البوابة نيوز:
2025-07-05@13:53:06 GMT

حكايات من أرض مصر

تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT

أرض مصر عامرة بالعلماء العاملين، والفقهاء الربانيين، وبالمجددين المصلحين، وبمن أثروا الحياة الفكرية والثقافية والدينية في شتى أرجاء المعمورة.

ولذا قيل: "إذا مشيت على أرضها فخفف وطأ الأقدام ففي ثراها الطيب وبين أديم ترابها العطر يرقد الفحول والأقطاب كابرا عن كابر".

فحينما تتجول في ساحات مدنها العريقة، وأحيائها الجميلة، وقراها ونجوعها مترامية الأطراف،لا تكاد أن تمر حتى توقفك لافتات تحمل أسماء رنانة،لها بصماتها وتأثيرها في تاريخ الدنيا من أقصاها إلى أقصاها.

فهذه هي مصر أم الدنيا، حاضنة العلماء وقاطرة الأفذاذ جيلا بعد جيل ويكفيها شرفا أن بها كعبة الإسلام العلمية"الأزهر الشريف" كما تتفجر وديانها بسيلان مياه نهر النيل الخالد والذي قيل فيه أنه نهر من الجنة.

مصر بحضاراتها الضاربة في الأرض عبر آلاف السنين فهي ليست دولة وليدة الصدفة أو وعد أو ميثاق بل جاءت مصر ثم جاء التاريخ بعدها.

مصر دولة عصية على الانكسار بجيشها الباسل خير الجنود بنص حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:"إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندا كثيفا فإنهم وأهليهم في رباط إلى يوم القيامة".

في صعيدها ترى الأصالة والمروءة وفي نوبتها ترى جمال البشرة السمراء وفي ريفها ترى الثوابت والقيم وفي عرب بواديها تقف على صفاء الروح وأصالة الماضي وفي مدنها تشم روائح التغير والتجدد ربطا ما بين سالف وقادم الأيام.

في مصر كان التجلي الأعظم من الحق سبحانه وتعالى لموسى الكليم،وفيها كانت خزانة يوسف الصديق، وبها كانت رحلة العائلة المقدسة، ومنها أهديت إلى النبي الأعظم سيدنا محمد عليه الصلاه والسلام مارية القبطية.

فكانت علاقة النسب والمصاهرة بين المصريين ورسول الإنسانية،وأنعم بهذا من شرف لا يدانيه شرف.

في أرض البهنسا _بقيع مصر_مئات الصحابة ممن قدموا إلى مصر فاتحين فوراهم ثرى أرضها.

و في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي ترقد الرأس الشريفة للإمام الحسين بن علي شهيد كربلاء.

وفي ثراها الطيب ترقد أجساد الثلة الطاهرة من آل البيت عليهم السلام، كالسيدة زينب ونفيسة وعائشة بنت جعفر الصادق وفاطمة النبوية وسكينة وأم الغلام .

وفي البساتين الإمام الشافعي المولود بغزة والمتوفى بمصر بعد حياة حافلة من العطاء، والذي يطلق عليه إمام المذهبين،حيث ألف في الفقه المذهب القديم في العراق،والجديد في مصر،وكان على صلة وثيقة بكريمة الدارين السيدة نفيسة رضي الله عنها وكان رغم علمه وفقهه يسألها الدعاء لمكانتها وقرابتها من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

وإلى جواره ينام الليث بن سعد عالم مصر وفقيهها ذا الثراء الكبير والإنفاق في سبيل الله فهو أول أنشأ مناحل العسل فعليًا داخل القطر المصري وكان رائدًا في تجارة العسل كما رائدا في الفقه ولولا أن أصحابه ضيعوه بأن لم يدونو فقهه لكان المذهب الليثي في الفقه يزاحم بقية المذاهب فقها وذيوعا وانتشارا.

وكان الشافعي يقول لأصحابه: "لا تضيعوني كما ضيع أصحاب الليث شيخهم"!

على الثغر في صحراء حميثره، وتحديدا في وادي عيذاب،وعلى ساحل البحر الأحمر تجد مقام ومسجد القطب الصوفي الكبير أبو الحسن الشاذلي صاحب المدرسة الفريدة في فلسفة التصوف وجهاد النفس والتغلب على أهوائها.

