لجريدة عمان:
2025-05-24@18:33:26 GMT

الإسلام وأهل الكتاب.. النشأة الإبراهيمية

تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT

رمضانَ الجاري.. أعرض فيه خمسة مقالات عن العلاقة بين الإسلام وأهل الكتاب، كثيرون كتبوا حول هذه العلاقة، بيد أن كتاباتهم مستمدة من التراث اليهودي والمسيحي والإسلامي، أو بالتحليل التأريخي وفقًا لرؤية أيديولوجية مركبة من حقول معرفية مختلفة، وقليل مَن انطلق مِن النص القرآني الخالص.

المقال.. يقرأ هذه العلاقة من القرآن وحده، فإن قلتَ: أليس أيضًا هذا اجتزاء معرفي؟ قلتُ: عملي هذا.

. ليس تكوين رؤية ناجزة عن الموضوع، وإنما هو محاولة فهم الوضع القائم زمن النبوة، وأزعم بأننا كنا نقرأ القرآن بمعتقداتنا لا بما نطق به القرآن، ولعل هذه القراءة تضعنا على سكة الوعي بالنص الديني.

وجد نبي الإسلام محمد بن عبدالله في بيئة بها أكثر من ديانة، وكان أكثرها تأثيرًا والأقرب للتوحيد -مع الحنفاء- اليهودية والنصرانية، فلم يعمل على القطيعة العقدية التامة معهما، كما فعل مع الوثنية، وإنما بنى على معطياتهما باعتبارهما رسالات أوحي لأنبيائها من عند الله.

اليهودية والنصرانية.. تقدمان نفسيهما بأنهما تنتسبان إلى النبي إبراهيم، ليس باعتباره مرسلًا من الله فحسب، وإنما أيضًا باعتباره أبًا دمويًا ينتسب إليه بنو إسرائيل بكونهم حاملي الرسالة الإلهية من بعده، والمتمثلة في التوراة والإنجيل.

ومن المهم أن أبيّن بأن هناك فرقًا بين النصرانية؛ وهي الجماعة المنتسبة لدين المسيح في جزيرة العرب وما جاورها، وتتبع غالبًا المذهب النسطوري، وقت تنزُّل الوحي، وهؤلاء انقرضوا بمرور الزمن، إما بدخولهم الإسلام، أو بتحولهم إلى مذاهب أخرى.

وبين المسيحية؛ وهي المذاهب التي حصلت فيها تحولات عقدية بيّنة في الدولة الرومانية لتنشأ منها الكاثوليكية والأرثوذكسية، وأخيرا البروتستنانية.

ومن نافلة القول: إن اليهود لا يعترفون بالإنجيل لعدم اعترافهم بنبوة عيسى بن مريم، والنصارى يعترفون بالتوراة باختلاف بين طوائفهم في قبول بعضها ورفض الآخر، كما أن مفهوم النبوة في اليهودية يختلف عنه في الإسلام، وقد اعتمدت هنا المفهوم القرآني.

معتقد أهل الكتاب.. احتكار النبوة في نسل إسحاق بن إبراهيم، ولا يعترفون بها في غيرهم، ومن إسحاق كان يعقوب المعروف بـ«إسرائيل»، وعُرِف أبناؤه بالأسباط وهم اثنا عشر سبطًا كوّنوا بني إسرائيل، ولكنهم كانوا يعترفون بأن للنبي إبراهيم ابنًا أكبر من إسحاق هو إسماعيل، ومن المفترض أن ينال هو «العهد النبوي» بعد أبيه، إلا أنهم أبعدوه لأن أُمَّه -كما يعتقدون- أَمَة.

هذا معتقد يقوم على أساس عرقي بحت، اصطفاهم بأن يكونوا «شعب الله المختار»، وقد عالج القرآن هذا المعتقد بتقرير الآتي:

- اعتماد إبراهيم «إمامًا للناس»، بما يتجاوز الأبوة النَسَبية والاحتكار الديني والديانة المنغلقة بالشعب الإسرائيلي، الحاصل في اليهودية: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً) البقرة:124 .

