أفنيت عمري في القانون.. ماذا قال أحمد فتحي سرور في آخر تكريم له؟
تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT
كتب-محمد فتحي:
كرمت المؤسسة العربية للسلام والتنمية، في سبتمبر 2022، الراحل الدكتور أحمد فتحي سرور، الذي رحل قبل قليل عن عمر يناهز 91 عاما بمناسبة اليوم العالمي للقانون.
وخلال التكريم حرص الراحل الدكتور أحمد فتحي سرور على توجيه الشكر للحاضرين، موجها رسالة للحاضرين بشأن التكريم قائلا: "ليس تكريما لي، إنما تعتبره تكريما للقانون نفسه"، معتبرًا أنه مجرد خادم لهذا القانون.
وقال أحمد فتحي سرور، إن القانون في نظره هو المساواة والديموقراطية والضرورة والحاجة، وبالتالي فالقانون هو العدالة، لأن القائمين على القانون لابد أن يتسموا بالعدالة والقدرة على تحقيقها، إذ ينحني الجميع للقانون الذي يمثل قيمة وفضيلة لا يعلوها احد.
وتابع: أفنيت عمري كله خدمة للقانون، وبدأت حياتي وكيلا للنائب العام، واختارتني الجامعة بعد ذلك لأكون عضوًا بهيئة التدريس بكلية الحقوق، وخدمت في كافة مؤسسات الدولة خدمة تشريعية وقانونية بكامل جهدي.
وقدم سرور نصيحة للأجيال القادمة بأن يتسموا بالقانون وسمات القضاء، والعدالة في كل معانيها والحياد، لأن القانون في صنعه وتطبيقه يمثل قيمة كبرى، لافتا إلى أن الانسان يحتاج إلى القانون والقضاء في كل دقيقة يمر بها لذلك فهو الضرورة والاحتياج الذي لا غنى عنه.
يذكر أن الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب المصري الأسبق، توفي قبل قليل عن عمر يناهز 91 عامًا، إذ تولي رئيس مجلس الشعب المصري السابق منذ عام 1991، لمدة 21 عامًا على التوالي.
ونشر نجل الراحل أحمد فتحي سرور عبر صفحته على "فيسبوك" منشورا جاء فيه: إنا لله وإنا إليه راجعون، اليوم ليلة السابع والعشرين من رمضان استرد الله وديعته، رحل رمز من رموز القانون، بتاريخ قضائي وقانوني ودبلوماسي وتنفيذي وبرلماني ومهني مشرف داخليا ودوليا.
وأضاف: رحل صاحب قلب طيب، ظل طيلة حياته في خدمة أبناء وطنه خاصة البسطاء يشعر بآلامهم وأحزانهم بتوفير فرص عمل لمئات من المواطنين وتوفير علاج وتسيير عدد من القوافل الطبية وإنشاء العديد من المراكز والعيادات الطبية الخيرية والمستشفيات.
وتابع: أشهرها أول مستشفى أورام أطفال في مصر - مستشفى 57357، ووراء عشرات من المشروعات بحي السيدة زينب عندما كان نائبا عن الدائرة نفذتها الحكومة بناء على طلبه، منها: مشروعات سكنية ومنها توسعات في بعض المساجد كمسجد السيدة زينب وإعادة بناء مسجد زين العابدين، وإنشاء العديد من المكتبات بالجهود الذاتية ووراء إعادة إنشاء مكتبة الإسكندرية بموافقة اليونسكو ومساهمة بعض الدول.
وتابع: وداعا المعلم والأب الحنون والقدوة الحسنة بعد حياة حافلة من العطاء العلمي والاجتماعي، اللهم في هذه الليلة المباركة، اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه وأكرم نزله ووسع مدخله ونقه من الخطايا كما ينقي الثوب الابيض من الدنس، وقِهِ فِتْنَةَ القبر وعذاب النار، اللهم اجعل أعماله فى ميزان حسناته اللهمّ إنّه كان لكتابك تالياً وسامعا، لين القلب، متسامح، اللهم عوضه عن كل ألم أصابه بـجنة عرضها السموات والأرض. اللهم برحمتك اجعله في روضة وبستان في نعيم دائم ودار خلد.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: أحمد فتحي سرور رمضان 2024 مسلسلات رمضان 2024 الطقس أسعار الذهب سعر الدولار سعر الفائدة رأس الحكمة فانتازي طوفان الأقصى الحرب في السودان وفاة أحمد فتحي سرور أحمد فتحی سرور
إقرأ أيضاً:
أحمد زيور باشا.. الحاكم الذي جمع القوة والعقل والإنسانية
أحمد زيور باشا، هذا الاسم الذي يلمع في صفحات التاريخ المصري، ليس مجرد شخصية سياسية عابرة، بل هو رمز للإصرار والعطاء والتفاني في خدمة وطنه.
