قرار وزاري بتخفيض وإلغاء بعض الخدمات الصحية
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
مسقط- الرؤية
سيطبق القرار ابتداءً من 17 مارس 2024جذبًا للاستثمار الصحي وتماشيًا مع توجيهات صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق –أيده الله- وأهداف الرؤية الوطنية لتسهيل إجراءات الحصول على الخدمات الحكومية بهدف النهوض الاقتصادي وتحسين القدرة التنافسية أصدر معالي الدكتور هلال بن علي بن هلال السبتي قرارًا وزاريًا رقم 71/2024 بتحديد رسوم الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة.
تضمن القرار تخفيض بعض الرسوم، وإلغاء عدد منها، كما اقتضى القرار دمج بعض رسوم الخدمة.
وحول تفاصيل القرار قال الدكتور مهنا بن ناصر بن راشد المصلحي -المدير العام للمديرية العامة للمؤسسات الصحية الخاصة بوزارة الصحة، أن القرار الوزاري جاء مؤكدًا جهود الوزارة والحكومة في دعم القطاع الصحي الخاص، كما مثل هذا القرار خطوة مهمة في تسهيل الخدمات للمؤسسات الصحية الخاصة حيث نص على إلغاء رسوم أكثر من (12) خدمة من بينها: (رسوم دراسة طلب إنشاء مستشفى،ورسوم إضافة تخصصات أو خدمة ، ورسوم مزاولة نشاط التحصين ، ورسوم تعديل بيانات ،ورسوم سيارات الإسعاف ،ورسوم اعتماد التقارير الطبية ، ورسوم الإجازة المرضية) لتكون مجانية تشجيعا للقطاع الصحي الخاص.
وأضاف: قُلصت أيضا رسوم التراخيص للمؤسسات وأعطيت مدة زمنية أكبر للترخيص وأكد أن التعديلات التي جاءت عبر القرار الوزاري الخاص برسوم الخدمات لم تدعم القطاع الصحي الخاص فحسب بل راعت أفراد المجتمع؛ كذلك شمل تعديل الرسوم الصيدليات ومصانع الأدوية وتسجيل شركات الأدوية والمستحضرات الصحية وغيرها، وروعيت كذلك تراخيص الفئات الطبية والطبية المساعدة العمانية وذلك لتشجيع التعمين في المؤسسات الصحية الخاصة.
وأشار إلى توظيف أكثر من ٢٠٠ طبيب أسنان عماني بالقطاع الصحي الخاص حتى الآن، وأوضح أن أحد مخرجات مختبر الصحة ضمن رؤية عمان ٢٠٤٠ إنشاء أكاديمية تعنى بالتدريب في تخصصات طب الأسنان منها سنة تدريب لعدد من خريجي التخصص قبل إلحاقهم بسوق العمل وكذلك التدريب التخصصي في عدد من تخصصات طب الأسنان كتقويم الأسنان وغيرها.
ولقد منحت الوزارة الموافقات لهذه الأكاديمية بإنشاء عيادات الأسنان، وتأمل الوزارة أن يُفعل دور الأكاديمية في تخريج فئات تخصصية في طب الأسنان تسهم في رفد القطاع الصحي الخاص بطواقم عمانية متخصصة.
وذكر الدكتور مهنا بخصوص جهود وزارة الصحة في دعم الاستثمار الصحي وانتشار المؤسسات الصحية أن الوزارة منحت موافقات مبدئية ل (16) مستشفى خاصا، و(215) مؤسسة صحية خاصة أغلبها خارج محافظة مسقط في العام المنصرم، ولا بد من الإشارة إلى أن الوزارة تدعم فتح المؤسسات الصحية الخاصة.
وتطرق إلى دور وزارة الصحة الرقابي ممثلا بالمديرية العامة للمؤسسات الصحية الخاصة وذلك بزيارتهم مع شركائهم بدوائر المؤسسات الصحية الخاصة في المحافظات أكثر من (3500) زيارة في العام الماضي وتعاونهم مع جهات رقابية أخرى مثل الهيئة العامة لحماية المستهلك وبلدية مسقط وشرطة عمان السلطانية، ونشر ملخص لبعض المخالفات.
وأكد ثقة الوزارة وقيادتها في القطاع الصحي الخاص ونقلها بعض العمليات مثل عملية النزول الأبيض وعمليات جراحة الركبة له.
وذكر أن وزارة الصحة سمحت بعمل الأطباء العمانيين من القطاع الصحي الحكومي بصفتهم أطباء زائرين في القطاع الصحي الخاص لأوقات محددة بعد ساعات الدوام الرسمي، ولعل وجود تلك الطواقم أدى إلى تحقيق الكثير من النتائج الإيجابية وإن وجدت مخالفات فهي لا تعدو كونها مخالفات فردية محدودة.
وقال الدكتور مهنا: "أوجدنا حديثا استبانة رضا المؤسسات الصحية الخاصة بإجراءات عمل فرق التقييم في أثناء الزيارة، لإيمان الوزارة بأهمية وجود تقييم مزدوج، وندعو جميع المؤسسات الصحية الخاصة لتقييم فريق التقييم حسب آليه التقييم التي نُشرت".
جدير بالذكر أن كل هذه التسهيلات والإجراءات جاءت دعما من وزارة الصحة لتحديد الرسوم المناسبة للخدمات الصحية بمنهجية واضحة ودعم التنمية الاقتصادية في المجال الصحي في سلطنة عمان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الكرسي لا يفكر
خالد بن حمد الرواحي
في كثيرٍ من المؤسسات الحكومية في عالمنا العربي، لا يُدهشك أحيانًا القرار، بل من أصدره. ففي زحمة الخطط، والتغييرات، والتعيينات المتسارعة، تطفو على السطح تساؤلاتٌ شجاعة، يتردد صداها بين أروقة الموظفين والمواطنين على حدٍّ سواء: هل من يتصدر المنصب هو الأكفأ فعلًا؟ هل يُبنى القرار على خبرة وبصيرة؟ أم على توقيع وولاء؟
لسنا بحاجة إلى وظائف أكثر، بل إلى "شخصيات وظيفية" تفهم طبيعة القرار وأثره، وتملك الجرأة على التصحيح قبل التصفيق. ففجوة الكفاءة لم تعد خفية، بل باتت ماثلةً في مخرجاتٍ ضعيفة، ومؤشراتٍ متراجعة، وخططٍ معلّقة، وخطاباتٍ رسمية لا تعكس واقع الميدان.
حين تتحول المناصب إلى مكافآت لا مسؤوليات، تضيع بوصلة القرار. ففي الوقت الذي يُفترض أن يكون فيه القائد الإداري مرآة المؤسسة وناطقها العملي، نجد في بعض المواقع وجوهًا غريبة عن واقع العمل، غريبة عن مبدأ "الكفاءة أولًا"، وجوهًا لا تؤمن بالتطوير، بل تنتمي إلى جيل الصمت الإداري، حيث يغيب الصوت، وتذبل المبادرة.
تُسلَّم لهم مفاتيح القيادة، لكنهم لا يفتحون بها إلا أبواب المكاتب، وتُمنَح لهم السلطة، لكنهم لا يعرفون طريق التأثير؛ فلا خريطة طريق، ولا معرفة بالإجراءات، ولا حتى رغبة في التعلُّم. وبينما تتسابق الدول في استقطاب العقول، ما زالت بعض المؤسسات تُدوّر الكراسي... وتنتظر معجزة.
ولا يعني هذا المشهد غياب النماذج المشرّفة. فبعض المؤسسات العربية تزخر بكفاءاتٍ نزيهة ومؤمنة برسالتها، تصنع أثرها بصمت، وتدير التغيير بشجاعة. لكن هذه النماذج ما زالت تُقاوِم في الظل، تنتظر بيئةً أكثر عدلًا، تُنصت لها وتمنحها المساحة لتقود كما تستحق.
