محمود الجارحي يكتب.. رسالة من حبيبة الشماع: أعتذر من جديد أنني أوجعت قلوبكم
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
سيدي المحقق.. السادة الحضور الكرام.. السادة المتابعون.. أهلا بحضراتكم جميعا.. أنا حبيبة الشماع.. عندي 24 سنة، خريجة كلية الإعلام من الجامعة البريطانية، نعم أنا هي.. أنا فتاة الشروق كما معروف لدى الجميع هل تسمحون لي بـ«الكلام».. أتمنى أن تسمعوا.. سادتي.. أحدثكم الآن.. بعد 21 يوما من الإسعافات.. أحدثكم الآن.
سادتي.. أعلم أنه نصيبي وقدري وعمري وخطواتي الأخيرة وأنفاسي الأخيرة ولمستي الأخيرة وحركتي الأخيرة.. أنا مؤمنة.. أصلّى وأصوم وأطعم المسكين وأعمل الخير وأسعى له.
سادتى.. أعتذر من جديد أننى أوجعتكم.. لكنه وجع لا يقارن بالوجع الذى أنهى حياتى.. نعم قبل 3 أسابيع من الآن.. حجزت عربية من تطبيق النقل الذكى.. وركبت من مدينتى.. كنت رايحة التجمع الخامس.. ركبت العربية.. واتحركنا وكنا بالتحديد على طريق السويس.. وفجأة لقيت السوائق.. قفل إزاز العربية.. وبدأ يرش فى مادة مخدرة، وبدأ يبص ليا نظرات غريبة.. ويتصرف تصرفات غريبة.. خفت.. فتحت باب العربية ورميت نفسي منها.. وماحستش بنفسي غير وفي شخص بيقول ليا إيه حصل.. رديت بصوت ضعيف قلت له: «السواق حاول يتحرش بيا».. بس وماحستش بنفسى من بعدها.. 21 يوما.. قاعدة في غيبوبة تامة.. لحد قبل ساعات.. ربنا استرد الأمانة.. نعم أنا الآن بين يدي رب رحيم.
سادتى.. ربما صرخت يقينا تألمت عند سقطت الأرض.. وحاولت النهوض بنفسى وفشلت.. كنت أحاول تحريك ذراعى.. كنت أحاول وأحاول وأنا أشاهد الدماء تسيل من رأسي.. ولكن الألم لم يستمر سوى لحظات.. ودخلت فى غيبوبة.. حتى تعطلت أجهزة الجسم ولفظت أنفاسي الأخيرة.
سادتي.. تذكرت وأنا في لحظاتي الأخيرة.. عائلتي فهي الموجوعة أكثر.. هي التي لا تنام.. هي التي كانت تراقب غرفتي في المستشفى على مدار 21 يوما.. هي الآن تقف لتشاهد وجهي.. هى الآن تلقي نظرة الوداع عليا.. تذكرت ايضا أصدقائي.. الذين أسرعوا إلي وحضروا إلى المستشفى.. ويقومون بالدعاء منذ وقوع الحادث.. وهم الآن يدعون لي بالرحمة.. أنا أحس بهم جميعا.
تذكرت أمي التي تدعو لي.. لن أصف صرختها.. وحسرتها.. كان صوتا ضعيفا من شدة البكاء.. والدتي دي غاليةً عندي.. عارفة إن هي زعلانة.. لكن أقول لها.. أنا الآن في مكان أفضل.. أنا الآن بين يدي رب عادل رحيم.. هستنى تيجي لي زيارة وتقرأ لي الفاتحة.
عارفة إن الحكاية لسه ما خلصتش.. وإن المباحث قبضت على السواق، وان جهات قررت حبسه.. وان هو تم استدعاؤه من محبسه.. وتم تعديل والوصف بتاع القضية من التسبب في الإصابة للتسبب في الوفاة.. سادتي أنا أعتذر من جديد أنني أوجعت قلوبكم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حبيبة الشماع فتاة الشروق وفاة فتاة الشروق النيابة العامة
إقرأ أيضاً:
د. سعيد الكعبي يكتب: في تأمل النعم
ما أجمل أن نتدبر القرآن ونربطه بحياتنا، وهناك سور نقرأها كثيراً ولكن للأسف دون التوقف عندها. بالأمس وأنا أقود سيارتي في طريقي من قريتي قلي إلى مدينة الشارقة، كنت أتفكر بالنعم التي من حولي، وبالأمان الذي نعيشه، والرفاه الذي منّ به الله علينا، وتذكرت قوله تعالى: «لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» (التكاثر: الآية 8).
آية قصيرة تهزّ الوجدان، وتوقظ الغافل مما اعتاد عليه، ونداءٌ لطيف من الله ليعيد الإنسان النظر في معنى النعمة، قبل أن يُسأل عنها، فالنعيم ليس ثروةً تُكنَز، ولا جاهاً يُفاخر به، بل هو تلك التفاصيل التي نمر بها كل يوم دون أن نلحظ قيمتها.
هل تأملنا يوماً في الماء عندما نفتح الحنفية فيصب علينا حاراً أو بارداً كما نريد، النَفَس الذي نتنفسه، يدخل الهواء برحمةٍ إلى صدورنا، يوزع الحياة على خلايانا، ثم يخرج وقد حمل ما لا نحتاج إليه، رحلة تتكرر كل يوم بعدد لا يمكن حصره. وهل تأملنا يوماً في رحلة الغذاء الذي نأكله؟ من بذرةٍ نبتت في أرضٍ، إلى مزارعٍ سقاها، إلى من قطفها، إلى طباخ طبخها، ثم إلى يدك التي وضعتها في فمك، الذي قام بدوره ثم المعدةٍ التي تكمل الرحلة إلى نهايتها.
هل تأملنا في رمشة العين التي تحمي البصر دون أن نستدعيها؟ هل تأملنا في تمييزنا لصوتٍ واحدٍ بين العشرات. هل تأملنا في النوم الذي يزورنا دون موعدٍ، ثم في استيقاظنا الدقيق، كأن داخلنا حارس يوقظنا بعد اكتفاء الجسد؟ هل تأملنا في اللغة، حركة لسان صغيرة تنقل فكرة أو تثير عاطفة أو تُصلح بين قلبين؟
هذه النعم لا تُحصى، لكنها تنتظر منّا نظرة امتنان، وسجدة شكر، وتأملاً يعيدنا إلى جوهر الحياة، وأن نكمل القول بالفعل فنشكر نعمة المال بالإنفاق، ونعمة العلم بالتعليم، ونعمة الوقت بالعمل، ونعمة الصحة بالعطاء، وأن نرى في كل ما تملك فرصة للخير، لا وسيلة للترف. ونتذكر قوله تعالي: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» (إبراهيم: 7)
* تأمل.:. ما النعم التي تمرّ بك كل يوم؟
. هل تُعامل النعم كأمانةٍ ستُسأل عنها؟