- تجريد العهد النبوي من الارتباط النَسَبي الذي اعتقده أهل الكتاب، فهو ليس حكرًا على نسل محدد، فعندما يفسد هذا النسل فليس لهم عند الله عهد: (قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة:124 . فـ(اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) الأنعام:124 .

- رغم أن القرآن جرّد «الأبوة الإبراهيمية» من العنصرية النَسَبية التي اعتقدها بنو إسرائيل، إلا أنه -باعترافهم بأن إسماعيل هو الابن الأكبر للنبي إبراهيم وأب للعرب- أكد على هذه الأبوة للعرب أيضًا: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل) الحج:78 .

- إبراهيم.. لم ينزل فلسطين وحدها، وإنما نزل كذلك مكة، وله فيها مقام: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ، فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) آل عمران:96-97 .

- نزّه القرآن إبراهيم من الطائفية الدينية، فهو ليس يهوديًا ولا نصرانيًا، واستبدل بذلك الإسلام الحنفي: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ، هَأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلَا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران:65-67 .

وكل أنبياء بني إسرائيل من سلالته هم مسلمون: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) البقرة:132 . سيتحول الإسلام لدى المسلمين كذلك إلى «طائفة دينية»، لكن ليس هنا محل الحديث عن ذلك.

- كسر القرآن احتكار أهل الكتاب النبوةَ، فالنبوة.. بدأت من النبي نوح السابق على إبراهيم، ثم وجد أنبياء من بعد نوح وقبل إبراهيم، وهناك أنبياء عرب كصالح وشعيب وهود، بل هناك أنبياء لم يقصصهم الله، وبالتالي؛ محمد نبي يوحى إليه كأنبياء بني إسرائيل: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورا، وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً) النساء:163-163 .

- بتجريد إبراهيم من اليهودية والنصرانية، وتقرير أن التوراة والإنجيل أنزلتا بعده، وأن الإسلام هو دين الأنبياء؛ لأنه دين إبراهيم، فإن أولى الناس به مَن اتّبعه، ومَن اتّبع الإسلام الحنفي «ملة إبراهيم» كالنبي محمد وأتباعه: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) آل عمران:67 .

- مع ذكر القرآن تفضيل بني إسرائيل على العالمين؛ لأن النبوة تسلسلت فيهم، إلا أنه نفى عنهم كونهم «شعب الله المختار»، فهم.. منهم المحسن والظالم كغيرهم من البشر: (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّا مِنَ الصَّالِحِينَ، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) الصافات:112-113 ، ولذلك؛ أنكر الله عليهم اتكالهم على «التفضيل النَسَبي»، فما هم إلا بشر كغيرهم: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) المائدة:18 .

وخلاصة «النشأة الإبراهيمية» التي تربط بين الإسلام وأهل الكتاب، ظهرت بوضوح في كون إبراهيم أبًا أعلى للنبي محمد، وأنه كان حنيفًا مسلمًا، ولم يعترف القرآن بالتوراة والإنجيل مرجعًا لمعرفة النبي إبراهيم للمحاجة فيه، بل اعتبر من يقرر حقيقة إبراهيم هو الوحي الذي يأتي إلى الأنبياء؛ ومنهم النبي محمد.

وقد اقتصر القرآن في قصة إبراهيم لتأكيد هذه العلاقة على وجوده في مكة لرفع قواعد البيت، والتي رفعها هو وابنه إسماعيل، ولم يذكر القرآن صراحة بأن الذبيح هو إسحاق، فتخلخل الطرح التوراتي بهذا الشأن، واختلف المسلمون فيمن هو الذبيح بين إسماعيل وإسحاق، بل غلب التصور لديهم بأنه إسماعيل: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ... وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّا مِنَ الصَّالِحِينَ) الصافات:102-112 . ولم يحكِ القرآن عن وجود إبراهيم في فلسطين، لتترسخ صورته في مكة التي بها بيت الله، وجعله أساس التوحيد.

