مهما عاش الإنسان وعمَّر في الأرض فإنه وفقاً لسُنة الله في خلقه مقبوض حتماً أي ميت وراحل عن دنياه في النهاية، وأيا كان عمر الإنسان فهو وانطلاقاً مما عاشه من عمر فهو في طريقه إلى الله، وإذا كان الإنسان كذلك، فكيف بعد نهاية عمره سيلقى الله؟ هل سأل نفسه ماذا أعد للقاء الله؟ ماذا قدّم من إيمان وعبادة وإصلاح في الأرض كي يستعد ليوم القيامة؟ هل كان صادقاً في ذلك؟ فالمسلم التقي الذي عبد وأخلص في عبادة الله جل وعلا، وأطاعه في أوامره ونواهيه وأحكامه، وعمل بسنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، هو الرابح الأكبر يوم العرض على الله، ومن نعم الإسلام علينا أن تعددت أركانه وشرائعه ومنها، صوم شهر رمضان، هذا الشهر الذي يعتبر فرصة كبيرة للإنسان المسلم إذا ما أحسن إسلامه وصيامه وقيامه، وكان عاملاً بأحكام الله وسنة رسوله طوال هذا الشهر الكريم، هذا الشهر الذي يأتي مرة للإنسان كل عام، وكلما عاش الإنسان وعمّر فإنه يدعو الله دائماً بأن يتمكن من صوم شهر رمضان القادم، ومن أجل أن يغتنم أيامه المعدودة التي هي هبة السماء إلى الأرض، كيف لا وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن! وقد أشارت لنا الآيات القرآنية إلى فضائل الصوم وأحكامه ونواهيه، ففيه العشر الأولى "الرحمة"، وفيه العشر الثانية "المغفرة"، والعشر الثالثة "العتق من النيران"، بل وفيه ليلة القدر التي ذكرها الله في كتابه الكريم ووصفها بأنها خير من ألف شهر في العمل والعبادة، ليصبح شهر رمضان كله خيرا ونورا وبركة وفرحة وسعادة للإنسان المسلم، ودافعا لتقواه وقربه وإخلاصه لله، وما على الإنسان المسلم سوى بذل الجهد في الأعمال الصالحة من صلاة، تقديم الصدقات، إطعام الفقراء والمحتاجين، من أجل نيل المغفرة من الله.
فيا رب ندعوك أن نصوم رمضان إيمانا واحتسابا لنيل عفوك ورضاك، وبألا تحرمنا إحسانك إذا قصرنا، ولا تمنعنا فضلك بغفلتنا، وحقق لنا ما نرجو ونتمنى، وارفع عنا الوباء والبلاء، واجعلنا من الشاكرين والحامدين بنعمك، والراضين بحكمك، ومن السعداء بقضائك، ومن القائمين على ذكرك، والطامعين في رضاك ورحمتك وعفوك وجنتك، ومن العاملين بقرآنك وسنة نبيك، ومن المحبين لرسولك والطامعين في شفاعته يوم العرض عليك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً: