بعد اجتياح قوات الدعم السريع لمدينة ود مدني، استقبلت عطبرة أعدادا كبيرة من النازحين الفارين من ولايتي الجزيرة والخرطوم

التغيير: منصور الصويم

بدا صوت الشاب محيي الدين الزين مهتزا ومتوترا وهو يحاول نقل صورة حية لمدينة عطبرة في أعقاب الهجوم الذي استهدف إفطار “كتيبة البراء بن مالك” يوم أمس عن طريق طائرة مسيرة.

قال محي الدين “أنا نازح، هذه هي المرة الثالثة لنزوحي، إلى يوم الأمس كنت أظن أن عطبرة بعيدة عن مرمى النيران.. لكني الآن أحس بأن لا مكان آمن في هذه البلاد”.

الملجأ الجديد

بعد اجتياح قوات الدعم السريع لمدينة ودمدني أواخر ديسمبر الماضي، استقبلت مدينة عطبرة بولاية نهر النيل أعدادا كبيرة من النازحين الفارين من ولايتي الجزيرة والخرطوم. بعد المدينة النسبي عن بؤر الحرب المشتعلة في وسط البلاد وغربها، أوحى لسكان المدينة والنازحين الجدد بحالة من الطمأنينة الآمنة بددها الهجوم المباغت ليلة أمس.

أحمد حسن محمد المتطوع في غرف الطوارئ بمدينة عطبرة تحدث لـ«التغيير» بحذر، وقال منذ اندلاع الحرب زاد اهتمام الإسلاميين بولاية نهر النيل حتى الدعاية الحربية أخذت أبعادا أخرى في المنطقة، وقد لاحظت الوجود المكثف لعناصر المؤتمر الوطني والتيار الإسلامي بكل أطيافه، ومع ازدياد دعوات التسليح الشعبي “المقاومة الشعبية”، وتحرك أفراد “كتيبة البراء بن مالك” في أرجاء المدينة، تيقنت أن أمرا جلالا سيحدث وسيجلب إلى عطبرة الهادئة كارثة ما.

وقال أحمد حسن العامل في غرفة طوارئ نهر النيل إنه يخشى من تقديم بعض المواطنين على أنهم خلية نفذت الهجوم وهي إجراءات درجت عليها الأجهزة الأمنية مؤخرا للتخلص من الخصوم والمعارضين أو تصفية حسابات عرقية وقبلية مع بعض المكونات.

إغلاق الكباري

اللجنة الأمنية في ولاية نهر النيل، اكتفت بإصدار بيان قصير يوم أمس، أوضحت فيه أن “جموع من المصلين تعرضوا لهجوم غادر بطائرة مسيرة أثناء أدائهم لصلاة المغرب عقب تناول وجبة الإفطار الرمضانية بمدينة عطبرة”، مشيرة إلى أن الهجوم خلف عددا من الشهداء والجرحى دون إشارة إلى عددهم. بينما تجري الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني تحقيقات لمعرفة الجهة التي نفذت هجوم المسيرة وسط مخاوف عبر عنها ناشطون سياسيون من استخدام الهجوم لتصفية الحسابات مع القوى المدنية في الولاية.

الشاب النازح محيي الدين أكد لـ «التغيير»، أن تداعيات أمنية فورية لحقت بالهجوم تمثلت في إغلاق الكباري وحجز ومنع الباصات السفرية من مغادرة المدينة. وقال “يبدو إن حالة من الطوارئ المشددة سنشهدها الأيام المقبلة”.

مصادر طبية ذكرت أن عدد القتلى تجاوز العشرة بينما أصيب العشرات جراء هجوم المسيرة على إفطار “كتيبة البراء بن مالك” مساء الأمس.

أحمد حسن واصل في إفادته لـ «التغيير» وقال: الهجوم كان وحشيا، وأيا كانت الجهة التي نفذته فهي جهة مدانة ولا تبرير لما فعلته. وأتوقع أن تضاعف هذه الواقعة من قبضة الإسلاميين داخل المدينة، فعطبرة – كما يرى – صارت معقلا للكيزان والمتشددين، وهذا الهجوم سيشدهم أكثر ويجعلهم أكثر التفافا حول دعواهم المتعلقة بالتسليح والمشاركة في الحرب الدائرة.

هدوء حذر

محيي الدين أكد لـ «التغيير» أن أرجاء كبيرة من عطبرة شهدت حالة من الهدوء الحذر، وقال إنه تجول – بعد الهجوم – في أكثر من شارع وحي، ورغم حالة الوجوم التي غلبت على الناس إلا أن كل شيء كان هادئا.

الحديد والنار

هذه المدينة التي تقع على بعد 400 كيلو متر شمال العاصمة السودانية وتضم أكبر ورش للسكك الحديدية منذ الاستعمار البريطاني تشتهر أيضا بوجود أعرق الحركات النقابية التي أسهمت في مقاومة نظام الرئيس الأسبق جعفر نميري ونظام البشير أيضا نهاية العام 2018.

