إحدى الصور تظهر لوحة إعلانية لإحدى فعاليات المركز – ربما الأخيرة  قبل الحرب – وفي قلب اللوحة نرى صورة الروائي الكبير الطيب صالح، وكأنه ينظر بعين الأسى إلى ما آل إليه حال السودان والسودانيين

 التغيير: أمدرمان

لم يتبق من مركز عبد الكريم ميرغني في حي ودونوباوي في أمدرمان غرب العاصمة السودانية سوى المباني بعد 11 شهرا من الحرب بين الجيش والدعم السريع، تعرض المركز المعني بالشأن الثقافي وحركة الاستنارة إلى نهب طال جميع محتوياته وفق صور منشورة على الشبكات الاجتماعية.

يقع مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي، في حي ودنوباوي بأمدرمان القديمة، وتأسس سنة 1998. ونشط منذ تأسيسه وحتى لحظة إغلاقه بسبب الحرب الدائرة الآن في السودان، في تقديم الأنشطة الثقافية غير الربحية، ورعاية المسابقات الأدبية، أشهرها مسابقة الطيب صالح للإبداع الروائي التي قدمت الكثير من الأسماء الروائية للمشهد الأدبي داخل السودان وخارجه عربيا وعالميا، كما خصص المركز مسابقة في القصة القصيرة للشباب دون سن الثلاثين.

إضافة إلى الأنشطة الثقافية الراتبة يعمل المركز في مجال الطباعة والنشر، وأثرى المكتبة السودانية بالكثير من المؤلفات والمنشورات، لاسيما في الترجمات النادرة المتعلقة بالتاريخ السوداني، سواء السياسي أو الاجتماعي، والمتعلق بأدب الرحلات. يحتوي مبنى المركز على مكتبة للقراءة العامة متاحة للجميع وتضم عددا كبيرا من المراجع المهمة للطلاب والباحثين.

وقوع المركز في منطقة ملتهبة خلال حرب الـ 15 من أبريل جعله في موضع النيران، وتظهر الصور المتداولة أخيرا حجم الخراب الذي تعرض له المركز، رغما عن أنه لا يحوي أي شيء قابل للسرقة أو النهب، أو يمكن أن يساعد في القتال الدائر، فكل ما يحويه لا يخرج عن الكتب والمراجع وطاولات القراءة والكتابة وبعض أجهزة الكمبيوتر التي تساعد إدارته في العمل والأرشفة.

من المفارقات المحزنة، إن إحدى الصور المنتشرة لما أصاب المركز تظهر لوحة إعلانية لإحدى فعاليات المركز – ربما الأخيرة  قبل الحرب – وفي قلب اللوحة نرى وجه الروائي السوداني الكبير الطيب صالح، وكأنه ينظر بعين الأسى إلى ما آل إليه حال السودان والسودانيين، وهو الذي طالما نادى بإرساء قيمة التسامح في مجتمعه وبلده.

يذكر أن مدينة أمدرمان شهدت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع، لاسيما في منطقة أمدرمان القديمة التي تمكن الجيش من استعادتها من قوات الدعم السريع.

وأعلن الجيش السوداني، في بيان الثلاثاء  الماضي، عن استعادة سيطرته على مقر الهيئة القومية للإذاعة والتليفزيون من قوات الدعم السريع.

ويقع مقر الهيئة في أم درمان، المدينة الواقعة على الضفة الغربية لنهر النيل قبالة العاصمة الخرطوم، وتعتبر جزءًا من منطقة الخرطوم الكبرى.

 

 

الوسومأمدرمان الجيش السوداني الدعم السريع مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمدرمان الجيش السوداني الدعم السريع

إقرأ أيضاً:

السودان وليبيا ومصر.. هل يحول “الدعم السريع” الحدود المتوترة إلى ساحة حرب؟

متابعات – وكالات ـ تاق برس- تساءل معهد دراسات إيطالي عن مدى إمكانية تحول المثلث الليبي السوداني المصري إلى مسرح جديد للحرب وعدم الاستقرار الإقليمي، في ظل استخدام المنطقة كمركز لتهريب الأسلحة والبشر.

ولا يقتصر الأمر على التهريب، حيث تتوغل مليشيات الدعم السريع السودانية بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” في المنطقة الحدودية مما قد يحولها إلى بؤرة دائمة للعنف دون تنسيق أمني وسياسي فعال.

وسلط  معهد “تحليل العلاقات الدولية” الضوء على تأثير الصراعات في دارفور وغرب السودان على الوضع في جنوب ليبيا، والدور غير المباشر لدول مثل الإمارات وروسيا.

