أبو الغيط: الاتفاق يمثل بداية الطريق.. وزكي: الموقف المصري أفشل مخطط التهجير
في يوم وصف بأنه "تاريخي على أرض السلام" في شرم الشيخ، اجتاحت موجة من الترحيب العربي والدولي العارمة الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، ويأتي ذلك تتويجًا لجهود دبلوماسية مكثفة قادتها مصر بدعم من شركاء رئيسيين.
هذا الزخم الدبلوماسي والحضور القوي لرؤساء دول العالم في شرم الشيخ حول الأنظار إلى القوة الناعمة المصرية، يقابله على الأرض تحول ميداني مفاجئ، حيث شهدت الساحة انسحابًا إسرائيليًا سريعًا وغامضًا، فتح الباب أمام تحليلات استراتيجية تتراوح بين التفاؤل بحقبة جديدة من الهدوء، والتخوف من استراتيجيات عسكرية إسرائيلية جديدة أكثر تعقيد.
حظي الاتفاق بدعم واسع من أغلب الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، مما منحه زخمًا سياسيًا غير مسبوق، وجسد إجماعًا على ضرورة إنهاء الحرب.
وانطلقت موجة من التصريحات الرسمية الداعمة من العواصم العربية والاجنبية، حيث رحب الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، بالاتفاق بشكل كبير، معبرًا عن شكره وتقديره للدول الوسطاء وعلى رأسها مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا.
وشدد أبو الغيط على ضرورة الالتزام الدقيق بتنفيذ بنود الاتفاق، بما يفضي إلى انسحاب إسرائيلي كامل وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون عوائق.
وتوجه أبو الغيط إلى شرم الشيخ للمشاركة في قمة السلام، ونقل جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام عن أبو الغيط قوله إن الاتفاق يمثل بداية الطريق نحو وقف نزيف الدم واستعادة الحياة الطبيعية وإعادة الاعمار في غزة وفتح مسار لا رجعة عنه لتجسيد حل الدولتين.
ومن جانبه، اشار حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، إلى أن الموقف المصري كان له بالغ الأثر في تغيير دفة الحوار السياسي، وأشاد بالموقف المصري الذي تصدى وافشل مخطط التهجير.
وقال زكي خلال تصريحات على هامش القمة لقناة «القاهرة الإخبارية»، نأمل الوصول إلى نهاية كاملة للحرب في غزة.
وأكد زكي، أن المسار السياسي الذي اقترحته الولايات المتحدة الأمريكية، بعد مشاورات مكثفة مع الدول العربية والإسلامية والأوروبية، يمثل مرحلة جديدة قد تقود إلى نهاية كاملة للحرب في غزة وبداية لمرحلة السلام.
أوضح زكي أن هذا المسار يهدف إلى وضع الشعب الفلسطيني على مسار جديد يمكنه من إقامة دولته على أرضه في أقرب وقت ممكن.
وحول دور القمة الحالية في تحقيق هدفين رئيسيين هما إعادة الإعمار والتأسيس لدولة فلسطينية، أوضح الأمين العام المساعد أن هذا المؤتمر ليس مخصصاً لإعادة الإعمار، مشيراً إلى وجود مشروع مصري خاص بإعادة الإعمار سنرى كيف سيتم التعامل معه.
ولفت إلى أن المقترح المصري يحظى بدعم عربي وإسلامي ودولي، لكنه أوضح أن مؤتمر اليوم يركز بشكل أساسي على صياغة موقف سياسي داعم للأفكار المطروحة من جانب الولايات المتحدة.
وشدد زكي على أن الخطة الأمريكية لا تزال تحتاج إلى مزيد من التوضيح، قائلاً: الخطة الأمريكية مجملة، وفيها تفاصيل كثيرة ومواضيع كثيرة غير موضحة، متوقعاً أن تحصل حوارات كثيرة أخرى لكي تتضح هذه النقاط.
وأكد على الدور المحوري الذي تلعبه الدول العربية في هذه المسارات السياسية، معرباً عن الأمل في أن يؤدي هذا المسار إلى السلام وبدء عملية إعمار حقيقية.
وعلى الجانب الآخر عرض الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد منظور مختلف يرصد خلفيات الانسحاب الإسرائيلي المفاجئ، مشيرًا إلى أن انسحاب قوات الاحتلال من مناطق تمركزها كان ملفتاً من حيث السرعة التي تم بها والحجم الكبير للقوات المنسحبة.
وقال الخبير العسكري لـ"الوفد"، إن التحرك بانسحاب ثلاث فرق مقاتلة وإعادة انتشارها على مسافة تقارب 6 كيلومترات في أقل من 12 ساعة هو مؤشر واضح على أن هذه الفرق الثقيلة لم تكن بالحجم القياسي الذي بدأت به العمليات، مما يشير إلى أنها تعرضت لخسائر كبيرة في الأرواح والمعدات قللت من حجمها التشغيلي وزادت من سرعة انسحابها.
ولفت أبو زيد الانتباه إلى نوعية الوحدات التي تم سحبها، مثل لواء 188 ولواء 401، وهما قوة ثقيلة وضاربة من الفرقة 162 المدرعة، بالإضافة إلى اللواء غولاني واللواء 7 المدرع. ورأى أن سحب هذه القوات الضارمة والمحورية يشير إلى نية إسرائيلية واضحة بعدم العودة لعمليات برية تقليدية بالشكل الواسع الذي كان عليه قبل الانسحاب.
وحذر الخبير العسكري من أن جميع هذه التحركات تشير إلى أن الاحتلال يعمل على (لبننة غزة). وشرح أبو زيد هذا المفهوم بأنه يعني تحول الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية من الحروب الشاملة والغزوات البرية الواسعة إلى نموذج يشبه ذلك المطبق في لبنان، والذي يقوم على ثلاثة أركان رئيسية: الأول هو الانتشار في نقاط محددة ومعزولة بدلاً من السيطرة الشاملة، والثاني هو الاعتماد على العمليات الانتقائية المستهدفة بدلاً من المعارك المفتوحة، والثالث هو الاستخدام المكثف للقوة الجوية والمعلومات الاستخباراتية كبديل عن الوجود البري المكلف. لافتا أن هذا النموذج، إذا ما طبق، سيدخل غزة في حالة من عدم الاستقرار المزمن والتهديد الأمني الدائم دون أن تشهد حربًا شاملة أو سلامًا كاملاً.
وقال ابو زيد أن الصورة في غزة مجزأة بين ضوء الأمل الدبلوماسي الساطع في الأفق، وظلال التحذيرات العسكرية من مستقبل غامض. الزخم العربي والدولي غير المسبوق يضع الاتفاق في مكانة قوية، ويمنحه فرصة كبيرة للنجاح والاستمرار، مستندا إلى مؤشرات البيئة الدولية والإقليمية الداعمة. لكن النجاح الحقيقي سيقاس بقدرة هذا الاتفاق على تحويل الهدنة المؤقتة إلى سلام دائم، يمنع أي من الأطراف من اللجوء إلى سيناريو "اللبننة" أو أي نموذج حربي جديد، ويحفظ لأهل غزة حقوقهم وكرمتهم وعيشهم الآمن.
لم يقتصر الدعم على الجانب العربي، أعلنت تركيا رسميًا عن ترحيبها بوقف إطلاق النار، وأكد الرئيس رجب طيب أردوغان دعم بلاده الكامل ومشاركتها الفاعلة في الوساطة، مشيرًا إلى أن أنقرة ستعمل على مراقبة تطبيق الاتفاق بدقة وستساهم بشكل فعال في إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة.
امتدت موجة الترحيب لتشمل الاتحاد الأوروبي ودول أوروبية كبرى مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا وهولندا إلى هذا الإجماع، معتبرين الاتفاق تقدماً دبلوماسياً هاماً وفرصة حقيقية لإنهاء الحرب. كما أبدت دول من خارج المحيط الأوروبي مثل كندا وأستراليا والهند ونيوزيلندا دعمها الواضح للاتفاق وفقًا لبنوده المعلنة، مما وسع من قاعدة الشرعية الدولية المحيطة به.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصر قمة السلام شرم الشيخ السيسي غزة وقف إطلاق النيران أبو الغيط الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي الأمین العام أبو الغیط فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
قمة شرم الشيخ: نهاية حرب أم بداية معركة جديدة؟
ونفذت إسرائيل الإفراج عن 1968 أسيرا فلسطينيا مقابل 20 أسيرا إسرائيليا ضمن المرحلة الأولى.
وطرح خبراء ومحللون أسئلة حول مخرجات القمة: هل انتهت الحرب حقا؟ أين الدولة الفلسطينية؟ كيف سيُنزع السلاح؟، وحذروا من سلام يقفز على جذور الصراع ويتجاهل حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير.
ويعتبر الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى أن قضية قطاع غزة تحولت من قضية إستراتيجية إلى أمنية لدى إسرائيل، وأصبحت "بقعة للقفز نحو السلام الإقليمي".
وفي السياق ذاته، يحذر أستاذ النزاعات الدولية بمعهد الدوحة الدكتور إبراهيم فريحات من أن القمة تجاهلت جذور الصراع المتمثلة بالحرية وتقرير المصير، واصفا ما يحدث بـ"السلام السلبي".
ويؤكد أن الحديث كله عن سلام الشرق الأوسط وليس الدولة الفلسطينية، محذرا من استخدام "النموذج السوري" في ربط إعادة الإعمار بأهداف سياسية.
بينما يشير مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام إبراهيم المدهون إلى تخوف فلسطيني من عدم قدرة أميركا على إلزام إسرائيل بالالتزام الكامل، مشددا على الحاجة لتغيير الحكومة الإسرائيلية "المتطرفة".
وتبرز معضلة نزع السلاح كأكبر تحدٍ مقبل، حيث يوضح فريحات أن نزع السلاح يتطلب أفقا سياسيا بمعنى دولة فلسطينية، وإلا ستحتفظ القوات بأسلحتها كضمان.
بينما يرفض المحلل الأميركي فرانكو أدولفو أي دور لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مستقبلا، وفي المقابل يرى المدهون أن هناك إدراكا دوليا بأنه لا يمكن تجاوز الحركة.
تقديم: إلسي أبي عاصي
Published On 14/10/202514/10/2025|آخر تحديث: 01:24 (توقيت مكة)آخر تحديث: 01:24 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