وهكذا.. لم ينفِ القرآن علاقة بني إسرائيل بالنبي إبراهيم، فهم أهل الكتاب؛ التوراة والإنجيل، لكنه نقل محوريته منهم إلى «العرب الأميين»، ولذلك؛ وصف النبي إبراهيم بأنه «أُمَّة»: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً) النحل:120 ، لتصح نسبة النبي محمد إليه، ويلزم بني إسرائيل اتباعه: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) الأعراف:157، وستتحول «الأمية» التي يلمز بها أهلُ الكتاب العربَ: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) آل عمران:75 ، إلى منقبة لهم: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) الجمعة:2 .

خميس العدوي كاتب عماني مهتم بقضايا الفكر والتاريخ ومؤلف كتاب «السياسة بالدين»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: النبی إبراهیم بنی إسرائیل أهل الکتاب آل عمران

إقرأ أيضاً:

الإبراهيمية والماسونية: جذور تاريخية وشكوك معاصرة

23 مايو، 2025

بغداد/المسلة:

ليث شبر

*تسعى هذه السلسلة التوعوية، المكونة من خمسة مقالات، إلى تمكين القارئ العربي من فهم قضايا مثيرة للجدل بعقل ناقد يتحرى الحقيقة بعيدًا عن التضليل ونظريات المؤامرة، وذلك لتعزيز وعي يحترم التعددية والعدالة في إطار دولة علمانية*.

يستكشف هذا المقال الرابع الشكوك حول العلاقة المزعومة بين الإبراهيمية والماسونية، ويركز على جذورهما التاريخية: هل تشكل الماسونية قوة خفية وراء الإبراهيمية؟ وكيف يواجه سياسي علماني هذه التساؤلات دون الانزلاق إلى التكهنات؟

تأتي الشكوك حول ارتباط الإبراهيمية بالماسونية من تاريخ طويل يحيط المنظمات السرية بهالة من الريبة، لكن النقاش يتطلب الرجوع إلى جذور كلا المفهومين. بدأت الماسونية في أوروبا خلال القرن السابع عشر كجمعيات للحرفيين البنائين، وتطورت إلى منظمة رمزية تركز على الأخوة والأخلاق، مستخدمة طقوسًا مستوحاة من التقاليد المسيحية واليهودية القديمة.

*بحلول القرن التاسع عشر، أصبحت رمزًا للنفوذ الخفي في السياسة والاقتصاد، خاصة في الغرب، مما غذى نظريات المؤامرة التي تربطها بالسيطرة العالمية*.

أما الإبراهيمية، فظهرت كمصطلح حديث في القرن العشرين، مستوحى من فكرة إبراهيم كأب مشترك للديانات التوحيدية، لكنها اكتسبت زخمًا مع مبادرات معاصرة تدعو إلى الحوار الثقافي.

فلماذا تلتقي هذه الجذور التاريخية في الشكوك الحالية؟

يربط البعض بين الماسونية والإبراهيمية بسبب تقاطع رمزي في استخدام التراث الديني، لكن هذا الربط يثير جدلًا معقدًا. يرى نشطاء علمانيون في تونس، على سبيل المثال، أن الإبراهيمية، كما طُرحت في مؤتمرات دولية عام 2024، قد تستغل الرموز الدينية لتعزيز تحالفات سياسية، مشيرين إلى أن الماسونية استخدمت تاريخيًا رموزًا مشابهة لتوسيع نفوذها.

*ففي القرن التاسع عشر، اعتمدت الماسونية طقوسًا مستوحاة من التقاليد الإبراهيمية لجذب أعضاء من خلفيات متنوعة*. لكن تدافع منظمات ثقافية في الأردن عن الإبراهيمية كإطار للتعاون الثقافي، وتنفي أي صلة بالماسونية، مؤكدة أن الحوار يهدف إلى تعزيز السلام دون أجندات خفية. وتُبرز هذه الردود جدلية مؤداها: هل تعكس الشكوك قلقًا مشروعًا من استغلال الرموز، أم مبالغة ناتجة عن إرث تاريخي؟

تتطلب رؤية علمانية التعامل مع الإبراهيمية بحيادية، دون رفضها أو تصويرها كضد للعلمانية. *فالدولة العلمانية، التي تفصل الدين عن السياسة، تستطيع استيعاب الحوار الثقافي إذا احترم التعددية ولم يتحول إلى أداة للحكم الديني* . لأن المخاوف من الإبراهيمية لا تنبع من الحوار بحد ذاته، بل من إمكانية استغلاله لتعزيز مصالح سياسية، كما حدث في القرن الثامن عشر عندما استخدمت الماسونية شبكاتها لدعم النخب السياسية في أوروبا. ومع ذلك، تُظهر الوقائع أن الإبراهيمية الحديثة، كما طُرحت في فعاليات مثل قمة أبوظبي للتعايش 2023، تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي، لكن غموضها يُغذي الشكوك، خاصة في سياق إقليمي مشحون بالتوترات.

يُثير النقاش سؤالًا جوهريًا: هل تستند الشكوك إلى أدلة، أم تُغذيها روايات تاريخية مبالغ فيها؟

بينما تُحذر أوساط أكاديمية في مصر من أن التركيز على الماسونية كتهديد قد يُصرف الانتباه عن قضايا ملحة، كالعدالة الاجتماعية. ففي تقرير لمركز دراسات مصري عام 2024، أُشير إلى أن ربط الإبراهيمية بالماسونية يعكس خوفًا من التغيير أكثر منه دليلًا ملموسًا. بالمقابل تُصر أوساط شعبية في العراق على مشروعية الشكوك، مشيرة إلى أن التاريخ يُظهر استخدام الرموز الثقافية لخدمة مصالح النخب.

تُشير هذه التوترات إلى ضرورة تقييم الإبراهيمية بعقلانية، دون الانجرار إلى نظريات المؤامرة.

ومن هنا يتضح الموقف السليم : *يُرحب بالحوار الثقافي إذا احترم التعددية وخدم العدالة، لكن تُرفض أي محاولة لاستغلال الثقافة أو الرموز التاريخية لأغراض سياسية* .

فالدولة العلمانية قادرة على قيادة هذا الحوار دون السماح لأي مبادرة بتقويض مبادئها، سواء ارتبطت بتكهنات حول الماسونية أم بمبادرات غامضة. وبدلاً من الخوف من الأجندات الخفية، *نقترح رؤية علمانية تضمن أن يظل الحوار أداة للتقدم، مستلهمة قيم المساواة التي تحمي التنوع الثقافي* .

ومع هذا النقاش، تبرز تحديات جديدة: كيف تستجيب الدولة العلمانية لتعقيدات العولمة والمبادرات الثقافية؟ يناقش المقال القادم هذه التحديات، لمواصلة البحث عن الحقيقة بروح نقدية ملتزمة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • أدعية الصباح من الكتاب والسنة.. رددها الآن تحل عليك البركة والطمأنينة
  • دعاء الامتحان من القرآن.. 10 آيات تساعدك على الإجابة مهما كان صعبا
  • كيف تكسب ألف حسنة بعد صلاة الفجر؟.. وصية من النبي اغتنم فضلها
  • الإبراهيمية والماسونية: جذور تاريخية وشكوك معاصرة
  • عضو الفتوى العالمي بالأزهر: العلاقات في الإسلام تقوم على المودة لا مجرد أداء الواجبات
  • لماذا سمي يوم الجمعة بسيد الأيام ؟
  • الشيخ أحمد الطلحي: المدينة المنورة قُبَّة الإسلام ومَوطِن الحلال والحرام كما سماها رسول الله ﷺ
  • أحمد الطلحي: المدينة المنورة قُبَّة الإسلام ومَوطِن الحلال والحرام كما سماها رسول الله
  • وزير الأوقاف يكرم 171 حافظا وحافظة للقرآن بمدارس العمرية
  • الدين الإبراهيمي