رام الله/غزة -(د ب أ)- برزت الخلافات على الساحة الفلسطينية لتهيمن على لقاء الأمناء العاملين للفصائل الفلسطينية المرتقب انعقاده في العاصمة المصرية القاهرة بعد أسبوع. وتظاهر العشرات في مدينة رام الله مساء الأحد للمطالبة بالإفراج عن “المعتقلين السياسيين” لدى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية كتمهيد لإنجاح اجتماع القاهرة.
وردد المتظاهرون على دوار المنارة وسط رام الله شعارات تدعو إلى تجريم الاعتقال السياسي لاسيما نشطاء الفصائل المسلحة باعتبار ذلك “جريمة” وأخرى تدعو إلى الوحدة الوطنية ونبذ الخلافات الداخلية. وجرت التظاهرة بدعوة من “حراك أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية” وقوى وفعاليات شعبية وتخلله رفع لافتات مكتوبة تطالب بحرية المعتقلين على خلفيات سياسية. وفي وقت سابق الأحد عقدت فصائل بينها حركتا حماس والجهاد الإسلاميتان والجبهة الشعبية اليسارية لتحرير فلسطين مؤتمرا بالتزامن بين غزة ورام الله عبر تقنية الربط التلفزيوني، لبحث آليات إنجاح اجتماع الأمناء العامين للفصائل في القاهرة. واعتبر بيان صدر عن المؤتمر أن اجتماع القاهرة يمثل “اختباراً للنظام السياسي الفلسطيني بفصائله وسلطته الذين يتحملون المسؤولية عما آلت إليه الحالة الوطنية من انقسام وتفرد واعتقالات سياسية ومطاردة للمقاومين”. وحث المؤتمر على ضرورة الاتفاق على “رؤية وخطة وطنية استراتيجية شاملة تعتمد خيار المقاومة والكفاح بكافة الأشكال لمواجهة جرائم وسياسات الاحتلال الإسرائيلي العنصري والفاشي”. ودعا إلى تشكيل قيادة وطنية موحدة “تتمثل فيها القوى والفصائل والفعاليات الشعبية والمجتمع الأهلي والشخصيات الوطنية المستقلة تتولى مهمات إدارة الصراع والكفاح لمواجهة مخططات الضم والتهويد والحصار” في إسرائيل. كما دعا إلى إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني “على أسس الوحدة والشراكة والديمقراطية عبر الشروع فوراً في التحضير لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني بمشاركة الكل الفلسطيني في الوطن والشتات”. وللتمهيد لإنجاح اجتماع القاهر حث البيان على “إطلاق سراح المقاومين والمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ووقف ملاحقة أي من هؤلاء في الضفة الغربية، ووقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله وصوره وسحب الاعتراف بإسرائيل”. من جهته، أصدر رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية بيانا يشيد فيه بما جرى التوافق حوله بين الفصائل بشأن اجتماع القاهرة، معتبرا أن ذلك “عبر عن الإرادة الجماعية للطيف الواسع من الفلسطينيين”. وقال هنية إن اجتماع القاهرة “يجب أن يضعنا أمام مرحلة جديدة عبر بناء الاستراتيجية الوطنية التي تقوم على أساس المقاومة الشاملة وتغيير قواعد السلوك السياسي مع العدو (إسرائيل)”. وأضاف أن ذلك “يتطلب تهيئة جادة لإنجاح اللقاء القيادي وتحصينه من الإخفاق، خاصة الإفراج عن المعتقلين السياسيين. يأتي ذلك فيما أعلنت حركة الجهاد أنها تشترط الإفراج عن “معتقليها” لدى السلطة الفلسطينية لحضور اجتماع الأمناء العاملين للفصائل الفلسطينية في القاهرة. وصرح الأمين العام للجهاد زياد النخالة في بيان مقتضب وزع على الصحفيين “لن نذهب لاجتماع الأمناء العامين في القاهرة قبل الإفراج عن إخواننا المجاهدين في سجون السلطة”. واتهمت الجهاد الإسلامي الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية باعتقال عدد من قادتها ونشطائها في الضفة الغربية بينهم مراد ملايشة ومحمد براهمة من جنين. وذكرت الحركة أن أربعة من نشطائها معتقلين في سجون السلطة الفلسطينية أعلنوا إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أيام للمطالبة بالإفراج عنهم. ونفت السلطة الفلسطينية شن أي حملات اعتقال على خلفية سياسية وقالت إن من يتم توقيفهم صادر بحقهم مذكرات في قضايا جنائية. ومن المقرر انعقاد اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في القاهرة في 30 من الشهر الجاري وذلك لأول مرة منذ سنوات. ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس للاجتماع المذكور في الثالث من الشهر الجاري على خلفية عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين في الضفة الغربية خلفت مقتل 12 فلسطينيا وعشرات الجرحى. ودأبت مصر منذ سنوات على استضافة اجتماعات الفصائل الفلسطينية في محاولة لإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ عام 2007 غير أن سلسلة اتفاقيات وتفاهمات لم تجد طريقها للتنفيذ. وبهذا الصدد قال سفير مصر لدى فلسطين إيهاب سليمان إن بلاده “لم ولن تتوقف عن بذل مساعيها الرامية لتحقيق المصالحة الوطنية المنشودة لإعادة الوحدة بين شطري الدولة الفلسطينية”. وذكر سليمان خلال احتفال في رام الله بمناسبة العيد الوطني لمصر، أن حرص القاهرة على استضافة اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية “أبرز دليل على أنها لن تدخر جهدا من أجل السعي لإنجاز ملف المصالحة الفلسطينية”. وأضاف أن مصر “ما زالت تعمل جاهدة لنصرة القضية الفلسطينية ووقف إراقة الدم الفلسطيني، والعمل على توفير الحماية الدولية له، ورفض أي محاولات من شأنها المساس بالثوابت التي بنيت عليها القضية الفلسطينية العادلة”. وأكد السفير المصري أن فلسطين “تواجه تحديات ضخمة تستدعي تضافر الجهود كافة بين أبناء الشعب الفلسطيني لوأد كل المخططات التي تهدف إلى زيادة معاناته، بسبب استمرار السياسات التي ترسخ احتلال الأرض والتوسع في الاستيطان”.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
المعتقلین السیاسیین
للفصائل الفلسطینیة
السلطة الفلسطینیة
فی الضفة الغربیة
اجتماع القاهرة
اجتماع الأمناء
الفلسطینیة فی
فی القاهرة
رام الله
إقرأ أيضاً:
محددات العلاقة بين إيران والمقاومة: قراءة في خطاب ظريف حول الهوية الوطنية للفصائل
12 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: تبرز دلالات تأكيد محمد جواد ظريف أنّ فصائل المقاومة في المنطقة لاسيما في العراق لا تتحرك بوصفها أذرعًا لإيران، بل كقوى محلية تنبع شرعيتها من مواجهة الاحتلال على أراضيها، في موقف يقدّمه وزير الخارجية الإيراني الأسبق بوصفه تفنيدًا لسرديات إقليمية ودولية تربط بين نشاط تلك الفصائل ومصالح طهران المباشرة.
ومن جانب آخر يشرح ظريف، خلال مشاركته في ندوة حول الدبلوماسية في زمن الحرب على هامش معرض العراق الدولي للكتاب في بغداد، أنّ إيران تكبدت أثمانًا سياسية واقتصادية باهظة نتيجة هذا الدعم، مؤكدًا أن ما يُوصف بـوكلاء إيران لم يطلقوا رصاصة واحدة على مدى 45 عامًا لخدمة مصالحها، بل قاتلوا من أجل أراضيهم وحرياتهم، معتبرًا أنّ المقاومة تنشأ بصورة طبيعية من سياقات الاحتلال والقمع، وأن دعم بلاده لها لا يعني احتواءها أو القدرة على إنهائها.
وتشير تصريحات ظريف إلى محاولة إعادة صياغة العلاقة بين طهران والفصائل الإقليمية في إطار مفهوم التكلفة والالتزام، لا الوصاية أو التوجيه، مع تسليط الضوء على ما يراه الوزير الأسبق دورًا ممتدًا لبلاده في دعم القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي يقول إن إيران قدمت لها دعمًا يفوق ما قدمته دول عربية، في إشارة تعكس رغبة طهران في تثبيت سردية المسؤولية الأخلاقية والسياسية تجاه الصراع.
وأيضًا يلفت ظريف، في سياق حديثه عن مستقبل المنطقة، إلى أنّ بلاده لا تبحث عن هيمنة، بل عن “منطقة قوية” تستند إلى دول قادرة على حماية نفسها، من العراق إلى السعودية، مشددًا على أنّ إيران راضية بحدودها وجغرافيتها وتطمح إلى العيش بين محيط من “الأصدقاء والإخوة”، في خطاب يعكس تصورًا لتوازن إقليمي يقوم على الشراكات لا على مراكز النفوذ.
ويواصل الوزير الأسبق استحضار المبادرات الإقليمية التي طرحتها إيران، من بينها مبادرة مودّة للحوار الإسلامي، ومبادرة منارة للتعاون في استخدام الطاقة النووية السلمية، باعتبارهما إطارين لحلحلة الأزمات الممتدة، مع تأكيده أنّ جذر المشكلات يبقى الاحتلال الإسرائيلي الذي يعيد إنتاج توترات الشرق الأوسط وفق تعبيره.
وعلى صعيد أوسع تتقاطع هذه الرسائل مع نقاشات دبلوماسية وإعلامية عربية عن مآلات الحرب في غزة وتمدد الصراع في الإقليم، إذ تتفاعل على المنصات الرقمية تدوينات تربط بين خطاب ظريف ومحاولات إعادة ضبط صورة إيران إقليميًا، وسط سجالات حول دور طهران وحدود نفوذها، في مشهد يعكس حجم الاستقطاب الذي تفرضه دورة الصراع المتجددة في الشرق الأوسط.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زين
See author's posts