أكد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خلال أولى حلقات برنامج: (في رحاب القرآن الكريم)، اليوم الاثنين 1 رمضان 1445هـ الموافق 11/ 3/ 2024م، والذي يذاع على القناة النيل الثقافية، أن القرآن الكريم هو كتاب الكمال والجمال، وكيف لا؟! وهو أصدق الكلام وأبلغه "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا"، "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا"، وهو أحسن القصص وأبلغه.

حيث يقول الحق سبحانه: "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ" وهو أحسن الحديث، حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى): "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ"، ويقول سبحانه: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا".

أسرار الهجر الجميل في القرآن الكريم

وتابع وزير الأوقاف: هو كتاب هدى، حيث يقول الحق (سبحانه): "آلم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ"، وهو كتاب رحمة وشفاء؛ حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى): "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ"، وهو كتاب نور، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: "وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا".

كما أكد أن القرآن الكريم قد تحدث عن الصبر الجميل، والصفح الجميل، والقول الجميل، والسراح الجميل، والوجه الجميل، واللباس الجميل، والسعي الجميل، والعطاء الجميل، والعيشة الجميلة حديثًا كله كمال وجمال، أما الصبر، فيقول الحق سبحانه وتعالى على لسان سيدنا يعقوب (عليه السلام): "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ"، والصبر الجميل هو الذي لا شكوى معه، ولا سخط معه، ولا ضجر معه، وهو صبر الرضا بقضاء الله وقدره، وعندما مَرَّ النبيُّ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) بامْرَأَةٍ فقدت ولدها، فَقالَ لها: "اتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي قالَتْ: إلَيْكَ عَنِّي، فإنَّكَ لَمْ تُصَبْ بمُصِيبَتِي، ولَمْ تَعْرِفْهُ، فقِيلَ لَهَا: إنَّه رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَتْ بَابَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقالَ: إنَّما الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى"، أي: عند أول نزول المصيبة، ومن الصبر الجميل ما كان من التابعي الجليل سيدنا عروة بن الزبير -رضي الله عنهما- ذلك أنه أصابه داء أدى إلى قطع رجله، فجاءه أحد الناس يعزيه، وظن أنه يعزيه في قطع رجله، فقالوا: إنه يعزيك في ولدك محمد إنما أصابته دابة فقتلته، فقال: "الحمد لله، إن لله ما أعطى، ولله ما أخذ، اللهم إنك قد أعطيتني أربعة من الولد فأخذت واحدًا وأبقيت لي ثلاثة، وأعطيتني أربعة من الأعضاء، فأخذت مني واحدًا وتركت لي ثلاثة، فإن كنت أخذت، فقد أعطيت وإن ابتليت فقد عافيت، فلك الحمد يا رب العالمين، ودخل عليه إبراهيم بن محمد بن طلحة، فقال يا أبا عبد الله لقد سبقك ابن من أبنائك وعضو من أعضائك إلى الجنة، فقال: ما عزاني أحد بأحسن مما عزيتني به، ولما مر أحدهم على رجل مقطوع اليدين، مقطوع الرجلين ويقول: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيرًا من الخلق، فقال له أحدهم: ومما عافاك الله؟ فقال: الحمد لله الذي جعل لي لسانا ذاكرًا وقلبًا خاشعًا وجسدًا على البلاء صابرًا، هذا هو الصبر الجميل، الذي يوفى فيه الصابرون أجرهم بغير حساب: "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ".

علي جمعة : الله وصف نفسه بـ 240 صفة في القرآن علي جمعة: المسلمون فقط من يدخلون الجنة معلومة مغلوطة.. فيديو

