فى وقت متقارب قامت إسرائيل بعمليتين هما الأجرأ والأكثر خطورة على صعيد تجاوز الأعراف والقوانين الدولية، بعيدًا عن تطورات الموقف بشأن الحرب الجارية على الفلسطينيين فى غزة رغم تعلق العمليتين بذلك الوضع.
العملية الأولى هى قصف القنصلية الإيرانية فى سوريا ما أدى إلى مقتل سبعة من كبار ضباط الحرس الثورى الإيرانى على رأسهم قائد فيلق القدس محمد رضا زاهدى.
وفى معرض تحليل الدوافع وراء تلك العمليتين ترد على ذلك النهج الذى يكشف ويؤكد فكرة العربدة الإسرائيلية فى المنطقة عدة ملاحظات أولها أن إسرائيل تتحول وبشكل واضح إلى أحد أسباب التوتر الإقليمى بل والعالمى، حيث إن الوضع الخطير الذى تشهده المنطقة منذ أكثر من خمسة شهور بعد طوفان الأقصى إنما جاء بسبب السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، هذا فضلًا بالطبع عن تجذر تلك الحالة على مدار عقود بسبب إسرائيل وإصرارها على عدم منح الفلسطينيين حقوقهم.
من ناحية ثانية، فمن الواضح أن تعثر تحقيق الأهداف الإسرائيلية من الحرب على غزة فى ظل الصعوبات التى يواجهها نتانياهو داخليًا ربما دفعته إلى القفز فى الهواء بخطوة يهدف من خلالها إلى توسيع نطاق الحرب بما قد يغير من موقف الولايات المتحدة والتى تتحفظ على سياساته.
من الملاحظات الأخرى على تلك العملية غياب رد الفعل الدولى المندد بتلك العملية على القنصلية الإيرانية وهو ما يشير إلى حالة نفاق دولى، حيث من المتوقع أن يكون الموقف مغايرًا فيما لو كان الأمر عكسيًا ممثلًا فى هجوم إيرانى على هدف مدنى إسرائيلى.
من المتوقع أن تؤدى تلك العملية إلى تعزيز حالة عدم الاستقرار فى المنطقة، حيث لن تمرر إيران الأمر دون رد وهو ما يبدو فى موقف واشنطن التى حرصت على النأى بنفسها عن العملية فى ضوء توقع أن تنال عمليات الإنتقام الإيرانية من القوات الأمريكية سواء فى سوريا أو العراق.
أما على صعيد العملية ضد فريق الاغاثة فرغم تنوع جنسيات القتلى وأغلبهم غربيون، إلا أنه من الملاحظ فتور رد الفعل الغربى واقتصاره على المطالبة بتحقيق فى الأمر وسط توقع بألا يكون لذلك من تأثير فعلى على السياسات الإسرائيلية تجاه عمليات الإغاثة والتى تستهدف وأدها لزيادة الأوضاع سوءًا على الفلسطينيين من أجل دفعهم إلى الهجرة طوعًا إلى الخارج.
يفرض ذلك الوضع التساؤل حول مدى تحول إسرائيل إلى قوة مهيمنة فى الإقليم يشابه وضع القوى الكبرى فى النظام الدولى وهو تساؤل يجد مبرراته فى ضوء ضعف ردود أفعال الجانب العربى على المجازر الإسرائيلية ضد الأشقاء فى غزة.
مؤدى ذلك دون كثير اجتهاد أن إسرائيل ربما لا تفهم سوى لغة القوة وأنها تمارسها بذكاء وبشكل يعزز مركزها الإقليمى والدولى ومن المتصور أن غياب رد الفعل على ذلك النهج قد يعزز شعور تل أبيب بقوتها وخصوصية وضعها.. ولعل فى ذلك درس هام للعرب علهم يسارعون إلى تحديد سبل مواجهته... لو كان الأمر يشغلهم من الأصل!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى عبدالرازق العربدة الإسرائيلية تأملات قامت إسرائيل تجاوز الأعراف الفلسطينيين
إقرأ أيضاً:
رغم الترحيب المصري بحقوق الفلسطينيين… قافلة الصمود تُمنع من العبور نحو غزة
أعلنت “قافلة الصمود” البرية، التي انطلقت من تونس في اتجاه قطاع غزة لكسر الحصار، أنها قررت العودة إلى الأراضي التونسية بعد تلقيها بلاغًا من السلطات الليبية يفيد برفض الجانب المصري منح التراخيص اللازمة لعبورها إلى غزة، رغم سلوك كافة القنوات القانونية والدبلوماسية عبر السفارة المصرية في تونس.
ووفقًا لبيان نقلته إذاعة “موزاييك إف إم”، أوضحت القافلة أنها استنفدت جميع السبل لفتح طريق بري نحو غزة، كما استحال عليها استخدام الطريق البحري انطلاقًا من ليبيا، ما دفعها إلى اتخاذ قرار بالعودة مع البحث عن بدائل أخرى لكسر الحصار المفروض على القطاع.
وأكدت القافلة، التي كانت قد وصلت إلى منطقة بوقرين وسط ليبيا في طريقها إلى الشرق، أنها لن تغادر الأراضي الليبية قبل الإفراج عن المشاركين الذين تم توقيفهم، وستبقى سلمية في مكانها إلى حين إطلاق سراحهم.
كما أعلنت وقف استقبال أي مشاركين جدد حتى تتضح الوجهة المقبلة، مع تنظيم عملية عودة من يرغب بذلك، والإصرار على الإفراج عن كافة المعتقلين.
وكانت القافلة، التي تضم أكثر من 1500 ناشط من تونس والجزائر وموريتانيا ودول أخرى، قد واجهت منذ دخولها الأراضي الليبية عراقيل أمنية وإدارية، حيث تم توقيفها من قبل الأجهزة الأمنية عند مدخل مدينة سرت، دون توضيح رسمي لأسباب المنع.
ونقلت وسائل إعلام غربية عن وائل نوار، أحد منظمي الحملة، أن الاتصالات بالقافلة واجهت صعوبات بسبب انقطاع الإنترنت في شرق ليبيا، فيما ساد تضارب في التصريحات حول الموقف المصري؛ إذ تحدثت بعض المصادر عن إمكانية العبور لاحقًا، بينما نفت أخرى وجود أي موافقة رسمية من القاهرة.
وتأتي هذه التطورات رغم تصريحات رسمية مصرية قبل أيام، رحّبت فيها القاهرة بالمواقف الدولية والإقليمية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني والرافضة للحرب الإسرائيلية على غزة، وأكدت وزارة الخارجية المصرية استمرار الجهود لإنهاء العدوان ورفع المعاناة عن أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع.