واشنطن – (د ب أ)- على الرغم من أنه جرى عقد جولة جديدة من المفاوضات في بروكسل يوم 15 تموز/يوليو الجاري، لا يزال الوضع في إقليم ناجورنو-كاراباخ المتنازع عليه من فترة طويلة متوترا مع استمرار العنف بين أرمينيا وأذربيجان. وفي محاولة لتهدئة التوترات المتصاعدة، تعهد رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بالاعتراف بناجورنو-كاراباخ كأرض أذربيجانية.
وتكتسب محادثات
السلام بين باكو ويريفان المقررة في الولايات المتحدة في المستقبل أهمية بالغة لتحديد مصير المنطقة. وبينما تركز مقترحات حفظ السلام على طرفي الصراع المباشرين، فإن مشاركة تركيا، التي تدعم أذربيجان وإيران التي تدعم أرمينيا، ستكون ضرورية لكي تشكل المحادثات تسوية دائمة. وقال المحلل السياسي الأمريكي أليكس ليتيل المتخصص في شؤون روسيا وآسيا في تقرير نشرته مجلة “ناشونال انتريست” الأمريكية إنه نظرا للتراث الثقافي والعرقي المشترك والرغبة في حماية مجال نفوذها، دعمت تركيا منذ فترة طويلة مطالب أذربيجان بالسيادة على ناجورنو-كاراباخ. وفي حرب ناجورنو-كاراباخ الثانية عام 2020، أصبحت تركيا أكثر جرأة في دعمها حيث قدمت مساعدة في البنية التحتية وأسلحة، من بينها طائرات مسيرة مسلحة من طراز “بيرقدار تي بي2″، والتي ساعدت أذربيجان في تحقيق انتصار ساحق. وقد شجعت مساعدة أنقرة باكو على تأكيد حقها ورفضها تقديم أي تنازلات. واستمر هذا الاتجاه خلال الاشتباكات الحدودية التي وقعت في أيلول/سبتمبر .2022 وتدخل وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو مباشرة، وكتب على موقع تويتر “يتعين على أرمينيا وقف استفزازاتها والتركيز على مفاوضات السلام والتعاون مع أذربيجان”. وأشار ليتل إلى أن إيران على الجانب الآخر، لعبت دورا محوريا في إطالة أمد الصراع بشأن ناجورنو-كاراباخ. وقد أجرى الجيش الإيراني وفيلق الحرس الثوري الإسلامي تدريبات عسكرية واسعة النطاق على حدود إيران مع أذربيجان. وفي حين أن إيران يوجد بها عدد كبير من السكان الآذريين، تشعر طهران بالقلق إزاء النفوذ الإسرائيلي في منطقة القوقاز. فقد تلقت باكو مسيرات ذات تكنولوجيا متقدمة وأسلحة أخرى من تل أبيب. كما تزود أذربيحان إسرائيل بـ40% من استهلاكها من النفط. كما تخشى إيران من أن يكون دعم إسرائيل لأذربيجان فرصة لإسرائيل للقيام بعمليات مراقبة ضد طهران عبر طائرات استطلاع بدون طيار. بالإضافة إلى ذلك، فإنه إذا تمكنت باكو من إقامة ممر “زانجيزور” للنقل البري، الذي سيربط أذربيحان بتركيا عبر أراضي جنوب أرمينيا، فقد يؤدي هذا إلى عزل إيران بشكل أكبر عن جنوب القوقاز. ورأى ليتل أن استبعاد القوى الإقليمية من مفاوضات ناجورنو-كاراباخ المستقبلية سيكون خطأ غير حكيم، إذ تمثل محادثات ناجورنو-كاراباخ المقبلة فرصة لأرمينيا وتركيا لاتخاذ خطوات ملموسة نحو تطبيع العلاقات الذي تمت مناقشته في عام .2022 كما تستطيع إيران استراضاء مواطنيها من الآذريين من خلال تحقيق السلام مع جارتها. وأضاف ليتل أن تحقيق المصالحة بين تركيا وإيران يمكن أن يكون وسيلة لكي تقوم واشنطن بتحسين علاقاتها مع كل من أنقرة وطهران. فقد تدهورت العلاقات الأمريكية التركية منذ بداية القرن الحادي والعشرين. كما دخلت العلاقات الأمريكية الإيرانية في حالة تجمد منذ انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة عام .2018 ونتيجة لذلك تفاقمت الأزمة النووية الإيرانية، وأصبحت إيران تمتلك