أستاذة فقه مقارن بجامعة الأزهر تصدر فتوى عن "الموت الرحيم" وتحدد شروط جوازه
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
قالت أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الدكتورة سعاد صالح، إنه من الممكن أن يتم فصل الأجهزة الطبية عن مريض يعاني من مرض شديد لا علاج له.
وأضافت سعاد صالح ردا على سؤال هل أن القتل الرحيم ضرورة أم مخالفة للشرع: "الشخص الذي يعاني من مرض شديد وأسرته تنفق عليه الكثير من الأموال، من الممكن أن يتم فصل الأجهزة العلاجية عنه من أجل أن يرحمه الله".
وأفادت أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر خلال مقابلة مع برنامج "أصعب سؤال" على قناة "الشمس": "عمر الأجهزة لا تؤجل الموت، وأن ما يحدث للمواطنين أصحاب الأمراض الصعبة يكون تعذيب لهم وهلاك المال للورثة".
وأردفت قائلة: "أنا مع فصل الأجهزة الطبية من على المريض بمرض صعب ويكون هناك لجنة طبية تحدد أن العلاج ليس له فائدة".
وأشارت إلى أنه وسبق أن طلبت من الأطباء فصل الأجهزة الطبية من على زوجها بسبب تعرضه لمرض شديد في الرئة.
المصدر: وسائل إعلام مصرية
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار مصر أخبار مصر اليوم الأزهر الإسلام القاهرة المسلمون فصل الأجهزة
إقرأ أيضاً:
الجمع بين التراث وضرورات الواقع سبيل لحيوية الفقه المعاصر
حوار: ماجد الندابي
أحمد البوسعيدي: القراءة في كتب الشريعة سلوك تعبدي يزكي النفس ويهذب العقل
المطالع المستغرق في الكتب الشرعية يكتسب تزكية روحية لا يدركها غيره
القراءة الشرعية تحتاج إلى تدرج وصبر ولا تؤتي ثمرتها إلا بالمداومة
العقل الشرعي ليس ناقلا جامدا بل ناقد متأمل يبحث في الأدلة والعلل
القراءة في كتب الشريعة من أهم المفاتيح لفهم الدين في أبعاده الفكرية والتعبدية، وهي تجدد الصلة بين المسلم ومصادره الأصيلة، كما أنها نافذة تطل على عمق التجربة الإيمانية، وهي إحدى الأدوات التي يصل بها المؤمن إلى تزكية العقل والروح معا، وفي هذا الحوار، يتحدث أحمد بن إسحاق البوسعيدي، الباحث بمركز البحث العلمي في كلية العلوم الشرعية، عن مفهوم القراءة في الكتب الشرعية، والفروق بين قراءة المتخصص والعامة، وأهمية الموازنة بين أصالة التراث ومتطلبات الواقع، إضافة إلى أبرز التحديات التي تواجه القارئ في زمن تعدد الوسائط وتنوع مصادر المعرفة.
هل القراءة في كتب الشريعة مجرّد تحصيل للمعلومات، أم أنها سلوك تعبدي وروحي يتجاوز المعرفة إلى التزكية؟
لو نظرنا إلى الشطر الأول من السؤال هو تحصيل المعلومة من الكتاب الشرعي فإن حصول المعلومة لا تشير إلى التقليل من شأن المعلوم بل المسلم مطالب بأن يكون بحاثا عن المعلوم الذي يعد مناط العملية الفكرية في حياة الإنسان.
فعملية الفكر في حياة الإنسان يراد منها تحصيل المعلوم ونفي الجهالة، وبذا فإن المطالع للكتب الشرعية محصل للمعلومة وإلا كانت قراءته عبثا لا تحمل معنا.
