عربي21:
2024-06-02@21:07:04 GMT

الاقتصاد الروسي... في مواجهة العقوبات

تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT

"روسيا بعيدة كل البعد عن الانهيار الاقتصادي الذي توقّعه الغرب".. بهذه الجملة يمكن اختصار واقع الاقتصاد الروسي بعد فرض أكبر حزمة عقوبات غربية عليه، منذ بداية الحرب في أوكرانيا إلى اليوم.

في ذاك الوقت، كانت الصحف الغربية تنظر إلى روسيا بازدراء، وتصفها بأنّها "دولة أفريقية تغطيها الثلوج"، و"محطة وقود بأسلحة نووية"، أو "الدولة القزم" نسبة لحجم اقتصادها، لكن بعد مرور عامين على فرض تلك العقوبات، أثبت الاقتصاد الروسي قوته على نحو مدهش.



أرقام تخالف التوقعات

فقد نما الاقتصاد الروسي بنحو 3 في المئة، كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.6 في المئة في العام الفائت 2023، مسجلا رقما قياسيا كأسرع قوة اقتصادية، لتيخطى بذلك اقتصاديات جميع دول الاتحاد الأوروبي، أي تلك الدول الفارضة للعقوبات، محققا بذلك أداء اقتصاديا إيجابيا برغم الحرب.

وبحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فإنّ نسبة نمو الاقتصاد في روسيا قد سجلت وتيرة "جيدة جدا" خلال العام الماضي، ووصلت إلى 3.6 في المئة، وهو معدل تعتبره موسكو "ممتازا" بالنسبة لمتوسط نمو الاقتصاد العالمي، كما أنّه أعلى بمرتين من نسبة النمو في الدول المتطورة.

أمّا هذا العام، فيتوجّه الاقتصاد الروسي للنمو بنسبة يُرجح أن تصل إلى 2.6 في المئة، مستفيدا من الإنفاق العسكري الضخم والجهود التي اتخذت لتحفيز قطاع الإنشاءات في البلاد، ناهيك عن تراجع معدل إغلاق الأعمال التجارية إلى أدنى مستوى له في 8 سنوات، بعد أن تمكنت الشركات الروسية من إنشاء سلاسل توريد جديدة بخلاف تلك الغربية، بحيث بات أكثر من نصف واردات السلع في روسيا تأتي من الصين.

وحتى التضخم الذي لا يزال يتجاوز 7 في المئة على أساس سنوي وفق أرقام شهر كانون الثاني/ يناير، لا يبدو أنّه يثير الكثير من القلق لدى السلطات الروسية، خصوصا في ظل توقعات تُرجّح بدء تلاشي الضغوط التضخمية بعد أن أصبحت روسيا أكثر استقلالية واكتفاء ذاتيا في إنتاج الغذاء.

وعلى مستوى التضخّم، فقد استقر هو الآخر خلال شهر كانون الثاني/ يناير الفائت عند 7.4 في المئة على أساس سنوي، في حين تسعى السلطات الروسية إلى احتوائه عند مستوى 4 في المئة فقط، خصوصا في حال واصلت أسعار النفط التحسّن مع ازدياد الطلب عليه حول العالم.

ليس هذا وحسب، فقد انخفض دين الدولة الخارجي من 46 مليار دولار إلى نحو 32 مليار دولار، كما حقّقت التجارة السلعية خلال العام الجاري فائضا، بلغ 308 مليارات دولار حسب هيئات الإحصاء الروسي (منظمة التجارة العالمية تعترف بأنه الفائض بلغ 292 مليار دولار فقط)، فاحتلت روسيا من خلال ذلك الفائض الكبير، المركز الثاني بعد الصين.

كل هذه الأرقام تدلّل على أنّ موسكو نجحت إلى حد كبير في التصدّي لتأثير العقوبات الغربية، كما كانت رافعة دعم قوية لموقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الانتخابات الرئاسية التي انتهت قبل أيام بـ"فوز نظيف"، بدا فيه مرتاحا جدا منذ البداية، خصوصا بعد أن حصل على أعلى نسبة تصويت عن الدورات كلها، التي فاز بها من قبل، محقّقا زيادة بـ10 نقاط عن انتخابات العام 2018.

ما سرّ هذا الصمود؟

لا شكّ بأنّ هذا الصمود الاقتصادي خلفه أسباب، وهي بالدرجة الأولى تعود إلى عوامل عدّة مكّنت موسكو من مقاومة العقوبات الغربية الشرسة، ويمكن حصر تلك الأسباب بالتالي:

- استعدادات روسيا المسبقة لسيناريو الحرب. فالعقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا تجاوزت 19200 عقوبة، وفي مقدمتها عقوبات أمريكية وكندية وسويسرية وأخرى تعود إلى دول الاتحاد الأوروبي. وقد وصلت حزم العقوبات المفروضة على روسيا إلى 12 حزمة، تغطّي نحو 1800 فرد وكيان. تلك الاستعدادات اكتسبتها روسيا منذ العام 2014، يوم تعرضت لعقوبات مماثلة بعد ضم شبه جزيرة القرم، وهي ما دفع السلطات الروسية إلى التفكير جديّا بضرورة بناء نظام مشابه لـ"سويفت" الخاص بتحويل الأموال، والذي أُخرجت منه روسيا. فقد نجحت روسيا منذ العام 2014، في تعزيز الجبهة الداخلية من خلال مجموعة من الإجراءات الاستباقية، وهي الإجراءات التي خففت من وطأة وتأثير العقوبات بعد ذلك عليها بعد الحرب في أوكرانيا.

- بعد خروج كل من "فيزا كارد" و"ماستر كارد" من روسيا، بذل البنك المركزي الروسي قبل العملية العسكرية الجهود لإقامة البطاقات الوطنية في روسيا، وهو ما سمح من جديد للمواطنين أن يستعملوا البطاقات الائتمانية، كما تمكنت من تنويع العلاقات النقدية والمالية مع الدول الأخرى غير الغربية.

- أقامت موسكو اتصالات اقتصادية وتجارية مع الدول الشرقية والجنوبية بما في ذلك الدول العربية والأفريقية، وهذا ما جعلها تتجاوز المشكلات المتعلقة بالعقوبات، ومكّنتها من إيجاد مستهلكين جدد للبضائع الروسية، ولذلك صمد النظام الاقتصادي.

- استطاعت روسيا أن تحوّل ضغوط العملية العسكرية في أوكرانيا إلى "فرص"، وذلك من خلال "عسكرة الاقتصاد"، وافتتاح مصانع جديدة لصناعة الأسلحة وهو ما ساهم في تطوير الاقتصاد الروسي وتنميته.

- لعبت "الدول الصديقة" في آسيا الوسطى وبعض تلك الأوروبية والدول الخليجية، وتلك في أميركا اللاتينية وفي قارة أفريقيا دورا فاعلا في مساعدة موسكو على تخطي العقوبات، خصوصا أنّ تلك الدول رفضت السير بتلك العقوبات، وقرّرت ألاّ تكون شريكا للتوجهات الأمريكية والأوروبية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه روسيا الاقتصادي عقوبات اقتصاد روسيا اوكرانيا عقوبات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاقتصاد الروسی فی المئة

إقرأ أيضاً:

شركات روسية تلجأ للعملات المشفرة في تعاملاتها مع الصين بسبب العقوبات

كشفت وكالة "بلومبرغ" للأنباء عن توجه شركات المواد الخام الروسي إلى استخدام العملات الرقمية المشفرة في معاملاتها المالية مع نظيراتها الصينية بدلا من الدولار، وذلك في ظل العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب الحرب المستمرة في أوكرانيا.

وقال مسؤولين في شركتي معادن روسيتين غير خاضعتين للعقوبات الغربية، إن الشركتين بدأتا في استخدام العملات المشفرة في تسوية تعاملاتهما مع الشركات الصينية"، مشيرين إلى أن تسوية المعاملات في بعض الحالات تمر عبر هونغ كونغ، حسبما نقلت عنهم الوكالة.

وأشارت الوكالة إلى أن تحول الشركات الروسية الكبرى إلى العملات المشفرة يظهر التأثير الدائم للعقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي، بعد عامين على اندلاع الحرب الروسية ضد جارتها الأوكرانية في شباط /فبراير عام 2022.


وتواجه الشركات الروسية التي تتعامل في المواد الخام بدءا من المعادن مثل النيكل والصلب وحتى الأخشاب، تحديات في تسلم قيمة مبيعاتها إلى الأسواق الخارجية وشراء المعدات واستيراد مستلزمات الإنتاج منذ بدء الحرب الأوكرانية.

ولا تقتصر هذه المعاناة على الشركات الخاضعة للعقوبات وإنما تشمل أيضا الشركات غير المعاقبة.

وحتى بالنسبة للصين والتي لا تشارك في العقوبات على روسيا وأصبحت سوقا رئيسية للصادرات الروسية وموردا للمعدات والسلع إلى روسيا، هناك صعوبات متزايدة في تنفيذ المعاملات المالية بين البلدين خلال العام الحالي. 

ويعود ذلك جزئيا إلى قرار وزارة الخزانة الأمريكية  بفرض عقوبات ثانوية على البنوك والمؤسسات المالية التي تسمح بتجنب العقوبات وهو ما أدى إلى زيادة الالتزام بالإجراءات العقابية.


وقال خبير العملات الرقمية والشريك المؤسس لشركة "ريسولف لابس"،  إيفان كوزلوف، إن التحويل المالي قد يستغرق ما بين 5 و15 ثانية فقط.

وأضاف مؤسس "ريسولف لابس" التي تقدم منتجات مرتبطة بالعملات الرقمية، أن انخفاض تكلفة التحويل المالي عبر العملات المشفرة أيضا يجعلها  فعالة عندما يكون المرسل لديه بالفعل أصول تستند إلى العملات المشفرة.

يشار إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة اندلعت في أواخر شهر شباط /فبراير عام 2022، ما أدى إلى عقوبات غربية غير مسبوقة ضد روسيا على على مختلف الصعد لاسيما الاقتصاد، فيما أعلنت أوكرانيا في النصف الأول من العام الماضي عن بدء هجومها المضاد.

مقالات مشابهة

  • توريمبيني يقدر خسائر الاقتصاد الإيطالي بسبب العقوبات ضد روسيا
  • إحباط إسرائيلي من تأثير حرب غزة السلبي على الاقتصاد وسوق العمل
  • الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا يخسر غالبيته المطلقة في البرلمان
  • تنظيم المؤتمر العربي الـ22 لرؤساء المؤسسات العقابية والإصلاحية بأكاديمية الشرطة
  • مناقشة ماجستير عن التكتلات الإقتصادية في أفريقيا بجامعة أسوان
  • العراق رأبعا بأكثر الدول استيراداً من تركيا خلال ابريل الماضي
  • الاقتصاد الروسي يتبوأ مكانة رائدة بمؤشر رئيسي
  • شركات روسية تلجأ للعملات المشفرة في تعاملاتها مع الصين بسبب العقوبات
  • روسيا: الاتحاد الأوروبي يستخدم سلاح العقوبات خدمة لمصلحته الخاصة
  • صادرات النفط الكويتي لليابان تتراجع بنسبة 38.6% خلال أبريل الماضي