القدس المحتلة- أجمعت تقديرات محللين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يعمد إلى إطالة أمد الحرب على غزة من خلال إدارة الصراع وليس التوجه نحو أية تسوية مع الفلسطينيين، حيث تنصب جهوده على البقاء في كرسي رئاسة الوزراء.

كما اتفقت هذه القراءات على أن خطة نتنياهو في إدارة الصراع -رغم الضغوطات الداخلية والخارجية- تتمحور حول الحفاظ على مبدأ لقاء المصالح مع الشركاء في الائتلاف الحكومي المؤلف من 64 من أعضاء الكنيست، وترحيل خطة اليوم التالي للحرب إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية.

وبحسب التحليلات، فإن نتنياهو، الذي يحظى بدعم "اليمين المتطرف" لا يبحث عن أي حلول للقضية الفلسطينية ولا للحرب على غزة ولا لملف المحتجزين الإسرائيليين.

فشل تام

كما رجحت هذه التحليلات أن نتنياهو، الذي يواجه المحاكمة بتهم فساد وخيانة الأمانة، يدير كافة هذه الملفات بحثا عن حلول للبقاء في منصب رئيس الوزراء والاستمرار في مسيرته السياسية، والبحث عن أي "صورة انتصار" لترميم مكانته بالمشهد الإسرائيلي.

ولتأطير مثل هذه الصورة، يمضي نتنياهو في سياساته بشأن العدوان على غزة رغم الضغوط الداخلية والخارجية الكبيرة، عبر الاعتماد على الشركاء في الائتلاف الحكومي الذين يتقاطعون معه في كافة الأجندة والسياسات، الأمر الذي مكنه من المناورة والمراوغة حتى في ملف المحتجزين، حيث يضع العراقيل لأفشال صفقة التبادل.

وقال المحلل السياسي المختص في العلاقات الإسرائيلية الأميركية محمد دراوشة إن "نتنياهو الذي يُعتبر فنانا في إدارة الصراعات والأزمات وليس حلها، يعتمد إستراتيجية صراع البقاء على كرسي رئاسة الوزراء، وهو ينجح في ذلك حتى الآن".

وأوضح دراوشة -للجزيرة نت- أن نتنياهو يسعى بسياساته إلى أن يكتب عنه التاريخ أنه سجّل صورة انتصار على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وهو من حرر المحتجزين الإسرائيليين في غزة.

لكن، يقول دراوشة "إن هاتين الصورتين لن تأتيا ولن تتأطرا ولا بأي شكل من الأشكال، وقد أثبتت أشهر الحرب الفشل تلو الآخر عسكريا ودبلوماسيا، وعدم تحقيق أي إنجازات".

ويرى أن نتنياهو يدير الصراع لمنع الوصول إلى مرحلة اليوم التالي لانتهاء الحرب، وهو ما يعني من وجهة نظر إدارة الرئيس الأميركي، جو بادين، والحلفاء الأوروبيين ودول عربية، حل القضية الفلسطينية، وهي الفكرة التي يعارضها نتنياهو أيديولوجيا.

ويعني اليوم التالي بالمشهد السياسي الإسرائيلي، كما يقول دراوشة "الذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة في مرحلة لا يحظى فيها نتنياهو بالأغلبية في الشارع الإسرائيلي، كما أن لديه إشكالية في ائتلافه المكون من 64 عضوا، إذ يخشى تمرد وزير الدفاع يوآف غالانت الذي تمنحه استطلاعات الرأي 9 مقاعد في حال انشق عن حزب الليكود".

حجب الثقة

وأشار المحلل السياسي للعلاقات الإسرائيلية الأميركية إلى أن إسقاط حكومة نتنياهو ليس بالضرورة من خلال التوجه لانتخابات مبكرة، وإنما أيضا حجب الثقة -الذي يحظى بدعم 61 من أعضاء الكنيست- يمكّن من تبديل رئيس الوزراء، وهذا سيناريو غير مستبعد في حال تمرد غالانت ومجموعة صغيرة من 4 أعضاء من الليكود.

وفي ظل هذه التحولات بالساحة السياسية والحزبية، يقول دراوشة "نرى نتنياهو يحاول العودة إلى ائتلاف حكومته الأصلي، وتفكيك حكومة الطوارئ والاستغناء عن الوزيرين في مجلس الحرب بيني غانتس، وغادي إيزنكوت من المعسكر (الوطني) والإعلان أحادي الجانب عن إنهاء الحرب".

ويعتقد المختص بالعلاقات الإسرائيلية الأميركية أن نتنياهو يفضل إنهاء الحرب من جانب واحد دون التوصل إلى أي اتفاق مع حماس، والسعي إلى تثبيت السيطرة الاحتلالية على قطاع غزة، وتقزيم دور غالانت وتحجيمه، والإبقاء على حكومة "اليمين المتطرف" حتى لو كان على حساب صدام قوي مع إدارة بايدن.

أما على الصعيد الخارجي والضغوطات التي تمارس على الحكومة الإسرائيلية، فيقول دراوشة إن "نتنياهو بحالة صدام مع إدارة بايدن والغرب منذ شهرين، حين أعلن أنه يعارض إقامة دولة فلسطينية، وتشاركه كافة أحزاب معسكر اليمين هذا الموقف".

ويشير إلى أن نتنياهو يراهن أيضا على الرأي العام في المجتمع الإسرائيلي، الذي يعارض بشدة الطرح الأميركي بإقامة دولة فلسطينية، ويرى في ذلك تقديم هدية للفلسطينيين مقابل الهجوم المفاجئ الذي تجلى في معركة "طوفان الأقصى".

وأكد دراوشة أن نتنياهو يوجد في حالة تحد مع بايدن، ويلعب في الساحة الأميركية الانتخابية، حيث يعتمد في سياساته على إطالة الحرب على غزة بأسلوب المماطلة والمراوغة ويراهن على فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية التي ستجري في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

أزمات متعددة

من جانبه، يعتقد الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن نتنياهو أمام أزمات متعددة الأبعاد وفي مقدمتها قانون تجنيد الحريديم، إلى جانب النتائج الميدانية للحرب على غزة والتي تتلخص في "صفر إنجازات إستراتيجية".

ويستعرض شلحت -للجزيرة نت- الأزمات الداخلية والخارجية التي تواجه نتنياهو وتتعلق بالفشل العسكري في غزة، قائلا إن "نتنياهو يوهم الرأي العام الإسرائيلي أن الجيش قاب قوسين وأدنى من نصر مطلق، وهو مصطلح أجوف والإصرار عليه والادعاء بإمكانية إطلاق المحتجزين تحت الضغط العسكري هو أيضا بلا رصيد".

ويلفت إلى أن المستوى العسكري الإسرائيلي يخرج خلافا لتصريحات نتنياهو ويؤكد أن الطريق إلى تحقيق أي إنجازات وحسم المعركة ما يزال طويلا، وهو ما يشير إلى تراجع الدعم الدولي لإسرائيل، وعدم شرعية الحرب واستمرارها حتى ببعض الأوساط الإسرائيلية.

ويوضح شلحت أنه رغم عدم حدوث تحول بموقف الولايات المتحدة من الحرب الإسرائيلية على غزة، فإن إدارة بايدن -"الذي يُعتبر رئيسا صهيونيا"- تمادت في توجيه الانتقادات في ظل تصاعد لهجة خطاب واشنطن ضد حكومة نتنياهو، وهي أكثر إدارة انتقادية في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية.

ويعتقد أن نتنياهو يعتمد، في سياساته بالحرب على غزة ومواجهة الأزمات الداخلية والضغوطات الخارجية، على الائتلاف الحكومي الذي يحظى بدعم أحزاب "اليمين المتطرف" وهو الذي يمكّن نتنياهو من تحدي كافة الأطراف وحتى أميركا، والاستمرار في حرب بلا نهاية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الیمین المتطرف أن نتنیاهو على غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

بعد استقالة جانتس.. بن جفير يطالب نتنياهو بضمه إلى حكومة الحرب الإسرائيلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

طالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بضمه وآخرين إلى مجلس الحرب الإسرائيلي، في أعقاب استقالة الوزير بيني جانتس.

وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" -على نشرتها الإنجليزية- أن وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير أرسل رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يطالبه بضم أعضاء جدد -على وجه التحديد هو نفسه- إلى حكومة الحرب، بعد انسحاب بيني جانتس وحزب الوحدة الوطنية من الائتلاف.

وقال بن جفير -في رسالة إلى نتنياهو نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي- إن تشكيل الحكومة حتى الآن لا يشمل سوى الوزراء الذين يتبعون الحكومة القديمة المقبولة للجيش، مع تجاهل الباقي ومنعهم، ولقد حان الوقت لجلب الوزراء الذين "حذروا من وجهة النظر هذه التي أدرك الجميع اليوم بأنها خاطئة"، وطالب بضمه إلى الحكومة المكونة من ثلاثة أعضاء.

كان بن جفير -الذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه مثير للجدل- قد أشار -في وقت سابق- إلى أنه يعتزم التنافس من أجل الحصول على سلطة أكبر لنفسه ولحزبه اليميني المتطرف "عوتسما يهوديت"، في أعقاب استقالة جانتس.

مقالات مشابهة

  • أستاذ بالجامعات الفرنسية: بفوز ترامب بانتخابات أمريكا سيسود اليمين المتطرف أوروبا
  • إعفاء الحريديم من التجنيد.. شبكة أمان لحكومة اليمين الإسرائيلية
  • ما مصير حكومة الطوارئ الإسرائيلية بعد استقالة غانتس ؟
  • هل تعمق استقالة غانتس أزمات إسرائيل الداخلية وتزيد عزلتها الدولية؟
  • فتح: استقالة قائد العمليات الإسرائيلية في غزة يشكل ضغطا على نتنياهو وحكومته
  • أول تعليق من إيران على استقالة جانتس من حكومة الحرب الإسرائيلية
  • «الجارديان»: استقالة جانتس تدفع نتنياهو نحو التحالف مع اليمين المتطرف
  • "الجارديان": استقالة جانتس من حكومة الحرب في إسرائيل تدفع نتنياهو نحو التحالف مع اليمين المتطرف
  • 3 وزراء في يوم واحد.. حكومة نتنياهو تتشظى بعد استقالة غانتس من مجلس الحرب الإسرائيلي ومعسكر اليمين يتهمه بـ “الانهزامي”
  • بعد استقالة جانتس.. بن جفير يطالب نتنياهو بضمه إلى حكومة الحرب الإسرائيلية