آلية الاحتلال للمساعدات بغزة .. محاولة خداع مفضوحة وهندسة للتجويع
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
الثورة / متابعات
بعد يومين على بدء إدخال مساعدات محدودة إلى قطاع غزة، ترتفع الأصوات الفلسطينية مؤكدة عدم جدوى ما جرى إدخاله وأنه لا يقدم استجابة حقيقية لمواجهة الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في غزة، وإنما يمثل محاولة خداع مفضوحة لأنسنة صورته أمام المجتمع الدولي والرأي العام العالمي.
وحذّر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في بيان له من محاولة سلطات الاحتلال الإسرائيلي تضليل العالم، عبر إعلانها السماح باستئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك بعد شهرين ونصف من إغلاق المعابر بشكل كلي، ومنع دخول المواد الإغاثية بكافة أشكالها.
الخطة الأمريكية لإغاثة غزة.. مساعدة إنسانية أم تقنين للحصار؟
خطوة شكلية
وبعد ضغط عالمي، سمح الاحتلال بوصول بضعة عشرات من الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية والأدوية عبر معبر كرم أبو سالم إلى قطاع غزة، وهي كميات لا تكفي لتغطية الحد الأدنى من احتياجات جزء ضئيل من السكان، في الوقت الذي يحتاج فيه القطاع إلى ما لا يقل عن 600 شاحنة يومياً من المساعدات والإمدادات الإنسانية لتلبية احتياجاته الأساسية، وذلك بحسب وكالات الأمم المتحدة.
التجويع كسلاح .. أمهات يودعن أطفالهن جوعى في غزة المحاصرة
ورغم زعم سلطات الاحتلال إدخال الشاحنات المحملة بالمساعدات، فإن المؤشرات الفعلية على الأرض، تؤكد أن المنظمات الإنسانية تمكنت فقط من إدخال حوالي 90 شاحنة إلى داخل قطاع غزة خلال الأيام الماضية، فيما تزال مئات آلاف الأطنان من المساعدات والإمدادات بما فيها الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية عالقة على الجانب الآخر من المعابر، نتيجة عرقلة الاحتلال إدخالها، والتحديات اللوجستية التي تواجه المنظمات الإغاثية في إيصال المساعدات إلى المستودعات داخل غزة.
المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني: أقل ما نحتاجه هو 500 أو 600 شاحنة يومياً تدار من خلال هيئات أممية بينها الأونروا ويجب تغليب إنقاذ الأرواح في غزة على الأجندات العسكرية والسياسية.
فشل وفوضى
وأكد رامي عبده، رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فشل برنامج الغذاء العالمي في توزيع الطحين والخبز بغزة تسبب بفوضى وسرقة مساعدات، وسط غياب آليات فعالة.
وأشار إلى أن الأونروا تملك بنية توزيع جاهزة وقواعد بيانات دقيقة، مطالبا بتسليم مهمة التوزيع للأونروا فوراً لضمان كرامة وكفاءة الإغاثة وإنهاء مشاهد الجوع والفوضى.
إغلاق التكايا .. مأساة جديدة تفاقم المجاعة في غزة
ويسعى الاحتلال إلى استثناء الأونروا من دورها في تقديم المساعدات، ويستعد لتمكين شركة أميركية من تولي مسؤولية توزيع المساعدات في مناطق تؤمنها قوات الاحتلال في إطار خطة متكاملة لتهجير الفلسطينيين، وفق التقديرات الفلسطينية.
ونبّه الحقوقي عبده، إلى وجود تنسيق مشترك في دير البلح بين اللصوص وطائرات جيش الاحتلال على المكشوف، مشيرًا إلى أن محاولات تأمين وصول 31 شاحنة لغزة اعترضها اللصوص وعند محاولة تأمينها قامت الطائرات بقصف فرق التأمين.
وارتكبت قوات الاحتلال الليلة الماضية وفجر أمس مجزرة بحق عناصر تأمين المساعدات واللجان الشعبية المتطوعة في منطقة دير البلح (وسط قطاع غزة)، أسفرت عن استشهاد 6 من أفراد فرق التأمين وحماية المساعدات.
إدارة التجويع
الباحث الاقتصادي أحمد أبو قمر، أشار إلى أن ما يجري هو الانتقال من التجويع لعملية إدارة التجويع في غزة، مؤكدًا أن جميع من يقوم على الآلية الحالية لتوزيع الخبز مشارك بهندسة تجويع المواطنين بقصد أو بدون قصد.
من جهته، دعا أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية برنامج الغذاء العالمي wfp إلى توزيع الدقيق مباشرة إلى العائلات في مختلف مناطق قطاع غزة وخاصة بعد المشاهد الصعبة التي حدثت بالأمس وتجنبًا لوقوع حوادث أخرى من شأنها تصعيد الموقف وأن يكون التوزيع وفقاً لحصص مبرمجة بناء على عدد الأفراد.
ووفق الآلية المؤقتة جرى إيصال كميات من الطحين إلى عدد محدود من المخابز وسط القطاع وجنوبه، دون وضوح آلية التوزيع، فيما جرى استثناء الشمال من التوزيع.
ووفق ما يعلن الاحتلال، فإن كمية المساعدات القليلة التي دخلت سيتبعها بدءًا من الأسبوع المقبل بدء تنفيذ الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات، حيث سيتم توزيع المساعدات عبر شركات خاصة في مناطق محددة وعلى رأسها رفح، وبإشراف من الاحتلال الإسرائيلي.