الوظيفة العامة ليست منصبًا للتجريب، ولا منبرًا للارتجال، لكن ما يحدث أحيانًا يُشبه التجربة الإدارية المفتوحة: مسؤولون يُكلَّفون بمهام لم يُهَيَّؤوا لها، ويُسألون عن نتائج لم يخططوا لها أصلًا، والضحية غالبًا هي المؤسسة نفسها، التي تصبح رهينةً لاجتهاداتٍ فردية، بدلًا من أن تكون مؤسسة قراراتٍ مدروسة.
ووسط هذا المشهد، يُهمَّش صوت الخبرة، وتُقصى الكفاءات الصامتة التي لا تجيد فن التقرّب، فيغيب التوازن، وتطغى المجاملة على الاستحقاق، وتُستبدل المعايير بالاعتبارات. وفي كل ذلك، تبهت روح الإنجاز، وتتوارى الثقة في جدوى الإصلاح.
أظهرت تقارير دولية، مثل تقارير منتدى الحكومة العالمية، أن ضعف الكفاءة القيادية يُعد من أبرز التحديات التي تواجه القطاع الحكومي في العديد من الدول. فقد لاحظ القائمون على الدراسة ارتفاعًا ملحوظًا في حالات التوتر بين القادة وبين موظفي الصفّ الأول، بسبب قيادات تفتقر إلى الرؤية والجاهزية، مما يؤثر سلبًا على أداء المؤسسات وثقة الجمهور (FT, 2023).
كما أكدت تقارير البنك الدولي أن تحسين أداء القطاع العام يتطلب وجود قيادة فعالة ومؤهلة قادرة على تحويل السياسات إلى نتائج ملموسة، بينما يُعد ضعف التنسيق والقيادة أحد العوامل الجوهرية لفشل الأداء الحكومي حتى في دول تشهد تجارب إصلاح ملحوظة (World Bank, 2018).
الكفاءة ليست مجرد شهادة، بل سلوكٌ وموقفٌ وحضور. فمن يملك القرار عليه أن يملك الرؤية، ومن يتصدر المنصب عليه أن يتحمّل الأسئلة قبل التصفيق. لكن الواقع يكشف أحيانًا عن مفارقة مؤلمة: من يملكون الكفاءة في الظل، ومن يملكون التفويض في الواجهة. وما بين الاثنين، تضيع الفرص، وتتراكم الأخطاء، ويُحمَل المواطن كلفة قرارات لا علاقة له بها.
نحن بحاجة إلى إعادة تعريف المنصب الإداري، لا باعتباره سُلّمًا للترقية، بل أمانة مؤسسية لا يُمنح إلا لمن أثبت قدرةً واستعدادًا. نحن بحاجة إلى أن تتحوّل معايير الاختيار من "من نعرفه" إلى من يستحقها فعلًا.
إن وضع الشخص غير المناسب في موقع القيادة لا يظلمه وحده، بل يظلم كل من حوله. الموظفون يُحبطون، والمراجعون يتضررون، والمجتمع يفقد ثقته، والقدوة تضعف، والاحترام للمنصب يبهت، فالمسؤول غير المؤهل لا يسقط وحده... بل يأخذ معه سمعة المؤسسة، وهيبة القرار، وروح الفريق.
إذا أردنا مؤسسات أقوى، فعلينا أن نبدأ باختيار قادتها على أساس أوضح، فلا تنمية تُبنى بكوادر مرهَقة، ولا إصلاح يُدار بعقليات مجاملة، ولا مستقبل يُرسم بأيدٍ لا تجيد الإمساك بالبوصلة، وإن كانت لكل مسؤولٍ صلاحية، فالأجدر أن تُقابل كل صلاحيةٍ بمسؤولية، ويُرفق كل موقعٍ بثقلٍ معرفي يوازيه.
العدالة الإدارية لا تعني فقط الإنصاف في الحقوق، بل تعني أيضًا الإنصاف في التمكين. وكما تؤكد كثير من الرؤى الوطنية في منطقتنا، ومنها رؤية "عُمان 2040"، فإن تمكين الكفاءات، والحوكمة، والقيادة المؤسسية ليست رفاهية، بل ضرورة تنموية، ولعلَّ أقصر الطرق لإصلاح المؤسسات أن يعلو صوت الكفاءة على همس العلاقات، وأن تتقدم الكفاءات من الظل... إلى الضوء.