عرفت عطبرة بلقبها الأشهر بلد الحديد والنار, ومنذ سنوات خلت أخمد نظام الرئيس المخلوع عمر البشير النار في ورشها وعطل سكتها الحديد حتى يخرجها من مسار الثورة ويتجنب الاصطدام بشجاعة عمالها، وبالرغم من ذلك نجد أن عطبرة تعد ضمن المدن التي أشعلت الاحتجاجات الشعبية نهاية 2018 وادّت إلى ثورة ديسمبر وأسهمت في إسقاط نظام الرئيس المخلوع البشير.

الآن نار أخرى تشتعل في عطبرة.. فهل تكون بداية لحريق أكبر؟ أم تاريخ البلدة التليد قادر على تجنبها وإطفائها؟

 

الوسومالبراء بن مالك حرب السودان طايرة مسيرة عطبرة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: البراء بن مالك حرب السودان عطبرة

إقرأ أيضاً:

تصوير جوي جديد لبيت حانون.. لم يبق معالم في المدينة (شاهد)

دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة بشكل شبه كامل، في واحدة من أعنف العمليات العسكرية التي طالت البنية التحتية والمنازل المدنية منذ بداية العدوان على قطاع غزة.

وأظهرت مشاهد جوية حديثة تداولتها "مواقع عبرية " تحول البلدة إلى أكوام من الركام، حيث اختفت معالم الشوارع والأحياء، ولم يتبق من الأبنية السكنية سوى بقايا جدران منهارة.

ويعتبر هذا التدمير بمثابة محاولة ممنهجة لمحو بلدة كاملة عن الخريطة، إذ كانت بيت حانون من أوائل المناطق التي اجتاحها الاحتلال بريا خلال المراحل الأولى من الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وتعرضت لقصف مدفعي وجوي مكثف استمر لأيام.

وتقع البلدة في منطقة استراتيجية إذ تعد إحدى البوابات الشمالية لغزة، ما جعلها في مرمى النيران منذ بداية العملية، ووثقت منظمات دولية، بينها "هيومن رايتس ووتش" و"الأونروا"، حجم الأضرار ووصفت ما جرى بأنه "تطهير عمراني واسع" يخالف القانون الدولي الإنساني، ويعكس سياسة العقاب الجماعي ضد المدنيين.


ولا تزال فرق الدفاع المدني والطواقم الطبية عاجزة عن الوصول إلى كامل المنطقة بسبب استمرار القصف وتدمير الطرق، وسط مخاوف من وجود جثث لمدنيين تحت الأنقاض.

ومن ناحية أخرى زعم جيش الاحتلال فتح ممرات إنسانية يسمح فيها لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الآمن لإدخال المواد الغذائية والأدوية إلى سكان غزة، فيما يتواصل انتشار المجاعة، وسط تحذيرات من موت مزيد من المدنيين الأبرياء جراء سياسة الحصار.


وكان جيش الاحتلال قد أعلن الأحد، عن هدنة تبدأ من الساعة الـ10 صباحا وحتى الثامنة مساء في المناطق الغربية من قطاع غزة، تحت مزاعم تمكين دخول وتوزيع المساعدات.

ومن جانبه قال المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إن المفاوضات المتعثرة مع حركة حمـاس بدأت تعود إلى مسارها، مضيفا أن الرئيس ترامب يؤدي حاليًا دور "شرطي العالم"، معتبرًا أن هذا الدور ضروري لإعادة فرض النظام والاستقرار في عدد من المناطق المضطربة حول العالم.

وفي السياق ذاته أكدت قناة "كان" الرسمية الإسرائيلية أن مفاوضات صفقة تبادل الأسرى بين "إسرائيل" وحركة حماس قد تُستأنف الأسبوع الجاري.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد قتلى الهجوم على كنيسة في الكونغو الديمقراطية
  • سوريا تحدد موعد أول انتخابات برلمانية بعد التغيير.. الشرع يُقصي داعمي التقسيم
  • تصوير جوي جديد لبيت حانون.. لم يبق معالم في المدينة (شاهد)
  • ناصر الدين: نسعى للانتقال من المساعدة إلى التغيير
  • حكومة التغيير والبناء.. إصلاحات شاملة وتنمية مستدامة
  • انتشال جثة موظفة بمجلس مدينة كفر الزيات من نهر النيل بالغربية
  • الحرس الثوري الإيراني: مقتل 6 أشخاص وإصابة 20 في الهجوم على محكمة مدينة زاهدان
  • هجوم مسلح يستهدف مبنى القضاء في مدينة زاهدان الإيرانية
  • بدء الدورة التدريبية في مجال السلامة والصحة المهنية بمطاحن عطبرة الجديدة
  • شاهد بالفيديو.. بسبب القطوعات التي تشهدها مدينة بورتسودان.. شيبة ضرار يمنح مدير الكهرباء مهلة 12 ساعة ويهدد بإقتحام المكاتب بــ”الفرشات” و “البطاطين”