الهوية الجزائرية بين العروبة والأمازيغية.. نحو فهم متوازن للخلاف
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
في مقالي السابق، تناولت قضية سجن المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث بسبب تصريحاته في قناة "سكاي نيوز" التي وصف فيها الأمازيغية بأنها صناعة "صهيونية فرنسية". وأؤكد مجددًا رفضي المبدئي لسجنه، مفضلًا مناقشة أفكاره والرد عليها بالحجة.
لكن اللافت هو تعاطف مفاجئ من محسوبين على التيار العروبي الإسلامي وبعض "النخب" السياسية والجامعية، الذين سارعوا إلى الدفاع عنه لأسباب إيديولوجية، رغم صمتهم المريب عن انتهاكات سابقة طالت جزائريين، بينهم أكاديميون، بسبب آرائهم أو نشاطهم السلمي، حتى من داخل تيارهم.
والمفارقة أن هذا التيار يزعم الدفاع عن "الثوابت الوطنية"، التي تشمل بحسب الدستور الإسلام والأمازيغية والعروبة، لكنه لا يعترف عمليًا إلا بالإسلام والعروبة، في تجاهل واضح للأمازيغية. وفيما يلبس التيار البعثي أفكاره لباس الدين وفق رؤية عفلق، يزايد الإسلاميون بالدين نفسه، لكنهما يلتقيان في عدائهما التاريخي للأمازيغية، المكون الأصيل لهوية الجزائر.
أنا ضد كل أشكال الإقصاء و"الدجل الهوياتي"، وقد عبّرت عن ذلك منذ سنوات، حين صدر في الجزائر كتاب جماعي بعنوان "الجزائر العربية.. لننهِ هذا الدجل!"، تزيّن غلافه بكاريكاتير عنصري يُظهر شخصًا خليجيًا يرتدي العقال ويمسك بشعار حرف "زاي" الأمازيغي، في إسقاط مباشر يربط العروبة في الجزائر باللباس الخليجي، رغم أن أبرز دعاة العروبة البعثية في الجزائر هم في الأصل أمازيغ.وفي مقابل هذين "القرينيين" هناك "قرين" ثالث في الجزائر، يشكل الوجه الآخر لنفس عملة التطرف الإقصائي، وهو التيار الذي ربما أفضل توصيف له هو التيار "البربريستي" المتطرف، الذي لا يقل تطرفا وإقصاءَّا من قرينة "البعثوـ إسلامي". هذا التيار يتاجر سياسيا وثقافيا بالهوية الأمازيغية، وفي أحيان عدة ليس من المبالغة من القول ببعد "فرانكوـ بربريست"، وبحقد معلن ضد العربية والإسلام، وحرص على الحفاظ على نفوذ اللغة والثقافة الفرنسية أكثر من اللغة والثقافة الأمازيغية نفسها.
في المقابل هناك أصوات كثيرة عاقلة من الذين يتشبثون بهويتهم الأمازيغية، وببعدي الهوية الجزائرية الأخرى الإسلام والعروبة، وعلى ضرورة تعايش هذه الأبعاد الثلاثة مع تصالح مع الذات بدون اقصاء وتقبل بأريحية هذه الهوية التاريخية المركبة، التي قبلها الشعب الجزائري لتراكمات تاريخية وإرادة طوعية، جعلت قطاعا واسعا، بل هو الغالبية الآن من الجزائريين الأمازيغ في جوهرهم، جينيا وثقافيا، يتبنون العروبة ثقافيا، والعربية لغة برابط ديني إسلامي قوي.
بينما هناك قطاع واسع أيضا من الجزائريين الذين يتمسكون بهويتهم ولغتهم الأمازيغية بدون إقصاء أو تشويه ومزايدة عليهم كما يفعل بعض "تجار المزايدات البعثوـ إسلامية"، الذين ارتفعت أصواتهم، وأصبحوا يتحدثون عن حرية الرأي والتعبير مع قضية بلغيث، كما ارتفعت في نفس القضية ومن الجهة المقابلة الأصوات "البربريسيتة" المتطرفة، التي "ناقصت" على موضوع حرية التعبير والرأي بعدما كانت "تزايد" فيها.
أنا ضد كل أشكال الإقصاء و"الدجل الهوياتي"، وقد عبّرت عن ذلك منذ سنوات، حين صدر في الجزائر كتاب جماعي بعنوان "الجزائر العربية.. لننهِ هذا الدجل!"، تزيّن غلافه بكاريكاتير عنصري يُظهر شخصًا خليجيًا يرتدي العقال ويمسك بشعار حرف "زاي" الأمازيغي، في إسقاط مباشر يربط العروبة في الجزائر باللباس الخليجي، رغم أن أبرز دعاة العروبة البعثية في الجزائر هم في الأصل أمازيغ.
المفارقة أن الفكر البعثي لم ينبع من بيئة خليجية تقليدية، بل من أنظمة قومية عسكرية في العراق وسوريا، تمثلت في صدام حسين والأسد، بشعار "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة"، وهؤلاء دعمهم ـ بغرابة ـ بعض المحسوبين على التيار "البربريستي" بدعوى أنهم علمانيون ومعادون للإسلاميين، مما أدى لتحالفات متناقضة بين بعثيين وإسلاميين!
إن تطرف التيار "البربريستي" في معاداته للعربية والعروبة مرفوض، كما أن التهجم من بعض الجزائريين على عرب الخليج مرفوض بدوره، خاصة أن هذه الدول الصحراوية سابقًا، طورت نفسها وأصبحت وجهة يحلم كثير من الجزائريين بالعيش فيها، ويتابعون قنواتها ويخوضون فيها نقاشاتهم.
بينما تعيش الجزائر، للأسف، حالة من الازدواجية والاضطراب الهوياتي المفروض أيديولوجيًا، تُنتج مواقف متناقضة ومشهدًا مرضيًا من "الفصام الثقافي".
*كاتب صحافي جزائري
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الجزائري الهوية الرأي الجزائر رأي هوية جدل قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الجزائر
إقرأ أيضاً:
من هم الذين لن يكلمهم الله يوم القيامة؟.. الشيخ خالد الندي يجيب
كتب- حسن مرسي:
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الضحك والبشاشة صفة إنسانية عظيمة كانت من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، نافياً ما يشاع عن أنه كان دائم الحزن.
وأضاف الجندي خلال برنامجه "لعلهم يفقهون" على قناة "دي إم سي": "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوشاً ضحوكاً، ولكن بحدود الاعتدال، فكل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده".
وأوضح الشيخ الجندي أن هناك مفهوماً خاطئاً منتشراً عن شخصية النبي، مشيراً إلى أن البشاشة والابتسامة كانتا من سماته الكريمة التي يجب على المسلمين الاقتداء بها في حياتهم.
وتطرق الجندي إلى موضوع مصير العباد يوم القيامة، مؤكداً أن خطاب الله للعبد يدخله في دائرة الأمن والأمان، بينما هناك فئة لن يكلمهم الله ولا ينظر إليهم.
وأشار إلى أن "من يكلمهم الله يوم القيامة هم أهل الرحمة، أما الذين يتجاهلهم الله ولا يزكيهم فهذه علامة على غضبه عليهم وعذاب أليم ينتظرهم".
وشدد الجندي على أهمية الالتزام بمنهج الاعتدال في كل شيء، كما كان عليه الحال في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي جمع بين الجدية في أمور الدين والتبسم في معاملاته مع الناس.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الشيخ خالد الجندي المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لعلهم يفقهون من هم الذين لن يكلمهم الله يوم القيامةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
الثانوية العامة
المزيدأخبار رياضية
المزيدإعلان
من هم الذين لن يكلمهم الله يوم القيامة؟.. الشيخ خالد الندي يجيب
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
41 24 الرطوبة: 22% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك