فيصل محمد صالح
هل يمكن ان تشرح لابنك أو أبناء ويبنات أشقائك أو أحفادك أننا عشنا زمنا لم تكن فيه مواقع التواصل الاجتماعي ولا الانترنت من أساسه ولا التليفون الجوال “موبايل” وغاية ما كان لدى المترفين عندنا تليفون أسود كبير يقبع في ركن من المنزل ويحظى بتبجيل وتقديس كل الأسرة، وما أن يرن حتى تهرع كل الاسرة نحوه، العميان شايل المكسر، كما يقولون.
اخترع العالم شبكة الانترنت ثم وسائل التواصل الاجتماعي على درجات، لكنها هبطت علينا فجأة، وتكالبنا عليها بلا سابق معرفة، لم نتوضأ قبل الدخول عليها، وجئناها بكل مشاكلنا وبلاوينا و”كلاكيعنا” فصارت كما هي عليه اليوم، وبلا الحاجة لتوضيحات.
نشر أحد المسؤولين في قروب مقفول مخصص لغرض محدد، خبر غير دقيق يتعلق بي، حاولت التعليق فاكتشفت أن المسؤولين عن الإدارة “الآدمنز” فقط لهم حق الردود، دخلت للرجل في الخاص أجادله في نقطة أساسية، وهي أنه ليس له الحق في فعل هذا الامر في قروب مقفول ومخصص لغرض محدد غير الاخبار والجدال السياسي، بينما استمر هو يناقشني في المحتوى.
قرأت في الصفحة الخاصة لصديقة من اسرة ناشطة سياسيا كلام عن شقيقها، وصفته بأنه السند والداعم والضهر الذي يحمي أخواته، فدخل عليها صديق آخر ليقول لها “بالله ما تشكري الراكوبة في الخريف..دة زول تافه وأمنجي ,,,,,”. دخلت على الصديق في الخاص لألومه، وأقول له أن هذه السيدة لم تكتب عن مواقفه السياسية أو موقعه، أو أي شئ يتعلق بالشأن العام، وإنما كتبت عن أخوها في المنزل، فما شأنك أنت وأنا بهذه العلاقة الخاصة بين الاشقاء، فرد علي برسالة مقتضبة ” يا فلان سيب التناقض..الأشياء لا تنفصل”. طبعا إل جانب نظار السوشيال ميديا، وهؤلاء عملهم الاساسي، يأتوا بلقطات لشباب وشابات ليعلقوا عليها ويمطروا الناس شتائم، يا بت البسي كويس، يا ولد ها اترجل، ثم يساعدون في نقل وانتشار هذه اللقطات التي يستنكروها. أما الأكثر معاناة هنا فهم النسات والسيدات من كل الأعمار، فهم أهداف دائمة للمعاكسة والتنمر.
ثم من العادي في هذا العالم الأسفيري أن حكابة دارت في منزلك أو بين أصدقائك، تكتبها على صفحتك، فتجدها منشورة على عشرات الصفحات وأصحابها يتلقون التعليقات ويردون عليها بكل الفخر، وليس أمامك ما تفعله، إما أن تمتلك لياقة – بفتح اللام- فاضلابي فتطاردهم واحد واحد وتفضحهم في صفحاتهم، أو تستسلم وتترك أمرك لله.
هذه ملاحظات عن جوانب من سلبيات السوشيال ميديا، وعدم معرفة الناس الحدود بين الخاص والعام، لكن بالمقابل تقدم لنا هذه الصفحات متعة منتقاة إذا قدرت على عملية الانتقاء. اكتشفت هذه الايام مواقع لـ “الاستاند أب كوميدي”، أشخاص من جنسيات مختلفة، عرب وأفارقة وأوربيين وهنود وأمريكيين من خلفيات مختلفة، فصارت بالنسبة لي إدمان، كم الذكاء وخفة الدم والقدرة على التقاط مفارقات كوميدية في مواقف تبدو عادية، وفيها أحيانا سخرية من جنسيات ولغات ولهجات، لكنها تأتي في إطار معقول ومقبول، أشاهدها وأتذكر نكات واحد شايقي وواحد جعلي..وغيرها من المفطرات في نهار رمضان بسبب ردود الفعل التي تتكون لدينا.
أنظر لكم الناس الذين سخروا صفحاتهم وجهودهم لتلبية احتياجات الناس وتوصيل الادوية والمعلومات للأسر المنقطعة عن بعضها البعض، وتوفير فرص العلاج والمساعدات الطبية، الشابات المتطوعات للعمل الخيري، سوهندا وميمي ووضاحة وعشرات غيرهم، والصيني وناظم سراج وحاضرون، ثم أنظر لمن يحاولون اغتنام الفرصة فيتاجرون باحتياجات الناس ويستغلون تعاطف الناس مع المرضى والمحتاجين ويحويوا ذلك لمصلحتهم الخاصة.
استمتع بكتابات أصدقاء حميمين، عماد عبد الله “توماس” وطارق جبريل ، الذي نسميه “جبريللا” رغم الخارجيات التي لا تنجو منها تعليقات وشتائم جدود توماس، أو إشارات “بنت البغاديد”. لا يمكن أن تتخطى ما يكتبه مولانا محمد المرتضى وسياحاته في الذاكرة السودانية وفي عوالم الغناء. إن أردت مقالات دسمة وخفيفة في نفس الوقت فتابع قصي همرور، وتأملات عمنا عثمان حامد سليمان، ودندنات الطيب عبد الماجد، ثم هناك عدد من مواقع بودكاست مغاربية محتشدة بمعارف وملاحظات فكرية وسياسية ودينية غاية في المتعة.
إن كنت تبحث في بعض القضايا السياسية الداخلية والخارجية، فأنصحك أن تتابع تايسا، لكن لازم تعمل ساتر، فقد يجيئك بلوك طاير.
صديقنا كيكي نجم محترف، يلعب في كل الدوريات المحلية والاوروبية، وقلمه ولسانه جاهزين، وروحه رياضية. كان زهير الزناتي ينافسه في النجومية، ثم اقام مشروعه الخاص وقارن بين أن يحصد المعجبين أو يحصد المال، فاختار الخيار الأخير، وغادر عالم السوشيال ميديا لفترة، وهو يعود الأن، لكنه يحتاج لجهد ووقت طويل ليستعيد لياقته وينافس كيكي “عبد الكريم الامين- مردخاي حنانيا كيكوف”، ومن ينافس كيكي حاليا هو شقيقه الاصغر صلاح الأمين. مشكلة كيكي أن كل ذكرياته في جخانين وقرى وميزات مهجورة في أطراف السودان، بينما حكايات صلاح تبدأ بنيروبي وكابول ومزار الشريفـ ولا تنتهي عند نيويورك. كتبت مداعبا له ووصفته بأنه كان “جدادة تراجي” ثم بعد ما قرأت تعليقات البعض تأسفت على ما كتبته، وأعتذرت له في الخاص، فجاءني مقهقها وضاحكا ليقول أنه استمتع بذلك. ونفتقد عكلته قصي سليم، ويبدو أن وجوده في أوروبا قد أفقده ميزة العكلتة وخفة الدم، وأعطاه لحية مفتعلة، ولذا استبدلناه بعكلتة عمر عشاري.
هناك نجوم كثر انتقلوا من سودانيز أونلاين إلى فيسبوك وحافظوا على نجوميتهم، بينما اختفى أخرون وتلاشوا، ربما أخذتهم تصاريف الحياة. شلة جنابو عمر عثمان وعلاء تمبس والمستنير فقدت ود الصايم لكنها ضمت لعيبة جدد مثل صديق الانصاري. كانت لدينا صديقة من نجوم سودانيز أونلاين، إذا قالت صباح الخير في بوست، انهالت عليها التعليقات. ذات مرة كتب إلي صديق محترم يسألني: هل تعرف فلانة..؟ فقلت له نعم هي من أصدقائي، فقال لي، وبجدية تامة، أنا مهتم بالموضوع الفلاني واعتقد أنه يحتاج لمناقشات واسعة، وقد كتبت مقالا ملخصا في الموضوع، عايزك تقنع لي فلانة تنزله باسمها في المنبر. رددت عليه اسأله: هل أنت جاد، كيف يمكن قعل هذا الامر، فرد بأن الموضوع هام وحيوي، ولو كتبه باسمه فلن يأبه به أحد، وهو مهتم بانتشار الموضوع أكثر من اهتمامه بحقوق الملكية.
هناك أشخاص تعودنا عليهم اسفيريا، وقد نتفاجأ عندما نلاقيهم في الحياة، وكأنهم ليسوا كائنات حبة، أو لأننا نتوقع لهم صورة غير. حضرت مقابلة بين اثنين أحدهم نجم اسفيري، وعندما تم تقديمه للصديق الثاني هتف به: بالله انت زول يعني..؟ والله قايلك أبلكيشن. وبالمناسبة دي، وهذا سؤال لأولي المعرفة، هل دينا خالد زول أم أبلكيشن…؟
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السوشیال میدیا
إقرأ أيضاً:
ميديا بارت: غزة هي عاركم سيدي الرئيس
اكتفى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بوصف ما تفعله إسرائيل في غزة بأنه "أمر مخز"، ولكن الأمر المخزي والعار الحقيقي هو الاكتفاء بهذه الكلمات من دون فعل أي شيء لمنع الإبادة الجماعية المستمرة، حسب ما ورد في موقع ميديا بارت.
هكذا لخص الموقع -في تقرير بقلم إدوي بلينيل- إحاطة توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أمام مجلس الأمن، حين أخبر المجتمع الدولي عن "الفظائع التي نشهدها يوميا في غزة"، ووصفها بأنها مهمة شريرة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل فعلا انتصرت باكستان على الهند؟list 2 of 2صحف عالمية: خطة إسرائيلية لتقطيع غزة وحشر السكان في 3 مناطقend of listوتساءل فليتشر: ماذا سنقول للأجيال القادمة؟ وقال للدبلوماسيين المجتمعين في نيويورك إن القول "إننا فعلنا كل ما بوسعنا كلام فارغ". ووصف الأوضاع، ثم قال "هذا ما نراه. ومع ذلك يسمح العالم بحدوثه، في مزيج من التواطؤ واللامبالاة والعجز".
وتابع الوكيل "هكذا تفرض إسرائيل عمدا وبلا خجل ظروفا غير إنسانية على المدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة. ولأكثر من 10 أسابيع، لم يدخل غزة أي شيء، لا طعام ولا دواء ولا ماء ولا خيام، وقد هجرت إسرائيل مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرا وحبستهم في مساحات تتقلص باستمرار".
إنذارات الأمم المتحدةوخاطب فليتشر الدبلوماسيين قائلا "يواجه كل فرد من بين 2.1 مليون فلسطيني في قطاع غزة خطر الموت جوعا، رغم أنكم موّلتم الغذاء الذي كان من الممكن أن ينقذهم". وذكّر بأن المستشفيات القليلة التي نجت من القصف مثقلة بالمرضى، مضيفا "بعد زيارتي لما تبقى من المنظومة الطبية في غزة، أستطيع أن أؤكد لكم أن الموت بهذا الحجم له صوت ورائحة لن تفارقكم"، ومع ذلك يقال لنا "لقد بذلنا كل ما في وسعنا".
إعلانوليس الأمر مقتصرا على غزة -كما يقول الموقع- بل يتزايد العنف المروع في الضفة الغربية أيضا، حيث بلغ الوضع أسوأ مستوياته منذ عقود، واستخدم الاحتلال الأسلحة الثقيلة وأساليب الحرب العسكرية والقوة المفرطة والتهجير القسري والهدم وتقييد الحركة.
وما زالت المستوطنات تتوسع، وعنف المستوطنين مستمر بمستويات مثيرة للقلق، وأحيانا بدعم من القوات الإسرائيلية، وقد اختطف مستوطنون مؤخرا فتاة تبلغ من العمر 13 عاما وشقيقها البالغ من العمر 3 سنوات، وعثر عليهما مربوطين بشجرة، فهل يجب أن نقول لهما أيضا "لقد بذلنا قصارى جهدنا"؟
وفي اليوم التالي لهذا العرض استكملته أنجليكا جاكومي، مديرة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، إذ حذّرت جاكومي من أن "خطر المجاعة وشيك"، وأصدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نشرته الأسبوعية عن الوضع في غزة.
وجاء في التقرير الذي يصدر كل أربعاء أن 275 فلسطينيا قتلوا وجرح 949 بين يومي 7 و14 مايو/أيار 2025. وفي الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و14 مايو/أيار 2025 قُتل ما لا يقل عن 52 ألفا و928 فلسطينيا وجرح 119 ألفا و846 آخرين.
إبادة جماعيةومع أن الحصار الشامل الذي يخضع له قطاع غزة الصغير المكتظ أيقظ بعض الوعي المتأخر، فإن ذلك لم يغير من تقاعس العالم، فقد رفض الرئيس الفرنسي ذكر كلمة "إبادة جماعية"، وأكد أن هذا الأمر يخص المؤرخين وحدهم.
ولكن كلام توم فليتشر يرد مسبقا على الرئيس بأن "محكمة العدل الدولية تنظر في مسألة وجود إبادة جماعية من عدمه في غزة، وتساءل: ما الأدلة الإضافية التي تحتاجونها الآن؟ هل ستتحركون بحزم لمنع الإبادة الجماعية وضمان احترام القانون الإنساني الدولي؟ أم تفضلون القول "لقد فعلنا كل ما في وسعنا"؟
لم تعد مسألة الإبادة الجماعية موضع نقاش كبير بين المحامين والعاملين في المجال الإنساني، فقد تم توثيقها من قبل منظمة العفو الدولية وأطباء بلا حدود وهيومن رايتس ووتش، بعد أن تم توثيقها في وقت مبكر من قبل فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إعلانومع ذلك ما زال "مطلق السراح" ذلك الشخص المسؤول عن هذه الجرائم واسمه بنيامين نتنياهو، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وقت وقوع الأحداث، وهو مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية "للاشتباه في مسؤوليته عن جرائم الحرب المتمثلة في تجويع المدنيين عمدا كأسلوب من أساليب الحرب وتوجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين، وجرائم ضد الإنسانية تتمثل في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال غير الإنسانية.