من أساليب الدعاية الفعالة إستعمال تكنيك “تخدير الحاضر بالماضي”.
علي سبيل المثال،لا يجوز إدانة اغتصابات الجنجويد واسعة النطاق ما لم يتضمن النقد ذكر إجرام منسوب للجيش أو الكيزان حدث في الماضي.
النتيجة العملية لهذا المنحي هو تخفيف فداحة اغتصابات الجنجويد التي تحدث هنا-الان وحرف الأنظار عنها جزئيا وهكذا يتم تخدير الحاضر بالماضي والتواطوء العملي، بقصد أو دونه، مع عنف الجنجويد.
وأسوأ من ذلك التلميح بان شخصا ما لم يدن اغتصابات الماضي يفقد الأهلية للإحتجاج علي اغتصابات الحاضر ويتم التلميح لسكوت ينسب إليه عن عنف الماضي ولا يهم تقديم دليل إثباتي. وهذا منطق غاية الغرابة يصبح فيه من يرفض عنف الجنجويد الذي يتم تنفيذه في الراهن متورطا ومشاركا في كل أحداث عنف الماضي لانه لم يرصها في نفس نص إدانته لفعل الجنجويد. ولا حوجة لدليل يثبت التهمة أتت من كتاب الجنجا أم من من يفترض فيهم قدرات تحليلية أرحب.
ويا أخت الجزيرة، ولا يهمك الإغتصاب. استحملي فقد أغتصب جيش الكيزان النساء عام 2002. ومن يدن إنتهاكك ربما ينطلق من أحاسيس عنصرية وهكذا فان إدانته مجروحة.
من نافلة القول أن جرائم الماضي مدانة بغض النظر عمن أرتكبها ولكن الأولوية في الوقت الراهن هي أيقاف الجرائم الممكن إيقافها. وهذا لا يعني التسامح مع ما حدث في الماضي ولكنه يعني فقط أن الأولوية ألان لفضح وايقاف جرائم الجنجويد المتواصلة لان ايقافها أو الحد منها ممكن بينما الماضي لا يمكن تغييره.
وبعد أن توقف اغتصابات هنا-الان، يمكن فتح كل ملفات الماضي ومناقشة كل الانتهاكات التي حدثت في تاريخ السودان علي أيدي نظام نميري أو بشير أو المهدي أو الخليفة التعايشي أو السلطنة الزرقاء أو مملكة الشلك.
أكبر إنتصار حققه الإخوان هو الهيمنة الكاملة علي عقول منافسيهم السياسيين والفكريين الذين فقدوا القدرة علي رؤية العالم إلا عبر منظور يجثم عليه كوز ثقيل الوزن. وصار بعض منافسي الأخوان نسخة مقلوبة منهم سياسيا أو فكريا. وهذا ميراث تروما ثلاثين عاما ممزوجة بهشاشة فكرية وخوف مرضي من تهمة تقاطع مع الكيزان واستعداد كامل للرضوخ للابتزاز السياسي والمعنوي الملوح بفزاعة الكيزان.
معتصم اقرع
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
المحكمة الجنائية الدولية تقضي بالسجن 20 عاما على زعيم الجنجويد
أصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية الثلاثاء، حكما بالسجن 20 عاما على زعيم جماعة "الجنجويد"، لإدانته بارتكاب أعمال وحشية في إقليم دارفور بالسودان.
وأدين علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف أيضا باسم علي كوشيب، في تشرين الأول/ أكتوبر بما يصل إلى 27 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل القتل والتعذيب وتدبير عمليات اغتصاب وفظائع أخرى ارتكبتها "الجنجويد" في دارفور قبل أكثر من 20 عاما.
ورفض القضاة حجج الدفاع بأن عبد الرحمن كانت سلطته محدودة، وعبروا عن تعاطفهم مع الضحايا. وقالت القاضية جوانا كورنر رئيسة المحكمة: "لم يكتف عبد الرحمن بإصدار أوامر أدت مباشرة إلى الجرائم (..) بل ارتكبها بنفسه أيضا".
وأصدرت هيئة المحكمة حكما مشتركا بالسجن 20 عاما، ما يعني أن عبد الرحمن البالغ من العمر 76 عاما سيموت على الأرجح في السجن.
وكان الادعاء قد طلب الحكم عليه بالسجن المؤبد، ووصفه عبد الرحمن بأنه "قاتل باستخدام البلطة" بعد أن استخدم هذه الأداة من قبل في قتل شخصين.
وقال الدفاع إن عبد الرحمن ضحية خطأ في تحديد الهوية، وإن أي حكم يتجاوز سبع سنوات سيعد بمثابة حكم بالسجن المؤبد بحكم الواقع نظرا لسنه.
ويسدل هذا الحكم الستار على أول محاكمة تتناول فيها المحكمة الجنائية الدولية صراع دارفور، الذي اندلع عام 2003. وأدى القتال في دارفور، وخاصة في مدينة الفاشر، إلى عمليات قتل بدوافع عرقية ونزوح جماعي.