لجريدة عمان:
2024-05-20@07:10:58 GMT

طريقنا إلى اقتصاد رقمي مستدام

تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT

يكثر -مؤخرا- تداول مصطلح «الاقتصاد الرقمي» عبر وسائل الإعلام والمنصات الحكومية، ويرتبط هذا المصطلح بالرؤية الوطنية لسلطنة عُمان «رؤية عُمان 2040» التي تتصل خريطتها الوطنية برؤية جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظّم - حفظه الله ورعاه -، وتميّزت هذه الرؤية بأهدافها الوطنية الكبيرة بأنها ذات صياغة وطنية خالصة؛ إذ تنبثق من أفكار العمانيين وخصوصا فئة الشباب التي وضعت يدها على مسودات هذه الرؤية؛ لتسهم في بناء نهضة متجددة ترتكز على ركائزَ مُسايِرة للتطورات العلمية والرقمية؛ وهذا ما جعل الاقتصاد الرقمي أحد أهم مكونات «رؤية عُمان 2040» وأهدافها الرئيسة.

يظل السؤال مطروحا فيما يخص ماذا يمكن أن نعني بالاقتصاد الرقمي؟ وما علاقة هذا النوع من الاقتصادات بالاقتصاد التقليدي وبنمو الناتج المحلي الإجمالي خصوصا في سلطنة عُمان؟ ينتمي الاقتصاد الرقمي إلى الاقتصاد العالمي بمفهومه الحاضر الذي لا يمكن أن ينفصل عن واقع التقدم الرقمي والتقني، ويشمل هذا النوع من الاقتصاد العمليات التجارية التي تتفاعل مع عناصر الحياة وشخوصها بواسطة الإنترنت، ويدخل في هذا النوع من العمليات التجارية ما يُعرف بالتجارة الإلكترونية، والخدمات المصرفية الرقمية، والأسواق الرقمية، والخدمات المبنية على البيانات، والعملات الرقمية التي تصاعد نمو تداولها وتجارتها مؤخرا خصوصا منذ أزمة وباء «كورونا». كذلك يحوي الاقتصاد الرقمي الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على التقنيات الرقمية مثل تقنيات المعلومات والاتصالات، والإعلام الرقمي -الذي سبق أن شرحنا بعض مفاصله في مقال عن «الإعلام في زمن الذكاء الاصطناعي» نشرته جريدة عُمان-، ومنصات التواصل الاجتماعي المتعددة. يتميز الاقتصاد الرقمي بوتيرته السريعة في النمو، وقدرته على تجاوز الحدود الجغرافية والسياسية المعقدة، ويتجلّى تأثيره الكبير على النشاطات التقليدية والصناعات ذات الطابع الكلاسيكي غير الرقمي، وقدرته على إحداث تغييرات جذرية في طرق الإنتاج والاستهلاك والتوزيع والعمليات اللوجستية بشكل عام.

يمكن أن نربط بعض هذه المفاهيم وعلاقتها بالنمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي في سلطنة عُمان عبر ما جاء في وثيقة البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي -التي نشرتها وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات- التي تعد أحد أعمدة «رؤية عُمان 2040» وبرامجها الرئيسة؛ فثمّة بيانات جاءت في هذه الوثيقة منها ما يتعلق بمساهمة الاقتصاد الرقمي في الاقتصاد العالمي التي تشكّل -وفق إحصائية عام 2019م- 5% إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهناك ما يُقدّر بـ11 تريليون دولار في الاقتصاد الرقمي العالمي التي يتوقع أن ترتفع إلى 23 تريليون دولار بحلول عام 2025م؛ مما يرفع نسبة المساهمة العالمية في الاقتصاد الرقمي إلى 24% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. أما فيما يخص الشأن المحلي؛ فسجلت سلطنة عُمان نسبة 2% من مساهمتها في الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي عام 2016.

يستند البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي -وفقا لملخص وثيقة البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي المشار إليه آنفا- إلى عدة مرتكزات أولها فرض الحكومة الذكية لتكون واقعا يقود إلى تسهيل الإجراءات والخدمات بجميع أنواعها عبر الأنظمة الرقمية المتقدمة، ويأتي في ثاني هذه المرتكزات تحقيق وجود المجتمع الرقمي الساعي إلى رفد القدرات الرقمية في المجتمع، والدفع بعجلة الابتكار الرقمي ودعمه، وثالث المرتكزات توسيع دائرة رقمنة الأعمال عن طريق تفعيلها بالأدوات الرقمية المتطورة مثل أنظمة الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية والكوانتمية؛ لتشمل عملية الرقمنة قطاعات رئيسة مثل السياحة والصحة والتعليم والعمليات اللوجيستية. يتبنّى البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي استراتيجية «50-5-5» التي تسعى إلى رفع مساهمة الاقتصاد الرقمي إلى 50% كل 5 سنوات عبر زيادة نسبة تقنية المعلومات بمقدار 5%، وتنطلق هذه الاستراتيجية من مبدأ مواكبة أهداف «رؤية عُمان 2040» التي بدأت تُسجّل أولى خطواتها العملية في عام 2021م لتكتمل مسيرتها في عام 2040م؛ فمن المتوقع -عبر هذه المسيرة- أن ترتفع مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي من 2% إلى 10% بحلول عام 2040م، وتبلغ حينها نسبة تقنية المعلومات بحدود 30% إلى 35%. قُسّمت البرامج المتعلقة بهذا البرامج الوطني إلى تفرعات ثلاثية تبدأ بالبرنامج الوطني الذي يُعدُّ طويل الأمد حيث يكتمل تحققه في عام 2040م، وينبثق من هذا الفرع الرئيس فرعٌ آخر يأتي في شكل برامج تُصنّف بأنها متوسطة المدى من حيث زمن تحقيقها التي تكون في إطار زمني من عام 2021م إلى 2025م، ويتولّد من هذه البرامج فرع ثالث يكون بمثابة برامج مساندة تعمل وفق إطار زمني قصير المدى من سنة إلى سنتين.

وحدد البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي رؤية ورسالة وأهدافا واضحة قابلة للقياس والمتابعة عبر ما يمكن تحقيقه وفق البرامج متوسطة المدى -المشار إليها في الفقرة السابقة- منها تأسيس مراكز البيانات والخدمات السحابية، والدفع بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة في رفد القطاعات الاقتصادية، والتشجيع على صناعة المحتوى الرقمي والأمن السيبراني والتحول الرقمي الحكومي، وكذلك جذب الاستثمارات التقنية والرقمية الخارجية إلى سلطنة عُمان. وفقا لما يمكن متابعته في المشهد الرقمي في سلطنة عُمان فإن الحراك الرقمي الذي يعمل لتحقيق الاستدامة الاقتصادية الرقمية يتحرك وفق بُوصلة متزنة تتنوع في مشروعاتها؛ فنجد الدعم المادي والتقني والترويجي الحكومي للمؤسسات الرقمية الصغيرة والمتوسطة الوطنية التي بدأت تدخل مراحلَ توسعّية أكبر في السوق المحلي والسوق الإقليمي عبر تقديمها للخدمات الرقمية؛ فنلحظ نموّها السريع وتفوقها الذي يعكس قدرة الكفاءات الوطنية العُمانية، والدعم الحكومي البارز الذي يأتي في عدّة مساهمات منها تدريب هذه الكفاءات الوطنية على الأنظمة الرقمية ورفع مستويات وعيهم عبر دعم مشاركتهم في اللقاءات والمؤتمرات المحلية والدولية، وعبر دعم البحوث المتعلقة بالمشروعات الرقمية وتسهيل تحويلها إلى ابتكارات عملية.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البرنامج الوطنی للاقتصاد الرقمی الناتج المحلی الإجمالی الاقتصاد الرقمی فی الاقتصاد الرقمی فی

إقرأ أيضاً:

نائب وزير التربية والتعليم: توفير فضاءات تعليمية مبتكرة افتراضية ومادية

كشف الدكتور أحمد ضاهر نائب وزير التربية والتعليم للتطوير التكنولوجي، عن أهمية توفير فضاءات تعليمية مبتكرة افتراضية ومادية. 

امتحانات الشهادة الاعدادية خارج سيطرة "التربية والتعليم" وزير التربية والتعليم: امتحانات الثانوية العامة 2024 خالية من الألغاز

وأوضح نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني أن الفضاءات التعليمية مهمة للغاية من أجل توفير الوصول إلى التعليم الجيد لجميع طلاب المدارس. 

ولفت نائب وزير التربية والتعليم إلى إتاحة فيديوهات تعليمية وترفيهية في تطبيق مدرستنا بلس لمساعدة طلاب المدارس على مواكبة التطور التكنولوجي. 

ونوه نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بأن الوزارة أتاحت قنوات مدرستنا لجميع المراحل الدراسية لإيصال المواد التعليمية بطريقة تناسب التطوير لطلاب المدارس في المنازل. 

نائب وزير التربية والتعليم: تمكنا من إعداد فصول ذكية

وقال نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني إن الوزارة تمكنت من إعداد فصول ذكية يتم تركيبها بسرعة وسهولة للحد من مشكلة الكثافة الطلابية في الفصول. 

وأشار نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني إلى أن الفصول الذكية مزودة بجميع الأدوات الرقمية والتكنولوجية مثل: الواي فاي والسيرفرات وشاشات إلكترونية مرتبطة بقواعد البيانات في الوزارة. 

ونبه نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بأن الوزارة تعمل على المساواة بين جميع فصول المدارس، والعمل على تسريع شبكة الإنترنت. 

وأكد نائب وزير التربية والتعليم أهمية توفير المعرفة والأدوات للمعلمين وأولياء الأمور لتطوير المهارات وتحقيق القيمة والمعرفة، وأعلى جودة في العملية التعليمية. 

وأضاف نائب وزير التربية والتعليم أن خطة التحول الرقمي تعتمد على ثلاث دعائم أساسية، هي: البنية التحتية الرقمية، والمهارات والوظائف الرقمية، والابتكار الرقمي. 

وألمح نائب وزير التربية والتعليم إلى إعداد نموذج شامل لكل طالب في مصر لمتابعة إمكانياته وتحصيله الدراسي والتقدم الخاص به وكيفية توظيفها في المستقبل.

خطة وزارة التربية والتعليم في التحول الرقمي

وأعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني خطة التحول الرقمي ضمن استراتيجية التطوير، حتى تواكب التطور التكنولوجي الذي أثر على متطلبات سوق العمل. 

وأكدت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني أن التقنيات الرقمية الحديثة بوتيرتها المتسارعة قد أصبحت واقعا في الحياة اليومية، وبات لها أثرا واضحا وملموسا في جميع المجالات، مما يجعل التحول الرقمي في التعليم ضرورة حتمية ووجودية في مختلف مراحل التعليم. 
وذكرت وزارة التربية والتعليم أن الثورات الصناعية والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي غيرت جميعها من شكل ومواصفات وظائف المستقبل، لذا فهي تبذل جهودا كبيرة لتطوير المناهج التعليمية وفقًا لنظام التعليم الجديد ودمج التحول الرقمي في التعليم بالشكل الذي يحقق نواتج التعلم المرجوة ويتوافق مع المواصفات المطلوبة لخريجي المستقبل.

مقالات مشابهة

  • نائب وزير التربية والتعليم: توفير فضاءات تعليمية مبتكرة افتراضية ومادية
  • "الاقتصاد الرقمي": مشاركتنا في قمة FDC يعكس رؤيتنا لتطوير البنية التحتية الرقمية للبلاد
  • شعبة الاقتصاد الرقمي: مشاركتنا في FDC ومجلسها الاستشاري يعكس رؤيتنا لتطوير البنية التحتية الرقمية
  • مدبولي من داخل مصانع بني سويف: نستهدف إحداث طفرات صناعية هائلة.. واستقطاب الشركات العالمية.. واقتصاديون: بناء اقتصاد قوي يتطلب إيجاد صناعة وطنية قوية تساند موارد الدولة
  • "أمازون": المدفوعات الرقمية تعزز اقتصاد الوقت الحقيقى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • اقتصاد روسيا ينمو 5.4% في الربع الأول بفضل الإنفاق العسكري
  • بنيس يناقش التحولات القيمية في العالم الرقمي
  • البرلماني الشافقي يساؤل وزيرة الانتقال الرقمي حول حول المنصة الرقمية لإنشاء المقاولات والاستثمار
  • غيثة مزور: المغرب منخرط بقوة للاستفادة من التكنولوجيات الرقمية
  • الإقتصاد العربي السادس عالمياً بقيمة تتجاوز 3.4 تريليون دولار