جانب السير أوليفر داودن، نائب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، الذي تناول علاقة السياسات العامة بمناعة النظم الديمقراطية.

كما شارك في النقاش بيتر كيرستنز من المفوضية الأوروبية، متناولاً قضايا المعايير الرقمية والوضوح التنظيمي، وكارو كريل من «مؤسسة طومسون» حول صمود الإعلام المستقل، ونيخيل كولار من شركة «مايكروسوفت» حول أنظمة المحتوى وضوابط الذكاء الاصطناعي، إلى جانب نخبة من الخبراء والمتخصصين.

وتناولت النقاشات قضايا تتصل بكيفية إدارة الخطاب العام في زمن التدفق اللحظي للمعلومات، وتأثير الحملات الرقمية واسعة النطاق في تشكيل الرأي العام والأسواق، إضافة إلى سبل التصدي لسرعة انتشار المعلومات المضللة، وتأثير التفاعل المتبادل بين المحتوى الرقمي وتصورات الجمهور. كما ناقش المشاركون أهمية البعد الإنساني في الخطاب الإعلامي، ودوره في حماية الكرامة الإنسانية وتعزيز التماسك الاجتماعي. وأكدوا أن السرديات الإعلامية لم تعد تكتفي بعكس الواقع، بل أصبحت عنصراً فاعلاً في تشكيله، ما يجعل الحد من دوائر التضليل عاملاً محورياً في ترسيخ الاستقرار المجتمعي.

وأعرب المشاركون عن أملهم في أن تسهم خلاصات الجلسة في إغناء الحوار المستقبلي مع المنظمات الدولية المعنية بتطوير الإعلام ومحو الأمية الرقمية ونزاهة المعلومات، وأن تُشكّل إضافة نوعية للنقاش العالمي الذي تقوده المؤسسات الفاعلة في هذا المجال.وام


مقالات مشابهة

  • الكابينت الإسرائيلي يصادق على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية
  • “الإعلام الحكومي”: تصريحات السفير الأمريكي بدخول 600 شاحنة يوميا إلى غزة كاذبة
  • “الشعبية” تدين إعدام العدو الصهيوني 110 أسيرا فلسطينيا
  • “حماس” ترفض مزاعم تقرير العفو الدولية عن ارتكاب المقاومة جرائم في جيش العدو الصهيوني
  • أولمرت: المستوطنون يرتكبون “جرائم حرب” يومية في الضفة الغربية
  • “التعاون الإسلامي” تدين خطط الاستيطان الإسرائيلية الجديدة في الضفة الغربية
  • حل لغز القراءات الغريبة التي سجلتها مركبة “فوياجر 2” لأورانوس عام 1986
  • “حماس”: استشهاد الأسير السباتين دليل على سياسة القتل البطيء التي ينتهجها العدو الاسرائيلي بحق الأسرى
  • الجيش الإسرائيلي يعتقل نحو 100 فلسطيني في شمال الضفة الغربية
  • “قمة بريدج” تشهد تحالفات عالمية لحماية نزاهة المعلومات في عصر الذكاء الاصطناعي