خسارة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية دقت ناقوس الخطر

بعد عقدين على صعود سياسي متواصل على صهوة صناديق اقتراع البلديات في تركيا، يتكبد حزب العدالة والتنمية الحاكم، خسارة مدوية في الانتخابات المحلية بعد تصدر حزب الشعب الجمهوري المعارض صناديق الاقتراع في عموم تركيا للمرة الأولى في عهد العدالة والتنمية.

 

اقرأ أيضاً : تصعيد بين أنقرة وتل أبيب.. والاحتلال: سنلجأ للكونجرس لمعاقبتهم

هزيمة الحزب الحاكم تعد أول نقطة تحول تحمل نذر تغير في مزاج الشارع التركي امتداداً لمآلات الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2023، التي شهدت تراجع حصّة العدالة والتنمية في مدن كبرى مثل اسطنبول. 

ولكن ما استدعى القلق داخل أوساط الحزب الحاكم هو فوز أكرم إمام أوغلو، أبرز الشخصيات المعارضة، مجددا برئاسة بلدية اسطنبول. هذا الانتصار عزّز من حظوظ أوغلو كمرشح رئاسي قوي مستقبلا. وفي الذاكرة قفز إردوغان إلى رئاسة الحكومة ثم رئاسة الجمهورية بعد نجاحه الملفت في إدارة بلدية إسطنبول، كبرى مدن تركيا الكوزموبوليتية. 

 "التصويت العقابي" 

التصويت العقابي كان حاضرا في هذه الانتخابات التي  أصدرت تحذيرا شديد اللهجة إلى حزب العدالة والتنمية، لأسباب تتعلق بالأوضاع الاقتصادية المتردية، ومعدلات التضخم المرتفعة وتعاملِ الحكومة مع الحرب على غزة. 

ما يزيد الأمر تعقيدا على حزب العدالة والتنمية، هو امتلاك حزب الشعب الجمهوري، فرصة لإثبات نفسه في الحكم المحلي لخمس سنوات قادمة، الأمر الذي يعزز من حظوظه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في 2028. 

التحدي الثاني أمام حزب أردوغان هو الصعود السريع لحزب الرفاه من جديد، بقيادة فاتح أربكان، نجل رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، إذ حلّ ثالثا بأكثر من 6 % في الانتخابات المحلية. وهذا إنجاز يقلق قيادة العدالة والتنمية وسط توقعات بسعي حزب أربكان لاستقطاب محافظين موالين للحزب الحاكم. 

 ويرى المحلل السياسي التركي محمد علي أردوغان، أن "السنوات الخمس المقبلة ستكون فرصة أمام حزبي الشعب الجمهوري والرفاه من جديد لإثبات كفاءتهما في البلديات وإقناع الشارع التركي. ومع ذلك فإن الرئيس أردوغان يملك أوراقا رابحة كإصلاح الاقتصاد وتغيير الدستور". 

 "تغييرات قريبة في هيكلة الحزب" 

خسارة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية دقت ناقوس الخطر حيال مستقبل الحزب، ومن المتوقع أن تطلق العنان لتغييرات قريبة في هيكلة الحزب ودوائره القيادية، إضافة إلى إعادة تقييم ممارساته وخطابه لكسر جدران بدأت تفصل الحزب عن الشارع. 

ووفقا للباحث في الشأن التركي طه عودة أوغلو، فإن الخطوات التي سيقدم عليها أردوغان هي التي سترسم الخطوط العريضة لمستقبل حزب العدالة والتنمية ولكن  الأهم هو الوضع الاقتصادي.

ويخلص عودة أوغلو إلى استنتاج قاتم: "إذا لم يستطع أردوغان إنعاش اقتصاد البلاد في الفترة المقبلة فإن الطريق سيكون مسدودا أمام الحزب الحاكم، ما يعني بداية النهاية للعدالة والتنمية". 