الآن مواد انشطارية كافية لصنع سلاح نووي. ومن خلال التعاون بشأن ناجورنو-كاراباخ، ربما يكون من الممكن أن تعيد واشنطن وطهران إحياء محادثات السلام في مجالات أخرى، من بينها حظر الانتشار النووي. وأشار ليتل إلى أنه في حين أن التعاون الدبلوماسي بين إيران والغرب ربما يبدو غير محتمل، فإن كل الأطراف لديها مصالح واضحة في تعزيز السلام. ويشكل سكان إيران الآذريون، الذين نظموا احتجاجات في الماضي، مشكلات للوحدة الإيرانية. كما أن الولايات المتحدة وفرنسا تستضيفان جالية كبيرة من الأرمن. ويحتفظ مستثمرون أمريكيون وأوروبيون بمصالح تجارية في مشروعات الطاقة في أذربيجان. وساعدت باكو في بناء خط أنابيب غاز طبيعي بطول 2174 ميلا إلى أوروبا عبر جورجيا وتركيا. وستكون هذه المشروعات مهمة للغاية لنجاح خطة الاتحاد الأوروبي وأذربيجان للطاقة والتي تهدف إلى مضاعفة واردات بروكسل من الغاز من أذربيجان بحلول عام 2027 . وفيما يتعلق بالشروط اللازمة لضمان التوصل إلى تسوية سلمية دائمة في ناجورنو-كاراباخ، قال ليتل، إنه يتعين على أذربيجان إنهاء حصارها لممر لاتشين. فقد تسبب هذا الحصار في تقييد حرية حركة 120 ألف أرميني في كاراباخ وشكل تهديدا لحصولهم على الغذاء والدواء. وسيكون إنهاء الحصار تنازلا مقبولا، يسمح لأرمينيا بأن تعترف بأن ناجورنو-كاراباخ أرض أذربيجانية. وأضاف ليتل أن حماية السكان الأرمن في ناجورنو-كاراباخ ستكون عاملا حاسما أيضا في تحقيق سلام دائم وستهدأ مخاوف يريفان بشأن حدوث تطهير عرقي محتمل. إن اضطهاد الأرمن في كاراباخ سيؤدي بالتأكيد إلى زيادة في التدخل العسكري الإيراني والتركي في المنطقة. ويجب أن توضح الولايات المتحدة أن الفشل في ضمان سلامة الأرمن في كاراباخ سيؤثر بالسلب على سمعة باكو كشريك تجاري يعتمد عليه. وقال إنه إذا كان من الممكن تحقيق هذه الأهداف، فإن التزام إيران وتركيا بخفض الممارسات التصعيدية سيمنع تفاقم التوترات في كاراباخ وتحولها إلى صراع أكثر خطورة. وتعد عناصر قوات حفظ السلام الأممية، ضامنا مثاليا ومحايدا للحفاظ على هذه الشروط، وذلك بسبب عدم فعالية عناصر حفظ السلام الروس في وضع حد للعنف في المنطقة. ومن المستحيل نشر قوات حفظ سلام من الولايات المتحدة نظرا لأنه لا توجد مصالح وطنية أمريكية حيوية في جنوب القوقاز تستدعي المخاطرة ببدء حروب جديدة. واختتم ليتل تقريره بالقول إنه يجب على الولايات المتحدة أن تدرك أنها يمكن أن تحقق فوائد كبيرة من ضم تركيا وإيران إلى محادثات السلام المستقبلية بشأن ناجورنو-كاراباخ. وأضاف أن هذا لن يشكل فقط فرصة لإجراء حوار مفتوح بشأن عدد كبير من القضايا المهمة، وإنما يمكن أن يوفر أيضا فرصة محتملة لتحقيق سلام دائم في منطقة ناجورنو-كاراباخ.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الكرملين: لقاء بوتين وزيلينسكي خطوة أخيرة قبل اتفاق السلام
عواصم (الاتحاد)
أخبار ذات صلة

تأكيدات رسمية لحصول
أوكرانيا على 3 أنظمة «باتريوت»

العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة الروسية المنكوبة

الأزمة الأوكرانية تابع التغطية كاملة
أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تصريحات نُشرت، أمس، أن مفاوضين من كييف وموسكو بحثوا في إمكان عقد لقاء بينه ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال محادثاتهم في إسطنبول هذا الأسبوع. لكن الكرملين استبعد عقد مثل هذا اللقاء في وقت قريب.
وتسعى أوكرانيا جاهدة لعقد لقاء بين الرئيسين، وأعربت عن أملها بأن يشارك فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يمارس ضغوطاً للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب بين الجانبين.
أما فلاديمير بوتين، فقد أشار إلى أنه لن يكون مستعداً لهذه القمة إلا في «المرحلة الأخيرة» من المفاوضات.
وقال زيلينسكي لصحافيين: «نحتاج إلى إنهاء الحرب الذي يبدأ على الأرجح بلقاء بين القادة» مضيفاً: «خلال مباحثات معنا بدأوا بمناقشة الأمر، وهذا بحد ذاته تقدم باتجاه صيغة ما للقاء» محتمل.
في هذه الأثناء، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، إنه ربما يتحدث مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع لمعرفة ما إذا كان بالإمكان عقد اجتماع قادة في إسطنبول لمناقشة الحرب في أوكرانيا، وذلك بعد أن التقى وفدان روسي وأوكراني في تركيا هذا الأسبوع.
وقال لصحفيين: «بالاتصال مع بوتين وترامب هذا الأسبوع، سنرى ما إذا كان بإمكاننا جمع هذين الزعيمين في إسطنبول».
وخلال الجولة الثالثة من المفاوضات في إسطنبول يوم الأربعاء الماضي، اقترح رئيس الوفد الأوكراني رستم أومروف عقد الاجتماع بحلول نهاية أغسطس، وهذا يتوافق إلى حد ما مع مهلة من 50 يوماً حددها ترامب لبوتين لحل النزاع أو مواجهة عقوبات صارمة.
ولكن، لم يبد الجانب الروسي تفاؤلاً بإمكانية عقد اجتماع وشيك، متحدثاً عن تباين كبير في المواقف وعن الحاجة إلى الإعداد له «بعناية».
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين: «يمكن، بل يجب، أن ينهي اجتماع رفيع المستوى عملية التسوية بشكل حاسم، لكن هل من الممكن إنجاز عملية على هذه الدرجة من التعقيد خلال 30 يوما؟ من الواضح أن ذلك غير مرجح».
ودعت روسيا أوكرانيا إلى الانسحاب من المناطق الأوكرانية الأربع التي أعلنت موسكو ضمها في سبتمبر 2022 ولا تسيطر عليها بالكامل، وهو مطلب وصفته كييف بأنه غير مقبول.
واستبعدت أوكرانيا أي مساومة بشأن الأراضي حتى بعد وقف إطلاق النار، وقالت إنها لن تعترف مطلقاً بضم أراض تسيطر عليها روسيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014.
وقال زيلينسكي إن روسيا ما زالت تحاول التقدم على الجبهة من دون تحقيق أي اختراقات كبيرة.
وتطالب أوكرانيا داعميها الغربيين بإرسال أسلحة لجيشها ولتمكينها من الدفاع عن المدن الأوكرانية في وجه الهجمات الروسية.