عن استهداف الاحتلال قادة ميدانيين لحماس ومسؤولي العشائر واللجان الشعبية بغزة
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر آذار/ مارس الفائت من استهداف مسؤولين بالشرطة المدنية وقادة ميدانيين بحركة حماس ورجال عشائر ومسؤولي لجان شعبية معنيين باستقبال وتأمين وتوزيع المساعدات الإنسانية على المواطنين في شمال قطاع غزة.
يأتي استهداف قادة ومسؤولي الشرطة المدنية بحماس من رفح إلى غزة وشمالها مروراً بالوسط ـ النصيرات تحديداً ـ في سياق ما تصفه إسرائيل بتفكيك القدرات السلطوية والإدارية لحماس لمنعها من إعادة السيطرة أو حكم غزة مرة أخرى.
لكن في النصف الأخير من مارس، شهدنا خاصة في مدينة غزة والشمال استهدافات لافتة لقادة حمساويين معنيين باستقبال وتأمين وتوزيع المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع المنظمات الدولية ـ أونروا وبرنامج الغذاء العالمي ـ والتعاون مع زعماء عشائر ومسؤولي لجان شعبية محلية.
إلى ذلك شهدنا بالفترة نفسها استهداف دموي ومتعمد ومستمر للمواطنين أثناء انتظارهم المساعدات بالشمال، خاصة قرب ميداني النابلسي والكويت، ما أدى إلى استشهاد مئات وإصابة آلاف منهم في أرقام تعبر بالحقيقة عن طبيعة العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة والتعاطي مع ملف المساعدات الإنسانية بشكل خاص.
بداية ومنهجياً، يتعلق الأمر بجريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وسعي الاحتلال المتعمد لإيقاع نكبة جديدة أسماها وزير الزراعة قائد الشاباك السابق الجنرال أفي ديختر نكبة 2023، في زلة لسان فاضحة تعرّض على أثرها للتوبيخ من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتن ياهو، علماً أن النكبة لا تندرج ضمن الأهداف المعلنة للحرب الإسرائيلية المتمثلة بتفكيك القدرات العسكرية والسلطوية لحماس، ومنع غزة من تهديد الدولة العبرية، وبالطبع عدم الإعلان عنها مقصود كونها تمثل اعتراف وإقرار رسمي بارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
استهداف مسؤولي استقبال وتأمين وتوزيع المساعدات الإنسانية ومنتظريها يأتي كذلك في سياق جعل غزة نفسها غير قابلة للحياة، وهو أيضاً أحد أهداف الحرب الإسرائيلية غير المعلنة كونه يمثل أيضاً إقرار رسمي بجريمة الإبادة الجماعية والمتعمدة ضد الشعب الفلسطيني.
ومن هذه الزاوية لا شك أننا أمام استخدام متعمد لسلاح الجوع ضد الفلسطينيين، وهو يمثل جريمة حرب موصوفة كما تقول الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان.
استهداف مسؤولي استقبال وتأمين وتوزيع المساعدات الإنسانية ومنتظريها يأتي كذلك في سياق جعل غزة نفسها غير قابلة للحياة، وهو أيضاً أحد أهداف الحرب الإسرائيلية غير المعلنة كونه يمثل أيضاً إقرار رسمي بجريمة الإبادة الجماعية والمتعمدة ضد الشعب الفلسطيني.في السياق، نحن أمام سعي ممنهج ومتعمد لقتل أكبر عد ممكن من الفلسطينيين رداً على طوفان الأقصى وانتقاماً وإرضاء لغريزة القتل والدم في الشارع الإسرائيلي، واستعادة قدرة الردع الإسرائيلية المفقودة، وبالطبع جعل شمال القطاع بأقل عدد ممكن من أهله ومواطنيه وقتلهم بالسلاح، والتجويع لإجبارهم على النزوح جنوباً ثم إلى الخارج.
إذن السياسة الإسرائيلية كانت ولا تزال مستندة إلى الإبادة والقتل والتجويع، لإجبار المواطنين بالشمال على النزوح جنوباً وتفريغه من أهله للابتزاز والمساومة على عودتهم بعد ذلك وفق ذهنية الاحتلال التقليدية ـ التنقيط ـ كما حصل فعلاً في مفاوضات الهدنة المتنقلة ما بين باريس والقاهرة والدوحة.
الاستهدافات الأخيرة لقادة حماس ووجهاء العشائر ومسؤولي اللجان الشعبية تندرج أيضاً ضمن استهداف الاحتلال النخب الفلسطينية بقدراتها وتخصصاتها المختلفة – صحفيين، إعلاميين، باحثين، أكاديميين وأطباء ومهندسين، مسؤولي مجتمع مدني - ضمن جريمة الإبادة والقتل، والإبادة السياسية والقيادية لجعل غزة غير قابلة للحياة، ومن جهة أخرى خلق فراغ وحتى فوضى فيما يوصف باليوم التالي للحرب، طمعاً أو وهماً في التمهيد لصعود قيادات جديدة مطواعة وفق الرؤى والمقاسات العبرية.
وبالتأكيد نحن هنا أمام عقاب لرجال العشائر ومسؤولي اللجان المحلية الذين رفضوا التساوق مع خطط الاحتلال والمصرين على الإطار الوطني الجامع لاستقبال المساعدات وإيصالها لمستحقيها وإدارة غزة بشكل عام.
يأتي استهداف موظفي المطبخ العالمي بدير البلح الإثنين الماضي، في نفس السياق، أي القتل والتجويع، ومنع أي منظمات إنسانية من تقديم المساعدة إلى الشعب الفلسطيني إلا تحت السيطرة والسقف الذي يحدده الاحتلال كمّاً ونوعاً.
الجرائم السابقة تندرج أيضاً ضمن مخطط استبعاد وكالة الأونروا من المشهد كونها الجهة المخوّلة أصلاً باستقبال وتأمين وتوزيع المساعدات الإنسانية علماً أن استبعاد وتهميش الوكالة يأتي في سياق السعي الإسرائيلي الدائم لتفكيكها وحلّها نهائياً ضمن أوهام تصفية وشطب ملف اللاجئين والقضية الفلسطينية بشكل عام.
السياسة الإسرائيلية كانت ولا تزال مستندة إلى الإبادة والقتل والتجويع، لإجبار المواطنين بالشمال على النزوح جنوباً وتفريغه من أهله للابتزاز والمساومة على عودتهم بعد ذلك وفق ذهنية الاحتلال التقليدية ـ التنقيط ـ كما حصل فعلاً في مفاوضات الهدنة المتنقلة ما بين باريس والقاهرة والدوحة.بناء على ما سبق يمكن الاستنتاج أن الاحتلال يسعى عن عمد لإشاعة الفوضى والفراغ لتهيئة البيئة المناسبة أمام تشكيل أطر جديدة، سواء روابط قرى أو إدارات محلية وذاتية خاضعة لسيطرة ومشيئة الاحتلال الأمنية، ودون أفق سياسي وعدم خشية من الفوضى وتداعياتها المحلية والاقليمية في ظل شعور أو غطرسة نتن ياهو وتوهمه بإمكانية إدارتها بأقل الأضرار والأثمان على الدولة العبرية.
وفي إطار أشمل يسعى الاحتلال إلى تكريس حصار غزة وإبقائه تحت القبضة الأمنية الاسرائيلية كما مواصلة بل تأبيد الانقسام مع الضفة الغربية.
بالمجمل وبشكل عام، لا شك أننا أمام تحضير لليوم التالي للحرب على الطريق الإسرائيلية لجهة تشكيل قيادة مطواعة في غزة أو خلق فوضى وفراغ لتسهيل ظهور قيادات محلية فيما بعد تتولى الشؤون المدنية تحت سيطرة حكم الأمر الواقع الإسرائيلي.
