المشروع الإسلامي والعربي الإصلاحي: بين تجارب الماضي وتحديات المستقبل
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بدأنا نشهد في العالم العربي والإسلامي بروز العديد من المشاريع العربية والإسلامية للنهضة والإصلاح، سواء في المجال السياسي أو الديني، وكانت هذه المشاريع تنطلق ردا على المؤشرات حول الأزمات التي كانت بدأت تواجهها السلطة العثمانية وبدء سقوط بعض المناطق العربية والإسلامية تحت سيطرة الاستعمار (البريطاني والفرنسي والبرتغالي والإيطالي)، فيما كانت أوروبا ولاحقا أمريكا تشهد تطورات علمية واقتصادية وفكرية واجتماعية كبيرة، كما سقطت تجربة محمد علي باشا الإصلاحية في مصر في منتصف القرن التاسع عشر.
هذه التحديات دفعت المفكرين والعلماء المسلمين للبحث في أسباب الهزيمة وكيفية النهضة ولماذا يتقدم الغرب علينا، وبرزت أفكار ومشاريع الشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفغاني حول الإصلاح والدعوة للجامعة الإسلامية، كما كتب شكيب أرسلان كتابه الشهير: "لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟"، وبرزت في كل أنحاء العالم الإسلامي مشاريع متعددة لمقاومة الاستعمار وكيفية النهوض.
وبعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى (1914-1918) ومن ثم نهاية الخلافة العثمانية على يد أتاتورك في العام 1923، بدأ البحث عن البدائل لمواجهة هذا التحدي، وبرزت الحركات الإسلامية ومنها حركة الإخوان المسلمين ومن ثم التيارات السلفية وصولا لحزب التحرير وحزب الدعوة الإسلامية وغيرها من الأحزاب والحركات الإسلامية.
بعد معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة وتداعيات هذه المعركة الكبرى؛ عادت الأسئلة مجددا عن الحلول المطروحة والمشاريع العربية والإسلامية التي يمكن أن تقارب الأزمات الجديدة، وكيفية تحويل هذا التحدي الكبير إلى فرصة جديدة لاستعادة الوحدة وتقديم رؤية جديدة فكرية إسلامية أو عربية
كما قدّم الكثير من العلماء من الهند وباكستان إلى إيران والعراق وسوريا وفلسطين ولبنان ومصر وليبيا وتونس والمغرب والخليج؛ مشاريع نهضوية فكرية وفي مواجهة المشروع الصهيوني والاستعماري نشأت أيضا الأحزاب القومية واليسارية، ومنها حزب البعث والحزب القومي السوري الاجتماعي وحركة القوميين العرب، وكلها تحاول الإجابة عن أسئلة التقسيم والهزيمة والانهيار وكيفية تحرير فلسطين.
ولاحقا ظهرت التجربة الناصرية، فيما كانت الحركات الإسلامية تنتشر في بقاع الأرض وتواجه التحديات المختلفة، وبدأ يبرز علماء جدد يبحثون عن الحلول؛ ومنهم أبو الأعلى المودودي وسيد قطب والشهيد محمد باقر الصدر والإمام الخميني ونواب صفوي والإمام كاشاني والدكتور فتحي يكن، وعلماء ومفكرون آخرون، والكل يبحث عن الحلول الإسلامية للأزمات المختلفة، وبرزت تجربة مؤسسة التقريب بين المذاهب الإسلامية في مصر والتي لعبت دورا مهما في مواجهة الخلافات المذهبية الفقهية والفكرية.
ولاحقا، بدأ الفكر القومي العربي يتطور، وبعد هزيمة العام 1967 انتشر نقد الفكر الديني ومراجعة العقل العربي، وبدأت تبرز مؤسسات فكرية عربية تبحث في المشروع القومي العربي وأسباب الهزيمة؛ ومنها مركز الأهرام للدراسات في مصر ومركز دراسات الوحدة العربي ومعهد الإنماء العربي في بيروت.
