شهد تاريخ السودان المعاصر أطولَ الحروب الأفريقية، وهي حرب جنوب السودان، والتي استمرت زهاء الخمسين عامًا. توقفت خلالها لعقد من الزمان (1973 – 1983)، حيث تم توقيع اتفاق أديس أبابا بين حركة أنانيا 2، وحكومة جعفر نميري في العام 1972.
وما لبثت أن اندلعت الحرب مرة أخرى بالجنوب في العام 1983، واستمرت لأكثر من ثلاثة عقود، وتوقفت في أعقاب توقيع اتفاق السلام الشامل في العام 2005، بضاحية نيفاشا بجمهورية كينيا.
في الحروب السابقة كان الجيش السوداني يخوض معاركه ضد مجموعات وحركات متمردة سواء في جنوب السودان أو غربه، وتلك الحركات المتمردة كانت دائمًا تعتمد في تسليحها وتمويلها للحرب على الخارج، فاعتمدت حركات دارفور، مثلًا، على الدعم الليبي أيام القذافي وما بعده، وإلى ما قبل نشوب الحرب في أبريل/نيسان من العام الماضي.
المتغير الذي سيكون له تأثير كبير في المستقبل القريب والبعيد، هو الأبعاد الإثنية والجهوية لهذه الحرب. الصراعات والحروب التي شهدها السودان في تاريخه، لم يكن الاصطفاف القبلي والإثني حاضرًا فيها بمثل ما هو حاضر في هذه الحرب
كما اعتمدت أيضًا على دعم الحكومات التشادية المختلفة في صراعها المستمر مع السودان. كما اعتمد الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة جون قرنق في حربه عبر أزمنة مختلفة، على الدعم الغربي بشكل أساسي، وعلى دعم الأنظمة الأفريقية المتعاطفة معه.
الحرب الحالية شهدت عدة متغيرات؛ أولها: أن القوات المتمردة هذه المرة (الدعم السريع) كانت قوات نظامية لها وضعها الدستوري والقانوني المنصوص عليه في قانون القوات المسلحة، وجرى تمويلها وتسليحها من قبل الدولة، مما يعني أن الجيشين المتقاتلين الآن يخوضان حربهما بموارد الدولة السودانية.
صحيح أنه بعد اندلاع الحرب بحث الطرفان عن وتمويل وتسليح خارجي، إلا أن قوات الدعم السريع، تلقت بعد اندلاع الحرب دعمًا خارجيًا مقدرًا وتمويلًا وأسلحة متنوعة ومتطورة من عدة دول خارج الإقليم الأفريقي، والذي أصبح دوره ميسرًا ومعبرًا للعتاد والتشوين. لأول مرة في تاريخ الحروب في السودان تكون الدولة مولت من مواردها متمردين عليها وعلى جيشها النظامي.
أهم متغيرات حرب أبريل/نيسان التي قاربت العام الآن، أنها اندلعت في قلب العاصمة الخرطوم لأول مرة في تاريخ التمردات المتعددة التي شهدها السودان، ثم امتدت شرارتها لثماني ولايات: خمس ولايات بالغرب، وثلاث بالشمال: (كردفان والخرطوم والجزيرة) .
كانت الحركات المتمردة غالبًا ما تبدأ حروبها من مناطق الهامش البعيد، ونادرًا ما تمتد تلك الحروب إلى قلب العاصمة الخرطوم. المرة الوحيدة التي وصلت شرارة حروب الهامش إلى الخرطوم كانت في 2008، حين استطاعت قوات حركة العدل والمساواة الوصول إلى أم درمان، قادمة من الحدود الغربية للسودان.
في تجربة حرب أبريل/نيسان الماثلة، القوات المتمردة لم تأتِ إلى الخرطوم غازية، إنما كانت جزءًا من المنظومة الأمنية المؤتمنة على تأمين العاصمة السودانية الخرطوم، ولذا تسلّمت كل المقار الحكومية الإستراتيجية دون مقاومة منذ الساعات الأولى للحرب، ووجدت قيادة الدولة متمثلة في الرئيس البرهان، وقيادات الجيش، أن مؤسسات الدولة تم ابتلاعها من قبل المكلفين بحراستها (قوات السريع).
لم يحدث أن اقتربت أي قوات متمردة على الدولة على مدى خمسين عامًا من القصر الجمهوري، أو القيادة العامة طيلة سبعين عامًا، هي عمر الحركات المتمردة في السودان.
المتغير الذي سيكون له تأثير كبير في المستقبل القريب والبعيد، هو الأبعاد الإثنية والجهوية لهذه الحرب. الصراعات والحروب التي شهدها السودان في تاريخه، لم يكن الاصطفاف القبلي والإثني حاضرًا فيها بمثل ما هو حاضر في هذه الحرب.
حاولت قواتُ الدعم السريع، منذ الأيام الأولى للحرب أن تخلق اصطفافًا قبليًا وجهويًا من خلال تعبئة حواضنها الاجتماعية في غرب السودان، بمقولات عدائية ضد المواطنين الشماليين مثل الجلابة: (التجار الشماليين بغرب السودان)، ثم لاحقًا الفلول: (أنصار النظام السابق)، ثم أخيرًا تسمية بعض القبائل في شمال السودان وتصنيفها عدوة. ونجحت قوات الدعم السريع في استمالة بعض القبائل للاصطفاف معها ضد الجيش السوداني. ورغم أن مجهوداتها لم تحقق نجاحًا كاملًا، فإنها نجحت في استقطاب بعض المكونات القبيلة على أساس إثني وجهوي.
حروب السودان المتطاولة كانت تدور بشكل رئيسي خارج المدن، وكان الريف السوداني أو مناطق الهامش هي الأكثر تأثرًا، ولكن حرب الخامس عشر من أبريل/نيسان 2023 دارت في أكثر من ولاية ومنطقة، ولذا كان أثرها كبيرًا على السكان.
ورغم أنّ المناطق الريفية والولايات البعيدة، كانت مسرحًا أساسيًا لتلك الحروب، وشهدت انتهاكات كبيرة في الحروب، فإن ما حدث في الحرب الحالية من فظائع، غيرُ مسبوق من حيث اتساع نطاقها وتعدد أنواع جرائمها من قتل ونهب واغتصاب واحتلال. وهذه الجرائم عمت القرى والحضر، ولم يترك التمرد شبرًا في أي منطقة دخلها بلا انتهاكات جسيمة، وصلت في بعض المناطق حد الإبادة الجماعية، كما حدث في مدينة نيالا إحدى أهم مدن غرب السودان، حيث جرى قتل أكثر من خمسة عشر ألف شخص في يوم واحد، وبعضهم دفن حيًا، كما شهدت ذات المدينة وجرى قتل واليها خميس أبكر كأبشع جريمة ترتكبها قوات الدعم السريع في حربها الحالية.
كان لكل الحروب في تاريخ السودان أثرها الاقتصادي المدمر وتأثرت بها كافة القطاعات وظلت الدولة تمول تلك الحروب من ميزانيتها بالعجز وبالديون الخارجية، مما أدى لتدهور مستمر في قيمة العملة، وبالتالي وضع الاقتصاد الكلي.
الأثر الاقتصادي للحرب الجارية الآن كان الأكثر دمارًا وتخريبًا للاقتصاد السوداني بما لا يقاس بما جرى في الحروب السابقة. هذه الحرب دمرت المؤسسات الاقتصادية القائمة بكل أنواعها: (صناعية، زراعية، خدمية)، عبر النهب والحرق والتدمير المباشر. وتقريبًا كل مؤسسات القطاع الاقتصادي من بنوك وشركات ومصانع تخص الدولة أو القطاع الخاص أو الاستثمار الأجنبي، تعرضت للدمار الشامل، وهي حالة غير مسبوقة أيضًا، وذلك بسبب اندلاع الحرب في العاصمة، المركز المالي والاقتصادي الذي تتركز فيه كل المؤسسات الصناعية والخدمية والشركات الكبرى.
صدرت تقارير متعددة حول حجم الخسائر التي سببتها الحرب الحالية، ولكن كانت التصريحات الصادرة من الفريق إبراهيم جابر- أحد أهم قيادات الجيش في الجانب الاقتصادي- لافتة للنظر، إذ قدر الخسائر الاقتصادية للحرب حتى الآن بمبلغ 150 مليار دولار، وهي تعادل تقريبًا كل عائدات دخل النفط منذ استخراجه في خواتيم تسعينيات القرن الماضي، مضافًا إليها عائدات الذهب خلال ربع قرن من الزمان. إضافة إلى ذلك أن هذه الحرب التهمت أغلب مدخرات السودانيين بالخارج، وقضت على كثير من ممتلكاتهم بالداخل.
العنصر الجديد في هذه الحرب أيضًا، هو دخول التكنولوجيا بكثافة في أعمال هذه الحرب بصورة لم تشهدها الحروب السابقة. فلأوّل مرة تستخدم أسلحة نوعية لم تستخدم على الإطلاق في حروب سابقة، أهمها المسيرات القادرة على إصابة الهدف بدقة والطيران في الأجواء لساعات طويلة.
كان لتكنولوجيا المسيرات الحديثة أثرها الفعال في إحداث الفارق في الميدان، إذ استطاعت القوات المسلحة باستخدامها بكثافة وبراعة، إحداث الفارق وفي وقت وجيز بأغلب ميادين القتال، وكان لها دورها الأبرز في معركة الإذاعة السودانية مطلع شهر مارس/آذار الحالي والتي كسبها الجيش مؤخرًا. لولا تدخل تلك المسيرات في المعارك لكانت الحرب الجارية في أرجاء ولاية الخرطوم أكثر تعقيدًا ولطالَ زمان حسمها بأكثر مما يجري الآن بأضعاف.
المتغيرات الخارجية كثيرة: أهمها أنه لأول مرة يقف المجتمع الدولي والدول العربية والأفريقية مجتمعين موقفًا سلبيًا من حرب شنتها قوات تمردت على الدولة السودانية. في كل التجارب السابقة كانت مواقف الدول تختلف بين داعمين للتمرد ومعادين له، وداعمين للدولة السودانية وسلطتها الشرعية.
في هذه الحرب دعمت أغلب الدول الأفريقية التمرد، بل ودعمته بشتّى السبل، من تمرير الأسلحة، لفتح المعسكرات للتدريب، للدعم المالي المباشر.
فيما كانت مواقف الدول العربية سلبية للغاية تجاه ما يجري في السودان، فبعض الدول تولت الدعم المالي والعسكري وتمويل الحرب بالكامل، وأخرى لاذت بالصمت، وثالثة تبنت دور الوسيط، في حين كان موقف المجتمع الدولي منحازًا منذ بداية الحرب وداعمًا للتمرد.
بدأت تحركات المجتمع الدولي باكرًا من الشهر الثاني للحرب عبر تأسيس منبر جدة إلى ما قبل شهرين فيما عرف بلقاء المنامة الذي أنكر السودان كل ما ترتب عليه من نتائج. وتجلى موقف المجتمع الدولي أيضًا في دعوات وقف الحرب، وهي في أيامها الأولى. تم استخدام مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية لفرض تسوية تعيد تموضع قوات الدعم السريع في الحياة السياسية والعسكرية السودانية مجددًا.
هذه الحرب بكثافة المتغيرات التي حدثت فيها والآثار التي ترتبت عليها، ستقود إلى متغيرات على كل المستويات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية. سودان ما بعد الحرب سيشهد تغيرات في بنية السلطة الحاكمة وطرائق إدارتها للفترة الانتقالية، كما سيقود اصطفافات جديدة بين الأحزاب والتحالفات السياسية، وسيدفع بلاعبين جدد للمسرح السياسي، متمثلين في منظمات المجتمع المدني، والأحزاب الشبابية الجديدة، إضافة إلى مكوّنات المجتمع الأهلي الصاعد الآن.
كما سنشهد تغيرات في بنية الاقتصاد وترتيبًا جديدًا للمؤسسات الاقتصادية من حيث توزيعها الجغرافي، وتنوع نشاطاتها، وطرائق تمويلها. كما ستشهد العلاقات الخارجية تغيرًا وتصنيفات جديدة على ضوء المواقف المتباينة من الحرب على كافة المستويات. كما أن الاصطفاف الإثني والجهوي الذي شهدته هذه الحرب، سيحتاج لوقت طويل حتى يتعافى السودانيون من جروحه الغائرة التي تسبّبت فيها تداعيات الحرب.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات قوات الدعم السریع المجتمع الدولی فی هذه الحرب أبریل نیسان فی تاریخ
إقرأ أيضاً:
القصة الكاملة لسقوط الفاشر
الحرب حبلى عادة بالمفاجآت، فحين اندلعت الحرب العالمية الأولى، توقع رئيس أركان سلاح المشاة في الجيش البريطاني، الجنرال أرشيبالد موراي، أنها قد تستمر 3 أشهر إذا سارت الأمور على ما يرام، وربما 8 أشهر إذا لم تسر الأمور على ما يرام، لكنها استمرت 4 سنوات، وحصدت أرواح ملايين البشر.
حين اندلعت الحرب في السودان عام 2023 بين الجيش والدعم السريع، ظنّ كثيرون أنها ستكون جولة عابرة من القتال يمكن احتواؤها سريعًا عبر حسم عسكري لصالح أحد الطرفين، أو من خلال تسوية سياسية تُجنب البلاد الدمار. ولكنها اليوم تدخل عامها الثالث، ويبدو أنه كلما خبا لهيبها اشتعل مجددا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الفاشر.. هل تكون الجائزة الكبرى للدعم السريع؟list 2 of 2ماذا يريد حميدتي والدعم السريع من السودان؟end of listلقد شهدت مسيرة الحرب منعطفات عديدة، من أبرزها سيطرة الدعم السريع على مدينة مدني وأجزاء من ولاية الجزيرة، ثم تمدده إلى ولاية سنار جنوب شرق البلاد، والذي أعقبه هجوم مضاد من الجيش وحلفائه توج باستعادة ولاية الخرطوم، ما فتح الباب أمام حقبة جديدة تحتمل أحد ثلاثة خيارات:
إما استمرار الحرب عبر جولات إضافية من القتال في ولايات دارفور وكردفان لتنتهي بفك الحصار عن مدينة الفاشر مركز إقليم دارفور، أو الانتقال إلى تسوية سياسية تُبنى على توازن القوى الذي أفرزته معركة الخرطوم، أو المضي في حرب استنزاف طويلة الأمد، وهو الخيار الذي سارت باتجاهه مجريات القتال مع سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر.
رمزية الفاشرالفاشر هي العاصمة التاريخية لإقليم دارفور، لكنها دُمجت في السودان عام 1916 عقب انحياز سلطان دارفور، علي دينار، إلى العثمانيين زمن الحرب العالمية الأولى، وتمكن الإنجليز من هزيمته ثم قتله. وبمرور الوقت أصبحت مركز الثقل الإداري والسياسي في غرب السودان، بجوار تمتعها بموقع حيوي يربط السودان بليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى.
سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر بعد أكثر من 260 محاولة اقتحام فاشلة، أعقبها انسحاب الفرقة السادسة مشاة، لتُسجل بذلك الخرطوم خسارتها الأخيرة لأكبر موقع عسكري في إقليم دارفور. وجاء هذا التطور بعد حصار خانق استمر أكثر من عام ونصف، شهدت فيه المدينة عزلاً تامًا عن الإمدادات، وظروفًا إنسانية قاسية تحت وطأة الحصار المشدد.
الجذور التاريخية للأزمةشكّلت التركيبة السكانية المعقدة والتداخلات الحدودية في إقليم دارفور، الذي يمتد على مساحة تُقارب 549 ألف كلم مربع، تحديًا كبيرًا للحكومة المركزية في الخرطوم. ويُعد هذا التحدي انعكاسًا لطبيعة السودان كدولة واسعة المساحة ومتعددة الأعراق والثقافات، تعاني من تداخل الأزمات وتعددها.
ورغم ما يزخر به الإقليم من ثروات زراعية وحيوانية، إلى جانب احتوائه على معادن نفيسة مثل الذهب، ظل دارفور يعاني من التهميش وغياب التنمية والخدمات الأساسية، ما أدى إلى تفاقم مشاعر الغبن والإقصاء بين مكوناته، وترسّخ حالة من الاحتقان الاجتماعي والسياسي.
إعلانيعيش نحو 7 ملايين نسمة في إقليم دارفور ضمن تركيبة قبلية متشابكة، تتصدرها مجموعتان رئيسيتان: العرب الرحّل من الرعاة مثل قبيلتي الرزيقات والمحاميد، والمجموعات الأفريقية الزراعية كالفور والزغاوة والمساليت. ومع توالي موجات الجفاف منذ سبعينيات القرن الماضي، اشتد التنافس بين الرعاة والمزارعين على الموارد الطبيعية، خاصة المراعي والمياه، ما أدى إلى تصاعد التوترات وتحولها تدريجيًا إلى مواجهات مسلحة متكررة، أضفت على الصراع طابعًا عرقيًا متأزمًا.
في ثمانينيات القرن الماضي، اكتسب الصراع في دارفور بعدًا إقليميًا جديدًا بفعل تطورات سياسية متسارعة. فقد أطلق الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي مشروع "الحزام العربي"، الذي قدّم من خلاله دعمًا مباشرًا للقبائل العربية المنتشرة على جانبي الحدود السودانية التشادية، ما أدى إلى عسكرة البنية القبلية في الإقليم، وأضعف دور الإدارة الأهلية التقليدية التي كانت تشكل ركيزة الاستقرار المحلي.
في المقابل، تولى إدريس ديبي السلطة في تشاد، وهو ينتمي إلى قبيلة الزغاوة التي تمتد جغرافيًا بين غرب السودان وشرق تشاد، مما أدخل التوازنات القبلية العابرة للحدود ضمن معادلة التنافس السياسي بين الخرطوم وإنجمينا وطرابلس، وجعل من دارفور ساحة مفتوحة للتجاذبات الإقليمية.
وعندما اندلع التمرد في عام 2003، إثر الهجوم الذي شنته حركتا تحرير السودان والعدل والمساواة على مطار الفاشر، احتجاجًا على ما وصفوه بالتهميش السياسي والاقتصادي الممنهج، تحوّل الإقليم إلى مسرح تتقاطع فيه المظالم المحلية مع الحسابات الإقليمية، ما عمّق من تعقيدات الأزمة وأطال أمدها.
واجه نظام الرئيس عمر البشير تمرد دارفور في لحظة ضعف استراتيجي، إذ كان الجيش السوداني منهمكًا في خوض حرب ضارية ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق في الجنوب. وفي ظل هذا الضغط الميداني، لجأت الحكومة إلى خيار بديل تمثل في تسليح مليشيات محلية من القبائل العربية، عُرفت لاحقًا باسم الجنجويد، لتكون قوة غير نظامية في مواجهة الحركات المسلحة في الإقليم.
ورغم فاعلية هذه المليشيات في القتال، فإنها افتقرت إلى الانضباط، وسرعان ما تحولت إلى أداة عنف منفلتة، انخرطت في اقتصاد الحرب القائم على النهب والسلب، وشاركت في أنشطة التهريب عبر الحدود، مما زاد من تعقيد المشهد الأمني والإنساني في دارفور.
واجهت حكومة الخرطوم اتهامات دولية خطيرة بارتكاب جرائم حرب وعمليات تطهير عرقي في إقليم دارفور، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرات توقيف بحق 5 من كبار مسؤوليها، كان أبرزهم الرئيس عمر البشير.
وفي ظل تصاعد الضغوط، لجأت الحكومة إلى إعادة تنظيم المليشيات القبلية ضمن تشكيل رسمي أُطلق عليه اسم قوات حرس الحدود عام 2003، ووُضع تحت إشراف جهاز المخابرات والأمن الوطني، وتكوّن بشكل أساسي من رعاة الإبل من قبيلة الرزيقات.
وفي عام 2013، أعيد هيكلة هذا التشكيل تحت اسم قوات الدعم السريع، لتتولى مهام مكافحة التمرد في مختلف أنحاء السودان، متجاوزة نطاق دارفور. ثم أصدر الرئيس البشير في عام 2016 قرارًا بنقل تبعية هذه القوات إلى رئاسة الجمهورية مباشرة، ما منحها استقلالية واسعة ونفوذًا متزايدًا داخل المنظومة الأمنية والعسكرية.
إعلانومع تقلب الأوضاع السياسية في السودان، واندلاع حرب اليمن، وإرسال قوات من الدعم السريع للقتال ضد الحوثيين، أصبحت دارفور قاعدة إنتاج لقوة عسكرية جديدة تتجاوز الجيش من حيث العلاقات القبلية والإقليمية والتمويل الذاتي.
واستثمر حميدتي وعشيرته في تجارة الذهب، وأنشأ شبكة اقتصادية ضخمة وعلاقات خارجية مكّنته من تمويل قواته ودفع رواتبها وتسليحها بمعزل عن ميزانية الدولة، وصار "الدعم السريع" مؤسسة موازية تحمل شرعية رسمية، لكنها تعمل بعقيدة مختلفة عن الجيش.
الطريق إلى الحرب الثانيةبعد عزل الرئيس عمر البشير في عام 2019 ودخول السودان مرحلة انتقالية مضطربة، ظهرت التناقضات بين الجيش والدعم السريع إلى العلن رغم تولي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان منصب رئيس مجلس السيادة، وتولي قائد الدعم السريع حميدتي منصب نائب رئيس المجلس.
مع توقيع اتفاق جوبا للسلام في عام 2020 بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات المتمردة، شهدت العملية السياسية في البلاد تحولًا لافتًا تمثل في دمج بعض الفصائل المسلحة من دارفور ضمن مؤسسات الدولة. فقد تولى قائد حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، منصب وزير المالية، بينما عُيّن قائد جيش تحرير السودان، ميني أركو مناوي، حاكمًا لإقليم دارفور بجميع ولاياته الخمس.
كما تسلّم خميس عبد الله أبكر، المنتمي لحركة تحرير السودان، منصب والي ولاية غرب دارفور، وانضم إلى مجلس السيادة كلٌ من الطاهر حجر ممثلًا لتجمع قوى تحرير السودان، والهادي إدريس عن حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي.
في المقابل، رفض عبد الواحد محمد نور، قائد أحد أجنحة جيش تحرير السودان، التوقيع على الاتفاق، متمسكًا بموقفه الرافض للمشاركة في العملية السياسية ضمن شروط اتفاق جوبا.
تصاعدت الخلافات حول تقاسم السلطة بين المكونين العسكريين في السودان، وبدت مؤشرات التوتر بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) تتجه نحو مواجهة محتومة. وفي 15 أبريل/نيسان 2023، اندلعت الاشتباكات في العاصمة الخرطوم، حيث ركّزت قوات الدعم السريع هجماتها على المدينة بهدف إخراج الجيش منها.
وسرعان ما وسّعت قوات الدعم السريع نطاق عملياتها باتجاه إقليم دارفور، الذي يُعد حاضنتها الاجتماعية ومجالها الحيوي للنفوذ والتمدد، لتتحول المواجهة من محاولة من الدعم السريع للسيطرة على السلطة إلى حرب مفتوحة متعددة الجبهات.
خطة سيطرة متدرجةنفذت قوات الدعم السريع خطة عسكرية متدرجة تهدف إلى إحكام السيطرة على إقليم دارفور بالكامل. انطلقت المرحلة الأولى من هذه الخطة بين أبريل/نيسان ويوليو/تموز 2023، حيث تمكنت من الاستيلاء على قواعد الجيش السوداني في محليات كتم وكبكابية بولاية شمال دارفور، وأم دافوق بولاية الجنوب، ما عزز من تمركزها في المناطق الريفية وقطع خطوط الإمداد المؤدية إلى المدن الكبرى.
وفي تطور لافت، سيطرت القوات على مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وشهد شهر يونيو/حزيران 2023 أحداثًا دامية، حيث قُتل والي الولاية خميس عبد الله أبكر، إلى جانب آلاف المدنيين من قبيلة المساليت، في واحدة من أكثر المجازر دموية منذ اندلاع الحرب.
مع حلول أغسطس/آب 2023، شرعت قوات الدعم السريع في تنفيذ المرحلة الثانية من خطتها العسكرية، مركّزة على السيطرة على عواصم ولايات دارفور الثلاث المتبقية، باستثناء مدينة الفاشر. ففي 26 أكتوبر/تشرين الأول، سقطت مدينة نيالا، عاصمة جنوب دارفور، بعد حصار طويل استمر لأشهر، انقطعت خلاله الاتصالات والإمدادات عن الفرقة 16 التابعة للجيش السوداني.
وبعد 5 أيام فقط، تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على مدينة زالنجي، عاصمة ولاية وسط دارفور، عقب انهيار دفاعات حامية الفرقة 21 مشاة. وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني، استولت على منطقة أردمتا في غرب دارفور بعد معارك عنيفة أفضت إلى سقوط الفرقة 15 من الجيش.
إعلانوفي غضون أسبوعين، توغلت القوات في مدينة الضعين، عاصمة ولاية شرق دارفور، وبسطت سيطرتها على الفرقة 20، لتُحكم قبضتها بذلك على 4 من أصل 5 ولايات في الإقليم، تاركة الفاشر وحدها خارج نطاق سيطرتها الكاملة.
أعادت الحرب في السودان إنتاج الانقسامات العرقية بين المجتمعات العربية والأفريقية، لتُعمّق من هشاشة النسيج الاجتماعي في إقليم دارفور. ففي مدينة الجنينة غرب الإقليم، تعرض مجتمع المساليت لعمليات قتل جماعي وصفتها الأمم المتحدة بأنها من بين الأسوأ، وقدّرت عدد القتلى بنحو 15 ألفا.
وفي ظل هذا التصعيد، برزت التعبئة على أساس الهوية العربية المشتركة، حيث توحدت قبائل عربية كانت متناحرة في السابق تحت راية قوات الدعم السريع، مستفيدة من تدفق التمويل الكبير والأسلحة المتطورة التي حصلت عليها من جهات خارجية، ما عزز قدرتها العسكرية وساهم في ترسيخ الانقسام المجتمعي.
دخلت الحركات المسلحة في دارفور أتون الحرب الأخيرة وهي مثقلة بإرث من الانقسامات الداخلية والتحالفات المتقلبة. فبعد توقيع اتفاق جوبا للسلام في عام 2020، نالت قيادات من حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة مناصب في السلطة الانتقالية، كما ذُكر سابقًا، إلا أن قواعدها الميدانية ظلت تشعر بالإحباط نتيجة ضعف المكاسب السياسية والمادية المحققة.
ومع اندلاع المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أعلنت تلك الحركات موقف الحياد، غير أن تطورات الميدان فرضت عليها خيارات معقدة. فقد اتجه القادة السياسيون المشاركون في الحكومة، مثل جبريل إبراهيم وميني أركو مناوي، تدريجيًا نحو دعم الجيش، بينما فضّلت القيادات العسكرية الميدانية في ولاية شمال دارفور التفاوض مع قوات الدعم السريع لتفادي المواجهة المباشرة.
ومع اتساع نفوذ الدعم السريع وسيطرته على 4 من أصل 5 ولايات في دارفور، تعمّق الانقسام داخل الحركات المسلحة. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلنت فصائل يقودها مناوي وجبريل دعمها للجيش، لكن قواتها على الأرض امتنعت عن الانخراط في القتال، مفضّلة الحفاظ على تفاهمات ميدانية مع الدعم السريع.
وفي المقابل، أقدم الفريق أول عبد الفتاح البرهان على إقالة الطاهر حجر والهادي إدريس من عضوية مجلس السيادة، بسبب تمسك فصائلهما بموقف الحياد في تلك المرحلة الحرجة.
برزت خلال الحرب فصائل منشقة صغيرة عن الحركات المسلحة في دارفور، من بينها جناح مصطفى تمبور في "جيش تحرير السودان"، الذي انخرط مبكرًا في القتال إلى جانب الجيش السوداني. هذا الانقسام الداخلي أضعف وحدة الحركات المسلحة كقوة عسكرية موحدة، وفتح المجال أمام قوات الدعم السريع لتوسيع نفوذها عبر إبرام تفاهمات ميدانية مع قادة محليين.
ومع مطلع عام 2024، تحولت مدينة الفاشر إلى مركز رئيسي للصراع في دارفور، باعتبارها العاصمة الإدارية للإقليم وآخر معقل للجيش في المنطقة. وشهدت المدينة تصعيدًا عسكريًا عنيفًا، تمثل في قصف مدفعي مكثف، وغارات جوية نفذها الجيش، إلى جانب اشتباكات برية في الأحياء السكنية المكتظة، بما فيها مخيمات النازحين، ما فاقم من الأزمة الإنسانية.
بحلول منتصف أبريل/نيسان 2024، أعلن عدد من قادة القوات المشتركة الميدانيين -الذين تبنوا الحياد في بداية الحرب- انضمامهم إلى صفوف الجيش، وشكّلوا قوة موحدة تعمل تحت قيادته.
في المقابل، تمسكت القوات التابعة لكل من الهادي إدريس والطاهر حجر بموقف الحياد، وانسحبت من مدينة الفاشر. وقد اتهمت قوات الدعم السريع القوة المشتركة بتهريب إمدادات عسكرية للجيش ضمن قوافل المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مباشرة بين الطرفين.
أنشأت قوات الدعم السريع شبكة إمداد عابرة للحدود، اتسمت بالتعقيد والتنوع، ما منحها تفوقًا لوجستيًا واضحًا في ساحة المعركة. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى وجود 3 مسارات رئيسية لهذه الشبكة:
المسار الشرقي عبر تشاد، حيث استُخدمت طائرات شحن قادمة من إحدى الدول إلى مطار أم جرس لنقل معدات لوجستية، تحت غطاء المساعدات الإنسانية. المسار الشمالي من جنوب ليبيا، وتم عبره التعاون مع ألوية تابعة للجيش الوطني الليبي، مثل كتيبة سبل السلام واللواء 128، لتوريد الوقود والمركبات والذخائر.
إعلانالمسار الجنوبي عبر جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، ونُقلت من خلاله أسلحة خفيفة وأنظمة دفاع جوي، بدعم خارجي، عبر نقاط عبور مثل أم دافوق وكافيا كينجي.
وفّرت هذه المسارات خطوط دعم مستمرة ونوعية لقوات الدعم السريع، في وقت عجز فيه الجيش السوداني عن إيصال الإمدادات إلى حامياته بعد فقدانه طريق كوستي-الفاشر، الذي يُعد الشريان الرئيسي القادم من بورتسودان.
ومع هذا التفوق اللوجستي، أحكمت قوات الدعم السريع سيطرتها على دارفور، وقطعت الطرق المؤدية إلى مدينة الفاشر، مانعة دخول الإمدادات، كما أقامت حواجز ترابية بطول 60 كلم حول المدينة. وبدأت باستخدام المدفعية الثقيلة والطائرات المسيّرة لقصف الأحياء السكنية والمرافق الحيوية، ما فاقم من الأزمة الإنسانية في المنطقة.
سقوط الفاشرفي أكتوبر/تشرين الأول 2025، شنّت قوات الدعم السريع هجومًا واسع النطاق على مدينة الفاشر من عدة محاور، لتختتم بذلك سلسلة من العمليات العسكرية تجاوزت 260 محاولة منذ بداية الحصار. ركّزت الهجمات على مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة، بالتزامن مع قصف مكثف استهدف السوق الكبير ومناطق تجمع النازحين، ما أدى إلى تصاعد كبير في الخسائر المدنية.
ورغم محاولات الجيش والقوة المشتركة صدّ الهجوم، فإن الدعم السريع امتلك تفوقًا ناريًا واضحًا، مستخدمًا مدافع هاوتزر ومنظومات دفاع جوي لتعطيل تأثير الطيران الحربي. وخلال أيام قليلة، انهارت خطوط الدفاع، واضطرت قيادة الفرقة السادسة إلى الانسحاب نحو الجهة الغربية من المدينة.
أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على الفاشر، وسط تقارير تفيد بمقتل أكثر من 2000 مدني خلال الأيام الأولى من الهجوم، إلى جانب موجات نزوح واسعة من السكان. وأعقبت ذلك بيانات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا، طالبت بفتح ممرات إنسانية آمنة، محذّرة من احتمال وقوع انتهاكات جسيمة على أساس عرقي وقبلي، وهو ما وقع بالفعل حسب شهادات الناجين والفارين.
الفاشر كمفتاح استراتيجيتُعد مدينة الفاشر أكثر من مجرد رمز سياسي، فهي تحتل موقعًا استراتيجيًا بالغ الأهمية، إذ تقع عند تقاطع طرق تربط إقليم دارفور بولايات وسط السودان، وتجاور الحدود التشادية والليبية، ما يجعل السيطرة عليها مفتاحًا لربط خطوط الإمداد القادمة من الشمال والغرب نحو قلب البلاد.
وتعزز إدارة قوات الدعم السريع للإقليم كوحدة متكاملة من شرعية الأمر الواقع لحكومة "تأسيس"، التي اتخذت من مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، مقرًا لها. هذا التمركز يمنحها نفوذًا إداريًا وعسكريًا واسعًا، ويكرّس واقعًا جديدًا على الأرض.
يفتح سقوط الفاشر الباب أمام 3 سيناريوهات محتملة:
ترسيخ الانقسام الجغرافي والسياسي بين شرق ووسط السودان الخاضع للحكومة المركزية، وغرب البلاد الذي تديره قوات الدعم السريع، ما قد يؤدي إلى نشوء كيان شبه مستقل في دارفور. التوصل إلى تسوية سياسية بفعل ضغوط إقليمية ودولية، تُفضي إلى صفقة تمنح قيادة الدعم السريع مكاسب سياسية مقابل وقف العمليات العسكرية. استمرار الحرب وتوسعها نحو مناطق جديدة، وهو سيناريو ينذر بتمزيق ما تبقى من الدولة السودانية ومقدراتها.ويمثل سقوط الفاشر لحظة مفصلية في تاريخ السودان الحديث، فالإقليم الذي انطلقت منه شرارة الحرب عام 2003، يعود بعد عقدين ليشهد صعود نسخة جديدة من الصراع، تقودها قوة ترى نفسها بديلًا للجيش، وتسعى إلى تأسيس دولة جديدة على أنقاض الدولة الوطنية.
ورغم ما تحظى به قوات الدعم السريع من دعم خارجي، فإن صعودها يواجه رفضًا شعبيًا متزايدًا، إذ يُنظر إليها من قبل قطاعات واسعة باعتبارها أداة لتفكيك السودان وفق أجندات خارجية، في مقابل طرف آخر يقدّم نفسه كمدافع عن وحدة الدولة ومشروعها الوطني. ويبدو أن مستقبل هذا الصراع بات مرهونًا بقدرة المجتمع الدولي على وقف الدعم الخارجي، الذي يُعد شريان الحياة الأساسي لقوات الدعم السريع.