الوطن:
2025-07-05@13:21:38 GMT

الشيخ ياسر السيد مدين يكتب.. كيف وصلتنا السُّنة؟

تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT

الشيخ ياسر السيد مدين يكتب.. كيف وصلتنا السُّنة؟

من الحقائق التى يجهلها البعض ويتوقف فى قبولها البعض الآخر قضية تدوين السُّنّة المطهرة منذ العهد النبوى، وذلك لظنٍّ خاطئٍ أنَّ العرب آنذاك كانوا بدواً لا درايةَ لهم بالقراءة والكتابة والعلم.

وليس هذا تصوراً صحيحاً، فمن الثابت تاريخياً أنه وُجدت فى جزيرةِ العربِ ممالكُ على قدر من التحضر يقتضى درايةً كافيةً بالتدوين والعلم، كالمناذرةِ فى الحِيرةِ والغَساسنةِ فى الشام، فالمناذرةُ مثَلاً قد سجّلوا تاريخَهم فى وثائقَ وقف عليها المؤرخُ هشام بن مُحَمَّد الكَلبىُّ (ت 204) فى بِيَع الحيرة، كما أنَّ أشعار العرب قد نُسخِت للملك النعمان بن المنذر بأمرٍ منه، وكان الملك إذا استُجيدَت قصيدةٌ قال: عَلِّقوا لنا هذه؛ لتكونَ فى خزائنه، ونجد الشاعر الجاهلى عدِىَّ بن زيدٍ كان يحسن العربية والفارسية، وقد اتخذه كسرى ترجماناً بينه وبين العرب، وهذا يدل على وجود الكتابات الرسمية فى الجاهلية بدليل أن كسرى جعل فى ديوانه واحداً منهم ليكاتبهم ويترجم كتبهم إليه.

وقد حَبس النعمانُ هذا الشاعرَ بسبب وشاية، فكان يرسل وهو فى سجنه شعراً يتوسل إليه فيه أن يرحمه، وأن يعيد إليه حريته، وكتب إلى أخيه بشعر وكتب إليه أخوه شعراً أيضاً، وهذا الخبر يبين أن أدوات الكتابة كانت متاحةً حتى داخل السجون.

وكان فى العرب فى الجاهلية والإسلام مُعلّمُون حتى عقَد ابن حبيب فى كتابه المحبّرِ فصلاً خاصاً لذكرِهِم، وكان فى النساء مُعلِّمات أيضاً منهن الشِّفاءُ بنت عبدالله بن عبد شمس القُرشية التى علَّمت السيدة حفصة رضى الله عنها الكتابة، وكذلك قام جماعة من اليهود يكتبون الخط العربى بتعليم صبيان أهلِ يثرب، حتى إنَّ أمَّ أنسِ بن مالك حينما جاءت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى العاشرة أو دونها قالت: إن ابنى هذا كاتب. وكانوا فى الجاهلية يُلقبون مَن يجمع بين الكتابة والرمى والعَوم بالكامل، وكان من أولئك الكَمَلة سعد بن عبادة، ورافع بن عبادة، وأُسَيْد بن حُضَيْر، وأوس بن خَوْلىّ، بل أجاد بعض الجاهليين العبرية وقرأ التوراة كورقة بن نوفل، وفاطمة بنت مرٍّ الخَثعميَّة.

ووُجدتْ كتبٌ فى الجاهلية منها «مجلَّةُ لقمان» وهو كتابٌ يحوى شيئاً من حِكَمِه، وكانت منه نسخةٌ عند سُويد بن الصامتِ أحد الكَمَلةِ، وهذا أمرٌ كان معروفاً فى الجاهلية، بدليلِ ادَّعاءِ المشركين أنَّ القرآن أساطيرُ استكتبها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}.

وكان من أعرافِ الجاهليين تسجيلُ الديونِ والعهودِ والصلحِ والهدنةِ والأمانِ، وقد سجَّلت قريش مُقاطعتها لبنى هاشمٍ فى صحيفةٍ وعلّقتْها فى الكعبةِ، وكانت العهود تُكتب فى صُحفٍ خاصةٍ تُسمَّى المهارقَ جمع مُهرَق، وهو ثوبٌ حرير أبيض يُسقَى الصمغَ ويُصقلُ ثم يُكتب فيه، ومن ذِكرِ هذا فى الشعر: واذكروا حلفَ ذى المجازِ وما قُدِّم فيه العهودُ والكُفَلاءُ

حذَرَ الخَوْنِ والتعدِّى وهل تَنقضُ ما فى المهَارِقِ الأهواءُ

ففى هذين البيتين يذكر الشاعر أنَّ حلف ذى المجازِ [اسم موضع] كان مكتوباً فى المهارق حتى يبقى محفوظاً لا يُنقضُ.

وفى كثرة الألفاظ الدالة على الكتابةِ وأدواتِها دلالة قاطعة على انتشارها، وبعض هذه الألفاظ ألفاظ قرآنية كالقلم والمداد والرِّقِّ واللوح والقرطاس والصحف...، أضف إلى هذا النقوش الأثرية المتعددة التى بعضُها يعود إلى عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين.

وقد أمر القرآن الكريم بنظام دقيق فى كتابة الوثائق مما يدل على تمكن الناس من تحقيقه {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ...}، والأمر بأن يكون الكاتب متصفاً بالعدل يدل على توفر الكتَبَةِ.