ولاحقا وبعد الثورة الإسلامية في إيران، بدأت العودة مجددا إلى الفكر الإسلامي، ونشأت العديد من مراكز الدراسات الإسلامية والمعاهد الإسلامية للبحث في تأصيل العلوم الإسلامية؛ وكان أبرزها المعهد العالمي للفكر الإسلامي الذي نشأ في أمريكا، وغيره من المؤسسات الإسلامية التي عملت لتطوير المشروع الإسلامي كي يواكب المتغيرات.
وعاد مشروع الوحدة الإسلامية للبروز مجددا عبر مؤسسات جديدة بدأتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن ثم تجربة تجمع العلماء المسلمين في لبنان، وصولا لتجربة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي والاتحاد العالمي للعلماء المسلمين ومشاريع المرجع السيد محمد حسين فضل الله والإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين والعلامة الشيخ فيصل المولوي. ومن ثم شهدنا تجربة المقاومة الإسلامية في لبنان والتقارب القومي- الإسلامي والدعوات للحوار التركي- الإيراني- العربي، والعودة إلى فقه المقاصد وغير ذلك من الدعوات التجديدية في الفكر العربي والإسلامي، وصولا إلى تجربة الرفاه وحزب العدالة والتنمية في تركيا وتجربة مهاتير محمد في ماليزيا، ولاحقا الربيع العربي ووصول الحركات الإسلامية إلى الحكم وما نتج عن ذلك من صراعات وأزمات لا زلنا ندفع ثمنها إلى اليوم.
وإزاء كل حدث كبير يشهده العالم العربي والإسلامي كنا نشهد محاولات للمواجهة والتفكير والتجديد، والبحث عن الحلول للأزمات المختلفة.
واليوم وبعد معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة وتداعيات هذه المعركة الكبرى؛ عادت الأسئلة مجددا عن الحلول المطروحة والمشاريع العربية والإسلامية التي يمكن أن تقارب الأزمات الجديدة، وكيفية تحويل هذا التحدي الكبير إلى فرصة جديدة لاستعادة الوحدة وتقديم رؤية جديدة فكرية إسلامية أو عربية.
وعلى ضوء الكثير من النقاشات والحوارات التي تجري حول المشروع العربي أو الإسلامي الحضاري البديل، يدعو بعض الباحثين إلى تعميق التفكير بما يجري على ضوء التطورات الجارية للوصول إلى مشروع فكري جديد، وضرورة الإجابة على أسئلة أساسية في ما يخص الفكر الإسلامي المعاصر، ومنها: كيف نبني المفهوم الإسلامي بشكل علمي؟ وكيف نتأكد من كونه بديلا؟ وكيف نقابله مع الواقع والتجربة؟
على ضوء الكثير من النقاشات والحوارات التي تجري حول المشروع العربي أو الإسلامي الحضاري البديل، يدعو بعض الباحثين إلى تعميق التفكير بما يجري على ضوء التطورات الجارية للوصول إلى مشروع فكري جديد، وضرورة الإجابة على أسئلة أساسية في ما يخص الفكر الإسلامي المعاصر، ومنها: كيف نبني المفهوم الإسلامي بشكل علمي؟ وكيف نتأكد من كونه بديلا؟ وكيف نقابله مع الواقع والتجربة؟
واعتبر هؤلاء الباحثون أن هناك جملة ملاحظات يجب أخذها بعين الاعتبار، ومنها:
1- إن مسألة تجربة الطروحات الإسلامية في الاقتصاد لا زالت ضعيفة، ويجب إجراء المزيد الطروحات والتجارب في هذا المجال.
2- يجب التعمق في موضوع المفهوم، وهذه مسألة أساسية وجوهرية في الفكر الإسلامي.
3- يجب البحث عن طروحات عالمية للفكر الإسلامي، ومحاورة الرأسمالية.
4- البحث عن طروحات قابلة للتطبيق.
5- يجب أن يكون الطرح منهجيا، لأن المنهجية هي المسألة الأساسية، كما في الغرب.
6- إعادة فهم الغرب والعالم على ضوء المتغيرات الحصلة اليوم في العالم وتقديم رؤية جديدة قادرة على مخاطبة كل شعوب العالم، وخصوصا الذين تبنوا القضية الفلسطينية ودافعوا عنها.
7- الاستفادة من الثورة التكنولوجية الحاصلة اليوم والمساهمة الحقيقة في هذه الثورة بدل أن نكون مستهلكين لها.
8- بناء القوة واعتبار خيار المقاومة هو الأساس في أية مواجهة مستقبلية.
9- إعادة تصحيح العلاقات العربية والإسلامية، والوصول إلى أفضل علاقات بين الشعوب العربية والإسلامية ومع أحرار العالم.
هذه بعض الأفكار والطروحات اليوم لإعادة تقديم المشروع العربي والإسلامي البديل، مع التأكيد على ضرورة وجود مؤسسة وحدوية أو جهة قادرة على رعاية هذا المشروع بعيدا عن الخلافات المذهبية أو السياسية أو الفكرية.
فهل من يتصدى لهذه المهمة الكبرى اليوم؟
twitter.com/kassirkassem
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المشاريع الإصلاحية التحديات المسلمين أفكار الإصلاح تحديات المسلمين مشاريع أفكار مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العربیة والإسلامیة العربی والإسلامی الفکر الإسلامی الإسلامیة فی عن الحلول على ضوء ومن ثم
إقرأ أيضاً:
«معلومات الوزراء» يستعرض دور مراكز الفكر في السياسات العامة ودعم مسيرة الإصلاح الاقتصادي
في إطار فعاليات المؤتمر العلمي السنوي الثاني الذي ينظمه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، بالتعاون مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، بعنوان «الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية في مصر: الطريق إلى نمو مستدام»، بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وإشراف الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، وبحضور عدد كبير من المفكرين والخبراء والباحثين وأساتذة الجامعات والطلاب وممثلي الجهات التنفيذية والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية.
وفي هذا الصدد، شهد اليوم الأول للمؤتمر وضمن فعالياته، حلقة نقاشية بعنوان «دور مراكز الفكر في صياغة السياسات العامة ودعم مسيرة الإصلاح الاقتصادي في مصر»، أدارها الدكتور أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، بمشاركة الأستاذ الدكتور ماجد عثمان، الرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة» ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، والأستاذ الدكتور أشرف العربي، رئيس معهد التخطيط القومي ووزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري السابق، والأستاذ الدكتور أحمد عبد الله زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، والأستاذة الدكتورة جيهان صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، كمتحدثين خلال هذه الجلسة.
وفي كلمته الافتتاحية بالحلقة النقاشية، أشار مساعد رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى حالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن، وما تلقيه من ظلال على عمل مراكز الفكر، باعتبارها الجهات المنوط بها التفكير الاستراتيجي واقتراح السياسات الداعمة لصناع القرار.
وأوضح «الجوهري»، أن الهدف من هذه الحلقة النقاشية هو الوقوف على التحديات المشتركة التي تواجه مراكز الفكر المحلية، واستكشاف سبل تنسيق وتوحيد الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية، كما تم خلال الحلقة النقاشية طرح مجموعة من الأسئلة على السادة الحضور للاستفادة من خبراتهم العملية، سواء كرؤساء لمراكز فكر أو كقيادات وطنية كان لها دور بارز ومؤثر في دعم الاقتصاد المصري.
من جانبه، أعرب الدكتور ماجد عثمان، الرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة» ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، عن سعادته بالمشاركة في المؤتمر، مؤكدًا اعتزازه الكبير بالتواجد بين قامات متميزة تمثل لفيفًا متنوعًا من المجتمع، الأمر الذي يُعزز من ثراء النقاش وتكامل الرؤى داخل الفعالية.