وشدد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على أن هذه الخطوة محاولة مدروسة من الاحتلال لإدارة عملية التجويع، واستخدام المساعدات الإنسانية كأداة للضغط على الفلسطينيين ودفعهم نحو تلك المناطق، تمهيدًا لتحويل شمال ووسط القطاع إلى مناطق مفرغة من السكان.
وحذّر بأن الاحتلال لا يزال يصر على توظيف المعاناة الإنسانية للفلسطينيين خدمةً لأهدافه العسكرية والسياسية، وفي مقدمتها التغطية على جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها بحق أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، تحت وطأة الحصار والتجويع والقتل والتهجير القسري، وما يرافق ذلك من دمار واسع للبنى التحتية ومقومات الحياة الأساسية.
وأشار إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن إدخال المساعدات يأتي في إطار “الحاجة العملياتية لتوسيع القتال في قطاع غزة”، مشددا على أن ذلك بمنزلة اعتراف لا لبس فيه بتوظيف الغذاء والدواء كسلاح حرب وورقة للضغط والابتزاز في سياق جريمة التجويع الممنهج بحق السكان الفلسطينيين.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
14 شهيدا إثر نتيجة البرد القارس بغزة
صراحة نيوز-قالت مصادر طبية في مستشفيات قطاع غزة إن 14 فلسطينياً، بينهم 6 أطفال، استشهدوا نتيجة الأمطار والبرد القارس، منذ بدء تأثير المنخفض الجوي بيرون، فيما انهار أكثر من 15 منزلاً في مناطق متفرقة من القطاع.
وأوضحت المصادر أن النازحين يواجهون أوضاعاً إنسانية قاسية داخل خيام مهترئة، في ظل إمكانيات شبه معدومة لحماية الأطفال من البرد، مؤكدة استمرار وصول حالات بسبب الانهيارات والغرق.
وأضافت أن طواقم الإسعاف والدفاع المدني انتشلت جثامين 4 فلسطينيين، بينهم طفلان، إثر انهيار منزل في منطقة بير النعجة شمالي القطاع، فيما أشار مراسلون إلى انهيار مبنى متعدد الطوابق في مشروع بيت لاهيا دون تسجيل إصابات.
وبيّن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الأمطار الغزيرة والرياح العاتية أغرقت وجرفت واقتلعت أكثر من 27 ألف خيمة، منذ أول أمس، ما فاقم معاناة مئات آلاف النازحين في مختلف مناطق القطاع.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق إن أكثر من 140 ألف شخص تضرروا من الأمطار التي غمرت أكثر من 200 موقع نزوح في قطاع غزة، مؤكداً ضرورة رفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية، ورفع الحظر عن عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وأضاف المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف في فلسطين جوناثان كريكس أن الحاجة ملحة لإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة، موضحاً أهمية تكثيف إدخال الملابس والخيام لمواجهة الظروف الجوية القاسية.
وأكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن ما يدخل من مستلزمات الإيواء لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، ولا يقي من المطر والبرد، مشددة على أن استشهاد فلسطينيين بسبب انهيار الخيام والبرد يؤكد استمرار حرب الإبادة وإن اختلفت أدواتها.
وأوضحت مصادر محلية أن المنخفض الجوي جاء في وقت يعيش فيه النازحون أوضاعاً مأساوية بسبب انعدام مقومات الحياة الأساسية وتراجع الخدمات الحيوية جراء الحصار، مبينة أن نحو 250 ألف أسرة تعيش في مخيمات نزوح داخل القطاع.
سياسياً، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يطالب إسرائيل، باعتبارها قوة احتلال، بالسماح الفوري وغير المشروط بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وضمان توفير الغذاء والماء والدواء والمأوى للسكان، واحترام امتيازات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وأشار القرار، الذي صاغته النرويج، إلى ضرورة حماية الطواقم الطبية والإغاثية، ومنع التهجير القسري وتجويع المدنيين، وعدم عرقلة عمل الأمم المتحدة.
وأكدت تقارير أممية أن إسرائيل ما تزال تعرقل تدفق المساعدات إلى غزة رغم مرور شهرين على اتفاق وقف الحرب، موضحة أن الكميات المسموح بإدخالها أقل من الحد الأدنى المطلوب لتلبية احتياجات نحو مليونين وأربعمئة ألف إنسان.
وأضاف بيان مشترك لوزراء خارجية قطر والسعودية ومصر والأردن والإمارات وتركيا وإندونيسيا وباكستان أن دور الأونروا لا غنى عنه لحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين، مديناً اقتحام القوات الإسرائيلية مقر الوكالة في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، ومؤكداً أن دورها غير قابل للاستبدال في توزيع المساعدات.
وفي المقابل، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن قرار الجمعية العامة يعكس ما وصفته بانحياز ضد إسرائيل، فيما قالت الخارجية الأميركية إن القرار غير جاد ومثير للانقسام، مضيفة أنه يستند إلى مزاعم اعتبرتها كاذبة.
وبيّنت مصادر حقوقية أن الحرب التي بدأت في تشرين الأول 2023 خلفت أكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني، وما يزيد على 171 ألف جريح، إضافة إلى دمار واسع طال نحو 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في قطاع غزة.