كما تحدث القرآن الكريم عن الصبر الجميل، وهو الذي لا ضجر معه، ولا سخط معه هو الذي يرضى فيه الإنسان بقضاء الله وقدره رضا التسليم، وتحدث كذلك القرآن الكريم عن الصفح الجميل، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى لنبينا (صلى الله عليه وسلم): "فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ"، والصفح الجميل هو الذي لا مَنَّ معه، وهو ما كان مِن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم أن دخل مكة، وقال: يا أهل مكة، ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم، وابن أخ كريم، فقال (صلى الله عليه وسلم): "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، ولما سلط عليه أهل الطائف عبيدهم وصبيانهم يرمونه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الشريفتين، وجاء جبريل (عليه السلام) يقول: يا محمد، ملك الجبال يناديك لو شئت لأُطْبقَنَّ عليهم الأخشبين - وهما جبلان بمكة - ولكنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: لا يا أخي يا جبريل، ولكني أقول: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، إني لأرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله، فقال له جبريل (عليه السلام): "صدق من سماك الرؤوف الرحيم"، ولما أخطأ غلام في حضرة سيدنا عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه) نظر إليه سيدنا عمر فقال الغلام: "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ"، قال: كظمت غيظي، فقال: "وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس"، قال له سيدنا عمر بن عبد العزيز: قد عفوت عنك، قال: "وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، فقال سيدنا عمر بن عبد العزيز: اذهب فأنت حر لوجه الله، هذا هو الصفح الجميل.

واختتم وزير الأوقاف قائلا: تحدث القرآن الكريم عن الهجر الجميل: "وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا" وهو الذي لا أذى معه، بعض الناس قد يكون شريكًا لإنسان في أمر من أمور الدنيا فإذا ما اقتضى الأمر أن تنفصل الشركة - مثلا - قال: سأدمرك، سأفعل به كذا وكذا، سأنتقم منك، هذا ليس من الإسلام في شيء، ولا من الأديان في شيء، ولا من الإيمان في شيء، إذا كان رب العزة (عز وجل) يقول لنبينا (صلى الله عليه وسلم) في شأن من آذوه وكفروا به: "وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا"، لا أذى معه، ولا انتقام فيه، ولذلك من علامات الإيمان رحم الله امرءًا سمحًا في كل شيء، دخل رجل الجنة بسماحته قاضيًا ومتقاضيًا، بائعًا ومشتريًا، أما اللدد في الخصومة، وحب الانتقام فمن علامات المنافقين؛ حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ"، نعوذ بالله من كل هذا ومن المنافقين، ونسأله سبحانه أن يهدينا إلى مكارم الأخلاق.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وزير الاوقاف القران الكريم في رحاب القرآن الكريم الصبر الجميل صلى الله علیه وسلم یقول الحق سبحانه سبحانه وتعالى القرآن الکریم وزیر الأوقاف هو الذی لا سیدنا عمر هو کتاب

إقرأ أيضاً:

ادعوا الله فـي كـل وقـت وحـين.. فأبواب الخالـق لا تغلق

«التوكل في أعمق معانيه هو أن يكون لديك إيمان كامل وراسخ في القلب بأن الله سيهتم بك حتى عندما تبدو الأمور مستحيلة» ما أجملها من عبارة مثرية للروح، محفزة للعطاء، مفرحة للقلب، مشجعة على تقبل الواقع الذي نعيشه، وبأننا نعيش في حفظ الله ورعايته، وأمرنا بأن نعمل على تصحيح مسارات الطرقات التي نسلكها في أيامنا المعدودة في الحياة الدنيا، وأوجب علينا تلافي الهفوات والبعد عن الزلات وما يشوبها من معاصٍ وآثام تغرق في لجّها القلوب الضعيفة.

أيها الإنسان، مهما عظمت الخطايا والذنوب فإن أبواب السماء لا تُغلق، والعبد طالما يعيش على الأرض مطالب بأن يرجع إلى الخالق سبحانه وتعالى في أي وقت وحين، لا ينتظر تقلبات الظروف أو انتهاء العمر، بل عليه أن يسارع قدر ما استطاع للتوبة والمغفرة من دنس الذنوب، فيلجأ إليه سبحانه في كل وقت وحين، ويتوكل عليه في جميع أمور حياته، ليس فقط عندما يشتد به البلاء وتعظم في سجلاته الذنوب ويحاصره الندم على الخطايا، بل يجعل لنفسه رقيبًا على تصرفاته وأعماله، فالإنسان طبيب نفسه، فهو الذي يعلم ما يوجع جسده وقلبه، وفي كل وقت وحين عليه أيضًا أن يضع نصب عينيه مراعاة الواجبات التي أمره الله بها، ولا يكتفي بحقوقه الإنسانية ونزعاته الشيطانية لكي تدله على السير في دروب الحياة.