وتناول «عثمان»، الدور الحيوي الذي تقوم به مراكز الفكر، مشيرًا إلى أنها تضطلع بأدوار مختلفة، حيث تتعامل مع قضايا متشابكة، كما طرح تساؤلات مهمة حول طبيعة الدور الذي يجب أن تقوم به مراكز الفكر: من يطرح رؤى بديلة للسياسات العامة التي تطبقها الحكومات؟، ومن يصوغ رؤى مستقبلية، سواء كانت كلية أم قطاعية؟ ومن يتقدم بأفكار غير تقليدية لحل مشكلات مزمنة طال أمدها؟.
وفي هذا السياق، تطرق الرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة» ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، إلى عوامل القوة التي تُمكّن مراكز الفكر من أداء دورها بكفاءة، ومنها: التزامها بالشفافية والحيادية، قدرتها على استيعاب كافة الأفكار والتيارات، قدرتها على بناء شبكة واسعة من الشراكات محليًا ودوليًا، وتوظيف المعرفة في تحقيق النجاحات العملية.
في المقابل، أشار «عثمان»، إلى عدد من عوامل الضعف التي تعاني منها مراكز الفكر، وعلى رأسها ضعف اقتناع بعض شرائح المجتمع بأهمية المنهجية العلمية كأساس لصنع القرار، وهو ما ينعكس سلبًا على تفاعل المجتمع مع مخرجات هذه المراكز.
كما تناول «عثمان»، التحديات التي تواجه مراكز الفكر، والتي تتضمن الحاجة إلى تحقيق التوازن بين سرعة إنجاز الأعمال وجودة المحتوى العلمي، إضافة إلى صعوبة تحقيق استجابة سريعة من قِبل بعض الخبراء الأكاديميين، خاصة في ظل تعقيد القضايا المطروحة، والتي غالبًا ما تكون قضايا مركبة ذات أبعاد اجتماعية وسياسية واقتصادية وتشريعية وأمنية، بل وشعبوية تتعلق بالرأي العام، كما تعمل مراكز الفكر أحيانًا في بيئة تتسم بنقص الاهتمام ونقص البيانات، ما يعيق فاعلية التحليل وسرعة اتخاذ القرار.
وأكّد «عثمان»، أن من معايير النجاح الأساسية لمراكز الفكر هو قدرتها على طرح موضوعات جديدة لم يسبق لمتخذي القرار أن تناولوها من قبل، بجانب قدرتها على دمج العرض والطلب في التحليل والفهم وصياغة السياسات، وهو ما أشار إليه أيضًا الدكتور أسامة الجوهري، الذي اعتبر هذا الدمج من السمات الجوهرية في التفكير الاستراتيجي لمراكز الفكر.
وفي سياق متصل، استهل الدكتور أشرف العربي، رئيس معهد التخطيط القومي ووزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري السابق، كلمته بالتأكيد على أهمية المؤتمر في ظل ما يمر به العالم من تحديات، لافتاً إلى أهمية دور مراكز الفكر، وضرورة تكاملها وتعاونها مع بعضها البعض وعلى رأسها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وذلك لخدمة صانع القرار نظراً لما تمتلكه هذه المراكز من مخزون وتراكم معرفي وبحثي هائل، مستعرضاً عدداً من الدراسات والتقارير التي يعدها معهد التخطيط القومي والمتعلقة بقضايا وقطاعات حيوية تدعم جهود الدولة التنموية.
وفي إطار حديثه عن التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد المصري، أكد «العربي» أن قضية الادخار المحلي تمثل عنصرًا أساسيًّا يجب التركيز عليه، مطالباً بضرورة العمل الجاد على تعزيز الصادرات المصرية، ورفع تنافسيتها في الأسواق العالمية، باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لتحقيق توازن تجاري مستدام ودفع النمو الاقتصادي القائم على الإنتاج.
وتحدث «العربي» كذلك، عن أهمية الذاكرة المؤسسية التي يمتلكها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مؤكدًا أنها لا يجب أن تقتصر على جهة واحدة، بل يجب أن تتسع لتشمل كل مراكز الفكر في الدولة، واختتم كلمته بالتأكيد على ضرورة وضع آلية واضحة لمتابعة التوصيات التي تخرج عن هذا المؤتمر، مؤكدًا أن أي جهد فكري أو مؤسسي لا تُترجم مخرجاته إلى سياسات وإجراءات عملية، سيظل ناقص الأثر وقاصرًا عن بلوغ الأهداف المنشودة.
من جهته، افتتح الدكتور أحمد عبد الله زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، كلمته بطرح تساؤل محوري حول الدور الذي تلعبه المؤسسات المعرفية في الواقع المعاصر، وما إذا كانت قادرة على التأثير في عملية صناعة السياسات العامة، خاصة في السياقات العربية والمصرية.
وأشار «زايد»، إلى أن من أهم الإشكاليات التي تواجه هذا الدور، هي مدى وجود علاقات قوية ومنظمة بين مراكز الفكر وصنّاع القرار، وتساءل: هل لدينا - في المجتمعات العربية، وفي مصر على وجه التحديد- ما يمكن أن يُطلق عليه صناعة فكر مؤسسية تسهم بشكل مباشر في توجيه السياسات العامة؟ نعم، توجد مراكز فكرية متعددة، لكن هل تمتلك هذه المراكز نموذجًا مؤسسيًا واضحًا لصناعة الفكر؟ وهل تتمكن البحوث التي تُنتجها من إثارة النقاشات العامة حول قضايا السياسات؟ هذا هو التحدي الحقيقي.
وأكد «مدير مكتبة الإسكندرية»، أن الدولة الرشيدة هي التي لا تنتظر الأزمات كي تتحرك، بل تسعى إلى إنتاج المعرفة والبحوث أثناء الأزمات وأيضًا قبلها، وذلك لاتخاذ قرارات رشيدة مبنية على بيانات وتحليلات علمية، لافتاً إلى أن العديد من الدول الأوروبية الكبرى نشأت وتقدّمت بالاعتماد على بحوث علمية كتبت في فترات حرجة، كانت بمثابة الأساس في صياغة السياسات العامة وصناعة القرار.
من جانبها، أكدت الدكتورة جيهان صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، أنه من الضروري أن تضطلع مراكز الفكر بدور فعَّال في تقديم وتنفيذ الأفكار الخارجة عن الأطر التقليدية، وتحديد أولويات الإصلاحات الهيكلية المطلوبة، مشيرة إلى أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، قد قام بطرح العديد من الأفكار البناءة في هذا السياق، منها تمكين القطاع الخاص وتخارج الدولة من بعض القطاعات، وذلك من خلال إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة، لتحديد القطاعات التي ستتخارج منها الدولة، وذلك بعد عقده العديد من الجلسات الحوارية وورش العمل والاستماع لآراء ووجهات نظر كافة الخبراء والمهتمين والمعنيين بهذا الشأن بما يضمن التوافق على هذه الوثيقة قبل إطلاقها بشكل رسمي.
وأوضحت «المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء»، أن دور مراكز الفكر أساسي ومهم للغاية، إلا أن هناك تحديات تواجهها، مسلطة الضوء على قيام مركز المعلومات بإطلاق مؤشر لقياس أسعار السلع، وتحليل أسباب التضخم، لتقديم هذه المعلومات لصانع القرار، وهو ما يؤكد أهمية الدور الذي تلعبه هذه المراكز وأهميتها لدى صانع القرار.
اقرأ أيضاً«كجوك»: 3 أولويات للسياسات المالية لدفع النشاط الاقتصادي وخفض مديونية الحكومية
رئيس الوزراء: الاقتصاد العالمي يُعاد تشكيله الآن والحقبة الجديدة ملامحها غير واضحة