وأما الشق الثاني وهو تحويل العملية المعرفية في القراءة الشرعية إلى مرحلية تعبدية فأقول: إن التعبد حاصل في الأصل حتى لمن يريد مطالعة المعلومة لأن القارئ للكتاب الشرعي يقصد منه معرفة الحكم الشرعي بشقيه التكليفي والوضعي وهذا الأمر بحد ذاته يؤثر على القارئ في عبوديته لله حيث يتلمس الحكم الصحيح في فعله وقوله.
والمسلم يتحرك في رحلته العلمية من باب تحصيل العلم المقرون بجزاء دنيوي وأخروي أشارت له النصوص الشرعية، ولكن المطالع المكثف للكتاب الشرعي، المستغرق في ثنايا العلم تكون محصلته من التزكية والطهارة العلمية والروحية أكثر من غيره، حيث تكون المعاملة المستمرة مع الأدلة الشرعية وأقوال العلماء وآدابهم وأحوال حياتهم محركا للقارئ إلى سبيل النجاة الدنيوية والأخروية، لأنه عارف بمناط السعادة، ومدرك موضع قدمه في سبيل إرضاء الله جل وعلا.
وهذا الأصل في شأن المطالع للكتاب الشرعي، وينافيه في الجهة الثانية من يكون مقصده سيئا، ورغبته في المطالعة الشرعية مخالفة لرضا المولى سبحانه، مثل المتلمس للرخص، والقاصد لفلتات اللسان فيبني عليها أصلا وهميا، وما مقصده من ذلك إلا اتباع الهوى وتمييع النص الشرعي، فهذه الحالة منافية لما قدمناه فلا تكون القراءة في حقه قراءة سمو وتزكية بل بخلاف ذلك.
ما الفرق بين قراءة المتخصص وقراءة العامة في كتب الشريعة؟
الفرق في ذلك كبير، فالقراءة التخصصية للكتب الشرعية مبنية على منهج متكامل، فالمتخصص يبدأ بعلوم الآلة، هي العلوم التي يفهم بها بناء الحكم الشرعي وكيفية الاستدلال، والقواعد العامة الحاكمة على تخريج الحكم الشرعي من النص، مثل علم النحو، وعلم الصرف، وعلم البلاغة، وعلم المنطق، وعلم أصول الفقه، علم القواعد الفقهية، وبعد ذلك تكون لديه الملكة في معرفة التعامل الصحيح مع النص الشرعي وأصول أقوال العلماء.
ثم إن العلوم الشرعية علوم متشعبة وكل منها يستغرق من حياة الإنسان زمنا طويلا كي يكون ممسكا بناصية العلم، فلو نظرت إلى علم الفقه فإنك تجد فقه المذهب الواحد، وهو باب واسع يستفرغ فيه المتخصص وقتا كي يعلم أبواب الفقه وأصوله وأقواله وترجيحاته ومقاصده، ثم يتحرك المتخصص في إسقاط أقوال المذهب في نوازل العصر، فيقدح فكره ويستفرغ وسعه في إنزال الأحكام وتخريجها حسب قواعد المذهب، فما بالك ببقية المذاهب فالفقيه من له القدرة من التعامل مع الأقوال ويدرك مظان الأدلة ويعلم أصول المذاهب حينها يقال للفقيه بأنه فقيه، ويكون متخصصا في علم الفقه.
وهذا المثال هو ضرب لحال واحد من أحوال العلوم الشرعية، فهناك الحديث والتفسير والأصول والمقاصد الشرعية، والقواعد الفقهية، وغيرها وكل فن منها له مدخله الذي يدخل منه المتخصص حتى يصل إلى أمله المنشود.
وجدير بالذكر أن العلم الشرعي له أبواب يدخل منها القاصدون للعلم، أما المتسورون للجدران والخارقون لأسوار العلم فمظنة الخطأ منهم كبيرة جدا، وهذا السبب الرئيس الذي انطلق منه الكثير ممن ظهرت منهم أقوال شاذة، ونظرية تصطدم مع النص الشرعي جملة وتفصيلا، حيث بنوا رأيهم على أصول وهمية لا تبنى عليها الأدلة الشرعية، مستندين إلى علوم أخرى خارجة من نطاق علم الشريعة ثم تراهم يسقطون ما تزلفوا إليه على النص الشرعي فخرج القول شاذا منحرفا عن مقصد الشارع، وما ابتلي علم كما ابتلي علم الشريعة بكثرة المفترين عليه في هذا الزمان.
كيف يبدأ القارئ رحلته في كتب الفقه؟
يطالع القارئ لكتب الفقه بالمختصرات من الكتب، ثم يتدرج شيئا فشيئا حتى يطالع الكتب الموسوعية.
وتتميز المختصرات في علم الفقه بأنها مكملة لبعضها، فإن طالع خمسة كتب من المختصرات لعلماء يختلفون في الكتابة الفقهية لسهل عليه النظر في الكتب الموسعة، فبعض المختصرات تذكر الأقوال بلا دليل، ومنها كتب تضيف الدليل مع القول، ومنها كتب تفرد لأصول الفقه بابا يسيرا للقارئ المبتدئ، وهكذا.
فالقراءة الشرعية تتطلب الاستمرار والتوقف عليها زمنا طويلا كي يجد القارئ بغيته، فطبيعة علم الشرعية علم واسع ومترام الأطراف، ولا يجني فائدته إلا المعتني به عناية فائقة.
وأجد من الطرق المثمرة في القراءة هو تخصيص سنة كاملة لكل فن حتى يستوعب القارئ الفن ويأخذ منه تصورا جيدا.
ففي السنة الأولى يطالع كتب النحو واللغة عموما، ثم يقرأ في كتب أصول الفقه، ثم في كتب القواعد الفقهية، ثم في كتب الفقه، ثم في مقاصد الشريعة.
ويخصص لكل واحد منها سنة كاملا، وبعد ذلك يبدأ بتضييق مجال القراءة، فيخصص السنة التي تليها لفقه الصلاة مثلا وكأنه متخصص فيها، ثم يقرأ في فقه الزكاة، وهكذا.
•القراءة الجماعية (حلقات العلم) أصدق في نقل الفهم من القراءة الفردية، أم أن القراءة الفردية تكشف أبعادًا أعمق لا تظهر في الجماعة؟
من الصعب وضع ميزان نرجح به كفة على أخرى، فكل قراءة لها ميزتها ولها مردودتها المعرفي على القارئ، فالقراءة الجماعية هي عملية تتثاقف فيها العقول جميعا، وكل عقل يفتح للآخر ما غمض وما لم ينله خاطره وإدراكه، وفي ذات الوقت تأخذ القراءة الجماعية وقتا لإنهاء المقروء.
وأما القراءة الفردية فهي قراءة صامتة ينزل فيها وعي الفرد في الكتاب فيعمل على استخراج المكنون قدر المستطاع، مع تشغيب المشتتات والذهول أحيانا أخرى، ولكنها قراءة أسرع من الأولى.
ويمكن الجميع بين الفائدتين وذلك بالدخول في مسابقات قرائية أو منتديات ثقافية تضع خططا للقراءة حيث يكون القارئ يعمل على المطالعة بنفسه ثم يعرض ما استفاد منه في حلق مشتركة بينه وبين بقية القراء.
ما أبرز الصعوبات التي تواجه القارئ اليوم مع وفرة الكتب والمصادر؟
تواجه القارئ صعوبات عدة، ولن يأتي في مقدمة الصعوبات سوى طغيان التشتت، وصعوبة استكمال العقل لعمله أيا كان عمله دون منبهات الهاتف، إضافة إلى عزوف الكثير عن المطالعة الجادة فالقارئ يحتاج في أحيان أن يجد البيئة العلمية التي يرتع فيها بعلمه، ويشارك إخوانه القراء تجربته ومحصوله الفكري، كما أن وفرة المعلومات قد تكون في حد ذاتها صعوبة من الصعوبات لأن القارئ باحث عن رصانة الكلمة، وجودة الفكرة، وعمق الطرح، وتغيب ملامح المعرفة الجادة وسط عجيج القراطيس المكتوبة، وأكبر شاهد أن دور النشر باتت تستقطب الكُتَّاب الذي يكتبون الحروف المتلاصقة أيا كان معناها بعيدا كل البعد عن الجودة الفكرية والحصافة العرفية، وبذا طغى النوع الرديء على الجيد، فالقارئ قد يقع في لوثة من لوثات الضعف والركاكة لأنه لا يرى أمامه إلا ما يطرحه سوق الكتابة، ثم به بعد سنين يرى أن محصلته أفكار مبعثرة، وحروف مقطعة، وبناء عقليا واهيا، تاركا عمالقة الفكر والأدب جانبا وبات جلاسه كتاب لا يدركون حقيقة العلم.
كما أن قلة المكتبات ودور النشر أمر يؤرق القارئ كثيرا، فلا يجد القارئ إلا معرض الكتاب لاقتناء الكتاب الجيد، وفي حال غابت المصادر العلمية بسبب العزوف عنها فإن القارئ الحق لا تقنعه الأغلفة البراقة بل تزيد حسرته حينما يشاهد الأموال وهي تشخص في أغلفة الكتب الرديئة ولا يجد بساتين العلم الوارفة، فهنا تعظم حسرته وآلامه.
لا نختلف أن الوصول إلى المعلومة في عالم الشبكات سهل ويسير إلا أن للكتاب الورقي، وتملك القارئ له، له ميزته وجماله، فإن جمع الكتب ووضعها في مكتبة واشتغال القارئ لا تعادلها سعادة لدى القارئ النهم، فإن صعب عليه الوصول إلى الكتاب أو وجد الطبعة قد نفذت فلا تسأل عن حزنه وهمه.
هل تغيرت قيمة القراءة الشرعية مع ظهور الوسائط الحديثة (الإنترنت، المحاضرات المصورة)؟
تعد الشبكة العالمية وسيلة لإيصال ما يريد الفرد إيصاله للعالم، فالمادة الشرعية وجدت مساحة كبيرة ومنوعة تصل بها إلى القارئ.
والعزوف عن القراءة الشرعية هي قضية مركبة لا تقتصر على تأجج الثورة الرقمية واستعارها في السنوات الأخيرة.
فالقراءة عموما متأثرة والقائمون عليها قليل جدا، وأحد الأسباب في تراجع القراءة هي خلو الساحة من المشجع والملزم لها، فلو وجد من يدفع بالجمهور إلى عالم الكتاب لوجدت الصورة مختلفة جدا، وهذا الفارق بين عالمنا العربي والعالم الغربي، فالعالم الغربي لا يزيد عنا في ملكاته النفسية والعقلية ولكنه وجد من يلزمه أن يكون مسارعا في التحصيل والكتابة البحثية. فالأسباب عديدة، ولا يكفي المجال لبسطها والله الموفق لكل خير.
كيف نوازن بين أصالة التراث وضرورات الواقع عند قراءة كتب الشريعة اليوم؟
لا تنفك الشريعة عن الواقع المعاصر، فالشريعة الإسلامية ضرورة في كل أحوال الإنسان وفي كل حقب التاريخ، فلا يشغب على ذلك غرور الإنسان بثورته ومحاولته الانحياز إلى ذاته وجهده في قيادة دفة العالم، فالإنسان فرد وهو تضافرت العقول جميعا لوضع السنن والأحكام لعجزت عن ذلك، فتركيبة العقل الإنساني لا تتواكب مع إعطاء العالم كل شيء في حياته، وهو عضو من أعضاء الإنسان وليس له القدرة أن يجابه وحي السماء، فربنا سبحانه يقول: «وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71) «المؤمنون: 71» فحصيلة ترك الحكم الإلهي هو حلول الفساد في شتى مجالات حياة الإنسان.
فالشريعة الإسلامية وما دُوَّن فيها عبر القرون هي الأداة الوحيدة لعلاج الإنسان ليقبض على حبل السلامة والنجاة.
كيف يمكن للقارئ أن يوازن بين القراءة الحرة والقراءة التخصصية؟
يطرح المتخصصون في مجال القراءة طرقا عديدة في الموازنة بين القراءة المنهجية التخصصية وبين المطالعة الحرة في مجالات شتى.
وقبل البدء أقول: إن للقارئ أن يكتشف له طريقا مناسبا في دفع ملل القراءة في مجال واحد، فقد ذكرت آنفا الاشتغال بعلم واحد طيلة سنة كاملة، فلو انتهج القارئ مسلك السنة الكاملة فإنه يخصص أياما بعينها ليطالع ما يشحذ همته ويجدد عزيمته للمواصلة مرة أخرى، كأنه يقرأ في الأدب أو التاريخ أو قصص العظماء وسماع تجارب القراء.
ويطرح البعض أن القارئ يقسم وقته إلى ثلاثة أقسام حيث يكون قارئا للشريعة في جزئه الأول، وفي جزئه الثاني يدرس تخصصين اثنين متقاربين في الأصول والمنهج، مثل مطالعة الفقه وأصوله، أو لعلم النفس وعلم الاجتماع، أو لعلم التاريخ ولعلم الاجتماع وهكذا، وجزؤه الثالث للقراءة اللينة على عقله مثل مطالعته للروايات.
إلى أي حد تساهم القراءة الشرعية في بناء عقل نقدي، وليس عقلا ناقلا فقط؟
سؤال جميل جدا، فالبعض يقلل من شأن العقل الشرعي ويراه ناقلا بناء على قصور في إدراك حقيقة علم الشرعية.
قبل كل شيء ينطلق علم الشريعة من الأصول الشرعية التي ملكت الإنسان مفاتيح النقد والفهم، فلم يكن النص الشرعي يوما معطلا للعقل ولا ناقدا للإنسان إن هو أعلم جهده، فالاجتهاد – وهو أساس عمل الفقيه - يعرف بـ: استفراغ الوسع في استخراج الحكم،
وعملية استفراغ الوسع تتخللها عملية جليلة تجمع بين الجهد العقلي، والصبر النفسي على تحمل عملية الاجتهاد، فالمجتهد يجمع آراء العلماء وينظر في أدلتهم، ونقد الأقيسة، ويناقش جميع الأطراف حتى يخلص إلى قول سديد.
كما أن علماء الشريعة بنوا علما كاملا يقوم على النقد والتحري هو علم الحديث، فهو علم موضوعي يبحث في الحديث ورجاله، وإن نظرت في موسوعة واحدة من موسوعات نقد الرجال لرأيت القوة المباركة التي رزق إياها علماء الحديث في نقد آلاف الرجال كي يصلوا إلى حقيقة الحديث النبوي من حيث الثبوت.
كما أن علم الشريعة يضع قواعد عامة يحتكم إليها الإنسان وتنقذه من الوقوع في مغبات الباطل، فلو نظرت إلى الشائعات التي تفرزها القنوات فإنك ترى خلفها ركبا عظيما يسايرون الشائعة بلا عقل ولا منطق سليم، في حين تجد الشريعة الإسلامية وفقهها السامي ينبئ العقل بنبأ سريع وهو أن تحري الأمر خير من الوقوع فيه، وأن الشائعة المبنية على جهل بمصدرها لا يؤخذ بمحتواها، وهذه المعاني مستوحاة من أصول شرعية، فقد حكم الفقه بقوله: الأصل بقاء ما كان على ما كان، وقال: الأصل براءة الذمة، وقال: الأصل في الصفات العارضة العدم، وقال: البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.
فالمدرك لمعاني الشريعة يعرف أن الشائعات لا تمثل أصلا يبنى عليه فحقه الرد كما قال سبحانه في حادثة الإفك: لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13).