*تزاحم الأطراف الإقليمية*

وأكد أن “الصراع في السودان تجاوز حدود الدولة، ليصبح مسرحا إقليميا تتقاطع فيه مصالح عدة أطراف”.

ويضيف المعهد أن “سيطرة قوات الدعم السريع على الممر الحدودي الثلاثي زاد من قلق الدول المجاورة، التي أصبحت متورطة في الصراع، سواء بشكل مباشر أو عبر وكلاء”.

وفي هذا الصدد، ذكر أن “شرق ليبيا، الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، تشكل نقطة محورية في إعادة تنظيم البنية اللوجستية لقوات الدعم السريع”.

ويقول المعهد إنه “رغم نفي قيادة حفتر أي تورط مباشر، تظهر الأدلة تعاونا لوجستيا وعسكريا مع مليشيات سودانية، ما يثير شكوكا قوية”.

وبشكل أوضح، يؤكد أن “سيطرة حفتر تمكن قوات الدعم السريع من الوصول إلى قاعدة خلفية مستقرة، تسمح بتمرير الأسلحة والمركبات والأفراد”.

وتكشف العلاقة الغامضة بين حفتر والقوات عن ديناميكية دعم سياسي وعسكري غير معلن، تحفظ هامشا من الإنكار الاستراتيجي.

أما فيما يخص الإمارات، فيوضح أنها “تلعب دورا مؤثرا خارج الإقليم، مع سياسة إستراتيجية واضحة في القرن الإفريقي ومنطقة الساحل”.

إضافة إلى ذلك، يقول معهد “تحليل العلاقات الدولية” إن “دعم الإمارات اللوجستي والمالي لحفتر في ليبيا مهد طريقا لمثلث دعم غير مباشر لقوات الدعم السريع السودانية”.

وهذا الطريق “يرفع احتمال تزويد هذه القوات بالسلاح عبر قنوات غير شفافة، مما يمكنها من تعزيز ضغطها العسكري وتوسيع نفوذها”.

وعلى حد وصف المعهد، يبدو أن الهدف الإماراتي مزدوج؛ “احتواء النفوذ الإسلامي” و”ترسيخ مكانتها كقوة شرق أوسطية مؤثرة في الصراعات الإفريقية”.

ومن جانبها، تحافظ القاهرة تاريخيا على تحالف إستراتيجي مع القوات المسلحة السودانية، اعتمادا على القرب الجغرافي والتعاون العسكري المشترك و”مواجهة الحركات الإسلامية المتطرفة”، وفق تعبيره.

ويمثل تقدم قوات الدعم السريع نحو الحدود المصرية تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري، سواء عسكريا أو عبر تدفقات الهجرة، ما قد يدفع مصر لزيادة انخراطها، ولو بالدعم اللوجستي أو الاستخباراتي.

ومن جهة أخرى، يذكر المعهد أن “أنقرة تعتمد نفوذا إقليميا عبر دعم الأحزاب الإسلامية المعتدلة والحكومات المنتخبة في الساحل والقرن الإفريقي”.

ولفت إلى أن “توسعات قوات الدعم السريع، التي تعد في بعض الأوساط التركية مليشيات غير نظامية مدعومة من خصوم إقليميين، تثير مخاوف من تعزيز شبكات سلفية معادية لتركيا في ليبيا والسودان”.

ولا تنخرط تركيا مباشرة في الصراع السوداني، ولكن قد تدفع مصالحها المتشابكة مع مصر والإمارات وليبيا إلى موقف أكثر وضوحا.

ويتوقف ذلك على ما إذا هددت الحرب مصالحها الإستراتيجية في شمال شرق إفريقيا أو الاقتصادية في البحر الأحمر .

*فوضى غير محكمة*

وفي هذا الإطار، يلفت المعهد الإيطالي النظر إلى أن “سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر تمثل عاملا جديدا وحاسما في توازن الأمن الإقليمي”.

وعلى حد قوله، فإن هذه المنطقة، تفتقر إلى السيطرة الحكومية الكاملة وتتمتع بتاريخ طويل من الأنشطة غير القانونية، وتُعد من أبرز بؤر عدم الاستقرار في شرق الساحل الإفريقي.

ولذلك، فإن استيلاء كيان شبه عسكري خارج إطار الدولة على هذه المساحة الجغرافية قد يؤدي إلى توسيع نطاق التهديدات الموجهة للدول المجاورة والمنطقة المتوسطية بشكل عام.

وبشكل أكثر تفصيلا، يوضح المعهد أن المثلث الحدودي يرتبط بشبكات تهريب راسخة تشمل الوقود والأسلحة الخفيفة والسلع، والأكثر أهمية من ذلك البشر.

وبحسب المعهد، إذا تمكنت قوات الدعم السريع من فرض سيطرة فعالة على هذه الطرق، فلن يؤدي ذلك إلى وقف الأنشطة الإجرامية، بل سيحولها إلى تنظيم غير رسمي وعسكري.

ويرى المعهد أن “تلك المليشيات قد تستغل هذه الشبكات كمصدر تمويل، ولتكوين تحالفات محلية ولتوسيع نفوذها عبر آليات اقتصادية واجتماعية”.

ومن جهة أخرى، يلفت إلى أن “غياب سيطرة دولة معترف بها على الممر الصحراوي السوداني يفتح قنوات جديدة للهجرة غير النظامية شمالا”.

“وبذلك، تصبح مسارات السودان-ليبيا-أوروبا معرضة لتدفقات سرية متزايدة، سواء لأسباب اقتصادية أو هروبا من العنف”.

وهو ما يزيد -وفق المعهد- الضغط على الحدود المصرية والليبية، ثم الأوروبية، ويعقد إستراتيجيات احتواء الهجرة في دول شمال البحر المتوسط.
علاوة على ذلك، يوضح أن “صعود جماعات مسلحة مثل قوات الدعم السريع في شبكات حدودية حيوية يشكل تهديدا لسيادة الدول”.

فمن ناحية، ينوه أن مصر معرضة لتزايد التسللات والأنشطة غير القانونية في جنوبها. ومن جهة أخرى، تواجه ليبيا التي تفتقر لسلطة مركزية موحدة، خطر عدم الاستقرار المتزايد.

وبشكل عام، يبرز المعهد أن “تزايد مراكز القوى غير الحكومية يقلل من قدرة الحكومات على احتكار القوة وضبط الحدود”.

وأضاف: “كما يعكس أن التداخل بين الصراع المسلح والشبكات الإجرامية يحول المنطقة إلى مزيج من الحرب والتجارة غير المشروعة”.

وبالفعل، تستغل قوات الدعم السريع موقعها لدمج السيطرة العسكرية بالأنشطة الاقتصادية غير القانونية، مما يخلق نظام حكم فعلي خارج الأطر المؤسسية.

وهو ما يشكل تهديدا طويل الأمد للأمن الإقليمي ويعوق جهود السلام وإعادة البناء، على حد قول المعهد.

*آثار تمدد المليشيات*

ونتيجة للمشهد السابق ذكره، يسلط الضوء على أن “التمدد التدريجي لقوات الدعم السريع في المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر يفاقم من حدة الأزمة الإنسانية التي تُعد من بين الأسوأ عالميا”.

إذ تسبب الصراع المسلح بتهجير ملايين الأشخاص داخليا وخارجيا، في ظل هشاشة اقتصادية وانهيار للبنية التحتية وغياب سلطة حكومية فاعلة.

ومع وجود أكثر من 13 مليون نازح، يقول المعهد: إن “تعاظم نفوذ هذه القوات في مناطق إستراتيجية ينبئ بموجات نزوح جديدة”.

فقد تزيد الهجرة القسرية عبر الحدود الشمالية إلى مصر وتشاد وليبيا، مما يثقل كاهل الدول المقصودة لوجستيا وسياسيا، لا سيما في المناطق الحدودية الضعيفة التي قد تنهار تحت الضغط السكاني المفاجئ.

ومن ناحية أخرى، يشير المعهد إلى أن “حالة عدم الاستقرار الناتجة عن الوجود المسلح لقوات الدعم السريع وتآكل مؤسسات الدولة يؤدي إلى ضعف كبير في قدرة وكالات الإغاثة على العمل بأمان”.

وأوضح: “إذ تُقطع ممرات الإمداد وتُنهب المخازن الغذائية وتُحتل المستشفيات أو تُدمر، كما تعيق حالة الأمن الهشة توزيع المياه والأدوية والغذاء، خصوصا في المناطق الريفية والمراكز الحضرية الصغيرة”.

وإلى جانب الأثر المادي، يبرز المعهد الإيطالي أن “الحرب تسهم في تفتيت النسيج الاجتماعي، مع تفاقم الانقسامات الإثنية والقبلية والجغرافية، المدفوعة بتجنيد قسري وثأر محلي ومنطق البقاء، مما يعزز عسكرة المجتمعات”.