وقد كَثُرَ فى الشعر الجاهلى -كما لحظَ العلماءُ- تشبيه آثار الديار وتموجات رمالها والخطوط المنتظمة التى تصنعها الرياح فيها بالكتابة وبالصحف المكتوبة، وهذا دليل على المعرفةِ الدقيقة بها، بل فى أشعارهم ما يشير إلى معرفتهم بنقط الحروف وتحسينها.

ولا تتعارض هذه الحقائق مع وصف الفترة السابقة على الإسلام بـ«الجاهلية» ووصف العرب بـ«الأميين»، وهذا ما سوف نبيِّنه إن شاء الله تعالى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: القرآن الكريم السنة النبوية العدل الحقائق

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: وسائل النقل العام "والقدوة" !!


 

لماذا لا نسمع عن (أبو رجيلة ) أو (مقار) أو حتى (سوارس) بين رجال أعمال اليوم ؟
لماذا لا نجد رجل محترم مثل هؤلاء الأسماء العظيمة التى شاركت فى إنشاء أساطيل محترمة من النقل العام فى مصر –منذ عصر سوارس –(عربة كارو عالية المستوى يجرها بغل أو (إثنين ) متخصصة فى نقل الركاب –رأيتها –ورأها من فى عمرى بشارع محمد على –وشارع "المعز لدين الله الفاطمى" –وكانت هذه العربة (سوارس) تأتى من ميدان القلعة إلى شارع المعز لدين الله الفاطمى –ولها محطات فى "سوق السلاح" – و"الداودية" -و "المغربلين" –و "تحت الربع" –و "الغورية" –و "قصر الغورى" –وحتى "خان الخليلى"– "فسيدنا الحسين" –هكذا كان أحد خطوط "سوارس" وكان يقوم عليها (عربجى) بطربوش وبدلة صفراء ونحاسة على صدره برقمه وإسمه –وكان يحصل على الأجرة نظير كارته (أو تذكرة مختومة) وكان "البغل" له فى الموقف إستراحة –وعشب ومياه –وعمال نظافة لكى يزيلوا الإتساخات عن فخذيه وأرجله –والعربجى له (مشربه ) أو مكان لأخذ الشاى وتدخين النرجيلة فى الإستراحة –ثم يبدأ الرحلة وهكذا –وجاء أبو رجيلة وأنشأ أسطول من الأتوبيسات (السنتكروفت) ثم "مقار" -وظهرت السيارات الكبرى المرسيدس  وكانت نظيفة ولها مواعيد على المحظات وكان السائقين لهم أزياء –والمحصلين أزياء أخرى –والمفتشون أزياء ثالثة –وإنتشر أسطول الأتوبيسات فى عاصمة المحروسة –وكذلك فى عواصم المحافظات –ثم ظهرت الأتوبيسات ما بين الأقاليم شركات قطاع خاص منتظمة محترمة –وبجانب كل هذا ظهر الترام –وأشهرهم ترام (8) العتبة –التحرير وترام "23،22" السيدة زينب العباسية، ترام 4 الهرم الجيزة –وغيرهم من وسائل النقل وبظهور "البارون أنبا" – وبناء مصر الجديدة –وظهر معجزة العصر –مترو مصر الجديدة-الذى كان يعتبر فاكهة وسائل النقل فى مصر –وصاحب ذلك ظهور "الترام الأبيض" وخط النزهة وعبد العزيز فهمى –وكل هذه الوسائل المحترمة هى ملكية خاصة لأفراد ولشركات ولكنهم محترمين –بيكسبوا –وبيقدموا خدمة جليلة للوطن –هكذا كانوا رجال الأعمال أو ما نسميهم اليوم رجال أعمال أيام زمان كان لهم أسماء أخرى مثل عبود باشا أو مقار باشا أو فرغلى باشا.. ولكن الباشا أصلها (خدام) ولكن أصبحت هبة من الملك أو السلطات لمن يمن عليهم من كبار القوم بلقب الباشوية ثم شاركتهم الحكومات الرشيدة بعد التأميم فى الأساءة لكل إنجاز فردى أو خاص محترم -أصبح نقل عام –حتى "غرق" فى وقت لا نعلم أنه (سيغرق) كنا نعتقد أن الملكية العامة سوف تحافظ على المستوى وعلى الملكية ولكن سنة الحياة اللى مالوش صاحب –يتنهب –ويتخرب –ويتسرق عينى عينك –والله العظيم حرام أن لا يظهر مرة أخرى أبو رجيلة أو مقار –رغم أن البعض من الموجودين محترم جدًا "لو إتقوا الله" فى هذا الشعب !!

                                                     أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
     [email protected] Hammad

مقالات مشابهة

  • أحمد ياسر يكتب: غزة بين أنقاض الجوع والكرامة
  • ولي العهد يستقبل الشيخ طحنون بن زايد وشال الزعيم يزين كتفه بفخر وعزة
  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر التى فى خاطري !!
  • «درع السيد» أبو علي ... إلى المثوى الأخير
  • بتواطؤ أمريكي ودولي .. العدو الصهيوني يهدد مقدسات الأمة ومستقبلها وهذا ما كشفه السيد القائد
  • عون وبري يعزيان السيد علي فضل الله بوفاة والدته
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (كتابات)
  • د.حماد عبدالله يكتب: وسائل النقل العام "والقدوة" !!
  • شحاتة السيد يكتب: الأسرار المناخية في الأمطار الصيفية
  • إسماعيل الشيخ يكتب: رحيل أحمد عامر.. لحظة صدق مع النفس وعِبرة للأحياء