من الأشياء الواجب تذكرها، أن بعض الأحيان تمر على الإنسان أقدار صعبة، مؤلمة، وقد تكون طويلة الأمد، وربما تتفجر عيونه من البكاء لشدة ما يعانيه من الألم الجسدي والنفسي، يشعره باختناق في الأنفاس، لكن ليس أمامه سوى طريق الرضا بما قُدّر لك، واليقين بأن الله تعالى يختبر إيمانه، وعلى قدر صبره يعوّضه خيرًا، قد لا تبدو أمامنا أحيانًا سبل الفرج واضحة الملامح، ونُصاب بنوع من اليأس والقنوط، فيدفعنا الله بما أنزل في قرآنه العظيم بعيدًا عن هذه الحالة الانهزامية حيث يقول سبحانه: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»، لن نذهب إلى المعنى الذي نزلت فيه السورة، ولكن ما يعنينا هنا هو أمر الله تعالى بعدم القنوط من رحمته.. ولنعلم جميعًا بأن الله إذا أراد شيئًا هيأ له أسبابه بشكل لا يخطر على البال.

حتى أن أبواب التوبة تظل مفتوحة أمام الإنسان ما لم يُغرغر، الدعاء والمناجاة لله سبحانه أمور يجب أن ندرك قيمتها ومعانيها العظيمة.

يقول علي بن أبي طالب -كرّم الله وجهه-: «كنت أطلب الشيء من الله، فإن أعطاني إياه كنت أفرح مرة واحدة، وإن لم يعطني إياه كنت أفرح عشرات المرات، لأن الأولى هي اختياري، بينما الثانية هي اختيار الله عز وجل، فكل ما يأتي من الله جميل».

فقد ورد في الحديث عن أبي يحيى صهيب بن سنان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» رواه مسلم.

أصبح من الضروريات على الإنسان تجاه ما يلاقيه من مشقة وتعب هو الاستعانة بالله تعالى وتذكر ما قيل منذ زمن: «لا تكره شيئًا اختاره الله لك!»

فعلى البلاءِ تؤجر، وعلى المرض تؤجر، وعلى الفقدِ تؤجر، وعلى الصبرِ تؤجر، فرب الخير لا يأتي إلا بخير! قرأت ذات مرة منشورًا جميلًا يقول: «ربما خيرًا لم تنله كان شرًا لو أتاك».

دائمًا وأبدًا.. الخِيَرة فيما اختاره الله لك، ثق بالله.. يقول الشاعر:

اليأس يقطع أحيانًا بصاحبه

لا تجزع فإن الصانع الله

الله يُحدث بعد العسر ميسرة

لا تيأس فإن الفارج الله

والله مالك غير الله من أحد

فحسب الله، في كلٍّ لك الله

ما أعظمك يا الله، تمنح وتمنع، وكل شيء لديك خير، فلما تضيق الدوائر على الإنسان ويصل به الحزن إلى دركات الألم، يأتي من الله الفرج، فالإمام الشافعي -رحمه الله- يقول: «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها، فُرِجَت، وكنت أظنها لا تُفرج»، إذًا من علامات الفتح شدة الضيق، وإنك تحس أن الدنيا من حواليك كلها مُقفلة الأبواب والطرقات. ولكن اطمئن، فإن مع العسر يُسرًا، ادعُ الله في كل أوقاتك فإن أبواب الخالق سبحانه لا تغلق.

مقالات مشابهة

  • ارتياح بين طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بالشرقية عقب أداء امتحان مادتى القرآن الكريم والكمبيوتر
  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: يوضح دلالات حديث القرآن عن الجبال
  • تكريم 300 دارسة في ختام الأنشطة السنوية بمدارس القرآن الكريم بالعوابي
  • أبو جهل يحاصر الشِعب ويغلق المعابر
  • قوافل النور تضيء جامعي الأموي والحمزة والعباس لسرد القرآن الكريم كاملاً في يوم واحد
  • تكريم الفائزين بمسابقة القرآن الكريم بشمال الباطنة
  • آيات الشفاء في القرآن الكريم من كل داء والأمراض المستعصية
  • كيف تفتح صفحة جديدة مع الله؟.. انجُ بنفسك بـ4 كلمات
  • ادعوا الله فـي كـل وقـت وحـين.. فأبواب الخالـق لا تغلق
  • «مش بغير عليه.. وارتباط اسمي بمحمد فراج ظلمني».. أبرز تصريحات بسنت شوقي في أسرار النجوم