يبدو أن المجتمع الدولى غير منزعج من الظروف غير الصالحة للعيش فى قطاع غزة، بسبب جرائم الإبادة الجماعية التى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى ضد أهل غزة فى أطول عملية عنف فى التاريخ وسط سمع وبصر العالم الذى يتحمل وصمة العار التى يرتكبها جيش ضد جيل كامل نشأ معزولاً عن العالم، باستثناء الأسلحة التكنولوجية المتطورة التى تنهمر عليهم من السماء.
بدأت إسرائيل بفرض الحصار على قطاع غزة عقب فوز حركة حماس فى الانتخابات التشريعية فى يناير 2006، ثم شددته بعد سيطرة الحركة عسكرياً على القطاع فى يونيو 2007، إذ أعلنت قطاع غزة «كياناً معادياً» وفرضت عقوبات إضافية مست على نحو مباشر بالحقوق الأساسية للسكان، وشمل ذلك فرض قيود مشددة على دخول الوقود والبضائع وحركة الأفراد من وإلى القطاع. وعلى مر السنين، عملت السلطات الإسرائيلية على ترسيخ سياسة عزل قطاع غزة، من خلال فصله عن الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، إلى جانب التحكم فى كمية وتوعية البضائع والمواد التى تدخل إلى قطاع غزة وحظر المئات منها، ما تسبب بركود اقتصادى شامل فى القطاع، وارتفاع حاد فى معدلات الفقر والبطالة. وعلاوة على ذلك أثر الحصار الإسرائيلى على نحو خاص على القطاع الصحى، فى غزة، إذ لا يتوافر كثير من الأصناف واللوازم الطبية الأساسية ويضطر كثير من المرضى للانتظار لأشهر لإجراء العمليات الجراحية. وخلال سنوات الحصار، شنت إسرائيل عدة هجمات عسكرية مدمرة على القطاع، أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين وتدمير آلاف المنازل والمنشآت المدنية، وأحدثت دماراً واسعاً فى مرافق البنى التحتية.
بموجب القانون الدولى، لا يزال قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلى بالرغم من الانسحاب أحادى الجانب من القطاع عام 2005، إذ احتفظت إسرائيل بالسيطرة الكاملة على منافذ القطاع البرية والبحرية والجوية. وبالمثل فهى تسيطر على السجل السكانى فى غزة وشبكات الاتصالات والعديد من الجوانب الأخرى للحياة اليومية والبنية التحتية، وبدلاً من القيام بواجباتها فى حماية السكان المدنية، فرضت إسرائيل على السكان فى قطاع غزة شكلاً غير مسبوق من أشكال العقاب الجماعى، فى انتهاك صارخ للقانون الدولى الإنسانى.
18 عاماً من الحصار والتجويع فى أكبر عملية عنف فى التاريخ وما زالت إسرائيل تمارس حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين فى غزة، من المدنيين العزل، لقد أظهرت إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضى نيتها المعلنة باستخدام كافة الوسائل لتدمير العائلات الفلسطينية، وتسببت فى دمار كبير لم يترك لأقارب الناجين سوى الركام ليذكرهم بأحبائهم. فقد أدى الحصار الإسرائيلى غير القانونى إلى تحويل غزة إلى سجن مفتوح فى العالم.
ودخلت الحرب الهمجية الإسرائيلية على قطاع غزة، شهرها السادس، مخلفة وراءها آلاف الشهداء من الأطفال والنساء وكبار السن، وآلاف الجرحى، بجانب تشريد غالبة سكان قطاع غزة، وترى إسرائيل حسب تقارير دولية، مصلحة اقتصادية حقيقية فى غزة، وهذا يفسر سبب احتدام الحملة العسكرية التى تشنها على القطاع المحاصر، بغض النظر عن مدى الغضب العالمى.
يتجاوز حجم الحرمان والقهر الذى تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطينى فى غزة كل المعايير الإنسانية والأخلاقية والقانونية، ويخرق القانون الدولى. وتعمل إسرائيل بشكل ممنج على تغيير فلسطين ديموجرافيا وتدمير التراث التاريخى والثقافى للشعب الفلسطينى وتشريد المواطنين الفلسطينيين من مدنهم وأراضيهم.
الأحداث غير العادية فى غزة تداعياتها لن تكون فى صالح المنطقة بالكامل، فالأمر يحتاج إلى تخلى المجتمع الدولى عن سياسة الكيل بمكيالين وأن يجرى عملية سلام حقيقية الضمان حق الشعب الفلسطينى فى أن يعيش بصورة طبيعية فى دولته بعاصمتها الشرعية، للابتعاد عن دوامة العنف التى تهدد أمن واستقرار المنطقة وسلامة شعوبها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن محمود غلاب الاحتلال الإسرائيلي غزة قطاع غزة جرائم الإبادة الجماعية على القطاع قطاع غزة فى غزة
إقرأ أيضاً:
بسبب الجوع .. فوضي بأول يوم من توزيع المساعدات بغزة
اجتاح آلاف الفلسطينيون موقع توزيع المساعدات المُنشئ حديثًا في جنوب غزة يوم الثلاثاء والذي كان جزءًا من ألية توزيع المساعدات الجديدة والمثيرة للجدل التي وافقت عليها إسرائيل والولايات المتحدة بعد أشهر من الحصار.
وتظهر فيديوهات من موقع التوزيع بتل السلطان، والتي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية، حشود كبيرة عصفت بالمنشآت وهدمت جزء من السياج، وتسلقت الحواجز المصممة للتحكم بتدفق الحشد.
ووصف مسئول دبلوماسي الفوضي في الموقع بأنها "غير مفاجأة لأحد".
ودفع الحصار الإسرائيلي للـ مساعدات الإنسانية، والذي دام 11 أسبوعًا، سكان القطاع والذي يبلغ عدده أكثر من مليوني فلسطيني إلى المجاعة وتعميق الأزمة الإنسانية مع أول استئناف لدخول للمساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر الأسبوع الماضي.
وأقرت مؤسسة غزة الإنسانية بتلك الفوضي العارمة، قائلة: "أن فريق المؤسسة انسحب لسماح لعدد قليل من سكان غزة أخذ المساعدات بأمان والخروج. وتم ذلك وفقًا لبروتوكول المؤسسة لتفاضي الضحايا". وصرح مصدر أمني أن المقاولون الأمنيون الأمريكيون لم يطلقوا أي طلقة وأن العملية ستستأنف في الموقع يوم الأربعاء.
وأعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية أن قواتها أطلقت طلقات تحذيرية خارج المجمع، وإخضاع الوضح تحت السيطرة. وأنكرو تنفيذ أي هجمات جوية على الموقع.