وفي ظل سيطرة قوات الدعم السريع كسلطة أمر واقع في كثير من المناطق، تُفرض أشكال حكم موازٍ يبدو منظما لكنه قائم على القمع وإخضاع المدنيين.

علاوة على ذلك، يضيف أن “توسعات الصراع وتورط الأطراف الخارجية تعقد من عمل الهيئات الإقليمية الإفريقية، مرحبا لا سيما الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية، اللتين فقدتا تأثيرهما تدريجيا أمام الديناميات الجيوسياسية المعقدة التي تفوق قدراتهما” .

*تحييد الدور الإفريقي*

وفي هذا السياق، يسلط المعهد الضوء على “ازدياد تراجع هامش المناورة أمام الفاعلين الأفارقة في السودان مع تصاعد حضور القوى الإقليمية وغير الإقليمية، وهو ما يجعلهم عاجزين عن فرض أجندة تفاوضية مستقلة أو ملزمة”.

وهنا، يؤكد أن “المبادرات الدبلوماسية المتخذة حتى الآن كانت متفرقة وتفتقر إلى رؤية موحدة، وغالبا ما تتأخر عن سرعة الأحداث الميدانية”.

ويضيف المعهد أن “غياب أدوات الإكراه والموارد المالية الكافية يعيق الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية من ممارسة تأثير فعال على أطراف النزاع”.

وفي هذا الصدد، يعكس أن “مبدأ عدم التدخل، الذي يعد ركيزة الدبلوماسية الإفريقية بعد الاستعمار، يتصادم مع واقع صراع تشارك فيه القوى الإفريقية الكبرى بشكل مباشر أو عبر وكلاء”.

فمصر، عضو الاتحاد الإفريقي، تدعم علنا القوات المسلحة السودانية، في حين تتسم مواقف دول أخرى في القرن الإفريقي بالغموض والتحفظ.

وهذه التباينات تقوض جهود المبادرات متعددة الأطراف، كما أنها تضع الاتحاد الإفريقي في موقف مزدوج بين دعم السلام وعدم القدرة على تحقيق الحياد اللازم لإدارة المفاوضات.

ويتابع المعهد: “في ظل غياب قيادة إقليمية قوية وشرعية، يهيمن على فضاء التفاوض فاعلون خارجيون بمصالح استراتيجية متباينة”.

وهو ما يهدد بنقل العمليات الدبلوماسية بعيدا عن الإطار الإفريقي إلى منصات دولية أو اتفاقات ثنائية تقررها قوى خارج القارة.

وفي هذه النقطة، يحذر المعهد من أن “هذا الأمر يحد من السيادة السياسية الإفريقية في إدارة نزاعاتها ويفتح الباب أمام حلول خارجية قد تكون غير مستدامة”.

ولاستعادة الفاعلية، يدعو الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية إلى “مراجعة هياكلهما وتعزيز التكامل بين الدبلوماسية الوقائية والضغط السياسي”.

كما يدعو إلى “تحسين كفاءة فرق التفاوض وتعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على أسس متكافئة”.
ورأى أنه “في حال لم يحدث ذلك، ستظل المؤسستان في موضع المراقب في أزمة تدور في قلب القارة”.

الدعم السريعالسودانليبيا

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يوجه ضربة موجعة إلى “الدعم السريع” في كردفان
  • السودان.. مقتل وإصابة 122 شخصاً جوعاً وبنيران الدعم السريع في مدينة الفاشر
  • محاكم أمدرمان تقتص من متعاونين مع الدعم السريع
  • المركز القطري الثقافي للمكفوفين يحتفل باليوم الدولي للشباب بلقاء توعوي تفاعلي حول الإعاقة البصرية
  • السودان وليبيا ومصر.. هل يحول “الدعم السريع” الحدود المتوترة إلى ساحة حرب؟
  • بمبادرة من مركز عبدالله بن إدريس الثقافي.. تنطلق غداً ندوة “من القرية للعالم، كيف نعزز هويتنا”
  • قوات الجيش السوداني تصد هجمات لمدفعية ميليشا الدعم السريع في الفاشر
  • معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الاتجاهين الجنوبي والشرقي بدارفور
  • قوات الدعم السريع: مزاعم قصف مطار نيالا لا أساس لها من الصحة
  • الجيش السوداني يسدد ضربة نوعية ضد “الدعم السريع”