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: تركيا الأحزاب أنقرة اسطنبول فی الانتخابات المحلیة حزب العدالة والتنمیة

إقرأ أيضاً:

ناشط جزائري يحترق أمام وزارة العدل ويتهم قاضيًا بـالترهيب (شاهد)

أقدم الناشط الجمعوي الجزائري فوزي عبد القادر زقوط، صباح أمس الأحد 1 جوان/يونيو 2025، على إضرام النار في جسده أمام مقر وزارة العدل في العاصمة، في مشهد صادم يُجسد تصاعد القمع داخل مؤسسات الدولة، احتجاجًا على ما وصفه بـ"ترهيب ممنهج" من طرف قاضٍ بمحكمة فرندة التابعة لمجلس قضاء تيارت، وذلك خلال بث مباشر عبر صفحته على موقع "فيسبوك".

الفعل الاحتجاجي الدرامي الذي هزّ الشارع الجزائري، أعاد إلى الواجهة ملف استغلال القضاء لقمع النشطاء، وسط اتهامات رسمية وشعبية متزايدة بتوظيف العدالة لتصفية الحسابات مع الأصوات الحرّة.

تفاصيل الواقعة

أكد وكيل الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس في بيان رسمي أن شخصًا سكب البنزين على جسده أمام مدخل وزارة العدل نحو الساعة السابعة صباحًا، ثم أشعل النار في نفسه. وأوضح أن أعوان الأمن تدخلوا بسرعة، قبل أن تنقله الحماية المدنية إلى مستشفى زرالدة المتخصص في علاج الحروق، حيث وُصفت حالته بالحرجة لكن "المستقرة".

وأشار البيان إلى أن زقوط كان مرفوقًا بشخصين: أحدهما تكفل بنقله، والثاني قام بتوثيق الحادثة ونشر الفيديو لاحقًا، وهو ما قد يؤدي إلى ملاحقتهما قانونيًا.

قضايا معلقة واتهامات خطيرة

النيابة العامة أوضحت أن زقوط كان متابعًا أمام محكمة فرندة في قضيتين جنحيتين، وكان سيمثل في نفس اليوم أمام المحكمة، مع بقائه تحت الرقابة القضائية:

ـ القضية الأولى: تتعلق بممارسة نشاط جمعوي دون اعتماد، وانتحال صفة، وجمع تبرعات دون ترخيص.

ـ القضية الثانية: تتعلق بالتحريض على التجمهر، غلق طريق عمومي، وعرقلة حركة المرور.

لكن زقوط، من جهته، اتهم القاضي المشرف على ملفه بـ"فبركة القضايا" و"تهديده بالسجن لمدة عشر سنوات دون وجه حق"، وهي اتهامات وجهها علنًا مرارًا عبر صفحاته على وسائل التواصل، قبل أن يحوّل جسده إلى وسيلة احتجاج دامية.



بث مباشر.. ورسالة نارية

في البث المباشر، ظهر زقوط بوجه مكشوف، يتحدث عن شعوره بالظلم، مؤكدًا أن "كرامته أغلى من حياته"، ومُصِرًّا على مواجهة ما وصفه بـ"الاستبداد القضائي" حتى النهاية. بعد كلمات قصيرة، سكَب البنزين على جسده وأشعل النار، في مشهد وثّقه أحد مرافقيه ونُشر لاحقًا على المنصات.

الفيديو أثار موجة من الغضب والتساؤلات حول مصير العدالة في الجزائر، ودور السلطة القضائية في تكريس مناخ الخوف والإقصاء بدلًا من حماية الحقوق.



من البوعزيزي إلى زقوط.. الجسد العربي يُشعل صرخة العدالة

الحادثة أعادت إلى الأذهان مشهدًا مشابهًا غيّر مجرى تاريخ المنطقة: إضرام محمد البوعزيزي النار في جسده في تونس سنة 2010، احتجاجًا على القهر والاحتقار، وهي الشرارة التي فجّرت آنذاك ثورات الربيع العربي وأسقطت أنظمة، وأيقظت مطالب الملايين في الكرامة والعدالة.

وبينما تختلف السياقات، إلا أن التشابه في الرسالة والدلالة واضح: عندما تُغلق كل أبواب العدالة، يتحوّل الجسد إلى آخر وسيلة للاحتجاج. جسد محترق قد يقول ما لا تقوله الكلمات، ويهزّ سلطة تبدو أحيانًا محصّنة ضد النقد والمساءلة.

منظمة شعاع: عدالة الجزائر تحترق من الداخل

منظمة شُعاع لحقوق الإنسان، ومقرها لندن، أصدرت بيانًا شديد اللهجة عقب الحادثة، حمل السلطات القضائية مسؤولية ما وصفته بـ"التعسف القضائي المنهجي".

وجاء في البيان الذي أرسلت نسخة منه لـ "عربي21": "ما أقدم عليه الناشط زقوط ليس فعلًا فرديًا معزولًا، بل نتيجة مباشرة لنظام قضائي يستخدم سلطته لترهيب النشطاء وتصفية الحسابات معهم".

ودعت المنظمة إلى: فتح تحقيق عاجل وشفاف حول ملابسات الحادثة والاتهامات الموجهة للقاضي، ومحاسبة أي مسؤول قضائي يثبت تورطه في إساءة استعمال السلطة، وضمان استقلال القضاء عن التوجيهات السياسية والأمنية، وإعلان نتائج التحقيق للرأي العام ترسيخًا لمبدأ المساءلة، والتوقف الفوري عن قمع العمل الجمعوي والحريات الأساسية.

عدالة مأزومة في سياق سياسي مأزوم

منذ اندلاع الحراك الشعبي في 2019، تزايدت الشكاوى الحقوقية في الجزائر من التراجع الحاد في الحريات، وخصوصًا من توظيف القضاء كأداة لإخماد الاحتجاج والمعارضة.

ملامح الأزمة القضائية والسياسية:

ـ محاكمات متكررة لصحفيين ونشطاء بتهم فضفاضة.

ـ منع جمعيات مستقلة من النشاط ومصادرة الحريات التنظيمية.

ـ خضوع الجهاز القضائي لتوجيهات السلطة التنفيذية، كما تؤكد تقارير حقوقية دولية.

ـ غياب آليات فعالة للرقابة على القضاة، ما يفتح الباب أمام التعسف.

ـ إفلات المسؤولين المتورطين في الانتهاكات من أي مساءلة جدية.

وتأتي حادثة زقوط لتشكل لحظة فاصلة، تضع السلطة القضائية ـ ومعها النظام السياسي برمّته ـ أمام اختبار حقيقي يتعلق بقدرتها على حماية المواطنين بدل تجريمهم.

دعوات إلى موقف وطني

في ختام بيانها، دعت منظمة شعاع كافة القوى الحقوقية، والإعلامية، والمدنية في الجزائر وخارجها إلى "الوقوف صفًا واحدًا في وجه تدهور العدالة، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، والدفاع عن كرامة الإنسان ضد كل أدوات القمع الرسمية".

???? تعرب منظمة شُعاع لحقوق الإنسان عن صدمتها من إقدام #الناشط فوزي زقوط على إضرام النار في جسده احتجاجًا على ما وصفه بالتعسف القضائي، مطالِبة بتحقيق عاجل وشفاف في ملابسات الحادثة، ومؤكدة أن ما جرى يعكس مناخًا عامًا من التضييق على النشطاء واستغلال #القضاء للتصفية.
????اطلع على… pic.twitter.com/TbMyArlj0X — شعاع لحقوق الإنسان SHOAA for Human Rights (@shoaa_org) June 1, 2025

مقالات مشابهة

  • كلنا شكا تطعن بنتائج الانتخابات البلدية
  • خناقة بين سكرتير الهيئة الوفدية وعضو بالحزب في اجتماع الهيئة العليا
  • وزير سابق: سجن عمدة إسطنبول أضر بالاقتصاد التركي
  • هل يعود كيليجدار أوغلو لزعامة حزب الشعب الجمهوري؟
  • اعتماد القوائم الأولية لانتخابات المجالس البلدية.. والأمم المتحدة ترحب
  • ناشط جزائري يحترق أمام وزارة العدل ويتهم قاضيًا بـالترهيب (شاهد)
  • في دير الزهراني.. استقالة 6 أعضاء بعد انتخاب رئيس البلدية
  • حزب صوت الشعب يدعو لاعتصامات سلمية أمام بعثة الأمم المتحدة: العودة للشعب هي الحل الوحيد
  • الجيل الديمقراطي ينظم صالونًا سياسيًا بعنوان «تحديات الانتخابات البرلمانية 2025»
  • السلطات التركية تشن الموجة الخامسة من الاعتقالات ضد معارضي أردوغان