يونيو 23, 2025آخر تحديث: يونيو 23, 2025

سعد محمد الكعبي

مضت الأيام القليلة الماضية حاملةً معها ذكرى عزيزة على قلب كل عراقي وعراقية، خاصة من ينتمون لمهنة المتاعب، عيد الصحافة العراقية, في الخامس عشر من حزيران من كل عام باعتبار ان هذا التأريخ هو الذي يُحيي ذكرى تأسيس أول صحيفة عراقية، الزوراء، كان يُفترض به أن يكون مناسبة للاحتفال بالفكر، والكلمة، ودور الصحافة في بناء الوعي.

لكن للأسف، مرت هذه الذكرى بصمتٍ يكاد يكون مطبقًا، فلا احتفالات، ولا تكريم، ولا حتى إشارة تليق بمقامها.

السبب، كما هو الحال دائمًا في عراقنا، يعود إلى وطأة الظروف، فالحرب المستمرة بين إيران وإسرائيل تلقي بظلالها الكثيفة على المشهد، لتغيب معها كل مظاهر البهجة والاحتفاء، وكأن قدر العراق أن يبقى رهينًا لصراعات لا تتوقف، حتى لتلك اللحظات التي تستدعي الفخر والاعتزاز.

لكن ما يؤلم أكثر من صمت الاحتفالات الرسمية، هو صمت الذاكرة الجماعية عن رواد الصحافة العراقية، أولئك الذين حملوا أمانة الكلمة في أوقات عصيبة، ولم يتوانوا عن أداء واجبهم حتى تحت قصف المدافع وطنين الصواريخ.

نتذكر جيدًا أيام عام 2003، حين كان العراق يئن تحت وطأة القصف العنيف. كانت مؤسساتنا الإعلامية، الإذاعة والتلفزيون، هدفًا مباشرًا للنيران. أجبرنا على النزوح، من مبنى إلى آخر، ومن موقع إلى آخر، في محاولة يائسة للاستمرار في إيصال الصوت والصورة للعالم ولشعبنا.

كان فندق المنصور ملجأنا الأول، ظننا أنه سيكون ملاذًا آمنًا لبعض الوقت، لكن سرعان ما طالته أيدي القصف، لم يكن أمامنا خيار سوى البحث عن مكان آخر، فانتقلنا إلى متنزه الزوراء، بين الأشجار والحدائق، علّنا نجد بعض الأمان والقدرة على العمل، لكن الأعين كانت ترصدنا، وسرعان ما انكشف موقعنا، ليصبح هدفًا آخر للنيران.

استمرت رحلة النزوح القاسية، لجأنا إلى أحد البيوت، وواصلنا عملنا وسط أجواء الخطر المستمر، كانت الصالحية تُقصف بوحشية، والأنباء تتوالى عن سقوط الضحايا، كل ذلك ونحن نُصر على أداء واجبنا، هيأت تحرير الاخبار، والاعلامين حاملين الكاميرات والميكروفونات بأيدي مرتعشة، وقلوب ثابتة. لم نكن نفكر في التكريم أو الشهرة، بل فقط في إيصال الحقيقة، ومواجهة الظلام بالضوء.

واليوم، نرى المشهد يتغير. الاحتفالات تُقام، والجوائز تُمنح، لكن لمن؟ للأجيال الجديدة من الصحفيين، الذين نبارك لهم مسيرتهم ونشد على أيديهم، ولكن هل يجوز أن يأتي هذا الاحتفاء على حساب نسيان رواد المهنة؟ نسيان من تحدوا الموت، وقدموا الغالي والنفيس، وتحملوا المشقة التي لا تُوصف لتبقى شعلة الصحافة متقدة في أحلك الظروف.

إن تكريم الصحفيين الرواد ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو ضرورة للحفاظ على ذاكرة المهنة وقيمها الأصيلة. هو رسالة للأجيال القادمة بأن العطاء لا يُنسى، وأن التضحيات تُثمر، وأن الصحافة الحقيقية تبنى على أكتاف رجال ونساء آمنوا برسالتهم حتى الرمق الأخير.

لعل هذه الذكرى الصامتة تكون صرخة توقظ الضمائر، وتُعيد الحق لأصحابه. فالعراق اليوم بحاجة ماسة لروحه الأصيلة، وروحه الأصيلة تكمن في احترام تاريخه، وتقدير رجاله، وتذكر مناراته التي أضاءت الطريق في الظلمات.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

سلطنة عمان والبحرين يناقشان تسويق منتجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بين البلدين

عقدت لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة عُمان اجتماعًا موسعًا بمقر غرفة تجارة وصناعة البحرين جمعها مع لجان الأسواق التجارية والقطاع الصحي، والصناعة والطاقة، إضافة إلى أعضاء من جمعية رواد الأعمال البحرينية العُمانية، وممثلين عن بيت الأسرة للتمويل المتناهي الصغر بغرفة البحرين.

ناقش الاجتماع أوجه التعاون بين اللجان القطاعية، وبحث آليات مشتركة لـتسويق منتجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال عقد شراكات مع المؤسسات البحرينية وفتح منافذ تسويقية مشتركة تدعم حضور منتجات رواد الأعمال في أسواق البلدين.

كما تم خلال اللقاء استعراض منصة "استدامة مؤسستي" والهدف من إنشائها، مع التأكيد على أهمية وضع آلية للتعاون في استخدام المنصة بين الغرف التجارية الخليجية، بما يسهم في تطوير الأعمال وتحسين استدامة مشاريع رواد الأعمال.

وتطرّق الاجتماع كذلك إلى تعزيز التعاون الدائم بين اللجان عبر تنظيم ملتقى خليجي لرواد الأعمال والعمل الحر، يتيح تبادل الخبرات وتطوير مشاريع وفرص جديدة على مستوى دول مجلس التعاون.

كما تم خلال الاجتماع استعراض اختصاصات الغرفتين وأهم الخدمات المقدمة من الجانبين لقطاع أصحاب الأعمال.

حضر الاجتماع كل من رواف محمد الحسن رئيس لجنة الأسواق المركزية وعدد من أعضاء اللجان القطاعية بغرفة البحرين، والشيخ أحمد بن عامر المصلحي رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة عُمان وعدد من أعضاء اللجنة، إضافة إلى موظفي الجهاز التنفيذي للغرفة.

في ختام اللقاء أكد الجانبان أهمية تعميق الشراكة الاقتصادية وتطوير قنوات التواصل بين الغرف التجارية في البلدين، بما يخدم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ويعزز دوره في دعم التنمية الاقتصادية في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • ضبط المتهمين بتقييد مسن فى الشرقية بعد فيديو أثار غضب رواد التواصل
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • لم أنم منذ الأمس.. وزير داخلية الكويت فهد اليوسف يكشف قضية مروّعة أرّقته
  • مكتبة الإسكندرية تحتفي بمئوية المفكر مراد وهبة بندوة “الصوت الحاضر”
  • سلطنة عمان والبحرين يناقشان تسويق منتجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بين البلدين
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • إفلاس الحاضر يهدد التاريخ العريق لـ منتخب مصر
  • مبادرة رواد النيل تدعم طلاب التعليم الفني في الشرقية
  • قدامى اللاعبين… نجوم الأمس وصُنّاع جيل الغد
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى