بدأ الغزو الأميركي على أفغانستان في أكتوبر/تشرين الأول 2001 واستمر حتى انسحاب القوات الأميركية من البلاد عام 2021. وكان هدفه "مكافحة الإرهاب"، وفق تصريح الرئيس الأميركي حينها جورج دبليو بوش، وأدى إلى سقوط آلاف الضحايا المدنيين والعسكريين، وخسرت الولايات المتحدة أموالا طائلة وقتلى من صفوف جيشها وجيوش الدول المساندة، وكانت أطول حرب تخوضها أميركا في تاريخها.

بداية الحرب

في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2001، بدأت الولايات المتحدة الأميركية رسميا عملياتها العسكرية في أفغانستان، وشاركت 51 دولة في الحرب بما في ذلك حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وكان الهدف المعلن لتلك الهجمات هو "محاربة الإرهاب" والرد على أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001. وانطلقت العمليات العسكرية الأميركية من قاعدة باغرام الجوية، التي تقع على بعد 60 كيلومترا شمالي العاصمة الأفغانية كابل.

ودخل عدد يسير من القوات الأميركية الخاصة وعناصر المخابرات المركزية إلى أفغانستان لتوجيه حملة القصف الجوي. وشنت السفن والطائرات العسكرية الأميركية على حركة طالبان داخل أفغانستان 3 موجات من الغارات الجوية، إذ قصفت الطائرات الأميركية المطار، وساد الظلام المدينة بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

واستهدفت موجة ثانية من الغارات مدينة قندهار، مقر قيادة زعيم حركة طالبان آنذاك الملا محمد عمر ومنزله في المدينة.

كما استهدفت الغارات أيضا مطار مدينة قندهار ودمرت منشآت الرادار وبرج المراقبة فيه. وتعرضت للقصف مئات من الوحدات السكنية لأعضاء تنظيم القاعدة الذي كان يتزعمه بن لادن.

وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2001، دخلت قوات التحالف الشمالي المدعومة من الولايات المتحدة إلى كابل، وانسحبت طالبان إلى الجنوب، وفي غضون شهر، فرّ قادة طالبان من جنوب أفغانستان إلى باكستان.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2001، شنت قوات تحالف الشمال حملة قصف مكثف بالصواريخ الثقيلة على قرية تورا بورا قرب جلال آباد، وذلك لانتشار خبر بأن أسامة بن لادن يختبئ في كهوف بجبال المنطقة، ووقع إثر ذلك القصف 58 قتيلا.

محطات مهمة

في مايو/أيار 2003، تحول تركيز بوش إلى غزو العراق، فأعلن مسؤولون أميركيون انتهاء عمليات القتال الرئيسية في أفغانستان، وهو ما منح طالبان فرصة لإعادة تنظيم صفوفها في جنوب وشرق أفغانستان، لتعود بهجوم مسلح في 2008.

وعام 2004، تولت حكومة جديدة مدعومة من الولايات المتحدة الحكم في أفغانستان، إلا أن ذلك لم يحدث تغييرا كبيرا في الهجمات التي ظلت مستمرة.

ويوم 17 فبراير/شباط 2009، أصدر باراك أوباما أول قرار عسكري بصفته القائد العام للقوات المسلحة، وكان أمرا بإرسال 17 ألف جندي إلى أفغانستان "لقمع حركة التمرد"، وانضم ذلك العدد إلى جيش قوامه 38 ألفا، إضافة إلى القوات التابعة لحلف الناتو.

وفي الأول من مايو/أيار 2011، أعلن خبر مقتل بن لادن في غارة أميركية على باكستان، وتزامن مقتله مع ارتفاع في أعداد قوات الجيش الأميركي في أفغانستان، وحضور مكثف لمسيرات جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه).

وأعلن مسؤولون أميركيون في ديسمبر/كانون الأول عقد حوالي 6 اجتماعات سرية مع ممثلي طالبان، وكان معظمها في ألمانيا وقطر خلال الأشهر العشر السابقة لذلك الإعلان.

ويوم 27 مايو/أيار 2014، أعلن باراك أوباما خطة سحب جميع قوات الأميركية من أفغانستان، على أن يبقى فيها 9800 جندي، يتم سحبهم بحلول نهاية 2016.

ويوم 28 ديسمبر/كانون الأول، أعلن انتهاء المهمة القتالية للقوات الأميركية في أفغانستان رسميا، لتنتقل قيادة الحرب إلى القوات الأفغانية، مع بقاء زهاء 10 آلاف جندي أميركي يتولون مهمة تدريب القوات الأفغانية لمكافحة الإرهاب.

وفي 21 أغسطس/آب 2017، أعلن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب عن إستراتيجية تدعو لانتشار مفتوح للقوات الأميركية في أفغانستان، مما يمكن أن يقود طالبان لعقد مفاوضات للسلام مع حكومة كابل.

وفي الرابع من سبتمبر/أيلول 2018، عُين الدبلوماسي الأفغاني الأميركي المولد زلماي خليل زاده ممثلا خاصا للولايات المتحدة، في مساعيها لإجراء مفاوضات مع طالبان.

ضحايا الحرب

بلغ عدد الضحايا من المدنيين الأفغان في الحرب الأميركية على أفغانستان أكثر من 38 ألف مدني، كما قتل الآلاف من عناصر طالبان، إضافة إلى الآلاف من أفراد الشرطة والجيش الأفغانيين، واعتقلت القوات الأميركية في السنوات الثلاث الأولى للحرب 50 ألفا.

وفي عام 2017 خلال رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة، خفف الجيش الأميركي قواعد الاشتباك مكتفيا بشن غارات جوية، مما أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا من المدنيين بشكل كبير. وازداد عدد الضحايا المدنيين بنسبة 330%، واعتقل عشرات الآلاف بتهم تتعلق بالمشاركة في "عمليات إرهابية".

وخسر الجيش الأميركي طيلة مدة الحرب التي استمرت 20 عاما 2442 جنديا، وهذا عدد الذين لقوا مصرعهم في الحرب بشكل مباشر، في حين لم تعرف بعد أعداد المنتحرين إثر تجربة المشاركة في الحرب.

وأصيب 40 ألف جندي أميركي في الحرب، مقابل إصابة مئات الآلاف من الأفغان، وقتل قرابة 4 آلاف متقاعد أميركي، وبلغ عدد ضحايا العسكر والمتقاعدين من دول التحالف الدولي 1150 شخصا.

ولا تشمل هذه الأرقام الوفيات غير المباشرة الناجمة عن الجوع والمرض ونقص المياه، وأكثر منها الوفيات الناجمة عن الأضرار الصحية التي خلفتها الحرب.

حرب كلفت الكثير

في عام 2021، أصدر "مشروع تكاليف الحرب" في جامعة براون تحديثا لتحليلات دورية تُظهر أن حرب أفغانستان كلفت الخزانة الأميركية ما لا يقل عن 2.261 تريليون دولار.

وأشار التقرير إلى أن هذه التكاليف أقل من الواقع، لأنها لا تشمل ما يدفع لتقديم الرعاية الصحية للمحاربين القدامى، كما لا تشمل مدفوعات الفائدة المستقبلية على الأموال التي تم اقتراضها لتمويل بقاء القوات الأميركية هناك لما يقرب من 20 عاما.

الانسحاب من أفغانستان

يوم 18 فبراير/شباط 2020، تنازع أشرف غني ومنافسه عبد الله عبد الله الفوز في الانتخابات الرئاسية لأفغانستان، وانتهى الخلاف بأن وقعا اتفاقا لتقاسم السلطة، يحتفظ بموجبه غني بالرئاسة ويقود عبد الله محادثات السلام مع طالبان.

ويوم 29 فبراير/شباط 2020، وقّعت حركة طالبان والولايات المتحدة في الدوحة اتفاقا تاريخيا ينص على انسحاب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول الأول من مايو/أيار 2021.

ومقابل ذلك قدمت طالبان ضمانات أمنية، وتم البدء بمفاوضات مباشرة غير مسبوقة بين طالبان وحكومة كابل، وانطلقت المحادثات الأفغانية في الدوحة بالفعل، لكن أعمال العنف في أفغانستان تصاعدت.

لجنة حرب أفغانستان

وافق الكونغرس الأميركي عام 2021 على تشكيل لجنة لتقييم إخفاقات حرب أفغانستان، وضمت اللجنة 16 عضوا تم تعيينهم من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

وتتمثل مهمة اللجنة في إنجاز تقرير كامل عن الحرب في غضون 4 أعوام، وجاء في القانون الذي أقر عملها أن عليها إجراء تقييم شامل للحرب في أفغانستان ووضع توصيات لاستخلاص الدروس التكتيكية والإستراتيجية، وكذا لمعرفة تأثير زيادة القوات وخفضها.

وأكد خبير العلاقات الدولية أندرو بيكر على أهمية تقرير هذه اللجنة، لأنه "دليل توعوي للجيل القادم في ما يخص السياسات الخارجية والأمنية للولايات المتحدة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الولایات المتحدة القوات الأمیرکیة قوات الأمیرکیة فی أفغانستان مایو أیار فی الحرب

إقرأ أيضاً:

واشنطن ترفع مستوى الضغط

تشهد المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة «حماس» بشأن وقف إطلاق النار في غزة بوادر تقدّم، وسط تصعيد في الضغوط الأمريكية لدفع الأطراف نحو اتفاق.
ووفقًا لمصادر مطلعة، قدّمت الولايات المتحدة، عبر مبعوثها الخاص ستيف ويتكوف، مقترحًا لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، يتضمّن الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين على مرحلتين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون شروط.   حركة «حماس» أبدت موافقتها على هذا المقترح، مع اقتراح تمديده إلى 70 يومًا مقابل الإفراج عن خمسة أسرى أحياء وخمسة جثامين، شريطة ضمانات أمريكية بعدم استئناف العمليات العسكرية.

رغم إعلان «حماس» موافقتها، نفت الولايات المتحدة أن يكون المقترح الحالي صادرًا عنها، واعتبره ويتكوف «غير مقبول تمامًا».   من جهته، لم يصدر عن الحكومة الإسرائيلية موقف رسمي، إلا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أشار إلى استمرار الجهود، معربًا عن أمله في تحقيق تقدم قريب.

في ظل حالة التناقض في المواقف والتصريحات، هل ينتهي التفاؤل مع قرب التوصّل إلى هدنة بين إسرائيل وحركة « حماس» ، كما في كل مرّة، بالفشل وتبادل الاتّهامات، وسط حالة التغول وتوسيع الحرب مع إمكانية التدحرج لتشمل الإقليم برمته؟ لكن المؤشرات تؤكد  عن حالة تقدم في المفاوضات غير المباشرة التي ترعاها الولايات المتحدة، لبلورة صفقة محتملة تتضمّن وقفاً لإطلاق النار، في مقابل الإفراج عن جزء من الأسرى الإسرائيليين، على أن يصار التفاوض، عبر الهدنة، على مسار يؤدّي إلى إنهاء الحرب.

هناك جدية من قبل الرئيس الأمريكي ترمب لضرورة التوصل لاتفاق  ، في ظلّ مسعى مبعوثه الخاص ، ستيف ويتكوف، لتذليل العقبات، فيما تَظهر « حماس» ، من جهتها، للقبول بتسوية بشروط مخفّفة، عبر قبولها بضمانات أميركية بدلاً من ربط أيّ صفقة بوقف كامل للحرب.

ومع ذلك فان التجارب السابقة تتطلب عدم الإفراط بالتفاؤل  ، خصوصاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لا يزال يسير على خطّ رفيع ما بين رغبة واشنطن في إنهاء الحرب، ورغبته الشخصية وائتلافه في مواصلتها. وهكذا، فإن غياب ضغط أميركي مباشر وحاسم، إلى جانب تمسّك نتنياهو باستغلال ائتلافه المتطرّف كذريعة للرفض أو التسويف، يمنح نتنياهو  هامشَ مناورة واسعاً نسبياً، يتيح له تأجيل اتّخاذ موقف واضح قدْر الإمكان، وهو ما يفسّر أداءه المتردّد والمتناقض بين القبول والرفض.

لكن التقديرات ترجّح إلى  احتمال لجوء إدارة ترامب، في حال ثبت عدم جدوى الضغط الخافت، إلى التصعيد إلى مستويات أعلى، وإنْ كانت لا تزال ترغب في تأمين أفضل المكاسب لإسرائيل في إطار أيّ تسوية محتملة، بما في ذلك الحدّ الأقصى من التنازلات التي تريد أن تسحبها من الفلسطينيين، في مقابل الحدّ الأدنى من التنازلات الإسرائيلية. وفيما يجري التركيز على استشراف مستقبل المفاوضات وإمكانية التوصّل إلى اتفاق، بناءً على المعطى الخارجي المتمثّل في الضغط الأميركي وجدّيته، وذلك الداخلي المتصل بإرادة نتنياهو وائتلافه في مواصلة الحرب، يغفل البعض واحداً من أهمّ العوامل الداخلية التي من شأنها تحديد المسارات القادمة، كونه يتحكّم في حسابات رئيس الحكومة ويحدّد له المساحة الممكنة لهامش  المناورة.

فالحكومة الإسرائيلية الحالية تواجه اختباراً زمنيّاً حاسماً، وهو الدورة التشريعية الصيفية التي تنتهي في أواخر آب المقبل، ما يعني التوجه تلقائيّاً إلى انتخابات مبكرة في حال سقطت الحكومة نتيجة الاتّفاق والرضوخ إلى العامل الخارجي، قبل هذا الموعد. أما في حال نجحت في تجاوز آب، وسقطت بعده، فيمكن تأجيل الانتخابات حتى بداية عام 2026 على الأقل، وهو ما يسعى إليه نتنياهو في هذه المرحلة.

يسعى نتنياهو عبر المماطلة والتسويف للحفاظ على ائتلافه واحتواء أي انشقاقات تؤدي لفرط عقد الحكومة  ، في حال تم  التوصّل إلى أيّ تسوية يضطر إليها، علماً أنه ربّما ينجح، كما حدث في السابق، في إقناع حلفائه أو إقناع بعضهم بالبقاء في الحكومة. ولعلّ ممّا يسهّل عليه تلك المهمة، أن الاتفاق لن يُلزم إسرائيل، بشكل مباشر، بإنهاء الحرب.

خاصة أن إدارة ترمب تسعى إلى تسريع وتيرة المفاوضات، مع احتمال رفع مستوى الضغط في حال تعثرت الجهود الحالية.   وتأتي هذه الضغوط في ظل تصاعد الانتقادات الدولية للعمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة مع ارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى أكثر من 56,000  شهيد منذ بداية الحرب وتفشي المجاعة وانتشار الأمراض والأوبئة وفشل خطة توزيع المساعدات الغذائية عبر الشركات الأمريكية الخاصة.

ووفق السيناريوهات المحتملة بينما تستمر المفاوضات، يبقى مصير الهدنة معلقًا بين احتمال التوصل إلى اتفاق يخفف من معاناة المدنيين، أو تصعيد عسكري قد يؤدي إلى مزيد من الضحايا والدمار.  الضغوط الدولية، خاصة من الولايات المتحدة، قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد المسار المستقبلي للأحداث في غزة.

الدستور الأردنية

مقالات مشابهة

  • الصين ترد على وزير الدفاع الأمريكي: عقلية الحرب الباردة لن تُحلّ السلام
  • هل انضمام كندا للقبة الذهبية الأميركية يشكل عبئا على الاقتصاد؟
  • الاتحاد الأوروبي يعلّق على الرسوم الأميركية على الصلب
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
  • ترامب يُحذر: سقف الدين "كارثي" ويهدد الاقتصاد الأميركي
  • واشنطن: القوات الصينية تتدرب لغزو تايوان
  • «الغذاء والدواء الأميركية» توافق على لقاح الجيل التالي لمودرنا
  • تونس تشدد عقوبة المتهمين في قضية اقتحام السفارة الأميركية
  • دبلوماسي سوري: زيارة المبعوث الأميركي لدمشق تشير إلى مساعي واشنطن للمصالحة مع العالم السني
  • واشنطن ترفع مستوى الضغط