خرج بالأمس الجمعة جموع غفيرة امتثالا لدعوات إسقاط حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، والتي رفع لها شعار "جمعة الخلاص". ومع اختلاف التقديرات حول أعداد المتظاهرين، وإذا ما كان العدد أقل أو أكثر، فإن فروقات وقعت في تظاهرة الأمس ميزتها عن مظاهرة الجمعة قبل الماضية، فقد بدت المظاهرة أكثر سلمية، حيث لم تقع أعمال شغب كالتي وقعت في السابقة، كما أن صوتا ظهر، ولو بدا أكثر خفوتا، هو صوت المطالبين بإسقاط كافة الأجسام الرسمية، مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، والمجلس الرئاسي.
الأجواء بدت أكثر حضارية وانسجاما، وقد أشاد المعارضون لإسقاط حكومة ادبيبة بالمظهر الذي خرجت به التظاهرة، والدور الإيجابي الذي لعبته الأجهزة الأمنية في تأمينها وتنظيمها، حتى أنهم كانوا يقدمون الماء للمتظاهرين.
بدوري أثمن هذا السلوك الحضاري من المتظاهرين ومن الأمن، ذلك أن التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية والتي منها التظاهر المنضبط، هو مظهر من مظاهر التدافع الإيجابي بين مكونات وقوى المجتمع، وسمة من سمات الانتقال الديمقراطي.
ومن المهم التنبيه إلى أن التظاهر يشكل وسيلة ضغط لتوجيه سلوك السلطات صوب مطالب المتظاهرين، إلا أنه ليس أداة مباشرة لإسقاط الحكومات، خاصة وأن المنتظم حوى اتجاهات مختلفة ومطالب عدة، وما لم يتحول إلى مشروع متكامل بكل أدواته، لن ينجح في تحقيق مطلبه الأساسي.
إلى مساء أمس لم يتسع الحراك الشعبي المطالب بإسقاط الحكومة، وظل محصورا في ميدان الشهداء بالعاصمة، وما لم تتعدد ميادينه وتنتشر تجمعاته في المدن الرئيسية، يظل أثره محدود نسبيا، ويصبح قابلا للتراجع والخفوت.
الأهم من ذلك هو وجود واجهة سياسية للحراك تتمتع بوزن سياسي واجتماعي كبير تعبر عن مطالب الحراك عبر وسائل الضغط السياسية في الداخل بهدف توسيع القاعدة الجماهيرية للحراك، وفي الخارج من خلال التواصل مع الفرقاء الإقلييميين والدوليين لانتزاع شرعية لهذا الحراك، والحصول على تأييد ودعم لمطالبه.
هناك بالقطع من يقف خلف الحراك من قوى سياسية وشخصيات نشطة في الغرب والشرق وحتى الجنوب، وقد صدرت عن رئاسة مجلس النواب والحكومة التابعة لها بيانات وتصريحات مؤيدة للحراك والمظاهرات، وداعمة لمطالب المتظاهرين، إلا إنها لا تمثل دعما مهما له باعتبار أن التماهي معها هو تماهي مع خصم سياسي لحكومة ادبيبة، فالواجهة السياسية ما لتكن محايدة ومن قلب الحراك ومن مناطق الغرب، ستكون محل تشكيك وقد لا تكون مؤهلة لقياداته بشكل فعال.
الخيار عندي أن يستمر الحراك ويتسع وتتعدد ميادينه وساحاته، شريطة أن تتركز مطالبه على إنهاء جمود المسار السياسي ودعم التسوية والضغط لتحديد موعد نهائي للانتخابات، وفق شروط عادلة، وتماهيا مع عمل البعثة والأطراف الدولية، فهذا مطلب يمكن أن يتوحد حوله الغالبية العظمى من سكان الغرب الليبي، بل سكان جل المدن في الغرب والشرق والوسط والجنوبإن استمرار الحراك وتعدد تظاهراته ونجاحه في تحقيق مكاسب ولو محدودة سيكون مقلقا لمجلس النواب وللقيادة العامة حليفته باعتبار أنه يمكن أن يكون عدوى تنتقل لمدن الشرق، فمجلس النواب لا يتمتع بدعم واسع، وشعبته في الحضيض، كما خسرت القيادة جزء غير قليل من الدعم اللامحدود من قبائل الشرق والذي تنامى خلال الأعوام 2014 ـ 2020م، وليست حادثة التنكيل بالنائب إبراهيم الدرسي الوحيدة التي أثرت سلبا على الزخم الذي تمتعت به القيادة خلال تلك السنوات، وإن كان تأثيرها أكبر.
حكومة الدبيبة هي اليوم في أسوأ أوقاتها، غير أنها تستفيد من الموقف الذي تتبناه فواعل سياسية ومجتمعية وعسكرية في الغرب الليبي، من أن إسقاط حكومته مع بقاء الأجسام الأخرى لن يحل الأزمة التي تعاني منها البلاد، ومع قبولها حالة التعبير السلمي عن مطلب إسقاط الحكومة، إلا أنها ستتحرك لمكافأة حراك إسقاط الحكومة، ومظاهرة السبت مثلا للتحرك المضاد.
إن عدم تبلور واجهة سياسية معتبرة للحراك تجذب الانظار لجموع إضافية في الداخل وتلفت انتباه الاطراف الدولية، والتحرك الموازي كالذي وقع يوم السبت، قد ينعكس سلبا على زخم الاول، وقد يدفع بعض مكوناته إلى الدفع باتجاه مسار أكثر ضغطا وتأثيرا في نظرهم، وهذا قد يفقد الحراك قوته التي يتمتع بها الآن.
الخيار عندي أن يستمر الحراك ويتسع وتتعدد ميادينه وساحاته، شريطة أن تتركز مطالبه على إنهاء جمود المسار السياسي ودعم التسوية والضغط لتحديد موعد نهائي للانتخابات، وفق شروط عادلة، وتماهيا مع عمل البعثة والأطراف الدولية، فهذا مطلب يمكن أن يتوحد حوله الغالبية العظمى من سكان الغرب الليبي، بل سكان جل المدن في الغرب والشرق والوسط والجنوب، فيكون الصوت المدوي عبر الجموع الهادرة في كافة المناطق هو أداة الضغط الحاسمة لإنهاء حالة المراوحة والتسويف المتعمد الذي تتورط فيه الأجسام السياسية جميعا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الرأي ليبيا مظاهرات سياسة رأي مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الغرب
إقرأ أيضاً:
الذهب يتجه لأفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر
يتجه الذهب خلال تعاملات الجمعة لتسجيل أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر، إذ أدى تراجع الدولار وتزايد المخاوف إزاء أوضاع المالية العامة في أكبر اقتصاد في العالم إلى دعم الإقبال على الملاذ الآمن.
تحديث الأسعارصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.2 بالمئة إلى 3299.79 دولار للأونصة (الأوقية) بحلول الساعة 0014 بتوقيت غرينتش. وارتفع المعدن النفيس بنحو ثلاثة بالمئة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن ويتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ أوائل أبريل.
وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.2 بالمئة أيضا إلى 3299.60 دولار، بحسب بيانات وكالة رويترز.
وهبط الدولار بأكثر من واحد بالمئة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن ويتجه لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ السابع من أبريل، مما يجعل الذهب المسعر به أرخص لحائزي العملات الأخرى.
ووافق مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، على مشروع قانون شامل للضرائب والإنفاق أمس الخميس، بما يضمن تنفيذ معظم أجندة الرئيس دونالد ترامب ويضيف تريليونات الدولارات إلى الدين الحكومي.
وينتقل مشروع القانون بهذا إلى مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون بهامش 53 إلى 47 مقعدا.
وعادة ما يُنظر للذهب كملاذ آمن في أوقات الضبابية السياسية والمالية.
وفي غضون ذلك، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية القانونية عن أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في أعقاب تقرير لشبكة (سي.إن.إن) الأميركية أفاد بأن إسرائيل تستعد لشن ضربات على إيران.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، استقرت الفضة في المعاملات الفورية عند 33.07 دولار للأونصة، وصعد البلاتين 0.1 بالمئة إلى 1082.47 دولار، ونزل البلاديوم 0.3 بالمئة إلى 1012.00 دولارا.