ولد زيور باشا في الإسكندرية عام 1864 في أسرة شركسية تركية الأصل، كانت قد هاجرت من اليونان، لكنه بالرغم من جذوره الأجنبية، حمل قلبه وروحه على مصر، وجعل منها مسرحا لحياته المليئة بالعطاء والمسؤولية.
منذ نعومة أظافره، أظهر أحمد زيور براعة وحسا عميقا بالواجب؛ فقد التحق بمدرسة العازاريين، ثم واصل دراسته في كلية الجزويت ببيروت، قبل أن يتخرج من كلية الحقوق في فرنسا، حاملا معه العلم والخبرة ليخدم وطنه الغالي.
طفولته لم تكن سهلة، فقد كان صبيا بدينا يواجه العقوبات بحساسية شديدة، وكان العقاب الأصعب بالنسبة له مجرد “العيش الحاف”، لكنه تعلم من هذه التجارب الأولى معنى الصبر والمثابرة، وكان لذلك أثر واضح على شخصيته فيما بعد، إذ شكلت بداياته الصعبة حجر أساس لصقل إرادته القوية وعزيمته التي لا تلين.
عندما عاد إلى مصر بعد دراسته، بدأ أحمد زيور مسيرته في القضاء، ثم تقلد مناصب إدارية هامة حتى وصل إلى منصب محافظ الإسكندرية، وبدأت خطواته السياسية تتصاعد بسرعة.
لم يكن الرجل مجرد سياسي يحكم، بل كان عقلا مفكرا يقرأ الواقع ويفكر في مصلحة الوطن قبل أي اعتبار شخصي، تولى عدة حقائب وزارية هامة، منها الأوقاف والمعارف العمومية والمواصلات، وكان يتنقل بين الوزارات بخبرة وإخلاص، ما جعله شخصية محورية في إدارة شؤون الدولة، وخصوصا خلال الفترة الحرجة بعد الثورة المصرية عام 1919.
لكن ما يميز أحمد زيور باشا ليس فقط المناصب التي شغلها، بل شخصيته الإنسانية التي امتزجت بالحكمة والكرم وحب الدعابة، إلى جانب ثقافته الواسعة التي جعلته يجيد العربية والتركية والفرنسية، ويفهم الإنجليزية والإيطالية.
كان الرجل يفتح صدره للآخرين، ويمتلك القدرة على إدارة الصراعات السياسية بحنكة وهدوء، وهو ما جعله محل احترام الجميع، سواء من زملائه السياسيين أو من عامة الشعب.
عين رئيسا لمجلس الشيوخ المصري، ثم شكل وزارته الأولى في نوفمبر 1924، حيث جمع بين منصب رئاسة الوزراء ووزارتي الداخلية والخارجية، مؤكدا قدرته على إدارة الأمور بيد حازمة وعقل متفتح.
واستمر في خدمة وطنه من خلال تشكيل وزارته الثانية، حتى يونيو 1926، حريصا على استقرار الدولة وإدارة شؤونها بحنكة، بعيدا عن أي مصالح شخصية أو ضغوط خارجية.
زيور باشا لم يكن مجرد سياسي تقليدي، بل كان رمزا للفكر المصري العصري الذي يحترم القانون ويؤمن بالعلم والثقافة، ويجمع بين الوطنية العميقة والتواضع الجم.
محبا لوالديه، كريم النفس، لطيف الخلق، جسوره ضخم وقلوبه أوسع، كان يمزج بين السلطة والرقة، بين الحزم والمرونة، وبين العمل الجاد وروح الدعابة.
هذا المزيج الفريد جعله نموذجا للقيادة الرشيدة في وقت كان فيه الوطن بحاجة لمثل هذه الشخصيات التي تجمع بين القوة والإنسانية في آن واحد.
توفي أحمد زيور باشا في مسقط رأسه بالإسكندرية عام 1945، لكنه ترك إرثا خالدا من الخدمة الوطنية والقيادة الحكيمة، وأصبح اسمه محفورا في وجدان المصريين، ليس فقط كوزير أو رئيس وزراء، بل كرجل حمل قلبه على وطنه، وبذل كل ما في وسعه ليبني مصر الحديثة ويؤسس لمستقبل أفضل.
إن تاريخ زيور باشا يعلمنا درسا خالدا، أن القيادة الحقيقية ليست في المناصب ولا في السلطة، بل في حب الوطن، والعمل الدؤوب، والوفاء للعهود التي قطعناها على أنفسنا تجاه بلدنا وشعبنا.
أحمد زيور باشا كان نموذجا مصريا أصيلا، يحكي عن قدرة الإنسان على التميز رغم الصعاب، ويذكرنا جميعا بأن مصر تحتاج دائما لأمثاله، رجالا يحملون العلم والقلب معا، ويعملون بلا كلل من أجل رفعة وطنهم وشموخه.
ومن يقرأ سيرته، يدرك أن الوطنية ليست شعارات ترفع، بل أفعال تصنع التاريخ، وأن من يحب وطنه حقا، يظل اسمه حيا في ذاكرة شعبه، مهما رحل عن الدنيا، ومهما تبدلت الظروف.