في أسيوط يرقد جثمان جلال الدين السيوطي صاحب التفسير الشهر لآي القرآن الحكيم .

وفي وسط الدلتا نقطة الارتكاز للمسجد الأحمدي بطنطا صنو الجامع الأزهر الشريف بشيخه القطب الكبير السيد أحمد البدوي جياب الأسرى في حرب الفرنجة وإليه تغنى المصريون محتفلين بشجاعته وفروسته "الله الله يا بدوي جاب الأسرى" والتي حرفت مع الزمن إلى جاب اليسرى.

وفي مدينة الرحمانية ترى المسجد الأثري للعالم الكبير "ابن النفيس" مكتشف الدورة الدموية.

وعلى ضفاف النيل في دسوق كانت خلوة شيخ الإسلام العارف بالله إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه وحكايته الشهيرة مع التمساح حين ابتلع طفلًا لإحدى مريداته وكانت قادمة لزيارته فتحركت نحو خلوة الشيخ تصرخ والذي تحرك بدوره وأمر بالتمساح أن يحضر ويلفظ الطفل حيا ليهتف الناس بكرامة الشيخ، ولا عجب في ذلك فالكرامة هي أمر خارق للعادة يظهره الله سبحانه وتعالى على يد عبد ظاهر الصلاح وهي ثابتة بنصوص الدين والشرع.

وتمر الأيام وينتقل الشيخ في خلوته ليبنى مكانها المسجد والضريح، وما زالت أعظم التمساح بعد تحنيطها في قديم الزمان معلقة بداخل قبة الضريح في صندوق زجاجي،لتظل شاهدة على عظمة هؤلاء الأكابر وقربهم من خالقهم سبحانه وتعالى.

وفي مدينة دمنهور يرقد العالم الكبير الشيخ الحصافي والذي رفض أن يمنح عهد الطريقة الصوفية إلى حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان والذي قال فيه كلمته الشهيرة: "ستخرج منه دماء كثيرة" وبالفعل صدقت نبوءة وفراسة القطب الحصافي طيب الله ثراه.

وعلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط أبو العباس المرسي وبجواره الكوكبة المنيرة كالامام البوصيري صاحب البردة الشريفة في مدح الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وياقوت العرش،ومكين الدين الأسمر وغيرهم الكثير والكثير ما يضيق المقام عن وصفه وشرحه.

مصر عبر تاريخها الكبير ولاده ولم تعقم أرحامها في يوم من الأيام،ولنسأل التاريخ فتراها تنجب العباقرة تارة وإن لم تنجبهم فتحتوي الوافدين إليها بين حنايا طبيعتها الخلابة وكأن دفء أرضها رحما لمن عاشوا بين ظهرانيها فتعيد إنتاجهم وتقديمهم للحياة الإبداعية مرة أخرى.

في مساجدها  وبيوتها في شوارعها وفي حواريها وسياراتها تستمع إلى آيات القرآن من جيل العمالقة المنشاوي ومصطفى إسماعيل وعبد الباسط والبنا والحصري ومحمد رفعت.

كما تستمع إلى أصالة الطرب أم كلثوم وعبد الحليم وفايزة أحمد ونجاة ومحمد عبد الوهاب ومحمد فوزي وغيرهم من المنشدين والمادحين كنصر الدين طوبار والنقشبندي وياسين التهامي والتوني والدشناوي وعصام درويش وعبد الحميد الشريف وغيرهم الكثير والكثير.. إنها  مصر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أرض مصر

إقرأ أيضاً:

الشيخ نعيم قاسم: الدفاع عن الوطن لايحتاج إلى إذن من أحد ومقاومتنا خيارٌ راسخ في مواجهة العدو الإسرائيلي

الثورة نت/..

أكد أمين عام حزب الله اللبناني، الشيخ نعيم قاسم، اليوم الجمعة، أن ”الدفاع عن الوطن لا يحتاج إلى إذن من أحد، وعندما يُطرح بديل جادّ وفعّال للدفاع، “نحن جاهزون ان نناقش كل التفاصيل، ولسنا بعيدين عن البحث والتفاهم مع من يدّعي القدرة على الحماية”.

ودعا الشيخ نعيم قاسم، من يطالبوا المقاومة بتسليم سلاحها أن يطالبوا أولا برحيل العدوان، “لا يُعقل أن لا تنتقدوا الاحتلال، وتطالبون فقط من يقاومه بالتخلي عن سلاحه”.

وأضاف تعليقًا على من يراهنون على الخارج أو يختبئون خلف القوى المعادية: “أخطأتم التقدير. شعب المقاومة لا يهاب الأعداء، ولا يسلّم بحقوقه. الإنجاز الحقيقي هو تحرير الأرض، واستعادة السيادة، ونحن لهذه الدعوة حاضرون، وجاهزون دائمًا”.

وأكد الشيخ قاسم ، خلال كلمته في الليلة التاسعة من المجلس العاشورائي المركزي في مجمع سيد الشهداء (ع)، وفق موقع المنار، على أن إحياء ذكرى الإمام الحسين (ع) هو إحياءٌ لتعاليم الإسلام بآفاقه الواسعة، ومنهجه الذي يواكب مستقبل الإنسان.

وكما أكد أن الإسلام ليس طقوسًا جامدة، بل مشروع متكامل للإنسان، يقوم على ثوابت ترتبط بالفطرة الإنسانية، ويترك مساحة متغيرة تتفاعل مع الزمن والظروف والتجربة الفردية.

واعتبر الشيخ قاسم أن” ظهور شخصيات رائدة في لبنان تتمسّك بالنهج الإسلامي، وتُجسّد الثوابت، هو ترجمة عملية لما نؤمن به ونلتزم به”.

وقال : “في معركتينا الأخيرتين، ‘أولي البأس’ و ’طوفان الأقصى’، خضنا المواجهة إلى جانب شعب غزة، وقدمنا عددًا كبيرًا من الشهداء، بينهم نساء وأطفال، شاركوا في ساحة المعركة، لأن المقاومة شاملة، لا تميّز في التضحية والعطاء”.

وشدد الشيخ قاسم على أن” الوطنية الحقيقية هي التمسك بالأرض، والدفاع عنها، وتربية الأجيال على حبها والانتماء إليها”.

وقال أمين عام حزب الله: “نحن نؤمن ببلدنا، وننتمي إلى أرضنا، ولا تعارض بين الإسلام والوطن، بل الإسلام يحثّ على حب الوطن والدفاع عنه، والتمسك بأرض الآباء والأجداد، والعيش بنموذج طاهر وصادق في رحابه”.

وأشار إلى أن خيار المقاومة في لبنان مستمد من الإسلام، ومن نهج الإمام الحسين (ع) والسيدة زينب (ع).

وختم الأمين العام لحزب الله، بالقول: “مقاومتنا ليست شعارًا، بل خيارٌ راسخ في مواجهة العدو الإسرائيلي الذي يعبث بأرضنا. لا بد أن يرحل، ولا خيار أمامنا سوى مقاومته ومواجهته حتى يخرج”.

مقالات مشابهة

  • هل يجوز قول عليه السلام بعد ذكر سيدنا الحسين؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي
  • مكة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • الشيخ نعيم قاسم: الدفاع عن الوطن لايحتاج إلى إذن من أحد ومقاومتنا خيارٌ راسخ في مواجهة العدو الإسرائيلي
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: ما أحوج الشعوب للأمن والسلام والرشاد.. ومن واظب على ذكر الله تعالى أشرقت عليه أنواره وتوافدت عليه خيراته
  • عودة الحكواتي… حكايات من الوجع السوري
  • حقائق مهمة بخصوص استشهاد الشيخ حنتوس
  • “علماء المسلمين” يدين اغتيال الشيخ حنتوس: استهداف للقرآن وأهله
  • دعاء للقيام لصلاة الفجر.. احرص عليه يوميا قبل النوم
  • حكايات الشجرة المغروسة 2.. إكليل الشهداء في اجتماع الأربعاء
  • إسماعيل الشيخ يكتب: رحيل أحمد عامر.. لحظة صدق مع النفس وعِبرة للأحياء