واضح بالطبع أن ثمة رفض فلسطيني واسع للتساوق مع الخطط الإسرائيلية لكن هذا الرفض وحده لا يكفي. والتصدي لتلك الخطط لابد وأن يتضمن بالضرورة توافقاً فلسطينياً جدياً وواسعاً، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كفاءات خبيرة ونزيهة بالمعنى الكامل والدقيق للمصطلحات كي تتولى السيطرة وإدارة قطاع غزة بعد الحرب لكن ليس وفق السقف وخطوط وقواعد اللعب الإسرائيلية، ولا ضمن ما يوصف بتنشيط وتجديد السلطة الفلسطينية على الطريقة الأمريكية وأنظمة الاستبداد العربية المتحالفة معها، ولا إعادة إنتاج سلطة أوسلو الفاشلة والمسؤولة بشكل عام عن الوضع الفلسطيني الراهن بما في ذلك موقفها المشين من الجرائم ضد غزة، وإنما وفق الأجندة الوطنية التي تتضمن انهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات والإغاثة وإعادة الإعمار بغزة وإصلاح وإعادة بناء منظمة التحرير كإطار قيادي مرجعي أعلى وتمهيد البيئة المناسبة أمام إجراء الحزمة الانتخابية الكاملة كي يختار الشعب الفلسطيني القيادة التي يراها جديرة وقادرة على حمايته والدفاع عن مصالحه وتحقيق آماله الوطنية المشروعة في السيادة والاستقلال وتقرير المصير.
*باحث وإعلامي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة الفلسطيني الحرب احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی بشکل عام فی سیاق
إقرأ أيضاً:
تصاعد الاغتيالات الإسرائيلية بغزة يثير التساؤلات حول مستقبل التهدئة
أثار اغتيال الجيش الإسرائيلي أمس السبت القيادي في كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس– رائد سعد، باستهداف سيارة مدنية على الطريق الساحلي جنوب غرب مدينة غزة، موجة جدل وتساؤلات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.
وفي السياق، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في غزة- ووزير الدفاع يسرائيل كاتس بيانا قالا فيه إنهما أوعزا باغتيال سعد ردا على تفجير عبوة ناسفة بقوة للجيش أسفرت عن إصابة جنديين في مناطق سيطرة الجيش الإسرائيلي جنوبي قطاع غزة.
اسرائيل تؤكد نجاح اغتيال رائد سعد وبعض المصادر الصحفية من غزة تؤكد انتشال جثمانه .
رائد سعد قائد التصنيع العسكري ثم لواء غزة وبعدها شعبة العمليات واليوم هو الرجل الثاني في القسام
ينسب اليه هندسة خطة اسقاط فرقة غزة يوم السابع من اكتوبر https://t.co/ND1qVZFmhb pic.twitter.com/3SdlwWr9Ls
— Tamer | تامر (@tamerqdh) December 13, 2025
وأضاف بيان نتنياهو وكاتس أن سعد كان يعمل على إعادة تنظيم حماس والتخطيط لهجمات.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مغردون: هل يعرقل هجوم تدمر التقارب السوري الأميركي؟list 2 of 2"متنا من البرد".. مشاهد غرق الخيام في غزة تشعل منصات التواصلend of listوزعم الاحتلال أن اغتيال سعد جاء ردا على خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، بتفجير عبوة ناسفة في وقت سابق بقوة من الجيش الإسرائيلي داخل غزة، لكن القناة الـ12 العبرية قالت إنه "تم استغلال الظروف المواتية لاغتياله دون أي علاقة بأي انتهاك للتهدئة".
وتفاعل ناشطون ومحللون مع العملية، معتبرين أن إسرائيل توظف سياسة الاغتيالات كأداة لتقويض التفاهمات القائمة، بينما رأى بعضهم أن اغتيال رائد سعد يشكل تصعيدا خطيرا قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاغتيالات الممنهجة.
سياسة الاغتيالات كأداة لإسقاط الاتفاق
د.اياد القرا
اغتيال رائد سعد يُمثّل تطورًا خطيرًا يؤسس لمرحلة جديدة من سياسة الاغتيالات الممنهجة، ويكسر عمليًا أي التزام حقيقي بالاتفاقات القائمة.
•الاحتلال يسعى عبر هذا الاغتيال إلى ترسيخ شرعية الاستهدافات، وتحويلها إلى أداة دائمة لإدارة… pic.twitter.com/p3SJVYO4jy
— د.إياد ابراهيم القرا (@iyad_alqarra) December 13, 2025
وفي تطور مشابه، أفادت وزارة الداخلية والأمن الوطني، صباح اليوم الأحد، بأن الضابط في جهاز الأمن الداخلي المقدم أحمد زمزم اغتيل بإطلاق نار من قبل مسلحين في مخيم المغازي بالمحافظة الوسطى، في حين تمكنت الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض على أحد المشتبه بهم، ويجري التحقيق للكشف عن ملابسات الحادث.
وزارة الداخلية في غزة:
اغتيال الضابط في جهاز الأمن الداخلي (مقدم/ أحمد زمزم) بإطلاق نار من قبل مسلحين في مخيم المغازي بالمحافظة الوسطى صباح اليوم، والأجهزة الأمنية تلقي القبض على أحد المشتبهين، ويجري التحقيق في الحادث.
— أحمد الكومي ???????? (@ahmedelkomi1) December 14, 2025
إعلانوجاءت الحادثتان في غضون أقل من 24 ساعة، لتدفع ناشطين ومحللين إلى الحديث عن تصاعد عمليات الاغتيال في قطاع غزة ومخاطر تصعيد التوترات في المنطقة.
عملية اغتيال جديدة في المغازي..
حسبنا الله ونعم الوكيل.
— ????????????Suzan Halholi (@SuzanHalholi) December 14, 2025
وأشار آخرون إلى أن الاحتلال يسعى من خلال هذه الخطوة إلى ترسيخ سياسة الاستهدافات كخيار دائم لإدارة الصراع لا كإجراء استثنائي، بهدف استدراج المقاومة إلى رد فعل يمكن استثماره سياسيا وإعلاميا، لتصويرها على أنها الطرف الذي أنهى الاتفاق.
كما رأى مغردون أن الاغتيال يأتي في إطار محاولة مقصودة لإعادة ضبط قواعد الاشتباك من دون إعلان رسمي عن انهيار التفاهمات، عبر توسيع دائرة الخروقات كرسالة مسبقة قبل التوجه إلى واشنطن وفرض وقائع ميدانية جديدة.
للاسف كانت هدنه حرب استغلها الاحتلال لصالحه ، جمع معلومات استخباراتيه وضغط بكل الطرق والنتيجه اخد كل اسراه احياء واموات وبدأ ف مرحلة الاغتيالات وبيفرض حاليا سياسة الأمر الواقع زي اللي بيحصل في الجنوب مع حزب الله ، كان الله في عون المقاومه ومكتبها السياسي
— ﮼هيكل (@He_kal07) December 13, 2025
وكتب أحد المغردين قائلا إن "غزة تعيش مرحلة خطرة، كل عملية اغتيال تضع التهدئة على المحك"، بينما أضاف آخر أن "الاغتيالات المتكررة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة".
في المقابل، حذر مدونون من أن استمرار التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة قد يؤدي إلى تدهور واسع، مطالبين الوسطاء والضامن الأميركي بالتدخل الفوري لمنع الانزلاق نحو مواجهة جديدة، في ظل تأكيدات بأن المقاومة التزمت حتى الآن ببنود الاتفاق.
#إسرائيل تصر على التصعيد بشكل خطير في #غزة لفرض قواعد اشتباك جديدة. هذا الوضع غير مستدام، الوسطاء والضامن الأمريكي مطالبون بالتدخل الفوري لمنع التدهور، خاصة أن الكل متفق على ان خطة ترامب هدفها الاستقرار والهدوء في المنطقة. لاسيما أن المقاومة التزمت حتى اللحظة بكل متطلبات الاتفاق
— Dr.Basem naim (@DrNaimbasem) December 13, 2025
ولفت آخرون إلى أن نتنياهو دأب، وفق تعبيرهم، على إفشال أي مسار سياسي أو توافق دولي للانتقال إلى مراحل متقدمة من الاتفاق، عبر تنفيذ عمليات أكثر استفزازا، وذلك يضع المقاومة أمام خيارات صعبة بين الرد أو ضبط النفس.
وشبه ناشطون ما يجري في قطاع غزة بما يحدث في لبنان، حيث تنفذ عمليات استهداف لقيادات حزب الله رغم وجود اتفاق لوقف إطلاق النار، في ظل غياب رد مباشر.